أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين صالح - امتهان العربان لكرامة الشعوب في احتلال البلدان















المزيد.....



امتهان العربان لكرامة الشعوب في احتلال البلدان


حسين صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4255 - 2013 / 10 / 24 - 20:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



تحدثنا الروايات في الصحيحين ان النبي محمد(ص) عندما رُفع الى سدرة المنتهى قال (اذا باربعة انهار, نهران باطنان ونهران ظاهران , فقلت : ماهذا ياجبريل؟ قال: اما الباطنان فنهران في الجنة واما الظاهران فالنيل والفرات) ودون الخوض في البحث عن مدى صحة تلك الروايات فانها تدل تماما على مدى اهمية نهري النيل والفرات الذين شغلا مساحة كبيرة من خيال ساكن الصحراء الى الدرجة التي اوصلهما الى سدرة المنتهى .
مكة , ملتقى القبائل العربية وملتقى طرق التجارة من الشام الى اليمن , تقع في منطقة صحراوية جافة قاسية الطبيعة ,جبالها جرداء تراها عابسة ومقطبة وحادة المزاج كلما نظرت اليها ,تفتقر الى الماء والخضراء , حيث لايمر اي نهر في المنطقة, ولأنها فقيرة في مياهها فهي فقيرة في الاحياء النباتية و الحيوانية ( والتي تواجدها تعتبر من اهم مقومات نشأة اي حضارة)عدا مايتلائم مع طبيعة الصحراء الفظة من الخيول والإبل والزواحف التي تقاوم لسعات الرمال الحارة وكتب التأريخ تذكر لنا بعد فتح المدائن بالعراق سأل الخليفة عمر عندما جاءه وفد العراق من المدائن حيث الانهار والبساتين والعيون, لماذا تغيرت الوانهم وجفت اعضائهم , فكتب سعد اليه( وخومة البلاد وان العرب لايوافقها الا ماوافق إبلها من البلدان) اي ان العرب كماهي إبلهم تلائمهم فقط طبيعة الصحراء الجافة , وبهذا فهي بيئة مثالية لنشأة القسوة والتحدي والغلظة في ساكنيها الذين بالنتيجة سيكون شغلهم الشاغل البحث الدائم عن اسباب الحياة التي اناءت بوجهها عنهم وجعلتهم يكابدون من شظف العيش.
في المحيط القريب من هذه البيئة القاسية نجد اولى حضارات الارض , حيث وفرة المياه من أنهار وعيون وفاكهة مما يشتهون وخصب دائم وأرض طيبة تجود بكل ثمار الجنة واشجار ذات قطوف دانية , انهما وادي الرافدين بنهريه دجلة والفرات الخالدين ومصر بنيلها الخالد المعطاء, انهما صورتين متناقضتين لظروف عيش مثالية واخرى لظروف عيش على حافة المجاعة. ولهذا نشأت حضارات عظيمة في الشمال ولم تنشأ اي حضارة ذات بال في الجزيرة.
ان سكان مكة وماجاورها يعرفون تمام المعرفة رغد العيش في محيطهم الشمالي من خلال الاسفار والتجارة وتناقل الاخبار , ورغد العيش هذا يُنشأ بالضرورة نعومة الحياة برجالها واخلاقها , وشظف العيش ينشأ خشونة الحياة برجالها واخلاقها, وهذا مانجده في مجتمعات العراق ومصر الزراعية المسالمة ومجتمع الجزيرة الذي يعتمد حياة الغزو الدائم من اجل البقاء والباحث دائما عن مصادر الحياة الشحيحة عنده والوفيرة في محيطه الشمالي .
عندما انطلقت الجيوش العربية من موطنها نحو الشمال حاملة لواء الاسلام ,حملت معها طباع عالمهم الخشن وحملوا اخلاق الصحراء وبيئتها البعيدة عن الرحمة وهي حياة الاغارة والغزوات, وهذا ينطبق مع وصف ابن خلدون لهم في مقدمته حيث يقول (ان العرب اذا تغلبوا على اوطان اسرع اليها الخراب والسبب انهم امة وحشية باستحكام عوائد التوحش واسبابه فيهم فصار لهم خلقا وجبلة ...وايضا فطبيعتهم انتهاب مافي ايدي الناس وان رزقهم في ظلال رماحهم وليس عندهم في اخذ اموال الناس حد ينتهون اليه) كما حملوا قيم القبيلة والتي صبغوا بها الاسلام الذي من المفروض ان يكون ذو صبغة عالمية , فنقرأ العديد من النصوص التي اوجدوها تحمل ملامح اخلاقهم وملامح الصحراء الغليظة ونمط حياتها الصعب وبتقادم الزمن صبغت تلك النصوص بصبغة الدين ومن ثم القداسة لاختلاطها بالنصوص الصحيحة فصعب التمييز. وبهذا يمكننا القول ان نقاء وعذرية الرسالة قد غلب عليها الطابع القاسي لحامليها وشابتها الكثير من حاجاتهم الدنيوية حتى اصبحت تلك الحاجات جزءا من المقدسات واصبح بتقادم الزمن من العسير التفريق بين الاصيل والمفترى.
لقد اختصر لنا خالد بن الوليد الكثير من البحث عن الصفات حينما قال قبل معركة اليرموك لاحد القادة الروم, يصف نفسه وقومه( نحن قوم نشرب الدماء وانه بلغنا انه لادم اطيب من دم الروم فجئنا لذلك) وبالتأكيد لايمكن بأي حال من الاحوال ان تكون هذه هي طبيعة رسالة الاسلام الواجب ابلاغها للعالم ففيها الكثير من التجني على الاسلام لاننا نعرف ان خالدا بهذا الموقف لايمثل نفسه بل يمثل الاسلام. ويمكننا ان نعود الى الوراء ونقول انها اسقاطة تمثل حقيقة طباع خالد وطباع قومه طباع الصحراءالقاسية وليست نقاوة الاسلام. ولكن بالتأكيد صبغت الرسالة بطباع حامليها , ولا تعليق على من يدعي انها عبارة استعملها مجرد لاخافة اعداءه وانزال الرعب في قلوبهم لانه دليل على عدم المعرفة بسيرة خالد .
