أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي بشار بكر اغوان - المتغيرات الجيوبولتيكية العالمية و اثرها على الوحدات التحليلية : الفرد ، الدولة ، النظام الدولي















المزيد.....


المتغيرات الجيوبولتيكية العالمية و اثرها على الوحدات التحليلية : الفرد ، الدولة ، النظام الدولي


علي بشار بكر اغوان

الحوار المتمدن-العدد: 4360 - 2014 / 2 / 9 - 18:01
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


تنتاب العالم ومنذ فترة ليست بقصيرة ، كثير من التطورات والتحولات في شتى حقول ومجالات الحياة. وأصبحت البشرية بأسرها تعيش مرحلة انتقالية لم يعد يدرك متى ستنتهي ولا حتى متى كانت بدايتها الاولى اضافةً الى حدوث منعطفاً استراتيجياً عميقاً له تداعياته السلبية والإيجابية العديدة ، وقد أصبحت البيئة الدولية أكثر حركية وتفاعلاً فى ظل النظام الدولي المعاصر وأصبح حجم التعاون بين الدول كبيراً فى شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والفكرية والعلمية والثقافية , ولكن نجد أن النظام الدولي المعاصر أنتج نوع من التداخل والتشابك فى المصالح القومية للدول ترتب عليه تطور فى التفاعلات السياسية الدولية أصبحت فيه قدرات النظام الدولي المعاصر تتجاوز سيادة الدول على حدود إقليمها ويهدد مصالحها و أمنها القومي و مركزها الإستراتيجي وكيانها الإقليمي وأوضاعها الاقتصادية والسياسية والثقافية والأمنية نتيجة لمحاولة هيمنته على كل أقاليم العالم بغرض فرض أيدلوجيته وأنماط حياته على شعوب العالم الأخرى .
فقد شهد النظام الدولي تحولات جوهرية دراماتيكية كبيرة منذ تفكك الاتحاد السوفيتي بداية عام 1989 حتى الإعلان النهائي للانتصار الرأسمالي عام 1991 و تبوء الولايات المتحدة مكانتها كقطب أوحد على هرم الهيكلية الدولية حتى عام 2007 حين حدثت الأزمة المالية و شوهت معالم النظام الدولي ، سيما بعد تراجع دور الولايات المتحدة مقابل إعطاء مساحات جديدة للعمل الدولي لكل طرف قادر على تحمل المسؤولية ، وهذا الامر يحسبه البعض دليل ضعف على الولايات المتحدة و يسوقه الآخرين على انه تكتيك استراتيجي لإعادة ترتيب الأولويات ، على هذا النحو بدأت تظهر للعيان مقاربات جديدة و بزوغ مصطلحات تم التركيز عليها كمفتاح للنظام الدولي الجديد ، كان ابرزها هو ما تم الترويج له أمريكيا كالعولمة و الديمقراطية و حقوق الإنسان و حق تقرير المصير و العقوبات الاقتصادية بصورة مغايرة لما كانت عليه ، و كان لهذه المصطلحات الجديدة اثر بارز على الفرد و الدولة و النظام الدولي ذاته وعلى ميكانزمات و تحركات هذه المتغيرات أيضا .على هذا النحو ستنقسم هذه الورقة الى محاور ثلاث رئيسة تبحث في اثر انتهاء الحرب الباردة على الفرد و الدولة و النظام الدولي و البحث في المدلولات السياسية لهذه العناصر التحليلية .

