أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - الفاعل السينوغرافي في فن التمثيل















المزيد.....

الفاعل السينوغرافي في فن التمثيل


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 4598 - 2014 / 10 / 9 - 20:55
المحور: الادب والفن
    


الفاعل السينوغرافي في فن التمثيل
د. أبو الحسن سلام
مع أن الممثل هو بيت القصيد في العرض المسرحي ؛ أنه لا يكون كذلك في بعض المشاهد المسرحية ؛ التي تظهر فيها سلطة العنصر السينوغرافي عليه . ومع أن تعامل الممثل مع العناصر السينوغرافية هدفه إنتاج دلالة درامية وجمالية في الصورة المسرحية ؛ إلا أن تباين دور كل من الممثل والعنصر السينوغرافي يكشف عن تمايز فعالية أحدهما على الآخر ؛ بمعنى سلطة أحدهما على الآخر .. أيهما يحرك الآخر وبفرض سلطانه عليه !! وهنا تبرز بعض التساؤلات :
- هل يعد العنصر السينوغرافي مجرد أداة صماء أو خرساء لا تنطق بمكنون سرها
يحركها الممثل تبع لإرادة الشخصية في أداء الممثل مدفوعا بطريقة رسمتها رؤية المخرج سلفا ؟!
- من يحرك من ؟ هل يحرك الممثل العنصر السينوغرافي أم هو المحرك للممثل ، أم يتحرك معه ، تابعا لحركته أم أنهما يتحركان معا حركة موازية ؟!
- هل يتجاوز أحدهما الآخر ، أو ينفصل على الآخر في الفضاء المشهدي رؤية أو سماعا ؟!
- هل هناك حوار يجري على المسرح بين الممثل والعناصر السينوغرافية ، أو أن حوارا من طرف واحد على هيئة مونولوج أو حديث جانبي لأحدهما في وجود الآخر؟
- وهل هناك حوار بين عنصرين سينوغرافيين سواء خلا الفضاء المسرحي للمنظر من الممثل أو في وجوده ؟!
- هل لقطعة ديكور أو قطعة إكسسوار حضور درامي أو جمالي مع غياب الممثل غيابا ماديا في المشهد أو حتى مع وجوده الاغترابي وهو حاضر حضورا ماديا في فضاء المنظر المسرحي ؟!!
كثيرا ما رأينا سلطة كرسي العرش على الممثل في كثير من المسرحيات : ( كاليجولا ، هاملت ، ماكبث ، ريتشارد الثالث ، إبنتا لير ) فالكرسي عندما يكون مقعدا للحاكم ، سواء ظهر على المسرح وهو جالس عليه أم لم يظهر يستمد سلطته وسطوته من المنصب الذي يشغله عقد قانونا أو عرفا أو اغتصابا لمن قيد له الجلوس عليه . وهناك كرسي افتراضي له سلطان على الممثل أخطر من كرسي حقيقي . كاليجولا – مثلا – ذلك الإمبراطور الروماني الشهير – لم يهتم بالجلوس على كرسي العرش في العرض الذي أخرجه الفنان سهد أردش في بطولة الفنان نور الشريف ، وإنما اكتفي بالدوران حول كرسي العرش ونظر من فتحة في ظهره نحو الجمهور في صالة العرض ؛ بمعنى أنه لا يحكم مستقرا على كرسي الحكم ؛ وإنما يكتفي بالنظر إلى الآخر ( الناس) من ثقب ضيق في خلفية مسؤوليات حكمه . استخدم الكرسي هنا مجرد أداة صماء ، مجرد حائط عازل يحول دون رؤية مباشرة من صاحب السلطة لشعبه . الممثل هنا يستخدم الكرسي لتحقيق وجهة نظر خاصة بالمخرج ؛ وكلاهما : ممثل كاليجولا وكرسي العرش وظف أداة تحقيق دلالة قصدها المخرج ، وهنا غابت سلطة الممثل وسلطة العنصر السينوغرافي وتقنعت سلطة المخرج من وراء دورهما معا باعتبارهما مجرد وسيلة حاملة لدلالة إسقاط سياسي قصدها غيرهما (المخرج سعد أردش)
فإذا قارنا كرسي كاليجولا في هذا العرض بالعرض الذي أخرجه د. أبو الحسن سلام لمسرحية كاليجولا 1997 لفرقة مسرح قصر ثقافة الأنفوشي - وهو عرض هواة – سنجد الأمر مختلفا ، فكرسي العرش ليس ثابتا على الأرض ؛ وإنما هو معلق في سماء الفضاء المنظري ؛ هو في وضع ساكن في الفضاء العلوى ، لكنه ليس ثابتا – والفرق كبير بين السكون والثبات ؛ لأن السكون إرهاص بحركة تستعد للتجسد أو التحقق ؛ بينما الثبات جمود في مظهر الشئ – فالأصل في وجود الشئ هو أن تكون له وظيفة ما أرادها مختارا أو ندب لها مريدا أو مجبورا . والوظيفة التاريخية للكرسي منذ ابتكرته حاجة الإنسان إلى الجلوس المريح والمتمكن هي حمل من يجلس عليه ؛ لذا كانت حتمية استقراره على أرض صلبة . لكن كرسي عرش كاليجولا في رؤية المخرج السينوغرافية لم يكن مستقرا على أية أرضية بل معلقا في الهواء فوق قمة ممر صاعد نحو فضاء مجهول ينتهي بثغرة سوداء ينسرب منها كاليجولا كالماء ظهورا و اختفاء قس صعوده إليها أو هبوطه منها ليعمل القتل في حاشيه وأصدقائه واحد وراء الآخر فيبدو كما طائر العقاب يقتلع الريش الذي يغطي جسمه واحدة بعد الآخرى حتى يصبح عاريا تماما بلا شئ يحمي جسده .
