أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صبري المقدسي - أساسيات الإيمان المسيحي















المزيد.....

أساسيات الإيمان المسيحي


صبري المقدسي

الحوار المتمدن-العدد: 4305 - 2013 / 12 / 14 - 11:29
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يتكلم الكتاب المقدس عن خلق الله للإنسان خلقا حراً، بتصميم وعبقرية لا مثيل لهما. ولا يزال العلم يتعجب من عظمة خلق الله للإنسان. وحاول الانسان بدوره الاتصال بالله منذ القدم، ولكن بطرق مختلفة. واستمر الانسان في رغبته لمعرفة الله ولإيجاد الحقيقة، والتمتع بالسعادة التي ما فتىء يسعى إليها. ولكن الانسان أخفق في معرفة الله عن طريق الطبيعة والمخلوقات، فجرب عن طريق العقل وحده، فأخفق أيضاً. ولذلك إحتاج الى الوحي الالهي الذي أنار عقله وقلبه وفتح له الآفاق الواسعة للدخول الى سر الله. والله بفرط صلاحه وحكمته أوحى الى الانسان بذاته، وكشف له بالأحداث والأقوال والأعاجيب عن ذاته وعن قصده. وكانت البداية في دعوة الله الى ابراهيم للخروج من أرضه، وجعله أبا لشعوب كثيرة، وإعطائه الوعد بأنه سوف تتبارك به جميع عشائر الارض كما جاء في سفر التكوين 12 / 3 . وإختار الله ابراهيم ونسله، كي يكون المؤتمن الوحيد على الوعود الإلهية المقطوعة للأجداد. وأنشأ الله شعباً خاصاً تعين للمحافظة على العهد الالهي معه. وأعطى الله الشريعة عن طريق النبي موسى بعد أن أنقذ شعبه من عبودية مصر. وأقام الله عدد كبير من الأنبياء للمحافظة على ذلك العهد المُبرم. وبشر الأنبياء في كل فرصة ومناسبة عن المخلص والفادي، الذي سيأتي ليخلص الجميع من خطاياهم، وليؤسس عهدا أبديا ونهائياً مع البشر.
وتم العهد الأبدي مع المسيح الكلمة المُتجسّد، الذي صار إنساناً، وتألم وصُلب ومات، ولكنه قام في اليوم الثالث منتصراً على الموت. وقد جاء في الكتاب المقدس في هذا الخصوص: أنه لما بلغ ملء الزمان، أرسل ابنه الوحيد فادياً ومخلصاً للجميع من خطاياهم ولكي يدعوهم الى كنيسته ويمنحهم أن يكونوا أبناءه بالتبني ويرثوا السعادة الابدية وليبشر بقرب مجىء ملكوت الله. ويشرح الكتاب المقدس تدخل الله في الزمن الأواخري من خلال الاقنوم الثاني (كلمة الله)، يسوع الذي تجسّد في مريم العذراء، وحُبل به بقوة الروح القدس، ودعي أسمه عمانوئيل(الله معنا). وتتفق الأناجيل أن المسيح ولد في مدينة بيت لحم اليهودية. وترعرع وإمتلأ من الحكمة والقامة والحضوة عند الله والناس. وكان طائعا لوالديه المُقيمين في الناصرة، الى أن أصبح ناضجاً في الثلاثين من عمره. ولما إعتمد يسوع حلّ عليه الروح القدس، وقت خروجه من الماء كشهادة تأييد سماوية لينطلق برسالته، أو كتفويض إلهي للبدء برسالته الإلهية، ولتأسيس ملكوت الله على الأرض. ولكن قبل البدء برسالته، إتجه الى البرية كي يصوم مدة أربعين يوماً واربعين ليلة، وبعد أن أنهى صومه جُرب من قبل الشيطان، مما يثبت على أنه إنسان حقيقي جاء ليختبر كل شىء، وليمرّ بكل الأهوال التي يَتعرّض لها الإنسان بسبب الشر. ولكنه شابهنا في كل شىء عدا الخطيئة. ففي التجارب التي واجهها المسيح، رفض كل المغريات المادية والدنيوية، ورفض السلطة الدنيوية، وبيّن أن مملكته ليست من هذا العالم. ولم يقبل عرض السيادة على العالم مقابل السجود للشيطان، ولم يستخدم قواه الروحية بطريقة سحرية لكي يشبع جسده المُنهك من الجوع كما طلب منه الشيطان. فخرج المسيح من التجارب منتصراً كي يُعيد للإنسان كرامته بعد فشله في التجارب الأولى في الفردوس وطرده منها نتيجة لذلك. وكرس المسيح جلّ وقته للتعليم وعمل المعجزات في القرى والمدن، من خلال الخطب والأمثال والمعجزات على حقيقة جوهرية واحدة وهي: حلول ملكوت الله مع المسيح كزرع سري ينمو بصورة سرية أو كخميرة في العجين يخمر العجين كله.