بعد ان تم احتلال وادي الرافدين بنهريه العظيمين دجلة والفرات اتجهت الجيوش العربية لاحتلال مصر (وادي النيل) لتتحقق نبوءة الخيال العربي بامتلاك نهري سدرة المنتهى النيل والفرات.
لقد تم احتلال وادي الرافدين ومصر بانتصار ساحق للجيوش العربية الغازية وبوقت قياسي وذلك لعدة اسباب يمكن اختزالها بصورة مقتضبة جدا كالتالي:
اولا- ان سكان مصر ووادي الرافدين هم بالاصل من المزارعين و ليسوا مقاتلين ,بينما الجيوش العربية متمرسة على حياة الغزو فهذه هي طبيعتها , وكما يقول ابن خلدون في مقدمته(اهل البدو اقرب الى الشجاعة من اهل الحضر والسبب ان اهل الحضر القوا جنوبهم على مهاد الراحة والدعة وانغمسوا في النعيم والترف , اما اهل البدو لتفردهم عن المجتمع وتوحشهم في الضواحي وبعدهم عن الحامية قائمون بالمدافعة عن انفسهم دائما يحملون السلاح).
ثانيا- عدم ولاء السكان للمحتل القديم ان كان المحتل من الفرس او من الروم المستبدين.
ثالثا- ان امبراطوريتا الفرس والروم كانتا تمران بمرحلة الشيخوخة فكان من السهولة اسقاطهما حسب نظرية المؤرخ البريطاني ارنولد توينبي في (الاستجابة والتحدي).
رابعا- الجيش العربي لازال فتيا ومندفعا بروح وعنفوان الدين الجديد طالبا احدى الحسنيين.
خامسا- الحاجة لمنابع الحياة الغير متوفرة في بيئتهم والزاخرة في العراق والشام ومصر , فهي تذكرنا بغزوات القبائل العربية فيما بينها للاستيلاء على السبي والموارد ولكن بمقياس مختلف بالتأكيد.وهذا مافطن له القائد الروماني ماهان عندما قال لخالد(انا قد علمنا أن ماأخرجكم من بلادكم الجهد والجوع فهلموا الى ان اعطي كل رجل منكم عشرة دنانير وكسوة وطعام), وهذا السبب هو من اهم الاسباب ان لم يكن اهمها على الاطلاق . وهناك الكثير من الامثلة التي تفصح عن مدى القحط والحاجة التي تعيشها تلك المجتمعات والتي تملأ كتب تأريخنا ربما نقتطف بعضا لتقريب الصورة , عن ابن عمر (كنا جلوسا مع رسول الله وكان سعد بن عبادة مريضا في بيته فقال الرسول من يعوده منكم فقام وقمنا معه ونحن بضعة عشر ماعلينا نعال ولاخفاف ولاقلانس ولاقمص) نلاحظ مجموعة كاملة من علية القوم يمشون حفاة الاقدام على الرمال والحصا وهاهو سعد بن ابي وقاص يذكر احدى غزواته مع الرسول ويقول (مالنا من طعام الا ورق الحُبلة وهذا السمر( وهي نباتات صحراوية)حتى ان كان احدنا ليضع كما تضع الشاة )بمعنى عندما نتغوط فهويابس كبعرور الشاة طبعا من سوء التغذية. وابو هريرة يشد الحجر على بطنه من شدة الجوع , والرسول في احد الايام خرج من بيته جائعا فصادف ابو بكر وعمر فقال ما اخرجكما قالا الجوع , ربما يقول متخرص انهم تاركين ملذات الحياة الدنيا وشهواتها ولكن عندما نكمل الحديث نرى انه عندما دعاهم احد الانصار على شاة اكلها الجميع فلم يبقوا منها شيئا. ان الموضوع ليس له علاقة بالزهد والموضوع لايحتاج الى تأليه وتقديس كل فعل من افعال الصحابة , انما هي الحاجة والقحط وشظف العيش الذي يجبرهم على حياة الكفاف.
وهو ماصرح به تماما عمرو بن العاص في مناظرته مع قائد الروم في مصر عندما قال( نحن العرب ومن اهل الشوك والقرظ ونحن اهل بيت الله , كنا اضيق الناس ارضا وشره عيشا ...)الى ان قال ( فلو تعلم ماورائي من العرب ماأنتم فيه من العيش لم يبق احد الا جائكم) في سير اعلام النبلاء للذهبي. والتصريح واضح لضيق عيشهم وحاجة العرب لموارد العيش الوفيرة في مصر والخطورة في قوله لو علم بها العرب لتركوا جميعهم الجزيرة وقساوتها و جاؤوا مصر, وفي الحقيقة هذا الذي حصل فالموضوع حسب تصريح عمرو هو اكبربكثير من دعاية نشر الدين الحنيف انما هو صراع من اجل البقاء والسيطرة على موارد الشعوب المغلوبة وهذا مايؤكده سؤال الخليفة عمر لرسول عتبة بن غزوان بعد انتصاره في ميسان بجنوب العراق( حيث سأل عمر: كيف المسلمين؟ فأجاب : انثالت عليهم الدنيا, فهم يهيلون الذهب والفضة) وهذا الحوار لايرقى بأي حال الى جو من المفترض ان بكون مفعما بالروحانيات واجواء الخشوع والذي من الممكن ان يدور في خلدنا ونحن نسمع عن انتصار رسالة الهية سمحاء مثل رسالة الاسلام بل على العكس انه جو تغلب عليه الماديات وامور الدنيا من توزيع ثروات وكنوز وهو حوار يعكس مدى العوز لهذه الاقوام. وقد قرأ سعد ابن ابي وقاص بعد فتحه المدائن بالعراق (كم تركوا من جنات وعيون وزروع) وهذا القليل من الكثير الذي ينبأ بوضوح عن مدى الحاجة النفسية والمادية لسكان الصحراء للاستيلاء على خيرات تلك البلدان .
