أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبدالباسط سيدا - حزب البعث: مؤتمر بائس وموقف حائر














المزيد.....

حزب البعث: مؤتمر بائس وموقف حائر


عبدالباسط سيدا

الحوار المتمدن-العدد: 1231 - 2005 / 6 / 17 - 11:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لم تكن النتائج التي آل اليها المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث بعيدة عن توقعات المتابع المدرك لماهية السلطة السورية، وطبيعة القوى التي تحدد مساراتها، وتتحكّم بآليات فعلها. فالمطلع على حقائق الامور سواء في الداخل السوري أو خارجه، لديه معرفة وافية بكون حزب البعث مجرد واجهة شكلية، الغرض منها ابعاد الأجهزة الأمنية عن دائرة الضوء الاعلامي، ومحاولة اسباغ قسط من المشروعية الزائفة على عمل هذه الأخيرة التي لا تلزمها أية ضوابط قانونية أو أخلاقية؛ أجهزة تتحكم بمقدرات البلاد ومصائر العباد، تنهب وتكتم الأفواه، تسجن وتغيّب وتتنصّل، تتدخل في أبسط الامور وأكثرها تفاهة، وتنأى بذاتها عن سائر أشكال المساءلة وعلى جميع المستويات. لكن الجدير بالذكر هنا هو أن هذه الأجهزة لم تأت من العدم، بل كانت حصيلة منطقية لتلك المقدمات الفاسدة التي بدأت مع سيطرة حزب البعث على السلطة عام 1963، واقدامه منذ ذلك الحين على تكبيل المجتمع السوري بمختلف مكوّناته من خلال فرض حالة الطوارئ التي ستستمر ما دام حزب البعث - والأجهزة الملتحفة بعباءته - في السلطة.

لقد سيطر حزب البعث على مقاليد الامور في سورية انطلاقاً من عقليته الانقلابية التي لاتتوافق مع العملية الديمقراطية، بل تتعارض معها إلى حد التناقض. ومنذ الأيام الاولى لسطوته أدرك هذا الحزب انه لن يستطيع الاستمرار من دون أجهزة مخابراتية، تثير الرعب بين الناس، وتتحكّم بمفاصل الدولة والمجتمع. ومع الوقت تنامت هذه الاجهزة وتشابكت مهامها، وغدت قوة موازية، إن لم نقل منافسة لحزب البعث نفسه. وجاء انقلاب عام 1970 الذي قاده الأسد الأب ليحسم الامور لصالح الأجهزة المعنية، وذلك بعد أن حوّل حزب البعث إلى مجرد مظلّة سياسية شكلية مناسباتية، تستخدم عند اللزوم تحت يافطة المادة الثامنة من الدستور الذي فرضه الانقلابيون بعيداً عن ارادة الناس .

وانسجاما مع ما تقدم، نستطيع القول بأن المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث كان مناسبة لتصفية بعض الحسابات داخل البيت السلطوي، واعادة توزيع الأدوار والمهام بين المسؤولين الفعليين الذين يتحكمون بمفاتيح السلطة في سورية. كما كان المؤتمر نفسه محاولة غير موفقة لامتصاص النقمة الشعبية في الداخل، واضفاء مسحة من الزينة الخادعة في مواجهة الخارج الذي بات يضغط أكثر من أي وقت مضى...

لقد تجاهل المؤتمر المذكور القضايا المفصلية التي تشغل الجميع، ويشار في هذا السياق على سبيل المثال إلى ما يدعى بقانون الطوارئ، وقانون الأحزاب، و الدستور، والانتخابات الديمقراطية النزيهة، والمسألة الكردية، والغاء العمل بالاجراءات الظالمة وتعويض الناس، ومكافحة الفساد بالفعل وليس بالقول وحده. ولعل اللغة الايحائية المليئة بالحشو والمغالطات المدروسة التي تميّزت بها أقوال وبيانات المسؤولين السوريين الذين تحدثوا عن المؤتمر، تعكس إلى حد كبير واقع عدم جدية الطرح والمعالجة فيما يخص القضايا التي تتمحور حولها دعوات الناس ومطالباتهم بالتغيير الأكيد. وهكذا ظلت المسائل ضبابية هلامية، ولن تخرج الحكاية برمتها عن نطاق الوعود الوردية التي تستهدف التعمية وارباك المعارضين. فقانون الطوارئ ’’سيخفف العمل به’’، ولكن إلى أي حد، وما هو المقياس، ومن سيحاسب؟ والأحزاب ’’ينبغي ألا تكون دينية الطابع أو عرقية’’ في حين أن حزب البعث نفسه يستند إلى أكثر النظريات القومية تعصباً وتخلفاً وإثارة للجدل. و’’الفساد سيعالج’’ من خلال لجان ينتمي أعضاؤها إلى الوسط الفاسد نفسه. والأجهزة الأمنية ستحدد بنفسها ولنفسها مستقبلاً طبيعة مهامها وكيفية علاقتها مع الدولة والمجتمع... أما المسألة الكردية فحدث ولا حرج....وهكذا إلى نهاية قائمة الابتكارات التي تفتقت عنها عقول ’’الرفاق’’.

