أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - منال داود - عندما يسقط القانون














المزيد.....

عندما يسقط القانون


منال داود

الحوار المتمدن-العدد: 4484 - 2014 / 6 / 16 - 13:58
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لعل من ابرز ملامح الدولة الحديثة المتمدنة هي وجود قانون ينظم العلاقات ويرعى الحقوق بين افراد المجتمع وبينهم وبين مؤسساتها المختلفة فهو الفيصل في تحديد المستوى الحضاري للدولة والتي تميزها عن الدول المتخلفة التي تحكمها شريعة الغاب ! وهو بهذا المعنى وجد ليطبق وليكون وسيلة لتحقيق غايات تتجاوز كثيرا الكتب والمتون التي دون فيها فغاية القانون هي تحقيق العدل بين افراد المجتمع الواحد وتحديد حقوقهم وحرياتهم في مختلف مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتحقيق الامن والاستقرار وحفظ سلامة المواطنين وممتلكاتهم ، فأذن هو أي القانون مجرد وسيلة لتحقيق تلك الغايات وليس هدفا فقد عرفه الفقهاء على انه " مجموعة قواعد تحدد العلاقات والحقوق بين الناس والمنظمات والعلاقات التبادلية بين الفرد والدولة علاوة عن تحديد العقوبات التي تفرض تجاه كل من لا يلتزم بالقواعد المؤسسة للقانون " .
لقد بات من المعلوم ان تحقيق العدل وحفظ الحقوق والحريات تتأتى من ضرورة وجود قانون يتضمن عقوبات رادعة تجاه كل من ينتهك هذه الحقوق ويخل بالنظام ويعكر صفو الاستقرار و الامن - و إلا كان محض كلاما مرسل - وهذا بطبيعة الحال يتطلب جملة من الاجراءات التي تحددها القوانين المختصة لكي يتحقق الهدف من العقوبة في الردع فالعقوبة هي ليست اداة للتسلط والقهر و انما هي ركيزة القانون لتحقيق غايته لذلك فهي من حق الدولة فقط لأنها تنطوي على اثار بليغة تمس مرتكب الجريمة قد تطال ماله او حريته او حياته. لذلك لم تكن العقوبة يوما اداة بيد الافراد و الا تحول المجتمع الى فوضى عارمة ومرتعا للفساد .
ينص دستور العراق النافذ في المادة (14) منه على ان : العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الاصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي) وهذا يعني ان القانون ينفذ تجاه كل المواطنين دون تمييز اذ لا فائدة ترجى من العقوبة اذا كانت تطبق على البسطاء ويفلت منها اصحاب النفوذ فيضحى المجرم طليقا يعد العدة لجريمة اخرى يدرك تماما انه سيفلت من عقابها كما افلت من الاولى الامر الذي يولد اجواءا تشجع على القتل وتحلل سفك الدماء بمناى عن العقوبة في ظل قانون عاجز ومجرم يستظل منها بعباءات سلطوية او عشائرية او دينية ..
ان التهاون وغض النظر عن بعض المجرمين بسبب خلفياتهم الاجتماعية سيؤثر سلبا على تطبيق القوانين فتسود ثقافة عدم احترام القانون حتى مع وجود عقوبات رادعة مما يؤدي الى سقوط هيبته والاستهانة بخرقه وهذا يفضي الى تفشي الفساد والتحايل على القانون والنظام وانتشار الجريمة هينها وعظيمها دون رادع ولا مانع فتؤول الامور الى تعطيل القوانين و الانظمة ليحل محلها قانون القبيلة والعشيرة فتسود ثقافة " الفصل و العطوة " ويصبح اللجوء الى القضاء - وما يصاحبه من اجراءات طويلة ومعقدة او غير مجدية احيانا - ضعف واستكانة ويفضل الفرد حينئذ اخذ حقه بيده او يعصبها بعقال الشيخ ليأخذ فصل مربع !