المحور الأول : الفرد

لم يكن الفرد و منذ قديم الزمان بمعزل عن المكان الذي يعيش فيه من حيث التأثير و التأثر،ومع مرور الزمان صار للفرد مساحات واسعة للحركة و إبداء الآراء فيما يتعلق في البيئة التي هو يشكل جزء منها فاعلاً و متفاعلاً فيها ، و بقدر تعلق الأمر بواقع اليوم و اثر المتغيرات الدولية على الفرد ، فقد حدثت تغييرات جوهرية في طبيعة تفاعل الفرد مع محيطه او بيئته التي هي جزء من محيطه ، و قد برز العامل التكنولوجي الذي عزز من إمكانية سلطة الفرد و جعلته يشغل مساحات واسعة سياسيا و استراتيجياً و يؤثر بشكل سلبي و ايجابي في طبيعة التفاعل ، و كما هو معلوم ان الفرد و هو شخص من أشخاص القانون الدولي العام ، فان من الطبيعي ان يكون دوره كبير لكن لا يمكن مقارنته بدور الدول و المنظمات الدولية .
و فيما يخص الطروحات ذات الصلة بالفرد في واقعنا اليوم سياسياً و أثرها على طبيعة المجتمعات و تفاعلها ، فـ على سبيل المثال لا الحصر : يمكننا ان نتلمس هذا الأثر فيما يخص الفرد في فكرة صدام الحضارات التي بزغت في عام 1993 كمقالة للمفكر الأمريكي صامؤيل هنتنكتون و من ثم برزت ككتاب في عام 1996 اخذ طريقه الى التطبيق في السياسة الخارجية الأمريكية ،وقد كان له الأثر الكبير في طبيعة الفرد و تفاعله مع بيئته وتوجهاته التي نشعر بامتداداتها الى هذا اليوم ، وقد تمت إضافة هذا العنصر من عناصر التفاعل (الفرد) الى أدبيات و تطبيقات السياسة الدولية في جانبيها النظري و التطبيقي وهذا كله أضاف الى السياسة الدولية بعداً جديداً مؤثراً في طبيعة التفاعلات .
هذه العوامل، بالإضافة إلى زيادة الحروب العرقية الأهلية ، أدت إلى تدهور الأحقية التمثيلية لبعض الدول التى تفككت بالفعل (الصومال، أفغانستان، الكونجو) وأصبح من خصائص النظام العالمى في واقع اليوم ، ظاهرة الدول المنهارة أو الفاشلة. أدى هذا التغير في وضعية الدولة إلى تغيرات هيكلية أخرى تفرض نفسها على الأجندة الدولية، فازدادت البنود المتعلقة بالسياسات الدنيا، مثل الهجرة، واللاجئين، وتجارة المخدرات، وغسل الأموال، والتحول الديمقراطي وحتى أحداث 11سبتمبر لم تؤد إلى العودة للأجندة القديمة المرتبطة بالسياسات العليا والنواحى العسكرية، بل ارتبط موضوع الإرهاب ومحاربته بالسياسات الدنيا مثل نوعية النظم السياسية التى تفرز الإرهاب. والكلام عن الربط بين الإرهاب ونوعية النظام السياسى الداخلى يجرنا منطقيا للكلام عن تغيير مفاهيمى آخر فى تحول النظام الدولى إلى النظام العالمى: ألا وهو التغير فى مفهوم السيادة للدولة على الافراد .
و اذا ما رادنا ان نسوق مثال اخر حول تأثير و تأثر الفرد في البيئة الدولية بعد في عالم اليوم فيمكننا ان نسوق مثلاً أخر يمثل احد أدوات تطبيق السياسة الخارجية في العالم و هي العولمة التي بزغت في مطلع العقد الخير من الألفية الثانية و روجت لها الولايات المتحدة على انها الأنموذج الأنضج و الأنقى و الذي يجب تطبيقه في جميع أنحاء العالم و جعل العالم قرية صغيرة يكون متفاعلاً بشكل لم تشهده البشرية من قبل ، حتى ان البعض اطلق على هذه المرحلة بمرحلة بالثورة الصناعية الثالثة التي تقوم على أساس التفاعل العلمي الفردي في عالم الاتصالات و التكنولوجيا النانوية (التكنولوجيا الصغيرة) .
و كانت فكرة الديمقراطية و حقوق الإنسان و حق تقرير المصير من الأولويات التي ركزت عليها الإدارة الأمريكية بعد انتهاء الحرب الباردة و تفكك المنظومة السوفيتية ، و أصبح الفرد هو احد أهم العناصر المستهدفة من هذه المصطلحات ، فشهد العالم حركات تحرر كثيرة و تحت شعارات الديمقراطية و الإصلاح السياسي و حق الأقليات بتقرير مصيرها بنفسها و تم تفعيل افكار جديدة كان للفرد الدور الأبرز في تكوينها و رسم معالمها ، فبعد ان كانت الدولة هي الفعال الرئيس في المحيط الداخلي و الإقليمي و العالمي ، صار للفرد مساحات واسعة يمكن عبرها ان يتحرك وفقاً لآليات الديمقراطية و العولمة و حقوق الإنسان .
و ثمة مقاربة مهمة يمكن الاستدلال عليها في عالم اليوم و التي أثرت على الفرد و أعادت توجيه افكاره في اتجاهات ثقافية إيديولوجية اخرى ، و هي فكرة الخطر الأخضر بدلاً من الخطر الأحمر رغم انها فكرة ظهرت بعد انتهاء الحرب الباردة، الا ان اثارها يمكن الاستدلال عليها الان في واقع اليوم و التي أنتجت العدو بالنسبة للإدارة الأمريكية و اختيار الإسلام كعدو جديد بعد ما كان العدو هو الإيديولوجية الشيوعية ، صارت المواجهة بين الإسلام و كل من ينتمي الى هذا الدين و بين الغرب الذي اتخذ من الإسلام عدو اني لكي يركن الى الجانب و يلتفت الى الأزمات الداخلية ، و بما ان هذه الشعوب متكونة من أفراد ، فأنه من باب اولى ان تصنف على انها من أهم المؤثرات في عالم اليوم على الفرد و الية صياغة أفكاره و تكوينها في هذه الفترة .

