أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم الخندقجي - هذه الرواية.. هذه الخيزران محمود شقير .. مقدمة رواية مسك الكفاية . سيرة سيدة الظلال الحرة .















المزيد.....

هذه الرواية.. هذه الخيزران محمود شقير .. مقدمة رواية مسك الكفاية . سيرة سيدة الظلال الحرة .


باسم الخندقجي

الحوار المتمدن-العدد: 4578 - 2014 / 9 / 18 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


من لحظة فارقة في التاريخ العربي وبسرد محكم منضبط تبدأ رواية باسم خندقجي. ثمة ناحية في جنوب الجزيرة العربية خارجة على حكم الخليفة العباسي، وقد جاءت سرية جند من جيش الخليفة أبي جعفر المنصور لإخضاعها. وثمة في موازاة هذا المشهد الدموي أسرة فقيرة الحال من شبوة في حضرموت، مات معيلها قبل عشر سنوات، وراحت الأم الوفية تعمل هي وابنها الكبير في حقل لتحصيل الرزق للأسرة. وثمة في بؤرة السرد فتاة جميلة هي بطلة الرواية التي تأخذها المقادير إلى حيث لم تكن تتوقع، لتصبح سيدة الظلال الحرة على رأي الكاتب، ولتجابه ذكورية التاريخ وتنتصر عليها. ومن هنا، لا بد من الانتباه لتفاصيل المشهد الذي يسبق لحظة المفاجأة: فتاة ممشوقة القوام فاتنة، وأمها دائمة القلق عليها، والفتاة لا تطيق البقاء في البيت، فتذهب إلى الحقل حاملة الطعام إلى أخيها، وفي الطريق يقبض عليها أمير الجند، ويظن أنها تحمل الطعام للمتمردين على الخليفة. يدهشه جمالها، وبجملة واحدة يحكم على مسار حياتها اللاحق: أنت ستكونين هديتي إلى مولاي الخليفة. وابتداء من هذه اللحظة الفارقة تنداح أحداث كثيرة، نرى من خلالها صراع الإرادات ومؤامرات ا لقصور وامتهان كرامات النساء، والاتجار بهن لغايات المتعة والتسري. نرى في الوقت نفسه كيف تحاول الجواري، وبالأخص أولئك اللواتي أوتين حظًّا من العلم والذكاء، أن يؤسسن لأنفسهن أوضاعاً تخرجهن من بيوت الحريم إلى ردهات القصور، وتجعل بعضهن قادرات على التحكم في أمور الخلافة والخلفاء ولو من وراء ستار، و هو ما برعت فيه وأتقنته وتمكّنت منه سيدة الظلال التي تحوّل اسمها من المقاء بنت عطاء بن سبأ إلى الخيزران، فأصبحت لها حظوة في قصر المهدي، ابن الخليفة أبي جعفر المنصور. حظوة لم تقف عند حد، ولم تحدّها حدود. ولولا المصادفات التي أجاد الكاتب تدبيرها، ودبّرت بعضها ظروف الواقع، أثناء رحلة السبي التي تعرّضت لها المقاء، لربما ما كان لها أن تصل إلى ما وصلت إليه في قصور الخلافة العباسية. فقد كان محكوماً عليها منذ الأيام الأولى للسبي أن تتحول من بنت حرّة إلى احتمال الانتهاء جارية نكرة في قصر خليفة أو أمير، وتعرّضت منذ البداية لمحاولة اغتصاب من أعرابي شرس، بعد أن تم قتل أمير الجند في معركة ضارية وتخليصها من بين يديه، ولم ينقذها من هجمة الأعرابي سوى ذلك المقنع، ابن القبيلة الصحراوية الأبية المتمردة، الذي ينتمي في أصوله القبلية إلى أمير الصعاليك عروة بن الورد، المتمرد ضد الظلم المنتصر للمظلومين، وفي إيراد ذلك في الرواية دلالته الإيجابية ومعناه، بل إن هذا المقنع الذي يحمل اسم: الأنهد بن الورد، وقعت شخصيته موقعًا حسنًا في نفس المقاء. وراحت تشعر نحوه بود، وهو راح يشعر نحوها بود. وكانت صديقتها رقية ملاذها "إلى سبر أغوار غموضه وغموض قبيلتهم التي إجتمعت فيها غرابة المعشر والأخلاق، وسرتْ في دماء أهلها نخوة العربي وكرمه وشجاعته وفصاحته". ثم إنها وهي تحاول التكيف مع شروط وضعها الجديد، أدركت إلى أي حدّ تركت الصحراء التي تعيش فيها هذه القبيلة التي ينتمي إليها الأنهد، تأثيرًا واضحًا على سلوكها الطموح. وقد شجعتها على ذلك ابنة القبيلة رقية، والجدة العجوز التي يفيض كلامها حكمة وخبرة. ومن هنا، خفّفت المقاء من القلق على أمها التي ستجزع لفقد ابنتها، وقلّلت من التحسر على ابتعادها عن أسرتها، وعلى فقدان أمنها الشخصي بانتزاعها من بين أهلها، وتعريضها لمصير مجهول مكلل بالمخاطر وباحتمالات السوء. فبعد أن كانت أمها تنتظر يوم عرسها بعد أن بلغت سن الرشد، ها هي ذي تتنقل من يد إلى أخرى ومن مكان إلى آخر، وقد ينتهي بها الأمر إلى العيش مع الحريم في قصر الخليفة، ثم رميها بعد التمتع بها في سوق تجارة الجواري، وتلك بالنسبة لها كارثة لا يمكنها التسليم بها بأي حال، ولا بد لها من اكتساب المعرفة التي تهزم بها وضعها المذموم وتنقذها من بؤس المصير. وهكذا، تمتد وتتواصل رحلة المقاء التي أصبح اسمها الخيزران، لتستقر في قصر المهدي، ولتلتقي بجوارٍ ذوات سلوك عدواني منحرف، وأخريات ينطوين على مشاعر طيبة بحيث يتعاطفن معها ويقدمن لها المساعدة، وتتوثق علاقتها بالجارية خلوب، التي قدمتها إلى المهدي ولفتت انتباهه إليها. وبعد أول لقاء للمهدي بها في حديقة القصر تبدأ رحلة الخيزران نحو قمة السلطة المشتهاة، وليصبح أبناؤها من المهدي قادة الدولة وخلفاءها، ولتصبح هي أم موسى الهادي وهارون الرشيد. ومن تلك البداية الأولى إلى تلك النهاية غير المتوقعة اجتازت الخيزران طريقًاطويلة محفوفة بالمخاطر وبالدسائس وبالرغبات والشهوات والأهواء، وبالصراعات الدامية وغير الدامية، ليكشف لنا السرد الروائي بما اتسم به من شمول ومن استفاضة ومن تتبع لدواخل النفوس البشرية، كيف تتصارع إرادات البشر وكيف تتقلب أهواؤهم، وكيف تحمل السلطة التي وصلت ذروة الازدهار بذور تفككها من خلال هيمنة الإرادات الفردية وتسلط الأهواء الشخصية عليها. لكنها رحلة جديرة بالكشف وبتسليط الأضواء عليها، وبتتبعها في تفاصيلها الحميمة وفي تجلياتها السارة وغير السارة. إنها الرحلة التي تنطوي على تناقض غير قليل، فالمجتمع الذي يشق طريقه نحو الازدهار، ويفسح في المجال للعلم وللفلسفة وللأدب وللفنون، ظل يضطهد المرأة ويحلل سبيها وتملكها جارية ومحظية. ولا سبيل أمام المحظية لكي تدافع عن إنسانيتها إلا بالاعتماد على معرفتها وعلى جمالها وعلى جملة شروط أخرى بعضها صحيح وبعضها الآخر غير صحيح، لكي تصل إلى مبتغاها. كانت الخيزران خير تعبير عن تلك الحالة، حيث رأينا من خلال سيرتها، سيرة سيدة الظلال، كيف وصلت بها الرحلة إلى مسك الختام، الذي هو مسك الكفاية التي لا مسك بعدها، كيف لا وهي التي أصبحت أمّاً لأشهر خلفاء الدولة العباسية: هارون الرشيد! إنها الرحلة المشتبكة التفاصيل، المتشابكة الخيوط التي ظلت الخيزران محتفظة أثناءها بعباءة الأنهد التي سترت عريها، وبسبحة العقيق واللؤلؤ التي أهدتها لها تلك الجدة الحكيمة في الصحراء، وهي الرحلة التي توجتها الخيزران بمأثرتها التي فاجأت بها جواري القصر حين خاطبتهن قائلة لهن: انهضن واذهبن فأنتن حرائر. وهي الرحلة التي عكف عليها باسم خندقجي وهو قابع هناك في سجون المحتلين الإسرائيليين، ينقّب في المراجع، ويقرأ في التراث ويستنطقه بوعي وبتأمل مرهف، ليقدّم لنا رواية مستندة إلى التاريخ، فيها شخصيات من وحي الخيال، وفيها شخصيات من قلب الواقع والتاريخ. وفي كل الأحوال، فنحن أمام تجربة روائية لافتة للانتباه، تشير إلى عصر سبق لنا أن قرأنا عنه في كتب التاريخ، لكننا هنا أمام عالم مشخّص من طموحات البشر ومن مكائدهم ودفاعهم عن ذواتهم، ولو جاء ذلك على حساب آخرين لا ذنب لهم ولا جريرة. وقد جسد باسم خندقجي ذلك كله بسرد ممتع جميل، وبلغة فيها من الشاعرية ما يكفي، وباقتباسات من الشعر والنثر العربيين ومن سرديات التاريخ، وبحوارات متقنة قادرة على كشف لواعج النفوس ومكنوناتها. إنها رواية جديرة بالقراءة والتي صَدَرت عن الدار العربية للعلوم ناشرون -بيروت، ولا يفوتني في هذا المقام أن أرسل أحرّ التحيات والتمنيات بالإفراج العاجل، للروائي الشاعر الأسير: باسم خندقجي.