احتلال مصرارض نهر سدرة المنتهى الثاني النيل الخالد
يقول النبي محمد(ص)(اذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فان لهم ذمة ورحما) وهذا حديث جميل فهل التزم العرب فعلا بوصية النبي؟.
خلا عمرو بن العاص بالخليفة عمر بن الخطاب طالبا منه الاذن بالمسير الى مصر قائلا( انك ان افتتحتها كانت قوة للمسلمين وعونا لهم وهي اكثر الارض اموالا واعجزها عن القتال والحرب) , وعبارة اكثر الارض اموالا تفتح لنا الباب على مصراعيه حول نوايا هذا الفتح ان كان حقا لوجه الله ام لوجه السلطة والثراء, والعبارة تفضح النوايا. وبعد الحاح عمرو على الخليفة ,قال عمر ( سر وانا مستخير الله في مسيرك وسيأتيك كتابي امرك فيه بالانصراف عن مصر قبل ان تدخلها واذا دخلتها قبل ان يأتيك كتابي فأمض في وجهك) والحوار لايحتاج الى تفسير, وبعد ان استخار الخليفة ربه بعث بكتابه الى عمرو يامره بالانصراف عن مصر, فوصل الكتاب الى عمرو وهو في رفح فخاف ان يفتحه ان يجد امر الانصراف فاسرع بالمسير الى ان دخل مصر وسأل فقالوا له انت في ارض مصر فامر بالكتاب ففتحه وقرأه على المسلمين ومضمون الكتاب معروف وبعد ان اطمئن عمرو لموقفه قال فسيروا وامضوا على بركة الله.
نرى ان عمرو بن العاص خالف امر الخليفة عمر والتف حول وصيته وبذلك يمكن القول ان قرار فتح مصر هو قرار عمرو بن العاص الشخصي بامتياز وليس قرار الخليفة المتردد منذ البداية بشأن مصر.رغم وجود رواية اخرى ان الخليفة بعث بكتاب الى عمرو وهو في الشام ان اذهب الى مصر,فانها لا تتعارض مع بقية تفاصيل الرواية الاولى ,وتبقى فكرة دخول مصر وتحبيبها الى الخليفة فكرة عمرو,ولغاية في نفس يعقوب.
في سنة 20 هجري توجه عمرو بن العاص الى مصر فدخلها عن طريق العريش بحوالي 4000 فارس. وبعد ذلك أمده الخليفة عمر ببقية المقاتين ليصلوا الى 12000فارس,ودون المرور بتفاصيل المعارك ,لنروي بعض الاحداث التي شهدتها مصر في تلك الفترة.
-السبي
يروي الطبري في تأريخه ان احد جنود عمرو بن العاص يقول( لما افتتحنا "باب اليون" تدنينا قرى الريف فيما بيننا وبين الاسكندرية قرية فقرية, حتى انتهينا الى بلهيب وقد بلغت سبايانا المدينة ومكة واليمن)ولنا ان نتخيل اعداد هؤلاء الناس من نساء واطفال لايملكون الحيلة والى مناظر العوائل وهي تتفرق بين المدن والبلدان والذين اخذوا من بيوتهم ومزارعهم سبيا الى اراضي اقوام اخرى لا يعرفون طباعهم ولاحتى لغتهم. وهذا مايؤكده البلاذري (وكانت قرى من مصر قاتلت فسبي منها فوقع سباؤهم بالمدينة), ان السبي هو اقسى حالات تجرد الانسان من انسانيته وهو من اكثر الاعمال التي يمارسها الانسان اهانة لاخيه الانسان وتحقيرا لآدميته وانتهاكا صارخا لكرامة هذا الانسان الذي فضله الله على سائر مخلوقاته حتى الملائكة (واذ قال للملائكة اسجدوا لادم),واذا يتقول قائل بأن هذا هو منهج حياة ذلك العصروهذه طريقة معيشتهم في حربهم وسلمهم وان العرب لم يتجاوزوا حدود المعمول به, وهذا كله حقيقة ولكن توجد حقيقة اسمى من هذا المنهج الوضعي وهو المنهج الالهي الجديد وشريعة الاسلام الالهية التي من المفترض ان تنتصر لكرامة الانسان وتجرم تلك الممارسات لا ان تأخذ بالمعمول به من بشاعة ظلم الانسان لاخيه الانسان وتمارس افعال وسلوكيات ساكن الصحراء الذي دفعته الحاجة للاستيلاء على ملك الاخرين, ان الاسلام يترفع عن هذا الظلم , واذا مااستذكرنا وصية الرسول لقريش بقبط مصر نرى مدى تجاوز العرب لوصايا نبيهم وبالنتيجة ظلمهم له فهم يمثلون رسالته والتي بكل اسف صبغوها بطباعهم فلم تعد رسالة محمدية خالصة.