المحور الثاني : الدولة

لم تكن الدولة في اي وقت من الأوقات بمعزل عن التغيرات التي حدثت منذ تأسيس الدول القومية الى صعود الولايات المتحدة كقطب أوحد على عرش الهيكلية الدولية في ما بعد الحرب الباردة ، فقد تطورت الأزمات الدولية و آليات إدارتها و سبل التعامل معها مع تطور النظام الدولي و قد طفت على سطح القطبية مصطلحات جديدة لم يكن استخدامها قبل الحرب الباردة ملحوظا ، و قدر تعلق الأمر بتأثير و تأثر الدولة بالبيئة الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة و فيما يخص البعد السياسي ، فان انتفاء مفهوم سيادة الدولة و شبه إلغاء الحدود بينها (مسامية الحدود) أصبح من اهم و ابرز صفات عالم اليوم أو واقع اليوم ، و صار تأثر الدول يبعضها ملحوظ للغاية سيما في عالم الاتصالات و الأقمار الصناعية و التكنولوجيا الحديثة ناهيك عن التأثيرات الجديدة التي يمكن تلمسها في واقع اليوم الا و هي الشركات عبارة للقارات أو العابرة للقوميات و الحدود ، التي أصبح أثرها ملحوظ ولا يخفى على احد ، حتى غدت اثارها اكثر من اثار الدول نفسها على في بعض الاحيان على النظام الدولي.
وتبرز طروحات تركز على دور المجتمعات و التعامل معها على حساب تماسك الدول ، فأصبح للازمات التي تجري في البيئة الإقليمية و الدولية اثر كبير في محيط هذه بيئة و اصبح تفاعل المجتمعات اكثر من تفاعل الدول نفسها فيما بينها ، ولو ان هذه النقطة يمكن الاستدلال عليها في مرحلة ما بعد احداث 11 ايلول 2001 و تحديدا في مرحلة الربيع العربي و كيفية تأثير المجتمعات في بعضها و تفكك مفهوم الدولة السلطوية ، الا أننا يجب ان نشير الى هذه النقطة في انها بدأت مع تفكك الاتحاد السوفيتي و تحديداً في مرحلة ما بعد الحرب الباردة و ما شهده العالم و الشعوب و المجتمعات من حركات تحرر سيما تلك التي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي و استقلت بذاتها و حركات التحرر في امريكا اللاتينية ، و ما الربيع العربي الا وصول متأخر لهذه الامتدادات الشعبية التي أطاحت بمفهوم السيادة المطلقة للدول .
ففى الوقت الحاضر، تعانى الدولة من حصار من أعلى ومن حصار من أسفل ، من أعلى عن طريق ظهور واستتباب فاعلين دوليين على مستوى فوق القومى Supranational مثل الاتحاد الأوروبى و البريكس و النافتا التى تجمع الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وفى طريقها إلى الانفتاح على بعض دول أمريكا اللاتينية، وفى الواقع فإن بعض هؤلاء الفاعلين الجدد يستولون أكثر وأكثر على وظائف الدولة وحتى بالرغم من تعثر الموافقة الشعبية على الدستور الأوروبى الموحد فى دول مثل فرنسا، فإن وجود البرلمان الأوروبى عن طريق الترشيح والانتخاب المباشر وكذلك وجود اليورو كعملة أوروبية موحدة يقيدان من حرية الدولة فى سياستها الداخلية، سواء كانت تشريعية أو مالية أو ضريبية.
