أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - اكرم هواس - مريم السودانية....شهيدة ...الاختيار...؟؟؟!!!















المزيد.....

مريم السودانية....شهيدة ...الاختيار...؟؟؟!!!


اكرم هواس

الحوار المتمدن-العدد: 4469 - 2014 / 5 / 31 - 22:40
المحور: حقوق الانسان
    



قبل كل شيء لابد من الإشارة الى ان هناك لغطا شديدا حول هذه السيدة السودانية ... او ربما السعودية ... و تحولها الى الديانة المسيحية و تركها الاسلام ... او عودتها الى المسيحية بعد تحولها في فترة سابقة الى الاسلام ... او شيء من هذا و شيء من ذاك ... او ربما شيء اخر مختلف... المهم اننا في المقالة لا نبحث في أصل هذه الأخبار و الادعاءات و الادعاءات المقابلة .... و إنما نركز على قضية مبدئية و هي قضية حرية الاختيار و الإيمان...

استعير مقاربة "شهيدة الاختيار" من احدى مقالات مصطفى لطفي المنفلوطي في كتابه المشهور " العبرات" الذي كنت قرأته قبل عقود و لكنه ما يزال يحضر في ذاكرتي.. المقالة كانت بعنوان "قتيلة الجوع"... و المقاربة تستند الى فكرة ان القتيل او المقتول بلا ذنب يعتبر شهيدا في كل الأديان و الثقافية بغض النظر عن التسمية....و مع احترامي لخصوصية مفهوم الشهيد في الاسلام فان ما يهمني هنا ليس توزيع وثائق "شهادة" او " شهيد / شهيدة" فأنا لست في معرض الدخول في عرض مفاهيم تحتاج الى مناقشات طويلة و تدخل فيها عناصر كثيرة لا يمكن استحضارها في مقالة...

ما اريد ان أطرحه هو اشكالية حقيقة تتعلق بكل ما يمت الى المجتمع من صلة... كل ما يمكن ان نستحضره في هذه اللحظة التاريخية حيث الانتخابات تجري هنا و هناك و الجميع مدعوون للاختيار و التغيير.. و هناك ثورات.. و حرية الاختيار و التغيير تشكل احد أهم مرتكزاتها السياسية و الاخلاقية... و هناك مئات بل الألف من منظمات المجتمع و المدافعة عن الحقوق و حقوق الانسان التي يشكل فيها حق الاختيار أيضاً مبدأ أساسيا ... او... المبدأ الأساسي ...

و السودان ليس بعيدا هذا الصخب الهائل لأصوات المنادين بحقوق الانسان و حق المراة... و رغم ذلك يصدر حكم بإعدام امرأة ... ليس لأي شيء اخر... سوى انها " تجرأت" على الاختيار.. نعم اختيار شيء لا يمكن لأي كائن على الارض ان يختار عنها ذلك... انه اختيار يتعلق بالإيمان ... لان الإيمان ليس شيئا قياسيا و ليس شيئا ماديا... و لا شيئا يمكن تنظيمه بقانون و لا شيئا يباع او يشترى...

الإيمان هو القياس الاول لحرية الاختيار و كل مظاهر الاختيار الاخرى يترتب على هذا النوع من الاختيار سواء يتعلق بأمور بسيطة مثل المأكل و المشرب... او اللباس و السفر.. او الامور الكثر تعقيدا مثل الاختيار السياسي لحزب او جماعة ... او حب شخص او وطن... او... الخ... كل هذا يبدأ بالإيمان ... و هذا الإيمان عندما يحصل فلا يعرف به احد غير الشخص نفسه و الله..

هذا الاختيار الابتدائي الأولي مارسته هذه المراة في السودان.. و حكمت بالإعدام لانها مارست حقها في اختيار طريق الوصول الى الله.. و الغريب انها اختارت طريق نبي من اقرب الأنبياء الى نبي الاسلام تاريخا و منهجا... بل الأغرب ان القرآن ينص على المسلم لابد يؤمن بكل الأنبياء و الرسل و رسالاتهم السماوية بدون تفريق...

لا أشك بان المسؤولين في السودان مطلعون بشكل كبير على آيات القرآن لكن من حقنا ان نتساءل هنا... هل يضمن الرئيس عمر البشير و كل الرجال المحترمون حوله... ان ما يدور في قلب كل سوداني مسلم هو بالضبط ما تعتقده سلطات الدولة ام يمكن ان يفكر هذا الشخص او ذاك بشكل مختلف و بتفسير مختلف ...؟؟؟... اذا كان الامر كذلك فلماذا لم يقل الدين عن ان شيوخ العشائر او الملوك او الرؤساء و غيرهم من السلطات يمكن ان ينوبو عن شعوبهم يوم القيامة... ؟؟... لماذا يظل امر الحساب و الكتاب متعلقاً بكل شخص دون أهله و اخوانه و والديه... الخ.. كما يؤكد القرآن...؟؟..

