أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال الحسين - الحركة الاجتماعية بالريف بالمغرب بين الماضي و الحاضر















المزيد.....

الحركة الاجتماعية بالريف بالمغرب بين الماضي و الحاضر


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 1232 - 2005 / 6 / 18 - 10:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


عرف الريف بالمغرب( المنطقة الشمالية) عبر تاريخه الطويل حركة اجتماعية متميزة نظرا لموقعه الجيو- سياسي ، فمنذ الغزو الروماني لشمال أفريقيا و المنطقة تعرف تفاعلات سياسية و عسكرية حولتها إلى موقع ذي مظاهر سوسيو- ثقافية ذات أبعاد ثورية ، فمع غزو القوتين العسكريتين الكولونياليتين الفرنسية و الإسبانية لشمال المغرب في العقد الثاني من القرن العشرين و المنطقة تقاوم التدخلات الأجنبية ، و تعتبر ملحمة " أنوال " بقيادة الشهيد محمد بن عبد الكريم الخطابي أروع ما أنجزته الريف من بطولات تاريخية ، أبهرت الدارسين لتاريخ مقاومة الشعوب للإحتلال العسكري الإستعماري و أصبحت من بين التجارب الإستراتيجية العالمية في مجال حركة التحرر الوطنية ، و هي التي ركزت بعد المقاومة الشعبية ضد اضطهاد الدولة بالمغرب مع تأسيس " جيش التحرير " بالشمال بقيادة الشهيد عباس المساعدي ، و الذي لعب دورا أساسيا في مقاومة الإستعمار المباشر الفرنسي والإسباني للمغرب ، و لم تقف ثورة الريف عند هذا الحد بل لها امتدادات حتى في مرحلة الإستقلال الشكلي مع الإنتفاضة ضد استبداد النظام المخزني في 1959 و التي تم قمعها بالحديد و النار ، و نهج النظام المخزني سياسة التهميش ضد الريف التي يعرف أن لها دورها الأساسي في استقرار و زعزعة الأوضاع السياسية بالبلاد .
إن الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية المزرية لأهل الريف ما هي إلا نتيجة للسياسة المخزنية المتبعة ضد امتدادات حركة التحرر الوطني بالمغرب ، هذه السياسة التي حولت المنطقة إلى بؤرة لترويج المخدرات و السلع المهربة من أوربا و تصدير الطبقة العاملة الرخيصة إلى دول أوربا الغربية ، و انتشر الفقر و الأمية في صفوف الريفيين الذين بدورهم يقاومون هذه السياسة بالصمود في وجه النظام بالتشبث بالخصوصيات الإثنو- ثقافية ، التي تعتبر الأمازيغية الركيزة الأساسية لها و التي تعطي لمبدأ المقاومة بعدا تاريخيا يتحدى هجوم النظام المخزني و تهميشه للمنطقة ، إن الصراع التاريخي بين الريف و النظام المخزني بالمغرب لا يمكن تحليله بمعزل عن الصراع التاريخي للريفيين ضد التدخل الأجنبي و من أجل التحرر و تقرير المصير ، و سيبقى صراعا مفتوحا ما دامت مظاهر التدخل الأجنبي قائمة و لن يهدأ إلا عند نفي هذه المظاهر التي أصبحت عائقا أمام استقرار الأوضاع بالمنطقة .
إن الأوضاع المزرية التي تعيشها الجماهير الشعبية بالريف بعد كارثة الزلزال يوم 24 فبراير 2004 ما هي إلا وجه آخر من الأوجه المظلمة لسياسة النظام المخزني بالمغرب ، و الذي يعبر عن استمرار السياسات المتبعة اتجاه الحركات الاجتماعية و الاحتجاجية للريفيين منذ أمد بعيد ، ففي الوقت الذي يحاول فيه النظام المخزني الظهور بمظهر المعني بالأوضاع الريفية يجد فيه نفسه بعيدا كل البعد عن هموم الريفيين و تطلعاتهم ، و وجد نفسه متورطا أمام مطالب الريفيين التي فاقت المنظور المخزني الضيق لكارثة الزلزال التي حاول استغلالها لفتح باب " التصالح " مع الآخر / النقيض التاريخي ، و كعادته حيث يحاول النظام المخزني استغلال جميع الأحداث في الأفراح و الأطراح لإبراز وجهه بحثا عن الشرعية التاريخية التي افتقدها في سنوات القمع الأسود، حاول فاشلا استغلال محنة " زلزل الحسيمة " للظهور بمظهر البريء متجاهلا بصمات الماضي الأسود التي مازالت موشومة في ذاكرة الريفيين معقل ثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي .
إن أرض الثورة لا يمكن أن تبقى عاقرا حيث الخصوبة لا تنقطع خاصة في ظل التشبث التاريخي بالخصوصيات الإثنو ـ ثقافية في أبعادها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ذات الشرعية التاريخية ، و كانت الكارثة الأليمة لزلزال الحسيمة مناسبة لتعرية وجه النظام المخزني مرة أخرى حيث وجه بحركة مجتمعية متقدمة تجاوزت أساليبه المعهودة ، فكانت حركة المجتمع المدني بالحسيمة أروع ما أنجبته الريف في الآلفية الثالثة و التي تعتبر الإستمرارية التاريخية للثورة الريفية ، لكن إرادة النظام المخزني في الهيمنة على الأوضاع بقوة السيادة المهيمنة وضعته في صراع مع القوى البشرية بالريف التي لم يستطع احتواءها ، و التي لها المبادرة في الحركة و التدخل ليس فقط أثناء كارثة الزلزال بل في كل المناسبات التي يتم فيها تهديد كيان الريفيين ، و تراجع النظام المخزني أمام دينامية حركة المجتمع المدني بالريف محاولا الحفاظ على ماء الوجه في نفس الوقت الذي يضرب فيه ألف حساب و حساب لمواجهة الموقف .
و بقيت الأوضاع على ما هي عليه دون أن يصل النظام المخزني إلى هدفه في احتواء حركة المجتمع المدني التي فاقت تطلعاتها ما يطمح إليه من هيمنة ، فكان لابد من الاصطدام و كعادته تدخل بكل عنف أمام المطالب المشروعة لحركة مجتمعية حضارية تواجه كارثتين : الطبيعية و المخزنية ، و في ظل صمت ما يسمى بالمجتمع السياسي الذي لا يستطيع الخروج من دائرة الطاعة المخزنية في وقت يتم فيه محاولة تمرير قانونين خطيرين ، الأول قانون الأحزاب الذي يسعى إلى تحويل هذه الكائنات إلى منافسين حول التفوق في تنفيذ برامج النظام المخزني ، و الثاني قانون منع الإضراب الذي يكبل أيادي الطبقة العاملة و يصادر منها آلية من آليات الدفاع الذاتي المشروعة التي تم تحقيقها عبر نضالات تاريخية مريرة تم فيها إراقة دماء العاملات و العمال ، و كان لابد للنظام المخزني من التدخل بالقمع المعهود ضد حركة المجتمع المدني بالريف و اعتقال المناضلين وإقامة محاكمات صورية لهم لتجسيد كيانه كنظام تناحري .
و لم تقف الإحداث عن هذا الحد الذي يعتبر بداية مواجهة معلقة إلى حين ، و كان لامتدادات حركة المجتمع المدني بالخارج صدى كبيرا فاق توقعات النظام المخزني حيث تواجد الريفيين بأوربا و هم منخرطون في حركة اجتماعية متقدمة ، كان لها وقع كبير في مواجهة كارثة الزلزال و هجوم النظام المخزني على مناضلي حركة المجتمع المدني بالريف ، و كان الإنتصار الأول بإطلاق سراح المعتقليين و الثاني بتأجيج الحركة الإجتماعية ضد التدخل المخزني و مع رفع شعار إعمار الريف الذي تعرض طيلة تاريخه الطويل للتهميش و التفقير ، و كان لتطور أساليب التعبير و المواجهة وقع عظيم فاق التصورات بعد تنظيم مسيرة احتجاجية بين إمزورن و الحسيمة على مسافة 35 كلم ، و تستمر المسيرات بإعلان مسيرة تماسنت على بعد 28 من الحسيمة ليوم 19 ماي 2005 و قافلة المساندة من طنجة إلى تماسينت ، الشيء الذي أثار غضب النظام المخزني في الوقت الذي لم يستطع فيه احتواء حركة اجتماعية حضارية تعبر بالفعل عن دور المجتمع المدني في تطور الحركة الإجتماعية .
و كان لابد مرة أخرى من التدخل المخزني بالقمع المعهود بعد اعتقال رئيس جمعية تماسينت و عضوين آخريين يوم 11 ماي 2005 و نقلهم إلى السجن بالناضور بعد احتجاجات متتالية للريفيين بتماسينت و مناطقة أخرى ، و كان لأصرار الريفين بتماسينت على تنظيم المسيرة وقع كبير على رغبة النظام المخزني في التدخل بالقمع المعهود يوم 19 ماي 2005 لتفريق المتظاهرين بالعصا الغليظة ، التي لا تفرق بين المرأة و الرجل و الطفل و الطفلة و العجوز و مطاردة الريفيين في الجبال بشتى آليات القمع المعهودة ، و كان لابد من الصمود و التحدى لمواجهة " الزلزال كظاهرة طبيعية و القمع كظاهرة مخزنية " ، ذلك الشعار المرفوع من طرف الريفيين و الذي لن يتم إزالته إلا بإزالة أسباب وجوده و التي تتجلى في التدخل المخزني في شؤون الريفيين ، و كان لتنظيم قافلة التضامن يوم 29 ماي 2005 مع تماسينت وقع كبير على تجديد دماء الحركة الإجتماعية التضامنية مع إعلان اليوم الوطني التضامني يوم 12 يونيو 2005 ، الذي أعطى للقضية بعدا وطنيا حيث تنظيم الإحتجاجات في عدد كبير من المناطق عبر البلاد.

