|
مؤتمر المانحين لاعادة إعمار غزة ليس جمعية خيرية
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 4611 - 2014 / 10 / 22 - 03:18
المحور:
القضية الفلسطينية
مؤتمر المانحين لاعادة إعمار غزة ليس جمعية خيرية عليان عليان مؤتمر الدول المانحة الذي عقد في القاهرة في الثاني عشر من شهر تشرين أول الجاري بحضور (50) دولة ، وهيئات اغاثية ومنظمات دولية او سياسية ، مثل صندوق النقد الدولي وجامعة الدول العربية ، نجم عنه تبرعات سخية مقدارها (5,4) مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة ، بعد الدمار الهائل الذي لحق به جراء العدوان الاسرائيلي الأخير الذي استمر (51) يوماً. لكن هذا المؤتمر نحى منحى سياسياً ، لجهة تثميره باتجاه تحجيم المقاومة في قطاع غزة بل إنهائها ، ما يؤكد أن مثل هذه المؤتمرات ليست بجمعية خيرية تدفع باليمين بحيث لا تدري الشمال ما قدمته اليمين ، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن العراب الرئيسي لعقد مثل هذه المؤتمرات هو الولايات المتحدة ، التي تلعب دور المايسترو في توزيع الأدوار ، وتحديد الحصص لكل دولة مشاركة. وبعيداً عن لغة الخطابة والإنشاء لبعض كلمات الوفود ، لا بد من التوقف أمام الاشتراطات الضمنية والعلنية، التي وضعها المؤتمر لدفع هذا المبلغ السخي لإعادة اعمار القطاع وأبرزها: 1-أن حكومة العدو الصهيوني ستعمل على ادخال مواد البناء ، التي يتم الاتفاق عليها الى قطاع غزة ، عبر معبر كرم أبو سالم وغيره وبلا اي عائق، ما دامت تضمن بشكل كامل أنها ستستخدم فقط في إعادة بناء المنازل والطرقات ، وأنها لن تستخدم من قبل فصائل المقاومة في بناء الأنفاق والتحصينات العسكرية. 2- أن يتواجد ما يقارب من 250 الى 300 مراقب دولي ، يحملون آلاتهم وكاميراتهم وأجهزة التسجيل والتصوير ، للتأكد من طبيعة استخدام مواد البناء وعدم استخدامها لأغراض عسكرية. 3- أن المتضررين يجب أن يتقدموا بطلباتهم ، لفريق الأمم المتحدة في القطاع ، ويقوم هذا الفريق برفع الطلبات للجانب الإسرائيلي في معبر إيريتز " بيت حانون " ، ليدقق في هذه الطلبات فيما إذا كانت مرتبطة بالمقاومة أم لا ، وفي ضوء ذلك يعيد الطلبات لفريق الأمم المتحدة بالرفض أو الإيجاب ، وفي حال الإيجاب تصل هذه الطلبات للسلطة الفلسطينية لتقوم بالتنفيذ بعد الموافقة الإسرائيلية. خلاصة الأمر أن المؤتمر لم يتخذ قراراً برفع الحصار عن قطاع غزة ، وجعل ( إسرائيل) هي صاحبة القول الفصل في إدخال مواد البناء وغيرها ، ما يعني ترسيم الحصار رسمياً بقرار من المؤتمر ، وتسليم مفاتيح معابر القطاع بشكل رسمي للعدو الصهيوني ، والأخطر من ذلك كله أن العدو الصهيوني ، قد يكون المستفيد الرئيسي من إعادة إعمار قطاع غزة بعد أن قام بتدمير حوالي 60 ألف منزل تدميراً كاملاً أوجزئيا ، وتدميرعشرات المصانع ومعظم البنية التحتية للقطاع ، حيث لم يرد في قرارات المؤتمر ما يحول دون أن تكون ( إسرائيل) مورداً رئيسياً للاسمنت وبقية مواد البناء ، ما يدر عليها مئات الملايين من الدولارات. كما أن قرارات المؤتمر ، لم تغير شيئاً في صلاحيات المعابر الموصلة إلى قطاع غزة التي سبق تحديدها في اتفاقية المعابر لعام 2005 ، بحيث تنحصر مهمة معبر رفح في دخول الأفراد فقط ، في حين تكون مهمة بقية المعابر الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية ، هي التحكم في إدخال السلع من مواد بناء ومواد غذائية وأدوية وغيرها إلى القطاع. ولم تتوقف الأمور عند ترسيم الحصار ، بل تعدته باتجاه تحجيم المقاومة من خلال ما يلي : أولاً : ربط عملية إعادة الاعمار بعودة الجانب الفلسطيني للمفاوضات ، التي كان من المؤمل مغادرتها بعد إفشال العدو الصهيوني لخطة كيري ، وبعد العدوان الأخير على غزة. فقد تضمن المؤتمر اشتراط ضمني لضخ الأموال للقطاع ، ممثلاً بالعودة للمفاوضات ونبذ المقاومة ، وقد عبر عن هذا التوجه بوضوح لا لبس فيه وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري بقوله : " لا بد من استئناف المفاوضات للتوصل إلى تسوية دائمة بين اسرائيل والفلسطينيين ، وذلك كي لا تذهب مساعدات الدول المانحة سدى " .. " مضيفاً "لا أعتقد أن أي شخص في هذه القاعة يريد ان يعود بعد عامين او اقل ، الى نفس المائدة للحديث عن اعادة اعمار غزة ، بسبب التقاعس عن التعامل مع القضايا الأساسية التي تؤدي الى تكرار النزاع". وكان رئيس السلطة محمود عباس أكثر وضوحاً ، في رفضه لخيار المقاومة انسجاماً مع توجهات المؤتمر ،عندما أكد رفضه بشكل مطلق العودة للكفاح المسلح ، وعندما أكد عدم العودة للحرب لرفع الحصار عن القطاع ، أو لإحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني مراهناً أن لا حماس ولا غيرها من الفصائل ستعود للمقاومة بعد الدمار الذي حل بغزة. ثانياً : تأكيد المؤتمر في بيانه الختامي على هدنة طويلة الأمد كشرط ضمني لضخ مساعدات إعادة الاعمار ، وأن تتسلم قوات أمن رئاسة السلطة المسؤولية كاملة على معبر رفح. ثالثاً : اشتراط المؤتمر أن تخرج فصائل المقاومة من المشهد السياسي في قطاع غزة ، وهذا هو ما صرح به مسؤول فلسطيني رفيع المستوى لـ"الشروق" المصرية: "إن أي ضخ للأموال المخصصة لإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي في غزة، لن يتم إلا بعد أن تتسلم حكومة التوافق الوطني الفلسطيني مهامها وصلاحياتها الكاملة في القطاع ، وأن تخرج حماس من السلطة..." في ضوء ما تقدم يتبين لنا أن مؤتمر المانحين بطابعه الاستعماري ، وأدواته النفطية يستثمر مأزق قطاع غزة بعد الحرب ، باتجاه تدجين المقاومة ، وإخضاع قطاع غزة لنهج السلطة الفلسطينية التسووي ، دونما رفع للحصار الإسرائيلي عن القطاع. ويبقى السؤال : ماذا بوسع فصائل المقاومة أن تفعل حيال ما تقدم ؟ سؤال برسم الفصائل للإجابة عليه .
#عليان_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حين تتطابق مواقف تركيا مع مواقف حكومة الكيان الصهيوني حيال س
...
-
انتصار المقاومة غير المسبوق في غزة : مدخلات بدون مخرجات
-
المقاومة الفلسطينية كسرت أحادية الردع الإسرائيلي ، وأدخلت ال
...
-
مبادرة النظام المصري لوقف إطلاق النار كتبت بأيدي صهيونية
-
المقاومة الفسطينية تربك حسابات العدو ، وباتت يدها هي العليا
-
انتخاب (إسرائيل) نائباً لرئيس مكافحة الاستعمار فضيحة دولية و
...
-
مصر تكبر ببرنامج حمدين صباحي وتصغر بالمشير السيسي
-
في الذكرى أل (66) للنكبة : المؤامرة الصهيو أميركية مستمرة عل
...
-
اتفاق حمص : إنجاز استراتيجي لسوريا على طريق دحر الإرهاب
-
التمويل الأجنبي والتطبيع صنوان في خدمة المشروع الصهيو أميركي
...
-
الوفاء للأسرى بالتمسك بنهج المقاومة وبالثوابت التي اعتقلوا م
...
-
ثقافة الوحدة أداة استراتيجيه لهزيمة المشروع الطائفي الصهيو أ
...
-
دروس التكتيك في جنيف (2) : الوفد السوري نموذجاً
-
جنيف (2) : محطة لإدارة الصراع مع القوى المتآمرة على سوريا
-
العرب المسيحيون في مواجهة الإرهاب التكفيري
-
بعد فشل مشروعها التآمري على سوريا.. السعودية تلقي بثقلها في
...
-
سيناريوهات جنيف -2- السوري في ضوء المتغيرات السياسية والعسكر
...
-
كيري وأولوية الجانب الأمني (لإسرائيل) في خطته المنحازة لها
-
الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5 +1 ) إنجاز استراتيجي لإي
...
-
في مواجهة المبررات المتهافتة للاستمرار في المفاوضات
المزيد.....
-
صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان
...
-
ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
-
مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان -
...
-
روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب
...
-
في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين
...
-
عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب
...
-
هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
-
بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس
...
-
نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع
...
-
لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي
...
المزيد.....
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
-
التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|