ولكن حصار الدولة عن طريق فاعلين جدد منافسين يمتد أيضا إلى أسفل، إلى داخل الدولة، عن طريق ظهور الهيئات غير الحكومية ففى دولة مثل مصر، يبلغ اليوم عدد الجمعيات الأهلية أو منظمات المجتمع المدني 17 ألف منظمة تعمل فى مجالات التعليم، السكان، حقوق الإنسان، مواجهة البطالة، بينما ارتفعت عضوية الشبكة العربية للمنظمات الأهلية التى تضم منظمات وطنية من 19 دولة عربية فى السنوات الثلاث 1999-2001 من 73 إلى 1000 منظمة، أى زيادة قدرها 14مرة ( ولا داعى لتكرار الكلام المعروف هنا عن زيادة عدد الشركات المتعدية الجنسية والحدود، والتى ارتفع عددها من منتصف الستينيات حتى منتصف التسعينيات بحوالي 600% وهى تسيطر الآن على ما يقرب من 80% من التجارة العالمية ونحن نعرف أن ميزانية شركة جنرال موتورز تزيد الآن على الميزانيات المجتمعة لثلاثين دولة إفريقية).
وقد شهدت مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة متغيرات في غاية الأهمية يمكن تلمس اثارها و امتداداتها في عالم اليوم التي تركت تأثيراتها بشكل أو آخر على الدول عبر أبعاد وصور متعددة ،ويمكن بقدر كبير من الثقة القول بأن أبرز المتغيرات في هذا السياق هي العولمة ، باعتبارها تعبيرا عن الحالة الراهنة التي آل إليها عالمنا المعاصر، من حيث انفتاح أجزائه المختلفة على بعضها البعض ، وما صاحب ذلك من تدفقات وموجات سياسية واقتصادية وثقافية ، أصبحت تتجاوز من حيث تأثيراتها ونتائجها الحدود السياسية للدولة بإطارها العام . وقد ارتبط ذلك كله بما يسميه البعض تصاعد حركات رأس المال والشركات متعددة الجنسية و الشركات العبارة للحدود و ظهور التكتلات الاقتصادية، فضلا عن التطور الهائل الحادث في صناعة وعمل وسائل الإعلام التي هي بمعزل عن الدولة نفسها و بتمويل فردي ، إلا أن أهم ما يميز مفهوم العولمة و أثرها على الدول هو أنها أضحت تعكس ملامح واقع سياسي دولي جديد أخذت تبرز ملامح تأثيره على نحو تدرجي منذ بداية تسعينيات القرن العشرين ، ويتمثل هذا الواقع الجديد في بروز الولايات المتحدة الأمريكية كقطب وحيد في النظام الدولي ذي قوة عسكرية واقتصادية ضخمة ونفوذ سياسي ممتد.
ومن الجدير بالملاحظة إن الحديث عن العولمة قد ترافق معه الحديث فكرة أو مفهوم "النظام الدولي الجديد"، والتي ظهرت مع أحداث حرب الخليج الثانية في أوائل تسعينيات القرن العشرين على لسان الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش (الأب)، وهذا التزامن في ظهور المصطلحين قد دفع بالبعض إلى اعتبارهما مترادفان إلى حد كبير وربما يعود هذا التداخل إلى كون التطورات التي قادت إلى الحديث عن "نظام دولي جديد"، هي ذاتها التي يستند إليها للتدليل على أن العالم قد انتقل من حالة الدولة كوحدة للتحليل إلى حالة مغايرة تبنى أساسًا على فكرة الجماعة الدولية الواحدة.
ويرتبط بالعولمة في واقع اليوم سياسياً عدد من المتغيرات الوسيطة التي تترك بصماتها على العديد من موضوعات الدولة ، من ذلك على سبيل المثال تزايد الاهتمام بحقوق الإنسان، وتآكل سيادة الدولة في معناها التقليدي بعد ما أضفى عليها الواقع مضامين جديدة، واكتساب مساعي تحرير التجارة الدولية قوة دفع كبيرة ، الأمر الذي سيزداد معه تركز الثروة وتتسع الفجوة بين الأفراد والدول بشكل غير مسبوق. و من نافلة القول، أن عالم اليوم يشهد نوعا غير مسبوق من السيولة السياسية، التي تختلط فيها الكثير من القيم والأفكار والمصالح، وهي سيولة لابد وأن تحدث آثارها على الدول و الفرد ، عبر نشوء العديد من القواعد القانونية الجديدة لتناسب متطلباتها مع المتغيرات الجديدة .