ان ما نشهده اليوم من انتشار الجريمة بكل مستوياتها بالرغم من وجود عقوبات رادعة يعود الى سقوط هيبة القانون بسبب فقدان الاسس الثقافية له وانعدام تطبيقه التي تقوم بالدرجة الاساس على ثقافة احترام القانون وهذا ينبع من الاحساس بضرورة القانون كصمام امان للحقوق والحريات و الامن والاستقرار لا لأنه ينطوي على عقوبة رادعة بل بصفته فلسفة ومنهج يكون مع مفهوم العدالة وقيم الحرية و مبدأ سيادة القانون وغيرها النظام القانوني للدولة والتي تشكل بمجملها مصدرا للكثير من المبادئ التي يقوم الدستور والقانون .
يجب ان نعلم ان تطبيق مبدأ احترام القانون هو ليس من واجبات الافراد فقط بل ان ذلك يعتبر واجبا يقع على عاتق السلطات العامة التي غالبا ما تنأى بنفسها عن تطبيقه فنجد ان اغلب حالات الاستهتار بهذا المبدأ وخرقه يقع من قبل القابضين على السلطة ابتداء من اعلى المستويات والذي يظهر بعدة مظاهر منها المحسوبية والواسطة والمحاباة والمنافع المتبادلة فسادت ثقافة الفوقية والاستهانة من قبل جميع افراد المجتمع ، وقد عزا علماء الاجتماع الى ان ضعف او انعدام مبدأ احترام القانون يرجع الى الايمان المطلق بالأعراف والتقاليد التي اضحت في منزلة اعلى من القانون وكذلك الاستهتار بالقيم الاجتماعية وتشويه الثقافة و هزالة الانظمة التعليمية وضعف الولاء للوطن وتغليب الروابط العشائرية والقبلية والمذهبية بدلا من ذلك .
نحن بحاجة الى استراتيجية للإصلاح الذي لا يقع عبئه على الحكومات فقد اذ لا بد من تغيير جوهري لثقافة اللامبالاة وهذا يحتاج الى رغبة في التغيير نابعة من الذات البشرية لاعتناق ثقافة مبدا احترام القانون ونشرها بين افراد المجتمع لكي نتمكن عندها من الحديث عن هيبة الدولة و سيادتها الامر الذي يتطلب مضاعفة الجهود ووضع الخطط لتهيئة افراد المجتمع للتعايش وقبول ثقافة احترام القانون لينعكس على المناهج السلوكية للإفراد والذي يتأتى اولا وقبل كل شيئ من الشعور بالانتماء الحقيقي للوطن والارتقاء بمستوى الثقافة القانونية لديهم التي هي ضرورة من ضرورات المجتمع الحضاري المتمدن .



#منال_داود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا بد من تغيير الدستور !!
- العشوائيات بين الوضع الانساني والخطر الداهم
- ظاهرة الفساد في العراق
- المشروع الديمقراطي في العراق


المزيد.....




- بـ4 دقائق.. استمتع بجولة سريعة ومثيرة على سفوح جبال القوقاز ...
- الإمارات.. تأجيل قضية -تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي- إلى ...
- لحظة سقوط حافلة ركاب في نهر النيفا بسان بطرسبوغ
- علماء الفلك الروس يسجلون أعنف انفجار شمسي في 25 عاما ويحذرون ...
- نقطة حوار: هل تؤثر تهديدات بايدن في مسار حرب غزة؟
- حصانٌ محاصر على سطح منزل في البرازيل بسبب الفيضانات المميتة ...
- -لا أعرف إذا كنا قد انتشلنا جثثهم أم لا -
- بعد الأمر الحكومي بإغلاق مكاتب القناة في إسرائيل.. الجزيرة: ...
- مقاتلات فرنسية ترسم العلم الروسي في سماء مرسيليا.. خطأ أم خد ...
- كيم جونغ أون يحضر جنازة رئيس الدعاية الكورية الشمالية


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - منال داود - عندما يسقط القانون