أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسام الرشدي - هذيان عراقي














المزيد.....

هذيان عراقي


محمد حسام الرشدي

الحوار المتمدن-العدد: 4482 - 2014 / 6 / 14 - 12:21
المحور: الادب والفن
    



ها قد انتصرت الطوائف.. وضاع العراق..

العراق.. عراقنا.. عراق سومر وبابل وأشور.. العراق الذي قسمه أولاد الزنا إلى عراق عمر وعراق علي.. ناسين أن العراق أكبر من كل رموزهم وأديانهم وتفاهاتهم.

مباركٌ للسنة والشيعة هذا الفتح العظيم.. والعزاء لنا نحن أحفاد گلگامش الذين لم نعشق سوى العراق ولم نعرف غيره وطناً ولا لسواهُ انتماء..

تقولون أنها خطة "جو بايدن" لتقسيم العراق، أو أن ما يجري هو جزءٌ من مخطط اليمين المتطرف في أمريكا وإسرائيل. لا أدري ربما كان كلامكم صحيحاً أيّها السادة.. فكل ما أعرفه أننا ساهمنا بتقسيم هذا البلد، نعم.. فبغبائنا وعنصريتنا وتفكيرنا الضيق ضاع منا وطنٌ "لو إن الخلد أزرى برونقهِ لقلتُ له حسودُ".

نحن جيلُ العار.. على أيدينا صار العراق عراقات.. وبغبائنا خسرنا الوطن.. هل تعرفون -يا سادة- ما هو شعور الإنسان بلا وطن؟! حسناً ستجربونهُ في الأيام القادمة.. وساعتها لن يجدي البكاء..
* * *
أحببتُ فيكِ عراق روحي، أو حببتكِ أنتِ فيه
يا أنتما - مصباح روحي أنتما- وأتى المساء

ها هي روح السياب تطوف أرجاء أرض السواد، لقد أحب العراق، وفُتنَ بنخيلهِ ونهريه، بل هو كان متيمٌ حتى بالفرع الصغير بويب.. كان السياب يعشقُ الوطن، وكان يَعجَبُ "كيف يمكن أن يخون الخائنون / أيخون إنسان بلاده؟ /إن خان معنى أن يكون ، فكيف يمكن أن يكون ؟ !”.

سأحدثك يا صديقي كيف يمكن أن يكون:

يمكنُ أن يكون سياسياً يرى الوطنَ مشروعاً تجارياً، فمن أولوياته أن يكسب ويثرى من هذا الوطن.

ويمكن أن يكون زعيماً يرى إن الأرض ميراث أبيه فيحرق كل شيء ليبقى على كرسيهِ..

ويمكن أن يكون مثقفاً يرى الثقافة كالدعارة، فيبيع قلمهُ ليعيش كما تبيع البغيُ شرفها لتعيش..

ويمكن أن يكون جندياً يفهم الوطن بأنه الحكومة أو أصحاب القرار..

ويمكن أن يكون رجل دينٍ مهنته التحريض وزرع الكراهية بين الإنسان وأخيه الإنسان..


ويمكن أن يكون قراؤكَ “المگاريد” الذين لم يبقَ من نقائهم شيء بعد سنواتٍ من زرع الكراهية في عقولهم فصاروا لا يعرفون من الوطن غير الحقد على الأخر..

هل تذكر -يا صديقي- قصيدتك “رؤيا في عام 1956” من حسنِ حظك أن العراقيين اليوم يخيم عليهم الجهل، وأنهم لا يقرؤون إلا كتب الكراهية، وإلا لهدموا تمثالك وهم يقرأون "عشتار على ساق الشجرة / صلبوها دقوا مسمارا / في بيت الميلاد -الرّحم / عشتار بحفصة مستترة / تدعى لتسوق الأمطارا / تدعى لتساق إلى العدم” سيحاكمونك لأنك -وأنت ابن البصرة- كتبت اسم “حفصة” في قصيدتِك.. وسيمطرونك باللعنات لأنك تعاطفت مع أهل الموصل.. ففي ثقافتهم لا يجوز التعاطف مع الأخر.. أما العراقُ فلا عراق..
* * *
أحس بحاجة ملحة أن أبتهل إلى الربة “أنانا”، أحتاج إلى البكاء معها على تموز القتيل، أريد أن أرافقها في رحلتها إلى العالم الأسفل. يقولون إن الأرض ذبلت لما رحلت أنانا إلى العالم الأسفل.. وقد عادت الحياة عندما رجعت.. ربما هذا هو تفسير ما حدث في العراق، فقد ذبلت فيه الحياة منذ أن قتلوا “أنانا” واستبدلوها برب الصحراء الدموي..

تُرى هل سيغفر لي أخوتي في الوطن لو علموا أني لا أؤمن بغير آلهة العراق؟ وهل سيسامحونني لو علموا أني كفرتُ بزعيم المافيا القادم إلينا من تخوم الصحراء؟ ولكن كيف يمكنهم أن يدركوا كنه “أنانا” أو “عشتار” وهم لم يرضعوا إلى الحقد والكراهية، ولا يعرفون من الإلوهية إلا الصورة الرعوية الموغلة بالبغضاء؟

هل تراهم سيفهمون أشعار “إنخيدوانا” أم يدركوا عظمة بلاد النهرين وهم لا يعرفون إلا حروب الطوائف؟

هل تراهم سيتراقصون طرباً على مطلع ملحمة گلگمش “هو الذي رأى كل شيء فغني بذكرهِ يا بلادي” أم سيستنكرون هذا الكلام على اعتبار أن ربهم المستورد يكره الغناء ولا يحب إلا الدماء؟!

أه يا أنانا كم نحتاجكِ الأن..



#محمد_حسام_الرشدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُغيبون
- وداعاً يا غابيتو
- بعد عشرة سنواتٍ من الفشل الدولة المدنية هي البديل
- الإسلاميين والعلمانيين ومستقبل العراق السياسي
- فاوست يبيع نفسه من جديد..
- يوتيوبيا حمودي
- الغريب: نبيٌ وملعون


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسام الرشدي - هذيان عراقي