أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فهد احمد ابو شمعه - الحضارة بين التعريف الاصطلاحي وآراء ابن خلدون















المزيد.....

الحضارة بين التعريف الاصطلاحي وآراء ابن خلدون


فهد احمد ابو شمعه

الحوار المتمدن-العدد: 4644 - 2014 / 11 / 26 - 23:59
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ماهي الحضارة ؟
التعريف اللغوي للحضارة : هي عكس البداوة اي الحضر والفعل تحضر بمعنى ترك العيش في البادية وانتقل للعيش في الحضر اي القرى والمدن , اي هجر حياة العيش في الخيمة المتنقلة واستقر في البيوت المشيدة الثابته .
اما اصطلاحا فان للحضارة تعريفات اصطلاحية كثيرة ومتعددة , حيث يصعب اعطاء تعريف وحيد شافي ومطلق يمكن الركون اليه بشكل قطعي , كما ان هذه التعريفات الاصطلاحية للحضارة تتشابة وتتشابك مع تعريف الثقافة الاصطلاحي الحديث حتى ليكاد يستعصي التمييز والتفريق بينهما ومع ذلك فهناك بعض التمايز الدقيق بينهما سنحاول الوقوف عليه بتعريف الثقافة اولا ,فنحن عندما نقول ثقافة الامة نعني بذلك سماتها وصفاتها وابداعاتها ومخزونها من العلوم والاداب والفنون والافكار والقيم والعقائد والذي تتميز به وتتمايز عن غيرها من الامم , وهي ايضا مجموعة القواعد الاخلاقية والفكرية والقيمية والعقائدية التي تمثل المجتمع ويمتثل لها وتحدد وتوجه سلوكه , كذلك يمكن تعريف الثقافة على انها مجموعة السلوكيات والعادات والتقاليد وحتى الاذواق والامزجة العامة الخاصة بامة ما ... وهذه جميعها عندما ترتقي وتتميز بالابداع على المستوى العالمي تصنع حضارة الامة , فالحضارة من وجهة نظري تولد من رحم الثقافة , وكلما ارتقت ثقافة المجتمع كلما ازدهرت حضارته , فالحضارة هي منجز للثقافة المتطورة وبالتالي يمكن تعريف الحضارة على انها تلك الخصائص التي يملكها شعب ما ويتميز بها عن غيره من الشعوب حيث تسود عالميا وتتميز بالرقي والابداع في مجالات الفكر والعلوم والفنون وغيرها , كما يمكن القول بان الحضارة هي تلك الفعاليات او الصور التى من خلالها تعبر الامه عن ثقافتها , لنأخذ مثال على ذلك , وكالة ناسا الامريكية بمركباتها ورحلاتها الفضائية هي صورة حضارية للولايات المتحدة جاءت نتاج لثقافة علمية ابداعية متطورة ونأخذ دولة النرويج كمثال اخر ايضا فدولة النرويج حصلت في الاربع سنوات الاخيرة على المرتبة الاولى على العالم كأرقى ديمقراطية بحسب تصنيف مؤشر الديمقراطية الذي تعده مجلة (ايكونوميست) البريطانية , فهنا ايضا نرى صورة حضارية جاءت كنتاج لثقافة اجتماعية وفكرية متطورة , ومع ذلك نرى ان الفرق بين تعريف الحضارة وتعريف الثقافة دقيق ولا يكاد يختلف .
ومصطلح الحضارة بمفهومه الاصطلاحي لم يتبلور ويظهر الا في القرون الثلاثة او الاربعة الاخيرة بدليل ان ابن خلدون عندما عرف الحضارة لم يتطرق لمفهومها الاصطلاحي المتعارف علية حديثا وعرفها تقريبا بالمعنى القريب من التعريف اللغوي حيث يقول في مقدمته المعروفه (بمقدمة ابن خلدون ) : أنّ الناس حين تخطَّوا في كسبهم للمعاش ما هو ضروري «وحصل لهم ما فوق الحاجة من الغنى والرفه، دعاهم ذلك إلى السكون والدعة وتعاونوا في الزائد على الضرورة واستكثروا من الأقوات والملابس والتأنُّق فيها وتوسعة البيوت واختطاط المدن والأمصار للتحضُّر. ثمّ تزيد حالة الرفه والدعة فتجيء عوائد الترف البالغة مبالغها في التأنّق في علاج القوت واستجادة المطابخ وانتقاء الملابس الفاخرة في أنواعها من الحرير والديباج وغير ذلك ومعالاة البيوت والصروح وإحكام وضعها في تنجيدها والانتهاء في الصنائع في الخروج من القوّة إلى الفعل إلى غايتها فيتّخذون القصور والمنازل ويُجرون فيها المياه ويعالون في صرحها ويبالغون في تنجيدها ويختلفون من استجادة ما يتّخذونه لمعاشهم من ملبوس أو فراش أو آنية أو ماعون. وهؤلاء هم الحضر، ومعناه الحاضرون أهل الأمصار والبلدان» .
