أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهى بطرس قوجا - نسيم الأماكن














المزيد.....

نسيم الأماكن


سهى بطرس قوجا

الحوار المتمدن-العدد: 4093 - 2013 / 5 / 15 - 20:41
المحور: الادب والفن
    


نسيم الأماكن
سهى بطرس قوجا
ويبقى السؤال يراودني ويتقاذف إلى مُخيلتي:" لماذا هذا الرحيل المفاجئ؟!" فلا أجد الإجابة عليه، وكل ما أفعلهُ هو الاكتفاء بالصمت وسط الألم الصارخ!". مُتألم يكلم نفسهُ ببضع كلمات حديث كان، لا يسعهُ المكان اليوم رغم وسعهِ، أنهُ ألم يهتف بما يوخزهُ ما بين الحين والآخر؟! شعرَ بشوق وحنين يجتاح دواخلهُ، أشعرهُ بضيق في صدرهِ وحزن وتنهدّ، لملمّ بعضهِ الذي يشتاق لبعضهِ، وبعضهُ الذي يشتاق لها، والبعض الآخر المُتبقي الذي يسكنهُ، ذاهبًا بهما للمكان الذي يحنّ لهُ دومًا ويرتاح فيهِ، أنهُ أفيونهُ الذي يغيبهُ عن حالتهِ لبعض الوقت ليعيش زمانًا كان ما يزال فيهِ يعيش حيًا!
وما بين سماء شبه رمادية وبحر رمادي مُتقاذف الأمواج، يكون هو بينهما ساكن، جالس على الصخرة التي طالما كانت زمان بالنسبة لهما الجنة التي يتقابلون بها، كانت مسكنهما المعهود. جلس ومدَّ عينيهِ للبعيد البعيد للأفق المائل إلى السواد، علْ بعض البوح يخفف مما يجتاحهُ ويزورهُ بدون استئذان! ناظرًا للموج المُتلاطم والمُتهافت على رمال الشاطئ بعينًا سارحةٍ! ترى إلى ماذا ينظر، وما الذي ينتظرهُ من هناك؟! أيأمل في عودة من غابَ بدون ميعاد؟! أيعقل أن يكون الأمل المنشود في داخلهِ؟! أم هي الحيرة في داخلهِ هي من تقودهُ؟!
أخذهُ التفكير وبعدها مدّ جسدهُ على الصخر وبسط يديهِ حدّ حدودها، مُسدلاً قدميهِ للموج، مُستسلمًا أمام البحر ليأخذه مع أصوات موجهِ إلى من يفكر بها ويقلقهُ رحيلها فجأة! ناظرًا للغيم الرمادي الراحل رويدا رويدًا مع الريح المسافر في الفضاء. نظر إليه وتمنى أن يكتب عليها شوقهُ وشجنهُ وقبلاتهِ وعناقهِ لتصلها إلى حيث هي! وأخيرًا وسط هذه الأجواء ووسط ما عزفتهُ في داخلهِ، جعلتهُ يستسلم ويسدل عينيهِ عن عالمهِ ليرحل إلى عالمها الذي يعج بداخلهِ بكل ذكرياتها، مُعانقًا عطرها، كلماتها، همساتها، لمساتها، نبرات صوتها، عتابها، جنون حبها، يتذكرها وتحل هي بأعماقهِ بكل ما يحملهُ حلولها.
ولكن بينهُ وبين نفسهِ يقول: أحلامي ضرب جنون، وجنوني لا أمل لهُ! وبينما هو يكلم نفسهِ بكلمات، حلم بسفينة عائدة بعد غياب تحمل على متنها من هم إلى الروح أقرب، رستْ على الشاطئ وهي الأخرى رستْ عند عتبة قلبهِ! فلمحها بعينيه وهي تنزل منها بخفة خطواتها وتركض إليهِ بلهفة وصوت الخلخال يرنُّ في رجلها، واصلةٍ إليهِ وماسكة يديهِ وهامسة في إذنهِ بحرارة دفء صوتها:" اشتقت لك، وعيني لم تنمُّ قريرة منذ أن فارقتك، اشتقت لكَ وقلبي لم تنتظم دقاتهِ منذ أن غادرتكَ، حياتي سادّ فيها الصخب منذ أن فارقتك عيني، اشتاق بعضي الباقي لبعضي الآخر الذي يسكنك، أنا بدونك لا أكون، ببساطة أنا أنتَ".
صوتها الحنون بمُجردّ دخولهِ مسامعهِ لامسّ وجدانهِ وداعب روحهُ وجعل دقات قلبهِ تتضارب من تهافت نغمات صوتها عليها وشعر برغبةٍ بأن يطير بها، وشعر بالحياة تدبّ فيهِ من جديد، وشعر أن المكان لا يسعّ حجم سعادتهِ .... شعور لا ينتهي! نظر إليها نظرة عاشق ولهان وقال لها:" أنا وأنتِ لنْا ذكرى لن ننساها ما حيينا، وحتى المكان وذلك المقعد شاهد والشمس حاضرة رغم غيابها اليوم". داعبتْ الابتسامة شفتيها ولامست شغاف قلبهِ برسمتها وأراد أن يأخذها بالأحضان، ولكن ما إن حاول ذلك حتى فاق وعرف أنهُ كان على أرض الأحلام يجول ويبحث فيها عما لا يجدهُ في واقعهِ! حلم وتمنىّ ولكن أمواج البحر حققت فقط رغبتهِ على شواطئ الأحلام وتركتهُ يعيش لحظات هي كانت لهُ حياتهِ وعمرهِ الذي يتمناه!
مع الأسف كان حلم جميل زارهُ في لحظة جوع الروح! كل بقعة من تلك الأماكن التي تحمل رائحة الماضي العطرة، تحمل ذكريات موثقة سواء كان بين ثناياها وفضاءها أو في الذاكرة، كلما رحل إليها من لهُ مكان فيها أضاءت جنبات النفس واستعرضت أمامهُ ما هو مخزونًا في الذاكرة ومنقوشًا في القلب.
وتبقى بعض الأماكن نسيمها عنبر وبيلسان، لكن الانتظار فيها يُدمي! هي ذكرى، انتظار، وحدة، تفكير، همسة، عتاب، هلوسة، جنون .... الخ، هي مشاعر صادقة ووفية لأبعد حدّ مُرتبطة بالمكان الذي فيهِ شهد أجمل اللحظات وأجمل عمر وأجمل صمت وأجمل أنفاس وأجمل صوت وأجمل صدق مشاعر. ذلك المكان الذي تربىّ بين أحضان اثنين يبقى عنوان لهما يعودان إليهِ كلما هبّ الحنين وأراد أن ينتعش في داخلهما. أماكن تدقّ القلوب لتعيش فيها وتعطرها بعبق رحيقها، فللأماكن أرواح كروح من زارها ونقش فيها مكانهُ وأسكن حبهُ، وكلما حنّ واشتاق رحل إليها وجلس بين ما تحملهُ ليعيش ويعيد الأنفاس إلى النفس لتحيا.



#سهى_بطرس_قوجا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في الإنسان
- الاسترقاق أو العبودية المعاصرة
- التحرر في العقل
- ناقوس الذكرى
- الحاضر المغزول بخيوط الماضي
- وكم من طيبات قبعنْ مثلها
- الشهادة العلمية: هل هي نقطة في ديمومة الحياة؟


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهى بطرس قوجا - نسيم الأماكن