وكشف المسيح عن شخصيته تدريجياً من خلال حياته لأنه لم يكن سهلا معرفة وفهم شخصيته وسره الإلهي، الذي جاء لينير العالم بنور الحق، وأتمه بأقواله وأعماله وآياته ومعجزاته وموته. وكشف يسوع كذلك إرادة الله الآب ومشيئته الربانية، التي أعطى لها الأولوية في كل شىء حتى في موته على الصليب عندما قال: لتكن مشيئتك لا مشيئتي. وبالرغم من ذلك تعرض المسيح الى التساؤل حول هويته، إذ ظن البعض أنه يوحنا المعمدان والبعض الآخر انه النبي إيليا أو أحد الانبياء، ولكن بطرس أصاب في جوابه عندما قال: "أنت المسيح ابن الله الحيّ". فانطلق المسيح في رسالته التبشيرية لتوضيح هذه العقيدة(ابن الله الحيّ) ولتأسيس كنيسته على هذا المفهوم الذي أشار اليه كالصخرة التي لا تتزعزع. فأجاب المسيح بطرس قائلا: "أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها". وكان المسيح في مُعظم خطاباته وأمثاله، يقود مُستمعيه الى هذا السر العميق والى كيفية قبوله. وكان يستدعي من تابعيه موقفاً واضحاً: من ليس معي فهو ضدي وعلى الذين يتبعونني أن يعطوا لي الأولوية المطلقة في الحياة وأن يحملوا صليبي ويتبعونني وأن يتركوا كل شىء ويتبعونني. وكان يعد هذا النوع من التباعة، ضربا من الجنون أو التجديف لدى اليهود، لأن اليهودية كانت تخلط الدنيويات بالروحانيات، وأما يسوع فإنه ميّز وبصورة واضحة بين طريقه وطريق العالم، وبين من يتبعه وبين من يتبع العالم، كما جاء في انجيل متى قائلا: "من كان أبوه أو أمه أحب إليه مني، فليس أهلا لي. ومن لم يحمل صليبه ويتبعني، فليس أهلا لي. من حفظ حياته يفقدها، ومن فقد حياته في سبيلي يحفظها" 10 / 37 – 39. ومن هذا يتبيّن خط المسيحية الذي يدعو الى تكوين العلاقة الشخصية بين التابع وبين المسيح يسوع المخلص. فعلى الأتباع أن يكونوا على مثاله وأن يأخذوه نموذجا وقدوة، إذ عليهم بالرحمة من دون حدود والغفران 77 مرة سبع مرات في اليوم الواحد، وأن لا يكون تصرفهم تجاه الذين يحبونهم فقط بل تجاه أعدائهم أيضا (متي 5 / 43 – 45 ).
وأكد المسيح في رسالته على ضرورة المعمودية للخلاص؛ فهي سر الايمان الذي ينمو ويتطور. والعماد بحاجة الى أن يتطور للدخول الى الحياة الإلهية بكل غناها لأنه به يصير كل من يعتمد أبناً لله أو بنتا لله ومدعوا الى الكمال. وإن ما تؤتيه المعمودية من ثمار متنوعة ترمز اليه العناصر الحسيّة المستعملة في شعائر هذا السر. فالتغطيس في الماء يستلهم رموز الموت والتنقية من الخطايا كما يستلهم أيضا الولادة الجديدة في الروح القدس (التعليم المسيحي الجديد 1262 ص 386 ). ويستطيع المُعمّد ان يقبل جسد المسيح ودمه، التي هي وليمة عشاء مقدس يمارسه المسيحيون كل يوم ولاسيما في أيام الآحاد والاعياد، وذلك لتجديد ذكرى العشاء الرباني المقدس للمسيح مع تلاميذه في يوم الفصح المجيد قبل صلبه. وشهد الرسل والمسيحيون الأوائل على ذلك، ولم يبخلوا حتى بدمائهم من أجل نشر الكلمة ومعرفة المسيح يسوع، الذي يجب أن يبشر به في جميع الشعوب، مُتممين قول معلمهم: "اذهبوا وتلمذوا كل الامم وعمذوهم بإسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يعملوا بكل ما أوصيتكم به، وها أنا معكم طوال الأيام، الى إنقضاء الدهر" انجيل متى 28 / 19 ـ 20.
فالمسيحية إحتاجت منذ نشوئها الى تضحيّات جسيمة، إذ قدم معلمها ومؤسسها حياته ثمناً لها كما فعل مُعظم الرسل والتلاميذ الذين لم يكن لديهم أثمن من حياتهم، ولم يبخلوا بها في سبيل نشوئها وتطورها وانتشارها في العالم كله. ولا عجب فهي من أكبر الاديان قاطبة من حيث عدد الاتباع، ولا تزال من أكثر الاديان إنتشاراً من حيث عدد المهتدين كل سنة. ولا يوجد اليوم بلد في العالم لا يحتوي على جماعة مسيحية مؤمنة.
صبري المقدسي



#صبري_المقدسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعاليم يسوع أجوبة مستفيضة عن الحقيقة والحياة ومعناها
- ميلاد المسيح تجسيد حقيقي لروح الأخوّة والمحبة والفرح والسلام
- خلق الانسان بحسب الألواح السومرية(قراءة جديدة للألواح السومر ...
- السومريون وانجازاتهم الحضارية والعلمية
- السومريون: اصلهم وجذورهم
- الرموز لغة صورية حية
- الصلاة: سلاح ذو حدين
- الثقوب السوداء: مكانس كونية تحير العلماء الى اليوم
- الاحلام: رسائل رمزية باطنية تحمل معان مستقبلية
- الفضاء والانسان
- مفهوم الله في الاديان والثقافات العالمية المختلفة
- قصص الخلق في الديانات والثقافات المختلفة
- حقائق كونية فلكية
- الجاذبية الثقالية: سبب الوجود والاستقرار في الكون العملاق
- شجرة الحياة: رموزها ومعانيها ودلالاتها اللاهوتية
- المجرات: جزر كونية في الفضاء العملاق
- كيف ولدت التقاويم
- البهائية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الطاوية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الديانة السيخية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صبري المقدسي - أساسيات الإيمان المسيحي