الامر الاخر... الذي يشكل أهمية كبرى في نشر الاسلام الذي يشكر الكثيرون رب العالمين عليه.. و هو... ماذا لو قررت سلطات الدول الاخرى الحكم بإعدام كل من يدخل الاسلام...؟؟.. نعم مبدئيا يمكن ذلك... فقضية الردة التي يستخدمها البعض حجة أخلاقية و دينية لمنع المسلمين من اختيار دين اخر.... هو نظام اجتماعي قديم جداً و مارسته الكثير من المجتمعات تحت تسميات و أعذار مختلفة لكن الهدف الأساسي ظل الحفاظ على وحدة المجتمع و هذه فكرة قبلية انعزالية قديمة قدم التكوينات الاجتماعية البدائية لكنها ظلت أساسا للبناء الاجتماعي و المجتمعي حتى في ظل الديانات السماوية نتيجة تسلط القوى التقليدية التي كانت تحارب التغيير ... و التاريخ يعلمنا كيف ان العديد من الأنبياء و آخرهم السيد المسيح قتلوا لأنهم كانوا يدعون الى التحرر من الانعزالية و التقوقع ... و تاريخ الاسلام هو أيضاً خير دليل على ذلك حيث جرت محاولات حثيثة و دائمة لقتل النبي محمد و قتل كل من انتمى الى الاسلام...

في هذا الصدد أيضاً هناك قضية يتغاضى عنها... و هي ان موجات المنتمين الى الاسلام والتي بدأت منذ ظهور الاول للإسلام و حتى اليوم ... و نحن نتحدث هنا عن مئات الآلاف من الناس تطورت أعدادهم شيئا فشيئا الى ملايين... كل هؤلاء يعتبرون خارجيين عن دياناتهم السابقة و عن ثقافاتهم التاريخية ... فهل سيتقبل رجال الدين الاسلامي ان يحكم على هؤلاء بالإعدام لأنهم يعتبرون فعلا مرتدين و خارجين عن الدين و خونة وفق قوانين تلك المجتمعات ..؟؟...


الان... السؤال المهم هو... هل يجب احترام قواعد اللعبة...حرية الاختيار العقيدي او الديني التي أفادت المسلمين اكثر بكثر مما أفاد اتباع الديانات الاخرى... ام يجب دفع المجتمعات الاخرى الى فرض قوانين صارمة ضد اي تغيير للدين و خاصة منع دخول الاسلام ...؟؟؟...

لا ادري ان كان الرئيس عمر البشير او احد مساعديه يقرأ هذه المقالة لكن أتمنى في الأحوال التفكير بشكل أوسع حول تأثير هذه الممارسات ... إعدام امرأة ....التي تبدو صغيرة لكنها رسائل خطيرة جداً يمكن ان تستثمرها قوى يمينية متطرفة تحقق انتصارات سياسية كبيرة هذه الأيام في الغرب... و كذلك يمكن ان تستثمرها المجموعات الغاضبة هنا و هناك في السودان و العالم الاسلامي و النتيجة هي تفكيك المجتمعات التي تعاني أساسا من هشاشة التركيب و التنظيم...

اذا كان الرئيس البشير و رجاله المحترمون يخشون مما سيحصل يوم القيامة فلا بئس ان يطمئنوا ان الحاكم لا يحاسب على ما في قلوب الناس ... بل يحاسب على بطونهم الخاوية اي الفقر و الجوع و كذلك على معاناتهم في السجون و مع المرض... هكذا قال الأولون...

اخيرا...أرجو ان ينتبه الجميع... فالمرأة اسمها مريم... و هذا اسم واحدة من أطول السور في القرآن و أكثرها دعوة الى الرحمة و قبول الاخر... فهل يمكن ان يستخدم جزء من القرآن لإدانة الجزء الاخر...؟؟؟..



#اكرم_هواس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوتين... و .. - وا معتصماه-... اوكرانيا..
- التغيير... حلم كاذب...؟؟..!!!..
- الفيليون و مفهوم الجينوسايد القانوني...
- جينوسايد قانوني ...؟؟!!..
- المرأة و اشكالية إلانا السياسية....
- دولة المنتصرين...1
- العسكر و الديمقراطية...
- السلطان والانتخابات ... لعبة دموية..؟؟!!..
- مانديلا ... و الدرس الواقعي..
- الشعب يريد بناء الوطن...
- حوار.. لحظة وداع..
- اشكالية المفاهيم المؤسسة للثقافة العراقية..
- المؤتمر القومي الكوردي...2
- تونس... التي كانت خضراء..
- الأفيون و المثقف ...مرة أخرى ..
- المفاهيم ... أفيون المثقفين...؟؟!!..
- المؤتمر القومي الكردي...1
- الوهم العظيم...
- الكون و الكونية و بينهما العشق..
- الانقلاب ....نموذج ديمقراطي جديد..؟؟..


المزيد.....




- الأونروا: لن نتمكن من إيصال المواد الغذائية لأهل غزة غدا بسب ...
- ماسك: انتخابات 2024 قد تكون الأخيرة بالنسبة للأمريكيين بسبب ...
- نادي الأسير: اعتقال 25 فلسطينيا في الضفة بينهم أسرى سابقون
- السعودية تدين اعتداء مستوطنين إسرائيليين على مقر الأونروا في ...
- التصويت على عضوية كاملة لفلسطين بالأمم المتحدة غدا
- كنعاني: من المعيب ممارسة التهديد والضغط ضد المحكمة الجنائية ...
- هيومن رايتس تتهم الدعم السريع بارتكاب -تطهير عرقي- في غرب دا ...
- 80 منظمة حقوقية تدعو للإفراج عن الناشط المصري محمد عادل
- السودان: هيومن رايتس تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب -إبادة- ...
- الأمم المتحدة: 360 ألف مبنى في غزة تعرض لأضرار


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - اكرم هواس - مريم السودانية....شهيدة ...الاختيار...؟؟؟!!!