أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سهى بطرس قوجا - الرضوخ بين الممكن والمستحيل














المزيد.....

الرضوخ بين الممكن والمستحيل


سهى بطرس قوجا

الحوار المتمدن-العدد: 4135 - 2013 / 6 / 26 - 02:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الرضوخ بين الممكن والمستحيل
سهى بطرس قوجا
ما بين الممكن والمستحيل يكون هنالك واقف بينهما على أرض تدور به، في ذهول ودهشة لا يعرف هل يترك الممكن ويقبل على المستحيل ويسكنهُ والذي ربما قد يتعارض معهُ لاحقا، أم يبقى في الممكن الذي ربما بتصوره سيضيعهُ في واقع لا يحبذهُ، مُرغمًا؟! في الحالتين أنها حيرة بالنسبة لهُ وقرار صعب الاتخاذ في الاقتراب والتأمل والمثول أمام ما يريد، أنهُ كمثل بندول الساعة في ذهاب وإياب في نفس النقطة مُتمركز، لكن الدقائق والساعات تمضي به في الأيام وفي طرقات السنين لتأخذ من القادم وتضيف على ما هو ماضي!
والحياة مُستمرة تأتي بجديدها وتأخذ القديم وهو في القديم ساكن، فيا ترى هل لذلك القديم من ولادة؟! هل لهُ حياة سوف تتجدد مع كل برعم زهرة تتفتح في ربيع سنة جديدة؟! يتأمل فيما يسكن مُخيلتهِ كثيرًا ويتمناه أن يكون في واقعهِ واقع، ولكن أين لذلك الواقع من مثول؟! يقول بينهُ وبين نفسهِ: كم أنا بحاجة إلى فنجان قهوة ليفيقني من الدوامة التي أدور في رحاها، أنها ترفعني من أرضي وتهزّ تماسكي لتأخذني في طريقها حيث هي مسافرة؟!
ثم يردف ويكمل حديثهُ قائلا: أنا بتصوري أجدهُ مُمكنًا ولكن مستحيل أن يكون! كيف ليَّ أن أرضخ لمستحيل أنا من صنعتهُ ودعيتهُ للحضور في عمري؟! كيف ليّ أن أزيح تراكمات ترسبتْ في سنين حسبت من عمري ولكن لم أحس بها؟! كيف ليَّ أن أودعّ حياة عشتها بقليل من الإرغام وعدم الاختيار ولكن فيها من لا يستحق الترك وأصبح جزء من جسدي؟! كيف أعيش سعادة أتذوقها لأول مرة وأحس بطعمها وأعلم أنها في حياتي صعب أن تتكرر ومستحيل أن تكون؟! كيف لملفات طواها الزمان أن تُفتح ويقرأ ما فيها وتصحح ربما؟! كيف بحياة طالما رغبت أن تكون من نصيب إنسان حيّ؟! كيف برحيق زهرة لازم الأنفاس وأحيياها في فترة كان الجسد ينحني من أجلها؟! كيف بأوراق الشجر التي كنت أجلس تحت ظلها وهي تعزف سمفونية موسيقية من مداعبة نسمات الهواء لها؟! كيف بزخات المطر التي كانت تتساقط على الوجه وتغسلهُ لتفيقهُ من أحلام صبيانية جميلة؟! كيف بتلك المشية الطاووسية بكامل أناقتها، قوية يصعب كسرها وبنظرات ساحرة توحيّ بالجاذبية؟! كيف بزقزقة العصافير وهي تبشر بقدومها؟! (كيف) كلمة لن تنتهي من بداية كل التساؤلات التي تدور في المخيلة!
غالبًا ما تأتي الأشياء الجميلة على غير ميعاد، وبين أشخاص لا موعد يجمعهما، وفي زمن مُحدد ليس لها، وعمر معين صعب فيها أن تتحقق أو تتكرر. أنها حيرة حينما يُكبل التفكير الإنسان ويمنعهُ أن يواصل المسير بخطىّ ثابتة نحو ما ينشدهُ وما يتمناه، يريد ويرغب ولكن حين يتأمل ويفكر في حياتهِ وفي الحياة بمجملها ومن يشاركهُ فيها يجدهُ مستحيل المنّال! فلا يستطيع التراجع عنهُ أو المثول لهُ، هنالك ما هو مستحيل يحيل بينهما يمنعهما من التواصل أو العبور للممكن مما يجعلهُ في حالة ما يسعى للرضوخ لأحدهما! والرضوخ حينما يفرض نفسهُ أو ربما تستدعيه الحاجة للحضور لا حدود تحدهُ، كون الظروف، الأشخاص، الأحداث، الوقائع، الزمن، جميعها لا تسمح بغير هذا، الرضوخ والقبول بالأمر الواقع وعيشهِ ربما مُتواصلاً.
هناك الواقع الذي لا يمكن تغييرهُ، واقع مهما حاولت فيهِ فإنهُ يبقى في النهاية واجب الاستسلام إليهِ ومعايشتهِ، ليس عجزًا أو خضوع ولكنهُ الرضوخ لأمر من المستحيل أن يكون ممكنًا، بحيث يجعلك تشعر عندما تكون ماثل أمامهُ أنك تستصغر نفسك وتهينها ولكن الحقيقة غير ذلك، أنهُ أمر لابدّ منهُ ولا حل يكون وقتها غير الرضاء به وتصحيح النظرة إليهِ لكي تراهُ من زاوية أخرى تتأقلم عليها وتحبذها. وأعلم بأنها مشكلة حينما تصبح حائر بين حلم لا يكتمل وواقع لا يحتمل ولا يتحقق، ولكنها تبقى الحياة وهي تعزف سيمفونيتها في حضور ساكنيها.



#سهى_بطرس_قوجا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نسيم الأماكن
- تأملات في الإنسان
- الاسترقاق أو العبودية المعاصرة
- التحرر في العقل
- ناقوس الذكرى
- الحاضر المغزول بخيوط الماضي
- وكم من طيبات قبعنْ مثلها
- الشهادة العلمية: هل هي نقطة في ديمومة الحياة؟


المزيد.....




- مدير CIA يعلق على رفض -حماس- لمقترح اتفاق وقف إطلاق النار
- تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60 %
- بايدن يتابع مسلسل زلات لسانه.. -لأن هذه هي أمريكا-!
- السفير الروسي ورئيس مجلس النواب الليبي يبحثان آخر المستجدات ...
- سي إن إن: تشاد تهدد واشنطن بفسخ الاتفاقية العسكرية معها
- سوريا تتحسب لرد إسرائيلي على أراضيها
- صحيفة: ضغط أمريكي على نتنياهو لقبول إقامة دولة فلسطينية مقاب ...
- استخباراتي أمريكي سابق: ستولتنبرغ ينافق بزعمه أن روسيا تشكل ...
- تصوير جوي يظهر اجتياح الفيضانات مقاطعة كورغان الروسية
- بعد الاتحاد الأوروبي.. عقوبات أمريكية بريطانية على إيران بسب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سهى بطرس قوجا - الرضوخ بين الممكن والمستحيل