أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سهى بطرس قوجا - عقولا تمطر كلامًا














المزيد.....

عقولا تمطر كلامًا


سهى بطرس قوجا

الحوار المتمدن-العدد: 4296 - 2013 / 12 / 5 - 23:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عقولاً تمطر كلامًا

نعرف أن السماء تمطر مطرًا على الأرض، لتُسقيّ وتُحييّ وتنبت كل ما عليها ولتدبّ الاستمرارية في كل ما موجود فيها. هكذا هي الحياة ماضية وهكذا هو خير المطر الهاطل من السماء، يُحيي كل ما تحتها. ولكن نحن في موضوع مقالنا سنتكلم عن نوع آخر من المطر، عن قطرات تتقطر من كلمات أفكار مُحلقة في سماء عقول، لتسقطت في الآذان وتحلّ في القلوب ومن ثم تترجم في الأفعال التي تصدر من إنسان وخزتهُ وخزات ربما ألمتهُ وربما قد أدمتهُ لتصل الآخر عن طريقهِ، وفي الحالتين هي قد تركت أثرها واستقرت وستنتقل إلى مكان ثاني وتُعيد الكرةّ إن سُمحَ لها بالإعادة!
أحداث ومواقف الحياة والإنسان الذي فيها يُمارسها لا حصرّ لها، هي نتيجة الإنسان نفسهُ، هو من يجدها وهو يمارسها على نفسهِ وعلى غيرهِ وهو من يدعوها في واقعهِ بغض النظر عن الأحداث التي تكون قد تماثلت بسبب الطبيعة. هذه مُجتمعة تؤدي إلى قيام حالة في داخل الإنسان تجعلهُ يفقد القدرة على تحملها ومواجهتها، مما تضطرهُ إن لم يكن بالأفعال، بالكلام الذي يُغني عن الكثير المُفتعل إلى إطلاق كلمات رنانة تهزّ الأبدان لها من قوتها وهولّ وقعها في النفوس، ليس لشذاهّا وإنما لأنها كسمّ أفعىّ الكوبرا تُقتل في لحظة تلقيها!
هكذا هو وقعّ الكلام المُرّ، وهكذا نعطيه تشبيه صغير: عندما تمسك مطرقة بيدك وتحاول أن تعمل ما تريد عملهُ من أي شيئًا كان، فأنك سترى ذلك الشيء الكامل وقد أصبح أجزاء مُتقطعة مُبعثرة، واحدة بعيدة عن الأخرى بالضرب المُستمر! كذلك الكلمات التي لا تكون في محلها حينما تصل إلى مسامع شخصًا ما سواء كانت عن قصد أو بدونهِ، فأنها ستجعل نفسهُ تشمئز وتنفرّ وتتشتت، وربما إن كان مما يردون الدينّ مع فوائدهِ سيُعيدها وفوقها البعض الآخر، أليس كذاك؟! وهنا تكون بداية النهاية ووضع فواصل لكل أمور الحياة الحاضرة والغائبة وتفريقها. أنها بصورة أوضح كوضع النقطة في نهاية كل جملة مكتوبة في ورقة ولكن الفارق بين نقطة الورقة ونقطة الحياة، هو أن الثانية ليست لإيقاف الأحداث عند ذلك الحدّ المكتوب، بلْ هي تكون مراحل الانتقال من حالة إلى أخرى؟!
صفحات الحياة مُسطرة بالكثير مما هو فيها عابرٌّ، هي كلمات كُتبت في أرجائها بعضها من أجلها وبعضها الآخر ضدها، هي كلمات تناثرت من شفاه أرهقها ما أمطرت به العقول، هي كلمات تربت في عروق شعور مؤلم، هي كلمات نبتتْ في دواخل إنسان حاقد، هي كلمات صادرة من صوت يدويّ من جرحهِ، هي كلمات حصدت من حقول إنسان سائر في ظلمات أرض مُحطمة، هي كلمات عالقة على أطراف لسان يقطن هيكل مُظلم، هي كلمات تعبرّ كل ما هو في الطرقات باقيٌّ وعابرّ، هي كلمات لا مكان لها تأوي فيهِ فتختار الفرار المُستمر، هي كلمات ينقصها الكثير من الحروف والتفسير والتعبير، هي كلمات بكل هذا الوصف الذي قيل عنها، مُؤلمة وجارحة وربما قاتلة! والكلمات الجارحة حجارة تضرب بها قاصدها يجرح هو وتموت أنتَ، لأنكَ بها قبل أن تجرح الآخر تكون قد حكمت على إنسانيتك بالموت الدائمي؟!
فالكلمة السيئة التي تخرج من الفم لا يمكن لها أن تعود أو يتم تبريرها بأي أسلوب كان، تمامًا كالسهم حين ينطلق من قوسهِ ويصيب هدفهِ! كونها أخذت طريقها ووصلت أذن سامعها واستقرت قلبهِ، وحتى الأعتذار عنها فيما بعد لا يمكن أن يُعيد ما كان أو يُصلح ما أنكسر، فتذكر دومًا أنكَ:" بكلامك تُبررّ وبكلامك تُدانُّ" ( مت 12 : 37 )، وكذلك أعلم أن:" من أراد أن يحبّ الحياة ويرى أيامًا صالحة، فليكفُفْ لسانهِ عن الشر وشفتيه أن تتكلما بالمكر، ليعرض عن الشر ويصنع الخير، ليطلب السلام ويجد في أثرهِ" ( 1 بطرس 3: 10 - 11 ). وتذكر أن الماء قد يغسل الجسد مما مُتراكم عليه ولكن قليل منهُ يستحيل أن يُطهر اللسان مما باحّ به عندما تشربهُ، فليست المشكلة دائمًا في التفكير فيما الذي ستقولهُ بل التفكير كيف ومتى ولمن ستقول كلامًا لا يخدش شعور أحدٍ؟! فالقليل يُضيع الكثير والعين التي تبصرك ستجدها في يومًا ما أضاعتك. انتقي كلماتك قدر المُستطاع ودعها تأخذ طريقها السليم لتبقى على استقامتها مدى بقائك، ودعك مظلتك مفتوحة بعض الوقت حين تمطر، لكي تذهب قطرات المطر بعيدًا عن رأسك وترتاح من تنشيفهُ لاحقًا.
┫-;-



#سهى_بطرس_قوجا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمي لا تحبني ... أمي تكرهني
- التصادم اللاحق
- نقشتْ لهُ قبلة على الجبين
- رحلتي إلى الخيال
- الشتائم حيلة المُفلس
- وكان لهُ ما أرادَ
- الرضوخ بين الممكن والمستحيل
- نسيم الأماكن
- تأملات في الإنسان
- الاسترقاق أو العبودية المعاصرة
- التحرر في العقل
- ناقوس الذكرى
- الحاضر المغزول بخيوط الماضي
- وكم من طيبات قبعنْ مثلها
- الشهادة العلمية: هل هي نقطة في ديمومة الحياة؟


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سهى بطرس قوجا - عقولا تمطر كلامًا