لكن المفارقة التي تثير السخرية والامتعاض هنا، هي تلك التي تتمثّل في التناقض الصارخ في تصريحات المسؤولين السوريين قبل المؤتمر وبعده، فقد ردّد هؤلاء كثيراً لازمة فحواها انهم لن يقدموا على أية اصلاحات تحت تهديد الخارج، لكنهم في المؤتمر اعتمدوا لغة التزلّف ازاء الخارج الأمريكي تحديداً، الأمر الذي يعكس استعداد الفريق المحرك في السلطة السورية للاقدام على كل شيء يطلب منه مقابل الحصول على موافقة امريكية تبيح الاستمرار في التحكم والتسلط.

إن ما أكده المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث مجددا هو واقع انسداد الآفاق أمام النظام الشمولي في سورية؛ هذا النظام الذي يمثل مصدر الأزمة وباعثها الأساسي؛ كما أكد المؤتمر أيضاً أن الرتوش أو المماحكات الجوفاء لم تعد قادرة على ستر حالة التآكل والتداعي الحاصلة في بنية النظام. لكنه في المقابل لا تبدو في الافق اية بوادر مبشّرة توحي بامكانية حصول معجزة ما على أرضية دعوة النظام نفسه إلى مؤتمر وطني عام، يضم سائر مكونات الشعب السوري من دون استثناء، وذلك لتدارك العاصفة التي ربما كانت كارثية مأساوية الأمر الذي لايريده ولايرغب فيه اي عاقل غيور....

وفي مواجهة كل ذلك ، تغدو مسؤولية المعارضة السورية بمختلف انتماءاتها كبيرة وحاسمة. وهي لن تتمكن من الارتقاء إلى المطلوب منها ما لم تقطع مع عقلية الانتظار العقيمة التي ثبت عدم جدواها. إن قوى المعارضة مطالبة اليوم أكثر من اي وقت مضى بضرورة أخذ زمام المبادرة، والانتقال إلى الموقع الفاعل الذي يمكّن صاحبه من الاسهام في عملية صنع الحدث، وتحديد سماته الأساسية؛ وأمر من هذا القبيل يستلزم قبل اي شيء آخر وحدة الموقف على قاعدة الأهداف الواضحة التي تعزز الثقة المتبادلة، وتهيئ السبل أمام عمل مشترك يضم سائر الخصوصيات في إطار الحاضنة الوطنية السورية الكبرى التي تستمد مشروعيتها من الجميع، وتكون من أجل الجميع.....



#عبدالباسط_سيدا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كردستان العراق: ضرورة تجاوز العصبية الحزبية إلى المؤسساتية ا ...
- حول خلفية وطبيعة موقف حزب البعث من المسالة الكردية
- إلى الانتخابات أيها العراقيون من أجل ألاّ يتحكّم صدام آخر بر ...
- الحضور الكردي القوي في الجمعية الوطنية القادمة ضمان لوحدة ال ...
- المعارضة السورية وضرورة الاعتراف بالوقائع
- تغييب الوعي وأسطرة المزيف في الاعلام العربي - أهمية الاعتراف ...
- تفييب الوعي وأسطرة المزيف في الاعلام العربي
- تغيييب الوعي وأسطرة المزيف في الإعلام العربي - شرعنة الإرهاب
- تغييب الوعي وأسطرة المزيف في الاعلام العربي
- تغييب الوعي وأسطرة المزيف في الاعلام العربي - 1
- الإعلام العربي: واقع... وآفاق
- لنتضامن مع الدكتور الشهم عارف دليلة وسائر النبلاء


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبدالباسط سيدا - حزب البعث: مؤتمر بائس وموقف حائر