أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سميرة المانع - ما قلت وداعا أبدا















المزيد.....

ما قلت وداعا أبدا


سميرة المانع

الحوار المتمدن-العدد: 4293 - 2013 / 12 / 2 - 01:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صدرت كمية معتبرة من الكتب عن دور النشر ببريطانيا، في السنين الاخيرة، مكرسة لما حصل بالعراق بعد الحرب الاميركية – البريطانية سنة2003 ، لكنها طالما غضت الطرف، مع وسائل الاعلام ومنظمات حقوق الانسان، بالماضي، عن الانتهاكات الجمة التي مورست على ابنائه فتركتهم تحت سطوة أقسى نظام لو وصفناه بنظام ديكتاتوري، كما تعودنا أن نصف انظمة أخرى بالعالم كنظام فرانكو، مثلا، باسبانيا، نلاحظ أن هؤلاء ( الدكتاتوريين) عمروا بلدانهم في الاقل، ثم تركوها أبعد ما تكون عن الدمار والخراب، وجدوا لها مكانا لائقا في العالم لتتبوأه وتعلو في مصاف الدول المتقدمة.
على أية حال ، نترك المقارنة جانبا، لنجد شيئا مختلفا في كتاب صدر عن دار نشر
( اندرية دوتج) Andre’Deutsch
عام 2007 ، بعنوان " ما قلتُ وداعا أبدا" وفيه تتحدث امرأة بريطانية، مؤلفة الكتاب (بولين نوليس – سامرائي) وكيف تزوجت من شاب عراقي نبيه ومتميز، بعد أن تعرفت عليه سنة 1957 اثناء دراسته ببريطانيا في الهندسة الكيمياوية اسمه منعم السامرائي مبعوثا من قبل حكومته الملكية لتفوقه بالدراسة حسب نظام البعثات المعروف بسياستها التعليمية في تلك السنوات. آرتحلت لوطنه مع طفلها الاول مازن، تاركة امّها الارملة وكانت وحيدتها، ليصبح العراق وطنها متخلية عن جنسيتها الانكليزية بعد قانون عدم السماح بالزواج من الاجنبيات الذي شرعه نظام حكم البعث بعدئذ. تسرد بولين ذكرياتها متطرقة لمنظر سقوط النظام الملكي ورؤية العنف بالابيض والاسود بالتلفزيون بداية. شاهدت بعد ذلك، منظر اعدام عبد الكريم قاسم في بناية الاذاعة العراقية ثم تلاه انقلاب تلاه انقلاب ثم وراءه انقلاب. كانت حكايتها الدراميه تتعالى بفصول صبرها على تحمّل عيشها مع عائلة زوجها ببغداد أولا وكيف انسجمت مع الحياة البغدادية وصارت لها صديقات، منهن جارات أو زوجات اصدقاء زوجها بوظائفه المتعددة تبعا لكفاءته كخريج في الهندسة الكيمياوية من جامعة برمنغهام البريطانية.
تصف كيف عمل في مصفى الدورة قرب بغداد ثم انتقل للعمل بمصفى خانقين شمال العراق ثم مساعدا للحكومة على تأميم نفط العراق حيث قام بواجبه بكل اجتهاد واخلاص، وهمه أن يعيش العراقيون مرفهين، بعد ذلك، بخيرات بلدهم النفطية.
تعرفت على صدام حسين في بيتهم حين جاء للتعزية بعد وفاة أحد اخوة زوجها. عرفته واحدا ساهم في محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم بشارع الرشيد وبعدها اعتلى السلطة تدريجيا بعد انقلاب.
لا شك أن الاخيرعرف كيف يستخدم زوجها لمآربه لدرجة أن جعله وكيلا لوزير النفط وأعطى لهم بيتا حديثا للسكن بمنطقة المهندسين وسيارة مع سائق بالانتظار بالباب. لكنهما عاشا بترقب قلب خائف وقلق دائم، سيما أنهما أدركا أن الحاكم ، للاسف، لا يؤتمن، لا احد يعرف متى يقلب لهما ظهر المجن، وعلى مقولة بعض من يعرفه شخصيا ( لا صاحب عنده) ما عدا من كان مطيعا وعبدا له . عرفوا كيف افتتح حكمه بقتل العشرات من رفاقه في الحزب من البعثيين بطريقة لا يمكن تصورها، اثناء جلوسهم في قاعة الاجتماع لسماع خطبته. مارس سلوك أسوا العصابات، مكتفيا بتدخين سيجاره الكوبي بعجرفة، آمرا حمايته بالقاء القبض عليهم وهم جالسون واحدا واحدا، بحجة أنهم متآمرون. سجلت المؤلفة بولين الجو المخيف بالعراق وكيف ُقتل وزير الصحة، بعدئذ، بمجرد اقتراح طرحه على صدام اثناء الحرب العراقية – الايرانية، ليسلمه بعدئذ لزوجته مقطعا إربا إربا. بهذا الرعب عاشت بولين مع زوجها متجنبين الكلام حتى في بيتهم خوفا من الآت التصنت عليهم، وقبل أن تخبرهم ابنتهما ( ندى) التي ولدت بالعراق، بعد سنوات، إنها سئُلت في المدرسة كي تتجسس على والديها لكنها رفضت.
