أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رشاد جبار السعيدي - القادمون من وراء الحدود














المزيد.....

القادمون من وراء الحدود


رشاد جبار السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1278 - 2005 / 8 / 6 - 10:29
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الذاكرة تعود بي إلى الوراء...إلى بغداد. المدينة التي تغنى بها الفنانون. المدينة التي استوحى منها الشعراء أحلى القصائد. بغداد التي رسمها الرسامون بأروع اللوحات المزركشة بالشناشيل البغدادية الجميلة. بغداد أبو نؤاس وحاناته المزدحمة..بغداد السعد ون وأزقته وصالات السينما.. بغداد الرشيد ومقاهيه المكتظة بروادها. بغداد التي تسهر الليل كله. لن يرقد ساكنيك حتى سماعهم صوت شهرزاد. وهي تصمت عن قص حكاياتها على مليكها شهريار, عند بزوغ الفجر.
كم من عابر سبيل مر بشوارعك. كم من غريب أراد لك الشر, ووقف عند حدودك وعند أبوابك. وكم سرقوا منك ومن حضارتك, من مدارسك القديمة, من مكتباتك العظيمة. من جوامعك المنيرة. لتتذكرين الفرس المجوس وحملاتهم هم وشاهاتهم العظام. هولاكو والمغول, وما تتذكريه من حماقاته وبطشه فيك وفي ساكنيك واهلك. لقد عشتِ الذل والهوان تحت ظل العثمانيين. ودخلك مود بجيشه الجرار. الذي حاول سرقة كل شئ فيك. وعشتِ تحت حكم الصنم, الذي سجنك وصادر منك شواطئك الجميلة. شواطئ دجلة الخالد الذي تحتضنينه ويحتضنك. لقد عشت الأهوال من كل الذين مروا بك. الكل أراد لك الموت. الكل أراد لك الدمار والخراب. الكل أراد لك الجهل والتخلف, والقضاء على ماضيك العظيم. وحاضرك المشرق. لكنك بصمودك وشجاعة أبنائك, استطعت إن تعيشي الأهوال, بدون كلل وبدون ملل. واستطعت أن تتجاوزي ألازمات الواحدة تلو الأخرى.
هاهم القادمون من وراء الحدود. يطرقون أسوارك, ويدخلون أبوابك. ليمزقوا حياتك, ويسلبوا فرحتك, ويسرقوا ضحكتك, ويعطلوا مسيرتك. أتوا بسياراتهم المفخخة. ووجوههم المغبرة, الدفينة بالحقد عليك وعلى تاريخك المجيد. أتوا يربطون أيديهم بمقاود سياراتهم. ليفجروا كل شبر بشوارعك الجميلة. ويلغموا أرصفتكِ وحواريك. ليقتلوا أطفالك وأبنائك الشرفاء. أتى الغرباء ليدافعوا عنك كما يدعون. أتسمعينهم يتشدقون, لا وألف لا, سوف لن ندعهم ينعمون. ومن شوارعك سيكنسون.
ها هم القادمون من وراء الحدود. يمتطون أحصنتهم الحديدية. ويتمنطقون بالسلاح. ويتكلمون باسم الحرية والكفاح. كفاح ضد الدكتاتورية وضد الطائفية. فبأس ما يتحدثون. لقد نسوا كيف عاشت الأجيال تحت خيمتك. لا يعرفون معنى لسني أو شيعي. لكردي أو عربي. لمسلم أم مسيحي. لقد أتوك يتباهون. وفي صحفهم ينشرون. وبين أقواس يكتبون. هذا الوزير شيعي أم سني. فبأسَ ما يتباهون. قتلوا ليلك وسهراته. أطفئوا عليك المصابيح والأنوار.جعلوك تتخبطين على ضوء الشموع. أعادوك إلى زمن الفوانيس.
لقد أتوا لسرقة ثرواتك. وتجويع أبنائك. وشق نسيج لحمة شعبك. ستلفضينهم, لأنك تعرفينهم. وفي مزبلة التاريخ سترمينهم.
ها هم القادمون من وراء الحدود. هم ألان عند أبوابك مرة أخرى. جاؤا بما يملكون من قوة. جاؤا بأساطيلهم البحرية والجوية والبرية. لقد اعدوا لك كل ما يستطيعون. وأباحوا من القوانين. ليقسوا عليك وعلى أبنائك الصابرون. لقد عقدوا التحالفات العالمية, واتوا من كل حدب وصوب من عالمنا. محشدين ومجهزين. ليصبوا عليك نار حممهم, التي لن ترحمك, وسوف لن ترحم أبنائك. ضربوك بكل ما يملكون
من أنواع الأسلحة, حتى المحرمة منها, استعملوها. ليجعلوا منكِ فناءا. ومن شوارعك خواء. لقد مزقت جنازير دباباتهم شوارعك وأرصفتك. واستباحوا كل ما فيك. فتحوا أبواب خزائنكي, ليغرفوا منها المتسولون, وضعيفي النفوس. فتحوا أبواب أسوارك. ليقتص منك كل دنئ وحاقد عليك.
الم يعلموا أخبار الأولين. الم ينصحهم عملائهم والمطبلين. الم يعلموا إن بغداد قد نفضت عنها كل الأصنام والمنافقين. ومشطت جدائلها بعد أن قصها هولاكو والعثمانيين. ستغتسلين في شواطئ دجلة الخالد. وتزيلين الغبار عن تماثيلك الجميلة. عن كهرمانة والأربعين حرامي. عن جداريتك في نصب الحرية. ستفتحين أبواب متاحفك على مصراعيها. لتذكريهم بالذين مروا من قبلهم ها هنا. اخبريهم بطريق الخروج. نفس ذلك الطريق, ستسلكونه انتم كما سلكه أجدادكم السالفين. وسيبقى أبناءك بين أحضانك.تحتضنيهم ويحتضنوك. وسيسهرون في ليلك حتى الصباح, حتى تسكت شهرزاد عن الكلام المباح.



#رشاد_جبار_السعيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تستأسد الاكثرية
- الالتفاف الجديد
- المتعة..بين الشرعيةوالواقع


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رشاد جبار السعيدي - القادمون من وراء الحدود