أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد القادر لعميمي - الحرية كقدر وجودي عند جون بول سارتر














المزيد.....

الحرية كقدر وجودي عند جون بول سارتر


عبد القادر لعميمي

الحوار المتمدن-العدد: 4662 - 2014 / 12 / 14 - 20:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قضية الحرية هي بلا شك من أعقد القضايا الفلسفية وأعظمها، فقد واجهت المفكرين من قديم الزمان، ومازالت تؤرق فلاسفة اليوم ، كما أرقت من قبل فلاسفة الإغريق. حقا إن هذه المشكلة هي قفل الميتافيزيقا والفلسفة بشكل عام، ولكنها قد اكتسبت أهمية كبرى في الفكر الفلسفي المعاصر، حتى صارت بالنسبة لهذا الفكر مفتاحا لكل المشكلات الفلسفية. إنها على حد تعبير كانط " مفتاح الوجود " ، غير أن صوتها سيعلو وسيصدح في الوجود الإنساني مع ظهور الفلسفة الوجودية، إذ ستصبح الحرية قيمة القيم الأخلاقية وقمتها، حيث ستنطلق الوجودية في تأسيسها للمفهوم (الحرية) من مسلمة أساسية ترى فيها بأن الوجود أسبق من الماهية، وبناء عليه فالوجود الإنساني هو أصل تنبني عليه أفعال من صميم هذا الوجود، كالحرية والإختيار، واعتبار الإنسان كائنا مشرعا لنفسه. فالإنسان لما قذف به في صحراء الوجود القاحلة والمجهولة، وجد نفسه في مواجهة مصيره، ومن ثمة رفع شعار : أنا المسئول عن مصيري، بتحديد مشروع حياتي ومستقبلي، وهذا التحديد يدل على أن الإنسان قد أطر نفسه منذ البداية بأنه موجود حر، فالحرية بالنسبة إليه تساوي الوجود: أي أنا موجود إذن أنا حر، وهي الحقيقة التي تؤطر الكينونة الإنسانية.
لكن في بعض الأحيان تضطرب علاقة الإنسان بما شرعه لنفسه، وتصبح مسألة الإختيار الحر غير واضحة، غير أن هذا الإضطراب يزول عندما يدرك الإنسان أن ما شرعه لنفسه ليس عبارة عن ضرورة خارجية، ولكنها تدل على المسئولية إزاء ما وضعه الإنسان لنفسه.
بيد أن الإنسان – في نظر سارتر – يختار لنفسه، ويعمل وفق ذلك الإختيار الذي اختاره لنفسه. أوليس هذا الإختيار نوع من الضرورة أم أنه اختيار دال على الحرية وعلى أن الإنسان كائن حر ؟؟ يجيب سارتر بأن الإنسان يخدع نفسه في بعض الأحيان، فيوهم ذاته بأنه أسير لحتمية (ما اختاره لنفسه)، وما دام الإنسان هو الذي اختار لنفسه وشرع لها، فهو المسئول عن ذلك الإختيار. وكما يقول سارتر : "أنا المسئول عن نفسي". لكن عندما نجد الإنسان يعمد إلى التخلي عن أسلوبه في الحياة، لكي يحيا حياة الأشياء، فهو في هذه الحالة وكما يقول الدكتور المصري زكريا ابراهيم في كتابه "مشكلة الحرية" :هو الذي يتخذ لنفسه هذا المسلك، فحريته مسئولة عن ذلك الأسلوب الذي تخيرته لذاته والذي ارتضت لنفسها أن تعيش وفقا له. وحتى عندما يعمد الإنسان إلى الكف عن كل اختيار، فإنه يحقق لنفسه ضربا من الإختيار، لأن عدم الإختيار هو في حد ذاته نوع من الإختيار. وليس في وسع أحد أن ينهض بممارسة حريتي عوضا عني، بل أنا المسئول عن نفسي، ولا سبيل إلى إلتماس أية أعذار للتخلي عن حريتي، لأن الحرية هي وحدها التي تعبر عن وجودي باعتباري كائنا غريبا قد عزل في عالم لا سبيل له إلا أن يتحد به تماما أو أن يندمج فيه اندماجا كليا.
بناء على هذا الطرح الوجودي، يتبين أن الحرية ليست فعلا إنسانيا ناتج عن دوافع خارجية تحتم على الإنسان القيام به، و إنما هي ضرب من الإختيار الذاتي الحر والمسئول أخلاقيا عن الوجود الإنساني برمته، إختيار نابع من عمق الأنا ذاتها .. إنها على حد تعبير "حنا أرندت" بمثابة الأرض التي نمشي عليها .
*****************
ذ. عبد القادر لعميمي
أستاذ الفلسفة بالمغرب



#عبد_القادر_لعميمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التربية ودور الدولة في الإشراف عليها : انمودج السوسيولوجي إم ...
- المعنى اللغوي والفلسفي لمفهوم التربية
- الشاعر المغربي إدريس بلعطار و تجربة الإنصات لنداء الإنسان من ...
- التربية تكون الإنسان __ (نموذج أوليفيه ربول، تتمة)
- فلسفة التربية والتعلم : أوليفيه ربول نموذجا
- الفلسفة بين التعصب والخرافات
- المثقف والسياسي : خلاف ضحيته الإبداع
- المدرسة المغربية : الألم والأمل
- من إرادة المتعالي إلى إرادة الأنا المفكرة


المزيد.....




- تحقيق لـCNN.. قوات الدعم السريع تطلق العنان لحملة إرهاب وترو ...
- ستتم إعادتهم لغزة.. مراسل CNN ينقل معاناة أمهات وأطفالهن الر ...
- أردوغان يريد أن يكمل -ما تبقى من أعمال في سوريا-
- استسلام مجموعة جديدة من جنود كييف للجيش الروسي (فيديو)
- عودوا إلى الواقع! لن نستطيع التخلص من النفط والغاز
- اللقاء بين ترامب وماسك - مجرد وجبة إفطار!
- -غباء مستفحل أو صفاقة-.. مدفيديف يفسر دوافع تصريحات باريس وب ...
- باشينيان ينضم إلى مهنئي بوتين
- صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 31819 قتيلا ...
- هل مات الملك تشارلز الثالث؟ إشاعة كاذبة مصدرها وسائل إعلام ر ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد القادر لعميمي - الحرية كقدر وجودي عند جون بول سارتر