سجلت بولين بكتابها الدقيق بالتفاصيل والكثير الحنان للضعفاء من البشر والحيوان بالعراق، سيما كونها اساسا ممرضة متمرنة ببريطانيا، عند لقاء زوجها، وربما استطيع القول ينطبق على سلوكها صفة (ملائكة الرحمة ) التي تُطلق على الممرضات في بلدها الاصلي. لذا امتلأ الكتاب بمعاناة الشعب العراقي والآمه اثناء عاصفة مدمرة وغيوم داكنة يتحاشى البعض التطرق لها اليوم، لئلا يصاب بضيق التنفس بالصدر. من هذه الامور ما كان يُطلق عليه بداية السبعينات بظاهرة ( أبو طبر). هذا الاسم الغريب المخيف الذي وجد لارعاب السكان ببغداد، يسطو على البيوت ويقتل من يشاء منهم بالفأس. أُشيع بين السكان أن الحكومة عاجزة عن القاء القبض عليه أو على عصابته لجرأتها. تذكر بولين بكتابها متوصلة الى كون العصابة رجال أمن في كل محلة من محلات بغداد يعرفون السكان في بيوتهم فردا فردا جيدا ، وقد ظهروا على التلفزيون سنة1975 ، بعد أن انتهت مهمتهم المنيطة بهم سرا، فوصفوا كمجرمين عاديين عثرت عليهم الحكومة وانقطع دابرهم بفضلها في النهاية.
لا ينتهي الكتاب التوثيقي إلا ويصل إلى الدور المأسوي لزوجها حيث يعدمه صدام اثناء ما تكون هي وابنتها في زيارة لامها ببريطانيا. المحزن أن زوجها شعر بالخطر عليهما بالعراق واحس بما سيجري له لكنه لم يستطع المحافظة على نفسه. كانت جريمته، في رأيها الآن، أنه تحدث بصوت عال منتقدا ممارسات سيئة فذهب دون أن تقول له وداعا. ذكر البعض لها انه ظهر بالتلفزيون العراقي، بعد القاء القبض عليه، مرتديا البيجاما، مدافعا عن نفسه قائلا انه خدم بلده مضحيا بكل شئء كي يكون العراق بوضع أفضل. عرفت بعدئذ، إنه أُعدم مع آخرين معه من دون محاكمة يوم19 آب سنة 1986 ودفن جثمانه في موقع للعائلة بمدينة سامراء. بقيت بالخارج خائفة على ابنها الوحيد مازن ذي الثلاثة والعشرين ربيعا، تلوب، متحينة الفرصة من أجل اخراجه من العراق دون جدوى. بعد انتظارها لسبع سنوات عجاف، والنتيجة فاشلة، تتفق مع اصدقاء لها فلسطينيين في عمان، لديهم مشروع تجاري في الخارج. رتبت معهم على أمل أن يخرج مازن من العراق فيجد عملا عندهم. أخيرا تجازف بالذهاب للعراق وإياهم بحجة زيارة أحد اقاربهم الطالب في جامعة بغداد. تصف الليلة التي قضتها معهم وكيف قُدم لها أطيب أنواع الآكل ولكنها لم تستطع أكله بسبب القلق والترقب على أمل رؤية ابنها. النتيجة كانت مؤلمة حين تهرول نازلة من السيارة، متلهفة لتدخل بيت السامرائي بمنطقة الكرادة ببغداد، لتجد أحد أخوان زوجها هناك وحده، وهو في حالة انكسار . أخبرها بجملة مقتضبة واحدة : صدام شنق مازن.
بهذه العبارة المختصرة المدمرة تعود للاردن ليست فاقدة لشهية الطعام وانما للحياة كلها.
وكما نعرف أنّ سنّة الحياة ليست دائما سوادا، لقد خُطبت ابنتها ندى لمحمد ( صبوح) ابن اصدقائها الفلسطينيين. تزوجت منه وانجبت طفلا. أول شيء فكروا فيه بعد مجيئه أن يطلقوا عليه اسم مازن احياء لذكرى خاله المغدور الذي أعدم بسجن أبو غريب ودفن قربه. أخيرا وبعد محاولة عائلة السامرائي معرفة مكان جثمانه أعطي لهم رقم مراجعة : 519 ونصحهم المسؤول أن يكفوا عن أي استفسار آخر



#سميرة_المانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء
- خروج أديب من قرونه الوسطى
- ما يقال عن المرأة في الادب العربي
- الاعتداء
- العيش في سلام
- التواطؤ الثالث بالسياسة
- التواطؤ الثاني بالجنس
- التواطؤ الاول بالفنون
- البحث عن الموجود
- العاقلة جدا
- بداية حملة السرقة
- الخال
- ها....ها...ها
- ألا ابشروا بالاعمال الخلاقة
- ثمة اسرار
- من مفكرة امرأة مغتربة
- أجوبة أسئلة تخطر بالبال
- مَن دفع للمزمرين
- خصائص رواية منفى
- هي بقيت علي ، يعني!


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سميرة المانع - ما قلت وداعا أبدا