-معاملة العرب لأهل مصر
1-قال عمرو للقبط من كتمني كنزا عنده فقدرت عليه قتلته , وان بعض الناس ابلغوا عمرو ان رجلا يدعى بطرس عنده كنز , وعند سؤاله انكر, فحبسه عمرو ونزع خاتمه وختم رساله الى راهب هو صاحب لبطرس ان ابعث الي ماعندك فحسبها الراهب من عند بطرس فبعث اليه بقلة وعندما فتحها عمرو وجد بها ورقة تدله على مكان الكنز فوجده فضرب عمرو عنق بطرس على باب المسجد بعدها خاف القبط من مصير بطرس فأخرجوا ماعندهم من كنوز لعمرو بن العاص.وبالتأكيد لايمكن ان نبرر مثل هكذا فعل تبريرا اخلاقيا ولايمكن ان نجد له غطاء شرعي,وهويتعارض تماما مع قول الرسول(مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا أَوْ اِنْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْق طَاقَته أَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْهُ بِغَيْرِ طِيب نَفْس فَأَنَا حَجِيجه يَوْم الْقِيَامَة ) ..
2-خرج ابو سلمة بن عبد الرحمن يريد الاسكندرية في سفينة فاحتاج الى رجل يجدف له فسخر قبطيا دون ان يدفع له اجر وقال انما هم بمنزلة العبيد.
3-عند فراغ عبادة بن الصامت من مقولته الى المقوقس وخيًره بين ثلاث خصال , قال المقوقس (ماتريدون الا ان تتخذونا نكون لكم عبيدا ماكانت الدنيا) فقال عبادة هو ذاك فأختر ماشئت .
4-كان عمرو يسخرهم ليحملوا طعام افراس العرب , يعني اعلاف الحيوانات , ومن شدة الضرائب كان الفلاحون الاقباط يهجرون القرى الى الاديرة لانها غير مشمولة بالضرائب فانتبه الولاة لذلك وفرضوا الجزية على الرهبان.لنقيس هذه الافعال مع حديث الرسول السابق .
5-في مختصر الدول ,ابي الفرج الملطي( طلب يحى الغراماطيقي من عمرو بن العاص ان يعطيه كتب الحكمة في الخزائن الملوكية بالاسكندرية فكتب عمرو بذلك الى الخليفة عمر فاجابه(وأما الكتب التى ذكرتها فإن كان فيها ماوافق كتاب الله، ففى كتاب الله عنه غنى، وإن كان فيها مايخالف كتاب الله، فلاحاجة إليه فتقدم بإعدامها)، فشرع عمرو بن العاص فى تفريقها على حمامات الأسكندرية وإحراقها فى مواقدها، فاستنفدت فى مدة ستة أشهر.
6-قدم حنظلة بن صفوان اميرا على مصر فتشدد على النصارى وزاد في الخراج وجعل على كل نصراني وسما , صورة اسد, وتتبعهم فمن وجده من غير وسم قطع يده. والرسول يقول(لاتمثلوا ولوبكلب عقور).
7-عندما وظف عمرو بن العاص بعض الاقباط لجباية الخراج وحساب الضرائب كتب اليه الخليفة عمر يلومه( كيف تعزهم وقد أذلهم الله) حيث كان يريدهم الاشتغال بالزراعة التي تدر المال للمدينة وليس بالوظائف الادارية.
8-عندما سمع الخليفة عمر ان عربيا اراد ان يزرع في مصر طلب من عمرو احضاره اليه ليقيم عليه العقاب المناسب , لانه كان يريد من العرب الانشغال بفتح اكبر مايمكن من الاراضي وليس تضييع الوقت بالزراعة.
9-ويروي ابن عبد الحكم في فتوح مصر قصة تدل على مدى الاستهانة بحرمة الدم فعندما ذهب وردان مولى عمرو بن العاص لقضاء حاجته (التغوط والتبول) اختطفه اهل الخربة فافتقده عمرو وبحث عنه ووجده في بعض دورهم فأمر باخرابها وكانوا اهلها رهبانا فقتلهم جميعا وخرب المدينة حتى سميت بعد ذلك الخربة ,كبف نوفق هذا الفعل مع الاية (لاتزر وازرة وزر اخرى)حيث بالتاكيد دفع ضحايا كثيرون حياتهم من غير ذنب بسبب قضاء حاجة مولى عمرو.
10-يروي الطبري ان ملوك بني امية يعبروا في رسائلهم الى امراء مصر(ان مصر انما دخلت عنوة وانما هم عبيدنا نزيد عليهم كيف شئنا ).
ونكتفي بهذه الامثلة القليلة من الكثير لتوضح لنا معالم الحياة لشعب مسالم يعيش على الزراعة استعبده الرومان عقود طويلة ليقع بعد ذلك بيد مستعمر جديد لايقل قسوة عن سابقه .
عام الرمادة وحفر قناة امير المؤمنين
اصاب المدينة في عهد الخليفة عمر جهد شديد فكتب عمر الى عمرو (ماتبالي اذ شبعت انت ومن معك ان اهلك انا ومن معي فيا غوثاه) فرد عمرو ( فيالبيك), وكتب الخليفةعمر ( ان الله قد فتح على المسلمين مصر وهي كثيرة الخير والطعام ... ان احفر خليجا من نيلها حتى يسيل في البحر فهو اسهل لما نريد من حمل الطعام الى المدينة...فتشاوروا في ذلك حتى يعتدل فيه رأيكم) اولا ان حفر القناة ليس الهدف منه مصلحة مصر بل لنقل خيراتها الى المدينة ثم طلب منهم التشاور ولكنه بعد تردد عمرو وخوفه ان يثقل على اهل مصر ويرهق الخراج حيث ان تسخير الالاف للحفر يسبب(انكسار خراج مصر وخرابها)فكتب اليه الخليفة عمرمتجاوزا طلب "تشاوروا"السابق(اعمل فيه وعجل اخرب الله مصر في عمران المدينة وصلاحها) طالبا ان لاتدع بمصر شيئا من طعامها وكسوتها وبصلها وعدسها وخلها الا بعثت به الينا , يقول السيوطي ان عمرو الف قوة من المصريين قوامها حوالي مائة وعشرين الف لحفر القنوات واقامة الجسور, ويمكن ان يطلق القاريء لخياله العنان في عبارة( اخرب الله مصر).