كيف تنشأ الحضارات ؟ ولماذا تتهاوى وتسقط ؟ وهل سقوطها هو حتمية لامفر منها ؟
حسب ابن خلدون فان للحضارة اطوار ثلاثة حتمية يجب ان تمر بها الحضارة تبدأ بالبداوة ثم التحضر ثم الانحدار وصولا الى السقوط , وهو يرى الحضارة اي حضارة منذ ولادتها تحمل مشروع موتها , وقد اسهب ابن خلدون في شرح كل طور من هذه الاطوار في مقدمته , وابن خلدون هنا يذكرني بكارل ماركس وحتميته التاريخية فكلاهما يهمل الارادة الانسانية الفاعلة والقادرة على التأثير في الواقع وتغييره .
في الواقع لا اتفق مع ابن خلدون في ما ذهب الية في تبريره وتفسيره لاسباب سقوط الحضارات بحيث يرى انه في ذروة الازدهار الحضاري يصل الناس الى مرحلة من الكسل والانغماس في الملذات والترف وبالتالي انهيارا عاما في الاخلاق والقيم والمثل يؤدي بالتالي الى حتمية السقوط التدريجي للحضارة . وانا لا ارى سببا منطقيا يحتم حدوث ذلك خصوصا اذا كان ذلك االازدهار الحضاري في ظل سلطة حكم عادلة وحكيمة , فمثلا بخلاف مايرى ابن خلدون فقد كان سبب تراجع الازدهار الحضاري الاسلامي هو التعصب الديني والانغلاق الفكري .
ومع ذلك فالتاريخ يؤيد رأي ابن خلدون وحتميته - ولكن مع عدم تشابه وتطابق اسباب وعلل السقوط على الاقل - فعندما نراجع التاريخ نرى ان اول حضارة عرفت على كوكبنا هي الحضارة السومرية التي نشأت في العراق وسميت بحضارة مابين النهرين حيث نشأت بتحول المجتمع من الرعي والصيد كطور بداوة الى المجتمع الزراعي وتأسيس المدن السومرية الشهبرة كطور حضارة , ويعود لهذه الحضارة الفضل في تطوير اساليب الري وتدجين الكثير من الحيوانات واختراع العجلة وصناعة الفخار والملابس واختراع الكتابة وغيرها الكثير , كما ان ملحمة جلقامش كعمل ادبي رائد هي من ابرز ابداعات الحضارة السومرية , واستمرت هذه الحضارة مايقارب الثلاثة الاف عام ثم تهاوت وسقطت ويرجع الباحثون اسباب سقوطها الى تعثر الزراعة والغزوات العمورية .
ثم توالت بعد ذلك الحضارات , الحضارة الفرعونية المصرية , والحضارة الفينيقية , والحضارة اليونانية , والحضارة الرومانية , ثم الحضارة العربية الاسلامية وواجهت جميعها نفس المصير المحتوم من انحدار فسقوط فتلاشي في حركة ودورة تاريخية لاترحم , وكان لكل حضارة من تلك الحضارات انجازات هامة ساهمت في خدمة البشرية والمجتمع الانساني فكان من اهم انجازات الحضارة الفينيقيه ابتكار الحروف الابجدية وهو ابتكار ذو اهمية قصوى وكذلك صناعة السفن كما كان للحضارة الفرعونية الكثير من الانجازات في الطب والفن المعماري و كان للحضارة الاسلامية العديد من الانجازات في الطب والفلك والرياضيات والكيميا والحضارة اليونانية في انجازاتها الفلسفية الشهيرة والرومانية في الفن المعماري .
ولابن خلدون رأي غريب ومثير في العرب فهو لايرى لهم اي امكانية في صنع اي حضارة وان ماتحقق لهم لم يكن بفضلهم ليس ذلك فحسب بل انه يشن عليهم هجوما عنيفا وينعتهم بابشع الالفاظ والصفات حيث يقول في مقدمته :
أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب , و السبب في ذلك أنهم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش و أسبابه فيهم فصار لهم خلقاً وجبلةً و كان عندهم ملذوذاً لما فيه من الخروج عن ربقة الحكم و عدم الانقياد للسياسة و هذه الطبيعة منافية للعمران و مناقضة له , فغاية الأحوال العادية كلها عندهم الرحلة و التغلب و ذلك مناقض للسكون الذي به العمران و مناف له فالحجر مثلاً إنما حاجتهم إليه لنصبه أثافي القدر فينقلونه من المباني و يخربونها عليه و يعدونه لذلك و الخشب أيضاً إنما حاجتهم إليه ليعمدوا به خيامهم و يتخذوا الأوتاد منه لبيوتهم فيخربون السقف عليه لذلك فصارت طبيعة وجودهم منافية للبناء الذي هو أصل العمران هذا في حالهم على العموم و أيضاً فطبيعتهم انتهاب ما في أيدي الناس و أن رزقهم في ظلال رماحهم و ليس عندهم في أخذ أموال الناس حد ينتهون إليه بل كلما امتدت أعينهم إلى مال أو متاع أو ماعون انتهبوه فإذا تم اقتدارهم على ذلك بالتغلب و الملك بطلت السياسة في حفظ أموال الناس و خرب العمران
ويصف العرب بالجبن فيقول :
أن العرب لا يتغلبون إلا على البسائط وذلك أنهم بطبيعة التوحش الذي فيهم أهل انتهاب و عيث ينتهبون ما قدروا عليه من غير مغالبة و لا ركوب خطر و يفرون إلى منتجعهم بالقفر و لا يذهبون إلى الزاحفة و المحاربة إلا إذا دفعوا بذلك عن أنفسهم فكل معقل أو مستصعب عليهم فهم تاركوه إلى ما يسهل عنه و لا يعرضون له و القبائل الممتنعة عليهم بأوعار الجبال بمنجاة من عيثهم و فسادهم لأنهم لا يتسنمون، إليهم الهضاب و لا يركبون الصعاب و لا يحاولون الخطر و أما البسائط فمتى اقتدروا عليها بفقدان الحامية و ضعف الدولة فهي نهب لهم و طمعة لآكلهم يرددون عليها الغارة و النهب و الزحف لسهولتها عليهم إلى أن يصبح أهلها مغلبين لهم.
كما يدعي ابن خلدون بان العرب ليسوا اصحاب علم فيقول :
من الغريب الواقع أن حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم من العجم وليس في العرب حملة علم لا في العلوم الشرعية ولا في العلوم العقلية إلا في القليل النادر‏.‏ وإن كان منهم العربي في نسبه فهو أعجمي في لغته ومرباه ومشيخته مع أن الملة عربية وصاحب شريعتها عربي‏.‏ والسبب في ذلك أن الملة في أولها لم يكن فيها علم ولا صناعة لمقتضى أحوال السذاجة والبداوة .
وهذا جزء يسير جدا مما قالة ابن خلدون في العرب والواقع ان آراءه هذه مستغربة وبعيدة عن الواقع ومجانبة للدقة .



#فهد_احمد_ابو_شمعه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل العربي الاسير
- الاحزاب الدينية السياسية وفشل المشروع الديمقراطي العربي
- مهمة المثقف المقدسة ودوره الطليعي الشديد الندرة
- نحو فهم افضل لاسباب تخلفنا - الجزء الثالث
- نحو فهم افضل لاسباب تخلفنا - الجزء الثاني
- نحو فهم افضل لاسباب تخلفنا - الجزء الاول
- الثقافة العربية وواقعها المأزوم
- ازدواجية الاخلاق والمعايير في المجتمع العربي
- في تعريف الحداثة وموقعنا منها
- نسبية الاخلاق وفلسفتها وعلاقتها بالدين
- نجيب محفوظ
- مأزق الاسطورة
- العلمانيه كحتميه لتطور الوعي


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فهد احمد ابو شمعه - الحضارة بين التعريف الاصطلاحي وآراء ابن خلدون