أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - منال داود - ظاهرة الفساد في العراق















المزيد.....

ظاهرة الفساد في العراق


منال داود

الحوار المتمدن-العدد: 4468 - 2014 / 5 / 30 - 12:43
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مخطئ من يظن ان الفساد ظاهرة جديدة وليدة على المجتمع العراقي جاءت على ظهر دبابات المحتل بعد سقوط النظام عام 2003 او انها " الجمرة الخبيثة " التي حملوها معهم والقوها في خزانات مياه الشعب المسكين فاستفاق محموما بحمى الفساد ، فمازلت اذكر كيف كانت تطالبني موظفة دائرة التسجيل العقاري او المصرف بمبلغ معين من المال مقابل انجازها معاملة قانونية لا غبار عليها وهي من صميم واجبها الوظيفي فتقوم بفتح احد ادراجها وتشير لي بان اضع " الاتاوة " في داخله ، او عندما يدخل الجيش في مرحلة الانذار وتمنع الاجازات نرى احد الجنود وهو يتبختر ببزته العسكرية وفي عينيه زهو الفرح بعد ان اعطى الضابط " ما قسم الله " فسمح له الاخير بالنزول دونا عن "ولد الخايبة " من اقرانه !!
اقول ان الفساد ظاهرة ازلية لم تكن غريبة او جديدة في المجتمع العراقي فالمتتبع لمسيرة هذه الظاهرة فيه يجدها ظاهرة قديمة سارت جنبا الى جنب مع الثورات والصراعات و الحروب المتعاقبة والحصار الاقتصادي والاحتلال وما خلفته من دمار شامل لم يطل الدولة العراقية كمؤسسات فحسب و انما الشخصية العراقية ايضا فاضحت شخصية ازدواجية متناقضة تتصارعها الاعراف الاجتماعية المجبولة على حب المال والسلطة والنفوذ و تتجاذبها العقائد الدينية التي تقوم على التقوى والصلاح و الورع ، ولكنه أي الفساد لم يكن باديا للعيان فكان يتوارى بعباءات الشرعنة والتهوين ، وما ان سقط النظام حتى ظهر الفساد في البر والبحر باشكال متعددة و اوجه متجددة بعد ان سقطت جميع اقنعته فمضى كالمعول ينهش جسد الدولة ومؤسساتها ودوائرها ويحرق الحرث والنسل .
وعلى الرغم من الانتعاش الاقتصادي الذي حدث بعد عام 2003 وانتهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق الا ان ثقافة الفساد بدت مستشرية في المجتمع العراقي ومؤسساته بل انها تطورت ورسخت بسبب غياب الرادع القانوني وانهيار هيبة الدولة وغياب الشفافية و الارهاب الذي بدا تواما سياميا للفساد يتاثر احدهما بالاخر وياثر به اضافة الى المحاصصة التي شكّلت سببا رئيسيا في استفحال ظاهرة الفساد في مفاصل الدولة العراقية بسبب افتقار البعض للكفاءة الادارية لشغل المسؤولية الملقاة عليه مما ادى الى تكريس واقع التخلف الاقتصادي والاجتماعي وتبديد المال العام و المحسوبيات و امعن في استشراء الجريمة بسبب الفقر والبطالة مع عجز الدولة عن توفير الخدمات وتاهيل البنى التحتية ..
ورغم عدم وجود تعريف شاف وكاف للفساد الا ان هناك محاولات عديد لتحديد مفهومه فمنهم من يعرفه على انه " خروج عن القانون والنظام (عدم الالتزام بهما) أو استغلال غيابهما من اجل تحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية للفرد أو لجماعة معينة، فهو سلوك يخالف الواجبات الرسمية للمنصب العام تطلعا إلى تحقيق مكاسب خاصة مادية أو معنوية." وهناك اتفاق دولي على تعريف الفساد كما حددته "منظمة الشفافية الدولية" بأنه " كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته ". والحقيقة ان الفساد لا يقتصر فقط على الفساد المالي و الاداري فهناك ايضا الفساد السياسي فهو يشمل كل ما من شانه ان يضر بالمصلحة العامة سواء كان ذلك بصورة مباشرة او غير مباشرة .