لم كرسي كاليجولامرغوبا فيه على الأرض ؛ ذلك أن كاليجولا قد ضاق بعالمه الأرضي ؛ هو يحلم بعالم آخر ينشده في القمر ، يريد امتلاك القمر . هل برضى كرسي العرش الإمبراطوري أن ينبذ من الإمبراطور ؛ وهو عرش أباطرة امتد تاريخه معهم منذ يوليوس قيصر وأكتافيوس قيصر ( أوغسطين) كرسي إمبراطورية المغرب والمشرق !! هو كرسي عرش متذمر إذن ؛ لأن كاليجولا عزله عن ممارسة سلطانه على العالم باعتباره رمزا للإمبراطورية ؛ عزلة وأقصاه كما عزل الآخرين وأقصاهم بالتصفية الجسدية أو باعتبارهم غير موجودين من الأساس . لم يصنت كرسي عرش كاليجولا في هذا العرض كما صمت كرسي عرش كاليجولا في عرض نور وسعد ؛ ولكنه عبر بمونولوج داخلى عن رفضه لنبذ كاليجولا له ؛ لكن من سمعه ؟! من الطبيعي أن كل ما يدور على خشبة المسرح يسمع ويرى ، والمونولوج ( حوار صوتين في ضمير الممثل : صوت إرادة الشخصية وصوت مشاعرها ) هو غير مسموع في إطار الحقيقة الواقعية أو التاريخية ؛ لكنه مسموع افتراضيا في إطار الحقيقة المسرحية. وكذلك الحال بالنسبة للمناجاة ( وهي حالة البوح والشكوى حالة تغلب صوت إرادة الشخصية على مشاعرها ؛ وهي نتيجة لما انتهى إليه صراع صوتي الشخصية المنفردة في لمونولوج) وأيضا بالنسبة للجانبية ( التعليق الحواري الجانبي للشخصية ، منعزلا عن الشخصيات الأخرى عند تعليقه الانتقادي على قول أو فعل لا يرضيه . )
هوكرسي عرش الإمبراطورية الرومانية في هذا العرض وليس كرسي عرش كاليجولا ومونولوجه الافتراضي مسموع افتراضيا أيضا من الجمهور ؛ لأن الجمهور يرى إمبراطورا يفترض أن يلازمه كرسي عرشه ؛ لكنه يرى العرش معلقا في الهواء ؛ وهنا تحدث الدهشة للجمهور ؛ لأن ذلك مغاير لما هو معتاد وطبيعي ؛ والدهشة تولد التساؤلات ؛ والتساؤل يسهى وراء الإجابة حتى يحصل عليها . غيرأنها بالطبع إجابة بعدد حمهور المتلقين للعرض ، إجابة حداثية تناسب السؤال الحداثس الذي طرخته الدهشة من وضع كرسي الغريب لكرسي العرش . كرسي له شخصية.
كان ذلك نموذجا سقناه مرتين ، مرة للدلالة على الكرسي بوصفه عنصرا سينوغرافيا صامتا ؛ أي مجرد أداة تشارك الممثل في حمل دلالة إسقاط سياسيى طرحته رؤية إخراج اتخذ من الكرسي والممثل معا قناعا حاملا لرأيه في واقعه السياسي . وفي المرة الثانية سقناه للدلالة على الكرسي بوصفه عنصرا سينوغرافيا ذا شخصية ، تبوح بما يعتمل بداخلها وتنفعل إنفعالا إفتراضيا عبر مونولوج فتبوح لجمهور ينصت إليها إفتراضيا بآذان الدهشة ؛ فيسائل مساءلة وجودية قارئة لثنائية وجود الأشياء في وجود بعضها ، وإنكار الأشياء للأشياء هو العدم بالنسبة لجميع الأشياء ؛ فلا شئ من لاشئ – كما قال شكسبير على لسان " الملك لير" لابنته الصعرى " كورديليا " –
ولئن نظرنا لكرسي العرش في مسرحية ماكبث . هل قدم نفسه لماكبث أم أن ماكبث اغتصبه من تحت الملك دنكن – في مسرحية شكسبير – بينما عاد إلى الليدي ماكبث بمعاونة زوجها " ماكبت " في مسرحية يوجين يونيسكو؛ بعد أن اغتصبه الملك دنكن من والد " الليدي ماكبت " بقتله . هل كرسي العرش هنا مجرد أداة تحت مقعدة الملك انتقلت مرغمة من ملك إلى آخر ثم أعيدت لوريث الأول ؟! ذلك سؤال تجيب عليه رؤية المخرج أو رؤية المخرج السينوغراف معا .
وربما لا ندهش إذا وجدنا لكرسي العرش سلطانا نافذا في غير وجوده المادي الحاضر في المنظر المسرحي ففي مسرحية ( الملك لير) لشكسبير لانرى لير على عرشه ، وإنما نراه مع بداية المشهد الافتتاحي واقفا أمام خريطة يحيط به جولستر وكنت وبناته الثلاث؛ حيث يقسم على الخريطة مملكته على بناته (جونريل وريجن والصغرى كورديليا ) حتى جونوريل وريجناللتان انتهى تقسيم المملكة بينهما دون الثالثة المغضوب عليها ؛ لم تستخدم كرسيا لعرش مملكتها طوال المسرحية – وهو ما قصده شكسبير ؛ استشفافا استباقيا لما سيؤول إليه حال المملكة الموحدة بعد تقسيمها على يد ملك إقطاعي كانت مهمته الأساسية الوحيدة هي الحفاظ على مملكته الإقطاعية لا تفتيتها – مع ملاحظة أن عصر شكسبير ( 1554-1616 م ) نفسه كان عصرا إقطاعيا – فمع أن كرسي العرش في هذه المسرحية لا وجود له ماديا إلا أنه كان فاعلا في غيابه المادي ؛ كان حاضرا حضورا إفتراضيا محركا للأحداث . كان وجودا في ذاته حضرا دون حضور ، فاعلا دون ظهور .
أما كرسي هاملت الأب الذي اغتصبه شقيقه كلوديوس في مسرحية شكسبير بعد اغتياله له فقد كان كرسيا طاردا لمن يجلس عليه ؛ لذا لم يرتب هاملت منه ؛ وهو تحت مقعدة عمه الغاصب ؛ حتى بعد أن وثق من أنه من قتل أباه . وجل ما فعله في رؤية إخراجية لأحد المخرجين أن وقف أمام كرسي العرش فتخيل صورة أبيه هاملت الأب تسقط على الكرسي فيبدو جالسا عليه ولكن سرعان ما تغيب لتظهر صورة عمه على الكرسي وهكذا بالتبادل للحظة ؛ لينتهى الأمر إلى كرسي العرش خاليا من أحد يجلس عليه ، هو كرسي طارد للجالس عليه ، وهو أشبه بحصان غير متستأنس بعد يسقط دوما من يسعى لامتطائه.
كانت تلك قراءة سيميولوجية للكرسي بوصفه فاعلا سينوغرافيا في الحدث المسرحي مرة وفي العرض المسرحي في تفاعله مع الممثل تحقيا لرؤية الإخراج مرة ، وفاعلا لذاته مرة أخرى على عكس إرادة الشخصية ومعبرا عن ذاته بمونولوج صمت إدهاشي إقتراضي ، وفاعلا في ذاته في موقف آخر، وطاردا لمن يسعى إلى إمتطائه.
ولنا في حديث تل قراءة مع السيف ومع الخنجر أداة فعل وفاعلا سينوغرافيا دراميا