ولما قدمت السفن خرج عمر حاجا قال للناس( سيروا بنا ننظر الى السفن التي سيرها الله الينا من ارض فرعون) ولااظنه اراد تكريم مصر بتلك العبارة , رغم خيرها الذي اشبع جياع المدينة, لانه لو اراد تكريمها لكان الاولى ذكر النبي موسى او النبي يوسف(هذا حسب المفهوم الاسلامي).
اذلال العرب لاهل الذمة
العبارات التالية توضح مدى استهانة العرب للمختلف عنهم بالفكر والعقيدة او العرق حتى وان دخل الاسلام فهو من الموالي .
-عن القلقشندي( الشروط المفروضة على اهل الذمة ,ان يركبوا الحمير بأن يجعل الراكب رجليه من جانب واحد وان ينزلوا المسلمين صدر الطريق والتمييز عن المسلمين في اللباس ولايركبوا على سرج بل على إكاف) والاكاف شبيه الازار.نرى ان عليهم ركوب الحمير فقط ولايجوز لهم ركب الخيول.
-القرشي( ان تشد المراة الزنار تحت الازار كالرجل ويكون في عنقها خاتم تدخل به الحمام ويكون احد خفيها اسود والاخر ابيض لتتميز عن غيرها).
-كتب الخليفة عمر ( ان يختم في رقاب اهل الذمة بالرصاص ويظهروا مناطقهم ويجزوا نواصيهم ويركبوا على الاكف عرضا ولايضربوا الجزية الا من جرت عليه المواسي ولايضربوا على النساء ولاعلى الولدان ولايدعوهم يتشبهون بالمسلمين في لبوسهم)في صبح الاعشى للقلقشندي.ويقول الرسول (لاتمثلوا ولو بكلب عقور).
- في كتاب (معالم القربة – للقرشي) يقف الذمي بين يدي عامل الجزية ذليلا. فيلطمه المحتسب بيده على صفحة عنقه, أد الجزية ياكافر.
صراع العرب على الثروة وتحقير بعضهم لبعض
-عند فتح حصن بابليون تنازع الزبير بن العوام واحد الجنود اليمنيين فطلب عمرو بن العاص من الزبير ان يستيقد من الجندي اي يطلب القصاص ,فقال الزبير (أمن نغفة من نغف اليمن استيقد يابن النابغة؟)هذه العبارة تدل كثيرا عن مدى استعلاء قريش على الاخرين وان كانوا عربا مسلمين ومدى العنجهية والغرورالذي به اعطى لنفسه الحق ان يصف انسانا اخر بالنغفة وهي الدود الذي في انف الابل وتناسى حديث الرسول المسلمون كأسنان المشط , وهذا يوضح ان المسلمين بالحقيقة لم يستطع الاسلام ان يهذب طباعهم تماما ولم يتشرب فيهم حتى بعد وفاة الرسول بحوالي العشر سنوات, ومازالوا يحملون اخلاق الجاهلية بعنجهيتها ربما مباديء الاسلام يتخذونها غطاءا عند الحاجة ,ولكن عند اول امتحان للاخلاق يظهر المعدن الجاهلي فهو يصف احدهم بالدود والاخر يسميه بأسم امه تحقيرا له ,ونسى قول الله(ادعوهم لابائهم هو اقسط) ونسي ان الاسلام لايعنيه الانتساب انما اكرمكم عند الله اتقاكم ,كل هذه المباديء العظيمة يتناساها المسلم في اول اختبار.
-عندما حدث نزاع بين عمرو بن العاص وأحد الجنود اليمنيين ,صاح عمرو بوجه الجندي (اخرس فانما انت كلب) ورد الرجل ( اذن انت امير الكلاب) , هل هذه هي اخلاق الاسلام الذي ذهب هؤلاء القوم لنشرها. فواحد يصف مادونه بالدود والاخر بالكلب وهذه بالتاكيد هي طباع اهل الصحراء وطريقة حوارهم.
-عند فتح الاسكندرية الثاني قال تميم بن فرع المهري شهدت الفتح ولم يسهم لي حتى كاد ان يحدث نزاع بين قومي وقريش ,حتى قال احد صحابة الرسول ان كان انبت فأسهموا له فلما نظروا انه انبت اسهموا اليه!!وهذا حدث يوحي ان القوم ماخرجوا لنشر تعاليم دين عظيم بل هذا حدث عارض, وانما لقسمة الغنائم والسبي على طريقتهم الجاهلية.
ثروة عمرو بن العاص من مصر الخير ونيلها العظيم
عندما بلغ الخليفة عمر امر الثراء المتزايد عند عمرو بعث اليه(انتم معاشر العمال قعدتم على عيون الاموال فجبيتم الحرام واكلتم الحرام واورثتم الحرام), نرى ان الخليفة على علم بظلم عماله اذن لماذا لم يطبق بحقهم حدود الشرع, او على اقل تقدير لماذا لم يعزل عمرو عن الولاية وهو على هذا الوصف من وضع الحرام؟ونحن نعلم ان في صفوة الصحابة في المدينة من هو خير من عمرو!!
