أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان أحمد سلاّم - انتظار وراء باب الهجران














المزيد.....

انتظار وراء باب الهجران


إيمان أحمد سلاّم

الحوار المتمدن-العدد: 4320 - 2013 / 12 / 29 - 08:29
المحور: الادب والفن
    


وقفت عند باب هجرانك...ووقفت الأزمنة على الأدراج ذاتها تراقب صمت دموعي الرّاحلة إليك...تكتكة أناملي على الخشب الأخرس تضيع في حلكة ظلام قسوتك و يشفطها صمتك العدوانيّ...تراني جننت حبّا أم ترى جنّ الحبّ تملّك قلبي؟؟ تميد قارعة الطّريق بقدميّ و لزلت أرفض الرّحيل...
إلى أين؟ لا أعرف... فقبل صدرك لم اعرف لي مأوى...و لم أسلك درب الحياة إلاّ منك و إليك...أنسيت؟ أم تراك تتناسى؟ كيف ينسى النّحات معلما شيّده بقلبه قبل يديه...أنسيت أنّني خلقت من ضلع إبداعك؟ أو تتجاهل أنّي في معبد تيمك تعلّمت توحيد حبّك على أن لا أشرك غيرك خلجات قلبي؟ من صنع من براءة عيوني جدائلا من الوله و العشق؟ من صنع منّي امرأة مرغوبة منفتحة على العشق كشرفة بحريّة تركض إليها أمواج شوقك؟ من بثّ روح الأنوثة في جسدي؟ من غيرك ختم ثناياه بنار القبل؟ إلى أين الرّحيل و كلّ تضاريس الأرض-بدونك- تتحوّل إلى جبال شاهقات و كلّ الوديان و الأنهر تعلن الطوفان في وجهي...أين أذهب؟ و هل تراك حقا خلعت عنك رداء ذكرياتنا و ألبسته للقادم المجهول؟ أحقا لم أعد حبيبتك الصغيرة التي تلقّت أبجديّات الحياة على يديك؟
ضاقت بي الأسئلة ذرعا و ضقت ذرعا ببخل الأجوبة الصمّاء التي تختبئ وراء بابك الموصد بإحكام...أسندت خدّي على الّلوح البارد علّني أتحسّس أنفاسك الحارّة و أطرقت السمع باحثة بين طيّات الصمت عن قلبك النّابض...فأجابني صدى زفرات قلبي المعطوب...
سأرحل إن كان رحيلي أعزّ أمنياتك...سأعتزل يداك في منفى الهجران الضبابيّ...لن يكون لي من الآن فصاعدا انتساب لمعقل شِعرك بل سأترك ورائي كل قصيدة و كلّ بيت أهديتني...سأرميها كلّها في نار النسيان لتتلذّذ بإحراق ذاكرتي...فما ذاكرتي إلا ديوان شعر خططته أنت...لن تبقى لي صلة بك حتى جلدي سأنزعه عنّي لأنسى الدّفق اللّذيذ المرافق للمساتك...سأقصّ شعري حتى أنسى أنّك كنت تجدله بنفسك...سأمحو تاريخ ميلادي الذي وهبني إلى فترة حكمك...سأنسى نفسي كيلا أتذكّرك.

****************

أوّل رسالة تصلني و أنا في المنفى بمنئ عن كلّ إحساس بشريّ... حتى أنّي نسيت القراءة لكنّ خطّك العريض الواثق جعلني أتذكّر أنّ للحياة حروف و أنّ لشرايين دمي نبض...أكلت الكلمات بلهفة بعد جوع طويل...كنت أجهر بالقراءة لكنّ صوتك الأجش هو ما كنت اسمع:
"أعرف أنّني أحمق، ليس فقط لأنّي تركتك ترحلين، بل لأنّي أردت اختبار الموت البطيء...كلّ يوم يمرّ عليّ-في غيابك- هو محذوف من خارطة حياتي...إلى درجة أنّ الخارطة قد غادرتها كلّ خطوطها و أضحت سطحا مقفرا...كلّ يوم استيقظ من النّوم أفتح الموسيقى بأعلى صوتها في محاولة غبيّة منّي لتجاهل احتجاجات قلبي الذي أعلن انفصاله عنّي، حتّى جدران المنزل تمرّدت عليّ و الحديقة أضربت عن الاخضرار...أحاول لعب الرّياضة، لكنّ كيف ليديّ الخاويتين من جسدك أن تكونا مرنتين...تحوّل جسمي إلى خشبة ميتة و قد لفظني سريرنا بل تجدني قد عفت النّوم فيه بعد أن استحال إلى صحراء شاسعة...أذهب إلى العمل ابتسم للمارّة، أعينهم تملؤها الحيرة و الفضول...أين هي ملهمته؟ أين هي تلك القشطة التي تحلّي مرارة أيّامه؟ صغيرتي...اشتقتك...كلّ يوم تهرب منّي روحي متقفّية خطاك...ما كنت لأعشق بهذا الجنون لو لم تكوني أنت المعشوقة و لم أكن ليألف قلبي صوت امرأة لو لم يسمعك...صدى صوتك مازال داخله يتردّد بين حناياه المهجورة من النّبض فيصير هو النّبض... حلوتي...يوم غادرتني عرفت ما يحسّه الرّسام بعدما يبيع لوحة عزيزة عليه، قضّى سنوات في رسمها ورؤية معالمها تتّضح رويدا رويدا...كنت شمسي التي راقبت إطلالتها من بين هضاب الغمام و كنت أنا من دفنها خلف بحار العنجهية و الغرور...أكتب إليك الآن من الشرفة الأماميّة للبيت-إن مازال يمكن تسميته بيت-فهو بدونك لا يمكن أن يكون أليفا، وحدك تستطيعين ترويض غرفه و تهذيب سلوك أثاثه، لم أنجح يوما في التعامل معه فأنت سيّدته و في غيابك يعاملني كغريب...ربّما تتساءلين عن حال نباتات الزّينة، لا يمكنني أن أخفي عنك خبر انتحارها و كلّ شيء هنا لبس الحداد...كم أشعر بالضيق و أنا لا أراك تختالين أمامي متجاهلة نظراتي الولهة...أكاد أجنّ من اليأس المتعطّش إليك...أتوق إلى ضمّ خصلة من شعرك و تنشّق عبيرها أو أن أمرّر أصابعي على وجنتيك...لكن هل أطمع مجددا في جنّة خرجت منها بإرادتي؟ حبيبتي هل تجدينني أهلا لغفرانك؟ لا أستعجل الإجابة...أعطي للتفكير ما اشتهيت من الوقت...زيدي في قتلي و لا تبالي، فالقصاص من حقّك...اغمدي فيّ سيف التّرقّب فأنا استحقّ قطع الرّأس...ربّما قد تمنحيني شرف الغفران، في يوم من الأيّام...ربّما تتصالح دموعك و الذّاكرة مع النّسيان و تخفّفين عنّي عقوبة الموت المؤبّد و أنال عفوا تشريعيّا عاما...سأنتظر...سأقف عند باب انتظارك و ستقّف الأزمنة على الأدراج ذاتها..."



#إيمان_أحمد_سلاّم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة مع السوناتا
- رسالة تحت الزّئبق
- أحبّك و بعد...


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان أحمد سلاّم - انتظار وراء باب الهجران