أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالخالق حسين - الفن في خدمة الشعوب الفقيرة















المزيد.....

الفن في خدمة الشعوب الفقيرة


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1248 - 2005 / 7 / 4 - 11:02
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


أعتقد أن أحد الأسباب لتخلف الشعوب الإسلامية هو موقف الإسلام والمسلمين المناوئ للفن، وخاصة فن الغناء والموسيقى، وبالأخص في هذا الزمن، زمن التكفير والإرهاب الإسلامي وإلغاء الآخر المختلف. في الغرب "الكافر" يلعب الفن دوراً كبيراً في توجيه الشعوب نحو الأفضل والتأثير عليها في تهذيب النفوس والأذواق وإثارة النزعات الإنسانية ونشر روح التضامن والإخاء بين البشر والتعاطف مع الشعوب الفقيرة ومساعدتها للخروج من محنتها وسلاحاً للضغط على الحكومات.

فبمناسبة عقد مؤتمر قمة الدول الصناعية الغنية الثمانية الكبرى (G8) في أدنبرة/اسكوتلاندا هذا الأسبوع، واستلام توني بلير، رئيس الحكومة البريطانية، رئاسة هذه المجموعة، قام السير بوب غلدوف، المغني الأيرلندي المعروف، بحملة واسعة وبدعم من توني بلير ووسائل الإعلام البريطاني والعالمي، بتنظيم أكبر مهرجانات موسيقية غنائية (لايف 8)، في عدد من دول العالم، أميركا، بريطانيا، كندا، إيطاليا، ألمانيا، جمهورية جنوب أفريقيا، اليابان، روسيا.. وغيرها، حضرها أكثر من مليون إنسان، شارك فيها مئات المغنين والموسيقيين العالميين المشهورين، وقد سخر لها الألوف من المنظمين الإداريين، ونقتلها عشرات الفضائيات التلفزيونية إلى ثلاثة مليار مشاهد في المعمورة. ففي حديقة هايد بارك في لندن وحدها حضر أكثر من مائتي ألف، إضافة إلى تنظيم مسيرات جماهيرية واسعة من مائة ألف نسمة في أدنبرة، حيث يقام مؤتمر القمة بعد أيام. الغاية من كل ذلك جلب انتباه العالم إلى محنة الشعوب الأفريقية الفقيرة، ورفع وعي الجماهير الواسعة ومشاركتها في معالجة مشكلة الفقر في العالم. كذلك لفرض الضغوط على قادة الدول الصناعة الكبرى لتقديم المزيد من المساعدات المالية الكبيرة إلى هذه الشعوب وشعارها "لنجعل الفقر جزءً من الماضي".
وفعلاً، حققت حملة الفنانين هذه فوائد كبيرة لا ينكرها إلا أصحاب الكهوف من أعداء البشرية من الذين لا يعرفون في الدنيا سوى نشر ثقافة الموت بين الشباب المسلمين، لقتل الأبرياء بتفجير أنفسهم كأقصر طريق لهم إلى الجنة. فمن ثمار هذه المهرجانات الموسيقية-الغنائية، التآخي بين الشعوب وحملة إعلامية ضخمة لتعريف العالم بمعاناة الشعوب الأفريقية الفقيرة وكسب عطف العالم لها. إضافة إلى بث روح التقارب بين الشعوب وتخفيف حدة النزعات الفاشية والعنصرية والشوفينية المقيتة وتقوية أواصر المحبة والتآخي بينها في عهد العولمة، حيث صارت المعمورة كلها عبارة عن قرية عالمية واحدة وبذلك تحققت نبوءة أج جي ويلش الذي قال: (ليكن العالم قومنا والدنيا قريتنا الكبرى). وهكذا صارت مشكلة أي بلد مشكل كل العالم. كما وظهر الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان على خشبة المسرح في هايدبارك وقال للجمهور "أنتم الامم المتحدة"، وقدم له الشكر نيابة عن الفقراء ومن لا صوت لهم. هذا هو تثمين العالم المتحضر للفن.
ونتيجة لهذه الحملة والضغوط الجماهيرية الواسعة على القادة الكبار، بوش وبلير، تعهد الرئيس بوش بمضاعفة مساهمة أمريكا المالية لدعم الشعوب الأفريقية الفقيرة. كذلك وافقت أمريكا وبريطانيا والدول الغنية الأخرى على إلغاء كافة ديونها على هذه الشعوب والبالغة أربعين مليار دولار ومواصلة دعمها لها بعشرات المليارات خلال السنوات المقبلة.