ارسل الخليفة رسوله ابن سلمة الى عمرو طالبا منه مقاسمته امواله فقال عمرو ( قبح الله يوما صرت فيه لعمر بن الخطاب واليا)نلاحظ ان الخليفة لم يطلب من عمرو تقليل الجزية او التخفيف على اهل مصر وتقليل الضرائب التي هيأت كل هذه الثروة لعمرو وانما كل اعتراضه على عدم مقاسمته ثروته الهائلة مع المدينة !ورغم اقتطاع الخلفاء من ثروات عمرو فقد ورث احد ابنيه وهو عبد الله قناطير مقنطرة من الذهب المصري ,في كتاب ( المُغرب في حلى المغرب) ان عبد الله امتلك قرية عسقلان بكل مافيها وهي من حبس والده , رغم اشتهار عبدالله( بزهده) والزبير بن العوام وهو احد القادة الفاتحين لمصر امتلك قطعة في الفسطاط ومثلها في الاسكندرية ودار بالبصرة والكوفة و12 دار بالمدينة وارضين فيهما غابة وهم الذين قبل سنوات قليلةلايملكون نعالا ولاخفاف كما في حديث ابن عمر(وقمنا ونحن بضعة عشر ماعلينا نعال ولاخفاف) كيف نقيم هذا التناقض الصارخ بين ثروة فاحشة وقحط الى الحد الذي يمشون حفاة حيث يلسعهم حر الرمال وتشقق اقدامهم الحجارة!
وبعد موته قسمت ثروته بين زوجاته الاربعة فكانت حصة الواحدة الف الف ومائة الف.

وبعد كثرة الشكاوي على عدم عدالة عمرو في توزيع ثروات مصر على الجيش اضطر الخليفة عثمان الى جعل عبدالله ابن ابي السرح على الخراج وعمرو على الحرب فقال عمرو( أأكون كماسك البقرة وغيري يحلبها) وبعد الخلاف والتلاعن بين الاثنين احضر الخليفة عثمان عمرو الى المدينة.وبعدها قال الخليفة عثمان لعمرو ( لقد درت اللقحة بعدك ياعمرو) واللقحة الناقة الحلوب الغزيرة اللبن!!
تذكرنا كتب التأريخ ان سعيد ابن العاص والي الكوفة في زمن الخليفة عثمان قال( انما السواد بستان قريش) واذا وضعنا هذه المقولة مع مقولة عمرو السابقة نرى بوضوح ان وادي الرافدين ومصر ليسا الا بستان وبقرة في نظر قريش في الحقيقة هذا مارسمه الخيال العربي الصحراوي لنهري سدرة المنتهى .
حيث كان كعب الاحبار يقول (اربعة انهار من الجنة وضعهما الله في الدنيا فالنيل نهر العسل في الجنة والفرات نهر الخمر في الجنة...) .
وامام هذا العطاء العظيم من ارض مصر وجود اهلها , نرى كيف كان رد الجميل وكيف هو رأي العقل العربي بهذه الارض وشعبها المعطاء.
وصف العرب لمصر واهلها
سنختصر كثيرا ونقتبس بعض العبارات التي من خلالها نستدل على تقييم العرب لأرض مصر واهلها بعد كل هذا العطاء الذي لايمكن لأحد اغفاله.
-عن ابن عباس ( ان المكر عشرة اجزاء, تسعة منها في القبط وواحد في سائر الناس).
-عن معاوية( اهل مصر ثلاثة اصناف فثلث ناس وثلث يشبه الناس وثلث لاناس, فاما الثلث الذي هم الناس فالعرب, والثلث الذين يشبهون الناس فالموالي , والثلث الذين لاناس فالمسالمة ويعني القبط) . المقريزي.
-عبد الله بن عمرو بن العاص( لما هبط ابليس وضع قدمه بالبصرة وفرًخ في مصر) ويعني من قلة غيرتهم.
-عن المقريزي(اهل مصر يغلب عليهم الدعة والجبن والقنوط, ودناءة النفس ومن اجل توليد ارض مصر الجبن والشرور الدنيئة لم تسكنها الاسود ولاتتناسل بها ....سوى من طباعه ملائمة لهذه الحال مثل الحمار والارنب).
-كعب الاحبار( ومصر ارض نجسة كالمرأة العاذل يطهرها النيل كل عام) والعاذل المرأة في فترة الحيض.
ونكتفي بهذا القدر لان كتب التاريخ تزخر بالكثير من هذه الاحاديث التي تسيء لارض مصر واهلها والتي توضح مدى تعالي العقل العربي على شعوب البلدان المغلوبة.
الخاتمة
هناك ثلاثة امور لايمكن للعقل السليم ان يغض النظر عنها او يمر عليها سريعا دون تمحيص ونقد باعتبارها من المسلمات الراسخة في العقل الجمعي والتي لازمت الفتوحات او الغزوات العربية لبلدان الشعوب الاخرى والتي صار لها فقه ونصوص وتشريعات خاصة بها . انها السبي والجزية واضطهاد الفكر الاخر.
