أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الخالق السر - في بلد مؤسس على التطرف... هل يحل مقتل -العوفي- أزمة الارهاب في السعودية؟؟















المزيد.....

في بلد مؤسس على التطرف... هل يحل مقتل -العوفي- أزمة الارهاب في السعودية؟؟


عبد الخالق السر

الحوار المتمدن-العدد: 1302 - 2005 / 8 / 30 - 07:50
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


أتابع مثل غيري تلك الحملات المنظمة التي يقودها الأمن السعودي وصداها الإعلامي ضد خلايا التطرف الديني والتي على ما يبدو باتت تهدد وحدة واستقرار نظام الأسرة الحاكمة هناك0 بالطبع هذه الانتصارات الإعلامية في جزء كبير منها لا تمثل كل الحكاية في بلد مؤسس على التناقضات التي تحكم كيانه وتمسك بخناقه 0فربما صحيح أن الأمن السعودي – وبحكم القبضة الأمنية الخانقة- قادر على أن يسدد طعنات قاتلة للخلايا المتطرفة ، كما لا يمكن أن يحدث ذلك في أي بلد آخر0ولكن، هل يمكن الحديث بمثل هذه السهولة التي يتناول بها الإعلام الرسمي السعودي عن قرب استئصال التطرف أو خلايا القاعدة كما يحلو؟ وهل بالإمكان الحديث في كل مرة تنتصر فيها قوات الأمن على خلية ما بأن قائد خلايا "القاعدة" قد قضي عليه وبما يوحي أنه لم يعد يوجد بعد رأس مدبر لهذه الخلايا؟ 0 قد يكون وقع مثل هذا الحديث مناسباً لكثير من الذين لا يلمون بخبايا الشأن السعودي، ولكنه بالتأكيد لا يعتد به لمن قيض لهم أن يعيشوا قسطاً من الزمان بالمملكة0
لم يعد سراً بأن المرجعية الأولى للفكر المتطرف الذي بات يغزو العالم بانتظام هو الفكر الوهابي، وقد أبنا في كثير من مقالاتنا، بأنه لا يعدو أن يكون سوى خليط من الثقافة البدوية وبعض التعاليم الدينية المبتسرة والسطحية، إلا أنها في ذات الوقت تمثل طريقة حياة وهوية وبما يفسر دوما محنة النظام السعودي في التعامل معها، وذلك من حيث أنه واقع تحت ذات التأثير للأيدلوجيا التي أسهمت بشكل فعال في تكوينه الذهني ورؤيته الوجودية، وبما يجعله واقع في مأزق تعارض المصالح السياسية البراغماتية وهذا النوع من الخطاب الديني الذي يتم دعمه ماديا ولوجستيا!!0