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية المسرح - قراءة وقراءة مضادة -
- هوية التعبير
- التعبير الحركي وإنتاج الدلالة
- مدخل لورشة كتابة مسرحية
- رجل من طينتنا
- الطاقة النغمية لألحان سيد درويش وعلاقتها بالطاقة التعبيرية ل ...
- حيوات النص في مفترق القراءات النقدية
- عم صباحا .. عم مساء
- الدائرة المغلقة بين قضاء الدولة المدنية وسدنة الافتاء الديني ...
- صورة المرأة بين الروعة والتشويه - مسرح صلاح عبد الصبور -
- تربية الإرهاب في المسرح
- جماليات الأداء بين التمثيل والغناء
- مباهج الفرجة والتوظيف الخيالي بين قراءة النص المسرحي وعرضه
- فن الأداء التمثيلي بين الدرامية والخطاب المباشر
- مباهج الفرجة والتوظيف الخيالي - زنوبيا في موكب الفينيق -
- دلالة الإيماءة في دراما الرقص التعبيري الآسيوي
- الفن والإنسان بين التمدن والسلفنه
- ثنائية المقدس والمدنس في فن المسرح من أفلاطون إلى بريخت
- في مناهج التمثيل
- مباهج الفرجة الفنية بين تقنيات الكولاج وتقنيات الكليب


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - الفاعل السينوغرافي في فن التمثيل