لقد جاء الاسلام لنصرة المستضعفين والمحرومين ,انها رسالة بناء مجتمع يقوم على العدل والمساواة لا على الذل والهوان واستعلاء طائفة على الاخرى , جاء لمحاربة قسوة وظلم متكبري قريش واستعلائهم على الضعفاء , ان كل الاديان هدفها السامي بعد التوحيد هو الانتصار لكرامة الانسان , لكن ماذا حدث بعد انتصار الاسلام؟ان سادة قريش في الجاهلية اختطفوا الاسلام من اهله ومارسوا عاداتهم السابقة في امتهان الانسان فصارت المجتمعات طبقات تعتمد اولا على النسب ثم سطوة المال ,فمن كان سيدا في الجاهلية صار اميرا وخليفة في الاسلام ومن كان مستضعفا ظل مستضعفا محتقرا بل زادت الهوة بين الجانبين اتساعا, اذن لمن جاء الاسلام؟ جاء الاسلام كمنقذ واذا به يصبح الضحية , لقد التهموه سادة قريش ومارسوا هواياتهم السابقة في استعباد الناس من خلاله,حيث صار غطاءا شرعيا لكل افعالهم وغزواتهم ونهبم للشعوب بعد ان تمادوا في الجرأة على الله ورسوله بإبتداع الاحاديث الداعمة لكل تحركاتهم والصاقها بالرسول مثل (ان الجنة تحت ظلال السيوف)او (امرت ان اقاتل الناس)والتي تتعارض شديد التعارض مع ايات قرانية مثل(انك لاتهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء)واوجدوا مفهوم عدالة الصحابة واحاطوهم بدرع من القدسية لمنع اي نقد لمثل تلك الافعال, وماالسبي الا واحدة من الجرائم التي يندى لها جبين الانسانية , ربما نحن اليوم لانستوعب تماما معنى الظلم و الالم المصاحب للسبي , ولكننا لنعطي فرصة للخيال الجنوني لنتخيل ان الجيش الاميركي المقتدر في هذا الزمان يحتل احد بلداننا وهو قادر على ذلك بحجة نشر"الدين الجديد" الديمقراطية وهذا ماحدث للعراق وافغانستان وليستعمل نفس الاخلاق والشروط والاحكام التي مارسها العرب ضد الشعوب المغلوبة ,وليخيرنا بين ترك ديننا الاسلامي والدخول في دينه الجديد او الجزية او الحرب و ماذا بعد الحرب والقتل ؟ستكون نساء المسلمين ملكات يمين للفرسان المارينز وبالتاكيد سيجدون تشريعا مناسبا لها كما هو الحال عند المسلمين, واطفالنا فلذات اكبادنا سيوزعون بين جنودهم ولايدري كل طفل اين سيكون مصير امه واخوانه وفي اي ارض يموتون وسيكونون غلمان يباعون في اسواق مدن الولايات المتحدة, وستذهب خمس حرائرنا جواري وملكات يمين لسيد البيت الابيض ,انه تدمير للبنى التحتية للاواصر المجتمعية بالكامل ,انه سيناريو مقرف حد التقيؤ وبالتأكيد انها جريمة ضد الانسانية لايقبلها عاقل ولاحتى تخطر ببال اي مختل عقليا في الادارة الاميركية لكي يفكر مجرد التفكير بها,،نحن بالتأكيد لانرتضيه لانفسنا فكيف ارتضيناه للاخرين وتغنينا به , لقد فعلها العرب بكل تفاخرتماشيا مع عاداتهم الجاهلية والبسوها للاسلام , ان الله الذي خلق كل هذا الجمال في الكون وكل هذا التناسق المبدع والعظيم في تماسك اواصره لا اظنه يشرع شرعا يقبل فيه امتهان الانسان ارقى مخلوقاته وتفكيك اواصر مجتمعه وسحق كبرياءه في الوحل مهما كانت عقيدته. المفروض ان الاسلام جاء ليلغي العادات الجاهلية المبنية على تحقير الانسان لا أن يثبتها حتى تصبح شرعا وهذا مافعله العرب بالاسلام, عاداتهم الجاهلية صارت شرعا والصقوه بالاسلام بل استعملوا الاسلام كجواز مرور لكل عاداتهم فكان الضحية الاكبر.
اما الجزية فهي لاتقل امتهانا لحقوق الانسان من السبي, ان تحتل ارضا عنوة وتجبر اهلها على دفع الاكبر من جهدهم لك ولجنودك فهو الظلم بعينه , الطريف بالموضوع ان المحتل العربي يخير اهل الارض بين ثلاث اما دخول الاسلام او الجزية او الحرب , ونحن نعرف ان احلاها هو المر بعينه,فاذا كنت على عقيدة معينة وانت فخور بها لاشيء يجبرك على تركها للدخول في عقيدة اخرى(لكم دينكم ولي ديني) هذا هو احترام حرية الراي والفكر والعقيدة اما اذا رفضت فعليك الجزية او الموت ؟يفسر القرطبي اية( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) اقسى مايكون التفسير حيث يقول(وهم اذلاء مهانون عن قهر وقبولكم الجزية هو إنعام منكم عليهم) لا اظن ان الاسلام وهو دين الله يرضى بهذا الهوان لبني الانسان وهو الذي جاء لتحريرهم من الخوف وتجبر الاقوياء.
وهذا يقودنا الى الامر الثالث وهو اضطهاد الفكر الاخر, ان كل امة تفتخر بعقائدها ليس المهم مدى صحتها لان مايتعلق بمفهوم الحق والباطل بالنسبة للافكار تظل امور نسبية فمانراه الحق يراه الاخرون باطلا وليس من حقنا الاخلاقي ان نفرض على الاخرين رؤيتنا للاشياء(انما انا نذير مبين)(فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر) ويبقى الموضوع حوار بين الافكار ان اقتنع بها الاخر فخير للجميع وان لم يقتنع فلنقل (اللهم اني بلغت اللهم فاشهد) ,ان الاسلام على اعتباره اخر رسالة من السماء الى اهل الارض وهو الدين الذي سيستمر الى يوم الدينونة,فان هذا الدين المفروض به ان لايعبر عن المرحلة التاريخية لزمن نزوله ويحمل معاييرها وضوابطها والتزاماتها وقيمها الاخلاقية فقط بل عليه ان يحسن تلك القيم وان يحمل رسالة قارئة للمستقبل,رسالة عالمية, رسالة التعايش السلمي بين البشر وليس الاقصاء والتمايز على اساس الانتماء العرقي والديني والقبلي والذي بالتاكيد سيولد حروبا من رحم حروب مدمرة للجنس البشري .
