أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - يونس أوراغ - قراءة في كتاب طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد لعبد الرحمان الكواكبي 2/4















المزيد.....

قراءة في كتاب طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد لعبد الرحمان الكواكبي 2/4


يونس أوراغ

الحوار المتمدن-العدد: 4450 - 2014 / 5 / 11 - 01:37
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


قراءة في كتاب طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد لعبد الرحمان الكواكبي 2/4
الاستبداد و العلم
بعد حديث مفصل من الكاتب عن أوالية حضور الدين 1 كداعم و مؤسس لاستبداد و تغلب و تسلط, ينتقل في حديثه إلى ركيزة أخرى يعتبرها مهمة و هي ركيزة العلم التي يعدها المستبد مطية توصله لما يبغيه و يرتضيه من تجبر و ظلم للعباد. إن المستبد مهما بلغ من الغباء ما بلغ فلا تخفى عليه حقيقة مفادها أن حمق الرعية و تخبطها في ظلامه و جهل و تيه, ضامن للامتثال و الطاعة العمياء التي تقود للاستعباد و الاعتساف. إن العلم قبس من نور الله, و قد خلق الله النور كشافا مبصرا, موضحا و مبينا لما يعتري الأشياء من غموض و غبش قد يستعصي بل يستحيل على الأعمى و السائل في ظلمة الجهل أن يستوضح و يستبين طريقه. و قد ركز العلي القدير في أول خطابه لرسوله الكريم على أهمية العلم عبر دعوته للقراءة, و كأها دعوة ربانية لتحرير طاقة العقل من أي سطوة بشرية, و قد جعل الله عز و جل من التفكر و التأمل و العلم مسلكا مباشرا يوصل صاحبه لمعرفة الله بمعرفة ملكوته معرفة حقة. بل ان من الفلاسفة المسلمين كالرازي أبي بكر لرحمه الله من جعل من الحكمة و أعني بها هنا التفكر و التدبر في ملكوت الله و خلقه و في الطبيعة بعقل نافذ, جعل منها منزلة من منازل النبوة و هذا لوعيه بما أسلفنا ذكره من حضور طاغ للعلم و من اعلاء لشأن العلماء في النص القرءاني.
غير أن المقلب لنظره ي مأل حال العلم و العلماء زمن الاستبداد يقف على حقيقة مفادها أنه بين العلم و الاستبداد حرب دائمة و طراد مستمر. قد يسائلني القارئ _ و السؤال هنا له شرعية الطرح _ كيف للكواكبي الحديث عن علاقة الحرب الدائمة و الصراع المستديم بين الاستبداد و السياسي من جهة و العلم و العلماء من جهة أخرى, و نحن الذين علمنا أن تاريخ الأمة الاسلامية لا يخلو من لحظات بل فترات قائمة بذاتها من الاشعاع العلمي الذي عم جميع أصقاع البسيطة؟
أجيب بما أورد الكواكبي نفسه, اذ أوضح أن فرائص المستبد ترتعد من علوم الحياة مثل الحكمة النظرية, و الفلسفة العقلية و حقوق الأمم و طبائع الاجتماع و نحو ذالك من العلوم التي تكبر النفوس و توسع العقول و تعرف الانسان بحقوقه و كم هو مغبون فيها, و كيف الطلب, و كيف السؤال و كيف الحفظ. و ما أخوف ما يخاف المستبد من أصحاب هذه العلوم المندفعين منهم لتعليم الناس بالخطابة أو الكتابة و هو المعبر عنهم في القرءان بالصالحين و المصلحين في نحو قوله تعالى" أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " و في قوله " و ما كنا لنهلك أم القرى و أهلها مصلحون ".