تارودانت في : 17 يونيو 2005

امال الحسين



#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية اللينينية و بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة ،أي م ...
- إطلاف حملة التضامن مع المختطفين المعتقلين بالحسيمة / الريف ب ...
- الحركة الإجتماعية بالبوادي و الأحياء الشعبية و تطور التكوينا ...
- نضالات الطبقة العاملة و اليسار الجذري الواقع ، الإستراتيجية ...
- حركة التحرر الوطني و تطور التكوينات الاجتماعية
- المعيقات الأساسية لنشر ثقافة حقوق الإنسان و دور المجتمع المد ...
- اللجنة الوطنية لدعم عمال منجم إيميني
- الحزب السياسي الثوري و تطور التكوينات الاجتماعية
- الحركة السياسية و النقابية و تطور التكوينات الاجتماعية
- عن اللجنة المحلية للعمل من أجل انقاد حياة المناضل النقابي و ...
- نداء اللجنة المحلية للعمل على ا نقاد حياة المناضل الحقوقي و ...
- إضراب لا محدود عن الطعام ابتداء من اليوم الاربعاء 29 دجنبر 2 ...
- وفاة مواطن بمخفر الشرطة بتارودانت بالمغرب في الذكرى 56 للإعل ...
- وقفة احتجاجية أمام إدارة صوديا بأولاد تايمة بالمغرب ضد تصفية ...
- ملف الانتهاكات الجسيمة بالريف/الحسيمة بالمغرب
- نداء هيئات التنسيق بورزازات بالمغرب
- دور البعد الهوياتي للأمازيغي في النضال الديمقراطي الجذري
- من البعد القومي للقضية الفلسطينية إلى الإنتفاضة الشعبية
- نداء عائلة المختطف عمر الوسولي من أجل الكشف عن مصير ابنها
- حملة التضامن مع مناضلي حركة المجتمع المدني بالريف / الحسيمة ...


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال الحسين - الحركة الاجتماعية بالريف بالمغرب بين الماضي و الحاضر