نحن امام احتمالين اما ان نقبل ان الاسلام دين يحظ على العنف والكراهية واحتقار الاخر وانه هو فعلا من اباح لكل هذه القسوة والعنف المؤدلج ورضى به بل وشرعه وصار دستورا وما كان من سكان الجزيرة الا ان التزموا بالتعاليم احسن ما يكون وفاء الالتزام, وحاشا للاسلام ان يكون كذلك , او ان نقول ان الاسلام بريء ممافعله هؤلاء الرجال وعلينا محاسبتهم تاريخيا والتبرؤ من افعالهم التي تخالف ابسط مباديء الانسانية او هناك احتمال لايرضاه اي انسان يحترم عقله وهو ان ندفن رؤوسنا في الرمال كالنعامة وكأننا لانرى شيئا وهذا بالضبط ما اراده وعاظ السلاطين عبر 14 قرنا من القهر الفكري للانسان, حيث احاطوا اولئك الرجال بدروع واقية من الهالات القدسية وذلك لمنع اي تعرض اونقد او تجريح ولا حتى تلميح لان اولئك الفقهاء قد علموا بالمشاكل الهائلة والتجاوزات على سماحة الاسلام التي احدثها اولئك الرجال ولمنع الفتنة والشتات بين المسلمين التجأوا الى ابتداع الفقهه الذي يعطل عمل عقل المسلم في البحث العلمي التاريخي والنقد الفكري ومن اهم اسس هذا الفقه ابتداع الاحاديث المناسبة ونسبتها للنبي فأول خط دفاعي وضعه هؤلاء الفقهاء لأولئك الرجال هو حديث العشرة المبشرين بالجنة فصاروا ممنوعين من اللمس ثم اصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وخير القرون قرني وفقه عدالة الصحابة (وهذه الفكرة بالذات تتعارض شديد التعارض مع فكرة العدالة الالهية, فلايمكن ان تقبل عدالة الله التجاوز عن المخطيء لمجرد صحبته للنبي فابو لهب لم تشفع له قرابته من النبي )وهكذا توالت صناعة الخطوط الدفاعية حتى صارت الاحاديث مفصلة بدقة لتغييب وتعطيل العقل عن العمل, الى ان وضعوا اولئك الرجال في كفة الميزان التي تعادل بها الدين الالهي نفسه بل من مسهم بسوء خرج عن الملة وهذا تجني على الاسلام نفسه فنحن نعرف ان اركان الايمان ستة واركان الاسلام خمسة ,ونقد الرجال ليس من ضمنها ,وهكذا بث الفقهاء الرعب في قلوب المسلمين 14 قرنا منعوهم من البحث ورؤية الحقيقة من كثرة التفرعات في الاصول والاحاديث الموضوعة والمغالاة في وصف الرجال والتفاسير المتطرفة و التي سببت الشلل الدماغي للمسلم, وليس المطلوب السباب او الشتيمة حتى لانواجه بكم هائل من الاحاديث الموضوعة عن عقوبة التجاوز على الصحابة فنحن نحترمهم لانجازاتهم وننقدهم لاخطائهم, ولكن النقد المبني على اسس تاريخية وعلمية لننقد الرجال على اساس افعالهم ونشير الى المخطيء بأخطاءه طالما هم ليسوا انبياء فهم ليسوا معصومين ولا محصنين ضد النقد (كل يؤخذ منه ويرد الا صاحب هذا القبر)في اشارة الى قبر النبي, انهم عاشوا في زمن له اخلاقه وقيمه والمفروض ان الاسلام كرسالة عالمية وابدية ان لايلتصق فقط بقيم تلك الفترة الزمانية والمكانية. ونقول بما ان احتمال دفن الرؤوس في الرمال لايرضاه العقل السليم ولايقبل به من يحترم عقله فعلا,لذلك سنعود الى الاحتمالين الاولين اما ان نتهم الاسلام واما ان نتهم رجال الاسلام ولا اعتقد ان احد منا يرضى ان يتهم الاسلام .
يجب ان نحرر عقولنا ونحاول ان نخرجه من حالة الشلل الذي اصابته لنرى الاشياء بطريقة مختلفة , لاتوجد قدسية للشخصيات التاريخية سوى ماعملوا , وماعملوا يظل في الميزان لنرى العمل الخبيث من الطيب فمثل الرسول واصحابه كمثل عيسى واصحابه حين سأله الله(اانت قلت للناس اتخذوني انا وامي الهين)فقال ( ماقلت لهم الا ما امرتني به)(وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب) بمعنى عندما توفيتني لا اعلم بماصنعوا من بعدي اخيرا كان ام شرا , وهكذا حال الرسول محمد مع اصحابه , فهو لايدري ماذا احدثوا من بعده فهو لايعلم الغيب (لو كنت اعلم الغيب لأستكثرت من الخير)فكيف يبشرهم بالجنة وهم لم ينتهوا من امتحان الدنيا بعد انه تناقض مع العدالة الالهية , وهم ليسوا معصومين من الخطأ حتى يكونون خارج دائرة النقد ,فكل ابن ادم خطًاء.
يقول الفيلسوف الاميركي برنارد لويس , دائما يسأل العرب نفس السؤال ( من فعل بنا هذا؟) وهذا سؤال خطأ يوحي الى الاجابة المباشرة الخاطئة بالتاكيد , ففي يوم ما كان المسؤول هم المغول وثم الصفويون ثم العثمانيون وبالتالي الانكليز ثم الاستعمار بعدها اليهود ثم الاميركان والغرب الناقم على الاسلام والمتربص به..... لكنهم لم يسألوا انفسهم السؤال الصحيح الذي يقود الى البحث عن الحقيقة وصولا للاصلاح وهو(ماالذي اخطأنا به وما الذي اصابوا فيه؟)
اخيرا , بالامس أخرب سكان الجزيرة وادي الرافدين(العراق وسوريا) و وادي النيل( مصر)بسلاح السيف واليوم يخربوها بسلاح اموال النفط , فهل هي مجرد مصادفة ؟



#حسين_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتلال العراق ومثلث النار
- هل الاسراء والمعراج حقيقة ام خيال
- منجز العرب في الحضارة الاسلامية


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين صالح - امتهان العربان لكرامة الشعوب في احتلال البلدان