ان قول الكواكبي لواضح في أن الاستبداد لا يركن لظاهر قول عم و أضحى كالضحك على الذقون, و هو الادعاء بحجية العلم و اواليته, و ضرورة النهل من العلوم و تثقيف الرعية و حرص الراعي على ذالك, حرص الأب على تلقين الابن فضائل العلم و منافع المعرفة. غير أن ما ذهبنا له أو ما ذهب اليه صاحب الكتب من أمر خصام و صراع المستبد للعلم, قد يفهم في غير محله لذا وجب تبيان أمر مفاده أن المستبد يعني بالعلم الذي يقرب أصحابه لمجلسه فيجعلهم أهل حله و عقده, ذاك العلم الذي لا يرفع غباوة و لا يزل غشاوة و انما يتلهى به المتهوسون للعمل حتى اذا ضاع فيه عمرهم و امتلأت به أدمغتهم, و أخذ منهم الغرور ما أخذ, فصاروا لا يرون علما غير علمهم, فحينئذ يأمن منهم كما يؤمن شر السكران اذا خمر. انه العلم الذي يحصر الرؤية في بوتقة أو شرنقة الدين كما يفهمه أهل حل و عقد المستبد.
و قد كان تاريخنا تاريخ حضور طاغ لتقسي حكم و أثث مشهدنا المجتمعي, هو تقسي العامة الخاصة و خاصة الخاصة حتى التي عمت جل المجالات و طاغت و سادت في عديد المدارات, فوجدنا عامة و خاصة و خاصة خاصة في أمور الناس المالية و الدينية و العلمية و السياسية و غيرها, حتى بات العامي يدري بغير فهم أنه محكوم بتراتبية هي عنده بمنزلة القضاء و القدر الرباني و القسمة من الله, كما أخبره و علمه الفقيه و العالم و السائس المحابي للمستبد. حتى صار العامي و هو المستبد الصغير كما أسماه الكواكبي متيقنا من لا جدوى العلم, بل اعتبره و لا زال مضيعة للوقت و الجهد و حجة من من الضعف و الهوان يشكو.
ان العلم لا يناسب صغار المستبدين أيضا كخدمة الأديان المتكبرين و كالأباء و الجهلاء و الأزواج الحمقاء, و كرؤساء كل الجمعيات الضعيفة, و الحاصل أنه ما انتشر نور العلم في أمة قط الا و انكسرت فيها قيود الأسر, و ساء مصير المستبدين من رؤساء سياسة أو رؤساء دين.
الاستبداد و المجد
من الحكم البالغة للمتأخرين قولهم" الاستبداد أصل لكل فساد ", اذ الاستبداد شجرة فروعها و أغصانها شيم و أخلاق تغلب الشر و التجبر, و تجعل منه أصل التعامل و مبلغ الحذقة و الذكاء.
من سمات الاستبداد أن يفرغ القيم من معانيها, فيخط ما يبغيه من معان جديدة مجانبة للحقيقة و للعقل , فيصير المجد تمجدا و شتان ما بين الأول و الثاني. ان المجد هو احراز المرء مقام حب و احترام في القلوب, و هو اما مجد كرام يتم ببذل مال للنفع العام أو مجد فضيلة و هو بذل علم نافع و مجد نبالة و هو بذل النفس و المشقة, بينما التمجد أن يصير المرء مستبدا صغيرا في كنف مستبد أعظم فينهل المتمجد من طبع الكبير فيصير اللؤم شرعة و الكرم مذمة, حتى يكون الوزير الأعظم ذو الطبع اللئيم مقربا و الكريم ممتهنا مبعدا حتى ينقطع دابره من أمر الحكم. و بوصف أجلى هو أن يتقلد الرجل سيفا من قبل الجبار يبرهن به على أنه جلاد في دولة الاستبداد, أو يغلق على صدره وساما مشعرا بما وراءه من الوجدان المستبيح للعدوان أو يتزين بسيور مزركشة يرى معها رؤوسا قد أسنعت و حان الوقت لقطفها كما صاح ابن يوسف الثقفي و دوت صرخته عبر أزمنة و أمكنس الاستبداد و كانت لسان حال كل متجبر أثم.