قد يرى البعض أن واقع الأمر فرض على الحكومات المتعاقبة للمملكة منذ أن أمن عبد العزيز الأب على مبدأ الشراكة بينه والوهابيين بعد تأسيس الدولة السعودية الثالثة، وذلك بمباركة الانتداب البريطاني وقتها 0 ربما في هذا بعض الصحة، ولكن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير، فالبناء الفكري والثقافي والانغلاق على الذات الذي يطال الجميع في السعودية –حكاما وشعبا- لا يترك مساحة لمثل هذا النوع من الخيارات0 فالإيمان العميق من قبل الجميع هناك بأن الوهابية هي النموذج الأمثل والأنصع للدين الإسلامي يبرر هذه القناعة الراسخة لدى الحكام بدعمها وتصديرها للخارج وتبنيها بالكامل واطلاق أيدي منظريها في الهيمنة على كامل المجتمع السعودي0
بالطبع الأمر لا يخلو من بعض البراغماتية السياسية، خصوصا بعد قنوع الوهابيين أول أمرهم بدور الهيمنة الاجتماعية – الثقافية على المجتمع وترك الشأن السياسي بالمطلق للأسرة الحاكمة ، مما عمق من تباطوء وتيرة الحراك الاجتماعي على المدى البعيد0
ولأن الأمور في الحياة الدنيا لا يمكن لها إن تسير على وتيرة واحدة أو على نحو انسيابي مثالي، كان لا بد أن يرتد السهم هذه المرة على أصحابه في لحظة تاريخية كانت من صنع الأسرة الحاكمة، وذلك حين انساقت بلا وعي للمخطط الأمريكي الرامي لحرب بالوكالة على الاتحاد السوفياتي – وقتها- في سياق ما كان يعرف بالحرب الباردة 0
كان الخلل العام في المعادلة هذه المرة، هو تنامي طموح الأيدلوجيا الوهابية بعد خروجها من قوقعة المجتمع المغلق و"انتصارها" على السوفيات في أفغانستان، وظهور ما يعرف بالقاعدة ودور أسامة بن لادن فيما بعد لتعزيز مفهوم "المجاهد الأسطوري". ورغم أن الدور الحقيقي كان يتم خلف الكواليس ممثلاً في الدعم المادي واللوجستي اللامحدود "لأمريكا، باكستان والسعودية" كما هو معلوم، إلا أن المردود المعنوي لهذا الانتصار ترك إحساسا عميقا بالثقة بالنفس والقدرات العسكرية للوهابيين كانت وما زالت المحرك الأكبر في تنامي إحساسهم بالقدرة على تغيير العالم بالقوة!!0
عودا على بدء – وكما قلنا- أن تعقيدات المجتمع ليست بذات الكيفية التبسيطية التي تبرزها وسائل الإعلام الرسمية موحية وفي غالب الأحوال بأن خلايا التطرف ما هي إلا خلايا منبتة قوامها "فئة ضالة" بقليل من الصبر يسهل اجتثاثها!!0 في الحقيقة هذا تبسيط مخل ، لأن واقع الحال عكس ذلك تماما0 ففي مجتمع تمثل الوهابية فيه كامل المرجعية الفكرية، الثقافية والدينية، لا يملك إلا أن يكون متماهي بشكل ما مع ما تطرحه من خطاب متطرف مهما تباينت الرؤى في ذلك، لأنها في هذه الحالة تمثل الضمير العام للمجتمع، خصوصا عندما يتزامن ذلك مع ظروف بالغة الحرج تتمثل في الفساد المالي والسياسي المصاحب لمسيرة الأسرة المالكة والمتزامن هذه المرة مع الانهيارات الاقتصادية الخانقة والضاربة بآثارها عميقاً في البنية الاجتماعية التي تأسست قيمها "الحداثية" على ثقافة الرفاهية التي أحدثتها الطفرة0 لذلك لم يعد الحديث عن انتشار الفقر وتزايد الهوة الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء سراً في مجتمع مؤسس أصلا على الاضطهاد التراتبي. كما لم يعد بالإمكان تجاهل الآثار المخيفة لانتشار البطالة في وطن مصنوع وفق معايير لا تتفق والمستوى المهاري لأفراد مجتمعه الخاضعين لنظام تعليمي لا يملك سوى أن يعيد إنتاج التجهيل وفق المرجعية الوهابية المسيطرة عليه0 هذه التعقيدات إضافة للانبناء الذهني سابق الذكر خلق إشكالية أخرى قوامها هذا الترابط الميكانيكي بين الهوية والتعاليم الوهابية في مقابل الغزو الثقافي الأمريكي الشرس والمتسق مع هيمنة سياسية تشكل جرحاً غائراً في كرامة الإنسان السعودي0 كل هذه الأسباب وأكثر تمثل المأزق الحقيقي للنظام، كما تشكك في أن مقتل "العوفي" أو غيره يمكن أن يحل المسألة من جذورها0 ففي ظل هذه الأوضاع يعتبر العوفي ورفاقه مجرد ذرات من خضم هائل لغضب اجتماعي يتغذى من هذا الواقع "المثالي" لتفريخ كل ألوان التطرف والإرهاب، بحيث يبدو معه أكثر من "عوفي" ينتظر دوره "الجهادي".

إن الركون لوهم القاعدة هو اختزال في حقيقية الأمر للاشكالات الحقيقية التي تواجه النظام والتي –فيما يبدو- لا يملك لها أي حلول سوى اللواذ بهكذا تخاريج تريحه في راهن اللحظة على الأقل0 ولكن حتى لو صدقنا – جدلاً- أن وراء كل ذلك تنظيم القاعدة، فمن هي "القاعدة"؟ ومن أين أتت؟ إن القاعدة تاريخياً ما هي إلا صنيعة سعودية تمويلاً وعتاداً وبشراً، ومن قبل ومن بعد هي ذات المرجعية الوهابية نفسها مهما تباينت المسميات أو تشعبت التفاصيل 0

منطقيا – على ما يبدو- لا مخرج للأسرة الحاكمة من هذا المأزق سوى الإسراع بتمدين المجتمع والالتفات إلى إصلاح التعليم وتعزيز ثقافة التسامح والانفتاح على الآخر، والعمل بجدية على امتصاص البطالة عن طريق تنمية المهارات البشرية للشباب ، وتنحية الأيدلوجيا الوهابية عن الوصاية الدينية والاجتماعية والعمل على الانفتاح السياسي وإشاعة قيم العدل والمساواة وتأهيل المرأة للقيام بأدوار اجتماعية هامة0 كل ذلك كفيل بتخفيض حدة الاحتقان الحالية0 ولكن، قبل أن يتم ذلك، من الصعوبة بمكان التحدث عن القضاء على خلايا الإرهاب، لأن مثل هذا النوع الأحاديث في هكذا ظروف لا يكون سوى أمنية دونها خرط القتاد0



#عبد_الخالق_السر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انفجارات لندن وتداعياتها 000و ذلك -الارهابي- الكامن داخل كل ...
- السلام الاجتماعي المفقود00 أو الحقيقية العارية كما جسدتها ال ...
- حكم -الحجاب- من منظور تجريدي إلى واقع متكامل من القهر المعنو ...
- على هامش مأساة أبليس 000 ما مصير جماعات الاسلام السياسي في ح ...
- العمالة الاجنبية في السعودية بين مطرقةالدولة وسندان المجتمع
- بعض من أزمات الفقة المعاصر ... -ركاكة فتاوى المرأة-. ابن باز ...
- تداعيات ثقافة الفقر وأثرها على سلوك مجتمعات القرن الإفريقي ب ...
- مآلات دولة -الطهارة الفرعونية ... وظاهرة الوهابية كافراز حتم ...


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الخالق السر - في بلد مؤسس على التطرف... هل يحل مقتل -العوفي- أزمة الارهاب في السعودية؟؟