هذا ما يقدمه الغرب "الكافر" والرأسمالية "المتوحشة" والفن والفنانون للشعوب الفقيرة، فماذا قدمت الدول الإسلامية لمساعدة الشعوب الفقيرة من أجل خلاصها من الفقر، سواءً في أفريقيا أو غيرها؟ في الحقيقة إن الذي قدمته الدول الإسلامية وبالأخص العربية منها هو الإرهاب ونشر ثقافة الموت وحث الشباب العربي المسلم على قتل الأبرياء وتحقير الحياة وتمجيد الموت وتكفير غير المسلمين والإفتاء بوجوب قتلهم واعتبار محاربتهم جهاداً يقرب إلى الله. لقد أفتى حسن الترابي، أحد فقهاء الإرهاب عندما كان في السلطة في الخرطوم قائلاً: " نعم للإرهاب، وهل هناك أكثر قربى إلى الله من إرهاب أعدائه؟". لقد العرب للعالم الكثير، قدموا مجازر 11 سبتمبر في نيويورك و11 آذار في مدريد، كذلك في بالي، ناهيك عن المجازر الجارية في العراق والجزائر وغيرها. يقدم الغرب الفنانين الذين يروجون للمحبة والسلام، والعرب يقدمون للعالم فقاء الموت من أمثال القرضاوي والغنوشي وأيمن الظواهري و"الشيخ" بن لادن والزرقاوي والاستنبولي وغيرهم من الوحوش الآدمية المدمنة على نشر الموت الزؤام. فدولة الطالبان الإسلامية في أفغانستان دشنت أعمالها بتفجير تماثيل بوذا التي حافظ عليها حتى في عهد الخلافة الإسلامية. أما الإرهاب في العراق فلم يسلم منه حتى ملوية سامراء التاريخية رغم أنها من الآثار الإسلامية العزيزة على البشرية كلها، فأي وحوش تنجب لنا ثقافتنا العربية-الإسلامية؟

والسؤال هو: لماذا هذا العداء المستفحل من قبل الإسلامويين ضد الفن والحط من مكانة الفنانين وفي نفس الوقت يمجدون الإرهاب ويسمونه جهاداً في سبيل الله؟ إن فقهاء الإسلام يحرمون الفنون بكافة أشكالها، الموسيقى والغناء والرسم والنحت والمسرح ...الخ. فرغم أنهم يمجدون الماضي ويطالبون الشعوب الإسلامية بالعودة إليه وترك الحاضر وعدم التفكير بالمستقبل، ولكننا عندما نراجع هذا الماضي نرى خيرة الفلاسفة والمفكرين العرب والمسلمين الكبار كانوا فنانين بارزين في الموسيقى والغناء وفي مقدمة هؤلاء، الكندي والرازي وابن سينا والفارابي وبن باجة وزرياب وابراهيم الموصلي وابنه إسحاق الموصلي، والشاعر العملاق صفي الدين الحلي والحسن بن أحمد بن علي الكاتب وصفي الدين الأرموي وغيرهم كثيرون. إذ يقول الباحث الدكتور حسين علي محفوظ عن هؤلاء أنهم تركوا: ".. مختلف الكتب في النغم والإيقاع، وصناعة التأليف والأقاويل العددية والأغاني وأخبار المغنين واللهو والملاهي والمصوتات .. وأسرار الغناء وأدب الغناء، وهي أهم الآثار في علم الموسيقى وأولئك هم أعمدة العلم وأركان الفنون.." (حضارة العراق، ج11، ص270). فإذا كان هكذا الإسلام في أوائله، فلماذا كل هذا العداء للفن في هذا الزمن الأغبر؟

من هنا يتضح لنا بجلاء أن هناك علاقة جدلية وتناسب طردي بين الفن والتطور الاجتماعي. فكلما تطور المجتمع على شأن الفن والفانين. وكلما كان المجتمع منحطاً ومتخلفاً كما حال المجتمعات العربية والإسلامية الآن، حورب الفن والفنانون وتصاعدت موجة الإرهاب وارتفعت مكانة الدجالين والمشعوذين من فقهاء الموت. ففي الغرب المتحضر المتطور، للفن والفنانين مكانة مرموقة في المجتمع متوازياً مع تطور هذه الشعوب، لذلك نرى أغلب الناس هنا يقدسون الفن والفنانين، ويعيشون بأمان وسلام ويستخدمون الفن لإسعاد البشر ولمساعدة الشعوب المبتلية بالفقر. فمتى ينتبه العرب والمسلمون إلى أنفسهم ويحترموا العقل الذي هو مصدر العلوم والآداب والفنون الجميلة، ليعشوا ويسمحوا لغيرهم أن يعيشوا بسلام؟



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب السني والإرهاب الشيعي
- البعث السوري على خطى توأمه العراقي
- هل للعقل دور في اختيار الحلول الصائبة؟
- قراءة في بيان، ليبراليون عرب: صرخة ضد التبسيط
- لا يمكن-تطهير- كتب التراث..... تعقيباً على الأستاذ أشرف عبدا ...
- ملاحظات حول الدستور الدائم
- الماركسية وأفق البديل الاشتراكي
- الدكتاتور عارياً!!
- انتصار المرأة الكويتية ترسيخ للديمقراطية
- أزمة قوى التيار الديمقراطي في العراق
- مخاطر الحرية المنفلتة
- شاكر الدجيلي ضحية القرصنة السورية
- الفتنة أشد من القتل... تضامناً مع العفيف الأخضر
- تحليل نتائج الانتخابات البريطانية الأخيرة
- حكومة الوحدة الوطنية وإشكالية المحاصصة
- فوز بلير التاريخي انتصار للديمقراطية
- المحاصصة شر لا بد منه!!
- حملة الانتخابات البريطانية والقضية العراقية
- محنة العراق وبن سبأ الإيراني
- فتنة المدائن صناعة بعثية


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالخالق حسين - الفن في خدمة الشعوب الفقيرة