ومع ان ظاهرة الفساد هي ظاهرة عالمية حسب ما اكدت عليه الدراسات العلمية الا ان العراق يتربع على عرش هذه الظاهرة ويستحوذ على مركزها الاول وبنجاح منقطع النظير و استطيع ان اجزم ان ما توصلت اليه تلك الدراسات صحيح الى ابعد الحدود فلم يعد الفساد ظاهرة استثنائية او حالة فردية يمكن ان نغض النظر عنها بل ان هذه الظاهرة باتت تمارس على نحو واسع مؤدلج شمل كل مرافق الدولة وعلى جميع الاصعدة ومن كافة المستويات فهو اسلوب من أساليب الأستغلال الأجتماعي المصاحب لحيازة السلطة العامة من أجل الحصول على هدف مادي لحساب فرد او جماعة معينة او حزب ما من خلال خرق القانون او التحايل عليه او مخالفة معايير السلوك الاخلاقي مع غياب الرادع القانوني .
ومما لا شك فيه أن اثار الفساد وتوابعه قد أضعفت كثيرا البنيان الأجتماعي و اقصت القدرات والكفاءات وحطت كثيرا من هيبة القانون وبددت ثقة المواطن و ايمانه به لاسيما حين انعدم تطبيقه ضد الجرائم المرتكبة فانهارت كل القيم التي تحمي مسار المجتمع من الفساد الذي بات يشرعن ويقنن احيانا او يكون سلاح مجديا يستخدم في " حرب الملفات " حين تعجز كل الاسلحة فيشتد الصراع ويحتدم النقاش الذي ما يلبث ان يخبو فتخرس الالسن وتجنح للسلم فلكل طرف ملفاته !! لذلك و امام هذا الوضع نجد ان الحرب على الفساد لا زالت انتقائية وغير واضحة لذلك نستطيع القول انه لا توجد حرب حقيقية على الفساد كونها قد تطال رموز بارزة داخل النخب السياسية والحزبية !! ان االتغاضي و التأجيل المستمر لمحاربة الفساد مع غياب الرادع القانوني افضى الى اثار خطيرة لعل اشدها توفير بيئة خصبة للارهاب مع كسر شوكة الجهات الرقابية والتشريعية التي اوكل اليها مهمة التصدي له فالحرب على الفساد تحتاج الى مؤسسات فاعلة للنهوض بها و انقاذ الواقع المزري في العراق اما ما نسمعه بين فترة واخرى من كشف لملفات فساد او القاء القبض على مفسد فهي في حقيقتها لا تخرج عن كونها تسقيط للاخر او السعي لا قصائه وابعاده عن سدة الحكم .
ان محاربة الفساد تحتاج الى نوايا ورغبات صادقة تصب في صالح هذا الهدف ومع انه لا توجد حلول آنية لاستئصال الفساد كون ان هذا المسعى طريقه صعب وشاق ربما يستمر لاجيال ومع ذلك فهناك خطوات ممكن ان تؤدي الى التخفيف من الظاهرة لعل ابرزها تحقيق العدالة الاجتماعية والتقليل من التفاوت الطبقي بين افراد المجتمع و اشاعة ثقافة نبذ الفساد من خلال اصلاح النفس البشرية و تربيتها على القيم والمبادئ الاخلاقية والدينية فضلا عن الضرب على ايدي المفسدين من خلال تشريع قوانين عقابية رادعة ومحاسبة المقصرين مع تطبيق المبدا الدستوري الذي ينص على ان " الناس سواسية امام القانون " وكذلك عدم اغفال دور الاعلام في الكشف عن بؤر الفساد والمفسدين وتعريتهم امام الرأي العام مما يساهم في تعبئة الجماهير ضدهم من خلال التحقيقات والبرامج المتخصصة في معالجة الظاهرة مع تفعيل مساهمة منظمات المجتمع المدني التي تعنى بذلك وترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة .



#منال_داود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشروع الديمقراطي في العراق


المزيد.....




- برق قاتل.. عشرات الوفيات في باكستان بسبب العواصف ومشاهد مروع ...
- الوداع الأخير بين ناسا وإنجينويتي
- -طعام خارق- يسيطر على ارتفاع ضغط الدم
- عبد اللهيان: لن نتردد في جعل إسرائيل تندم إذا عاودت استخدام ...
- بروكسل تعتزم استثمار نحو 3 مليارات يورو من الفوائد على الأصو ...
- فيديو يظهر صعود دخان ورماد فوق جبل روانغ في إندونيسيا تزامنا ...
- اعتصام أمام مقر الأنروا في بيروت
- إصابة طفلتين طعنا قرب مدرستهما شرق فرنسا
- بِكر والديها وأول أحفاد العائلة.. الاحتلال يحرم الطفلة جوري ...
- ما النخالية المبرقشة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - منال داود - ظاهرة الفساد في العراق