و حتى و ا نبدى لوم للمستبد في حكومة الاستبداد من رفاق الوفاق فهو لا يعدو أن يكون حنقا على المستبد لأنه بخس ذالك اللائم حقه, اذ قدم عليه من هو دونه في خدمته و لتضحيته في سبيله. اذا نحن أمام قانون يجعل اللوم أو ما يسمى اليوم بالنقد, ستار خشبة كواليسها توزيع الأدوار و ترتيب المشاهد و شد للهمم على ضرورة الصدق في أداء الدور, حتى تنطلي على المشاهد التمثيلية فيصيح مهللا و مكبرا و مشيدا بحنكة الممثل و براعته و بابداع المؤلف و خياله و بتمكن المخرج و ذكائه.
ثم يكمل الكواكبي حديثه بذكر لحالتين مهمتين, ممن يتمجدون زمن الاستبداد بنهجهم سلوك الشر و التجبر, الحالة الأولى سماها العسكرية في نظم الاستبداد فهي مدعاة فخر في نظر العوام, و يزكي هذا القول تهليل المستبد بشمائل العسكر و هم الذين يصيرون مدعاة للشر و التجبر و ظلم العباد 2 , اضافة احالة المتعاظمين باسم الدين الذين نصبوا أنفسهم صمامات أمان المستبد, قائلين و مرددين " اللهم انصر سلطاننا, و أمنا في اوطاننا, و اكشف عنا البلاء أنت حسبنا و نعم الوكيل" و كأني أستمع لما يجول في خلدهم و هو يكتمون قولا اخر " اللهم انصرنا و قو كذبنا و تلفيقنا, و أمنا في مقاماتنا و كراسينا, و اكشف عنا بلاء من يبغي بنا صلاحا و يبغي بالعامة رحمة و نورا أنت حسبنا و نعم الوكيل".
وقد صدق الكواكبي اذ ختم حديثه عن المتملقين بقوله " و النتيجة أن المستبد فرد عاجز لا حول له و لا قوة الا بالمتمجدين, و الأمة, أي أمة كانت, لسي لها من يحك جلدها غير ظفرها, و لا يقودها الا العقلاء بالتنوير و الاهداء و الثبات, حتى اذا ما اكفهرت سماء لقول بنيها قيض الله لها من جمعهم الكبير افرادا كبار النفوس قادة أبرار يشترون لها السعادة بشقائهم و الحياة بموتهم, حيث يكون الله جعل في ذالك لذتهم و لمثل تلك الشهادة الشريفة خلقهم كما خلق رجال الاستبداد فساقا فجارا مهالكهم الشهوات و المثالب" و هذا القول و الله لهو التفسير و الفهم الحق لقول الله تعالى"لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
فسبحان الذي يختار من يشاء لما يشاء و هو الخلاق العظيم.
هوامش
1 _ المقصود هنا, هو الفهومات او القراءات العديدة للدين و لنصوصه المؤسسة كانت قرءانا أو سنة.
2 _ و كأن الكواكبي بتحليله هذا معلصر لمأل الحال من تدخل للعسكرية زمن الاستبداد في شؤون الحكم مما يجعلها تعيث فسادا في العباد مسوغة فعلها بادعاء حماية الوطن.



#يونس_أوراغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد لعبد الرحمان ...
- المشترك بين الانسان


المزيد.....




- القضاء التونسي يصدر حكمه في جريمة قتل بشعة هزت البلاد عام 20 ...
- -بمنتهى الحزم-.. فرنسا تدين الهجوم على قافلة للصليب الأحمر ف ...
- خلافات بسبب تعيين قادة بالجيش الإسرائيلي
- تواصل الحراك الطلابي بعدة جامعات أمريكية
- هنغاريا: حضور عسكريي الناتو في أوكرانيا سيكون تخطيا للخطوط ا ...
- تركيا تعلق معاملاتها التجارية مع إسرائيل
- أويغور فرنسا يعتبرون زيارة الرئيس الصيني لباريس -صفعة- لهم
- البنتاغون يخصص 23.5 مليون دولار لشراء أسلحة لكييف ضد أجهزة ا ...
- وزارة العدل الأمريكية تتهم سيناتورا من حزب بايدن بتلقي رشوة ...
- صحيفة ألمانية تتحدث عن سلاح روسي جديد -فريد ومرعب-


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - يونس أوراغ - قراءة في كتاب طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد لعبد الرحمان الكواكبي 2/4