المحور الثالث : النظام الدولي

ان النظام الدولي اليوم يمثل نظاما معقدا متداخلاً متشابكاً سريعاً مركبا ، يشتمل على عدد كبير من الفاعلين التقليديين و غير التقليديين ، بينما يتنوع ويختلف شكل ونوع هؤلاء الفاعلين، فإن درجة الاتصال والتفاعل والاعتماد المتبادل بينهم فى تصاعد أيضا، مما يجعل هذا النظام فى حالة تغير دائم، ويصبح من العسير التنبؤ بتفاعلاته. فى هذا الإطار، تبرز إلى السطح بشدة قضية الابتكار، وتغيير النمط الفكري السائد للتعامل مع هذا الوضع الجديد .
و يوصف بعض الأكاديميين و الكتاب و المختصين بالشؤون السياسية و الدولية طبيعة النظام الدولي بأنه كان نظام أحادي القطبية بدأت ملامحه بالظهور من عام 1991 الى عام 2007 تتربع الولايات المتحدة على قمته دونما منافسة ، لكن الآثار الكبيرة التي لحقت بالولايات المتحدة الأمريكية بعد عام 2007 ، جعلت من الباحثين و المتخصصين توصيف النظام الدولي بأنه نظام قيد التشكيل وغير متبلور، وملامحه تنبئ بحدوث نظام متعدد الأقطاب غير مكتمل و قيد التشكيل.
فقد اصاب الولايات المتحدة الامريكية نوع من التراجع الاستراتيجي الشامل سيما فيما يتعلق استخدام قوتها العسكرية لحسم أى صراع تقرر الاشتراك فيه، ولممارسة مسؤولياتها فى المحافظة على الاستقرار الدولي وتوجيه الحركة العالمية باتجاه الديموقراطية. منطق هذه الرؤية يستند إلى أن تفكك الاتحاد السوفيتى قد أفسح المجال أمام الولايات المتحدة لترقى إلى مرتبة القوة العظمى الوحيدة حتى عام 2007 .
إذن يمكننا أن نقول أن وضعية النظام الدولي سياسياً في واقع اليوم يشير الى عدة نقاط و هي على النحو التالي (1) :
1 - سيتجسد النظام العالمي الجديد كنظام متعدد الأقطاب (بالمعنى الواسع للكلمة) ، و إن كان هذا لا يعني عدم حدوث تحالفات بين الأقطاب لكنها ستكون تحالفات مؤقتة تقريباً في واقع اليوم .و هذا التعدد لا يكون تعدداً مباشراً فربما تسبقه مرحلة من مركزية تشكل الولايات المتحدة الأمريكية فيه الأساس سياسياً وليس اقتصادياً ، وهو ووضع لن يستمر طويلاً بتقديرنا.
2- إن النظام العالمي الجديد يميل إلى إرساء العقلانية السياسية كواقع نهائي في الممارسة السياسية العالمية.و بالتالي عدم السماح لاختراقات لا عقلانية لهذا الواقع.إضافة إلى أن السياسة العالمية ستميل نحو المزيد من المأسسة و بالتالي إلى ضبط السلوك السياسي العالمي.كما أن التوجه سيكون نحو أنظمة سياسية تعتمد الضبط أكثر مما تعتمد الإكراه.أي أن الوجه الديمقراطي قد يتعمم بصورة أو بأخرى .
3- و على الصعيد الجيوسياسي العالمي : يميل النظام الدولي اليوم إلى التعامل الكتلي (أي كتلة لكتلة) في الوقت الذي كان فيه النظام العالمي القديم أو الأسبق قد مارس التعامل الدولي.فالمطلوب في هذا النظام هو أنظمة كتليّة، على الأقل في التعاملين السياسي والاقتصادي، بحيث لا تستطيع الدول الصغرى أن تتحدى النظام العالمي وكُتلُه العظمى ، وبالتالي فإن الاستقطاب العالمي الذي عرفناه في النظام الدولي السابق على شكل استقطاب دول لدول،سيغدو في النظام العالمي الجديد استقطاب كتل لكتل،أي أننا لن نعدم الاستقطاب بشكل كليّ.وإن هذا النظام سيكون نظام ضبط دولي أكثر فاعلية مما عهدناه من أساليب الضبط في النظام المنصرم.وهكذا فليس ثمة من نظام خارج الدائرة .إنه زمن عالمية السياسة والنظام السياسي العالمي.
ختاماً و بعد هذا العرض السريع للمؤثرات السياسية التي يعيشها واقع اليوم او عالم اليوم سياسياً والتي ألقت بظلالها على الفرد و الدولة و النظام الدولي ، يمكن التعبير عن ان هذه المرحلة تمثل مرحلة انعطافة تعرضت لها هذه العناصر التي بمحل التحليل و القياس ، و صار هناك نظرة جديدة لكل من الفرد و الدولة و النظام الدولي تختلف عن ما سبق وما نشر من أدبيات و كتابات كانت توصف الدولة او الفرد ببعض المواصفات التي لا تنطبق على ما هو عليه واقع هذه العناصر التحليلية في عالم اليوم و فيما يخص تحديداً تأثير الشؤون السياسية فيها .