#باسم_الخندقجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية الأسير باسم خندقجي مسك الكفاية .. سيرة سيدة الظلال الح ...
- لا تزوروها كأنها الأندلس
- ديوان باسم خندقجي.. الهارب من السجن مجازاً
- لن نبقى كما ستكون أبدا
- الشرك المقدس .. من ديوان أنفاس قصيدة ليلية 2014
- شام .. من ديوان أنفاس قصيدة ليلية ..
- لأجل عينيك تورق الأزهار ..
- جديد الأسير الخندقجي .. ديوان أنفاس قصيدة ليلية .. الصادر عن ...
- حمية تاريخية
- وأكثر
- أسئلة المدينة
- دعاء القمل
- الحركة الاجتماعية .. الشكل الجديد والأرقى نحو التقدم
- أوراق يسارية .. المقاومة الشعبية وإمكانيات التحول إلى حركة إ ...
- الحركة الطلابية . ما بين التنافس و البرامج المطلبية :
- زَوَرْد المجهول
- الرونق الرضي الخبيث
- “خدوش المجهول”
- أَرسمُ إحتراق الكلمة”
- سقوط الفارس عن الحصان


المزيد.....




- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم الخندقجي - هذه الرواية.. هذه الخيزران محمود شقير .. مقدمة رواية مسك الكفاية . سيرة سيدة الظلال الحرة .