المصادر :

(1)عماد فوزي شعيبي ،ملامح الأفق:النظام السياسي العالمي الجديد( صيرورة التشكّل) ، عرض كتاب ، على شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) على الرابط التالي : http://www.siironline.org/alabwab/arweqat_alketab%2820%29/161.htm

ملاحظة : المصدر اعلاه يشمل النقاط الثلاثة الأخيرة فقط ولا يشمل ما جاء في الورقة من طروحات اخرى .



#علي_بشار_بكر_اغوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفوضى الخلاقة و أثرها على التوازن الاستراتيجي العالمي (رؤية ...
- جيوبولتيكية نينوى : بين لعنة المركز و خطيئة الأقاليم الكبرى
- مستقبل منطقة الشرق الأوسط في ظل توظيف الفوضى الخلاقة (سوريا ...
- الحروب الجيوفيزيائية الجديدة -المجال الخامس للقتال-
- اثر صوامع التفكير والدراسات الإستراتيجية الأمريكية في التخطي ...
- الردع الأمريكي على المحك - سوريا الصخرة التي تكسرت عليها الط ...
- مستقبل القطبية الأحادية
- مستقبل الهيكلية الدولية
- الدراسات المستقبلية - ضرورة ملحة ام ترف فكري - ؟؟
- الكيف و الماذا و الفهم الخاطئ للإستراتيجية بدلالة التخطيط
- كيف تصنع الاهداف الاستراتيجية
- جدلية العلاقة بين الاستراتيجية والعلاقات الدولية (مقاربة تار ...
- التحليل الاستراتيجي للبيئة والعوامل المؤثرة على صناع القرار
- التحليل الاستراتيجي للبيئة والعوامل المؤثرة على صانع القرار
- ماذا سيكلف سقوط الاسد لنجاد ونصر الله (محور الممانعة في خطر)
- برنارد لويس و مشروع تقسيم الشرق الاوسط بين الماضي والحاظر ( ...
- برنارد لويس و مشروع تقسم الشرق الاوسط بين الماضي والحاظر ( ا ...
- القوة الذكية والمجالات التطبيقية في الاستراتيجية الامريكية ( ...
- التفاعلية والمرونة في الإستراتيجية الأمريكية الشاملة مع موجا ...
- انحراف الاهداف الإستراتيجية (قرأة في تقييم عمليات حلف شمال ا ...


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي بشار بكر اغوان - المتغيرات الجيوبولتيكية العالمية و اثرها على الوحدات التحليلية : الفرد ، الدولة ، النظام الدولي