أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فارس كمال نظمي - سيكولوجية الحب الرومانسي لدى المرأة















المزيد.....

سيكولوجية الحب الرومانسي لدى المرأة


فارس كمال نظمي
(Faris Kamal Nadhmi)


الحوار المتمدن-العدد: 1205 - 2005 / 5 / 22 - 11:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تلك التي أحبُّ
تجسدُ رغبتي في الحياة
رغبتي في حياةٍ بلا حسرة
في حياةٍ بلا ألم
في حياةً بلا موت
بول ايلوار
اذا كانت الطبيعة البشرية قد دُرست وحُـللتْ بتفصيل كبير،فإن (الحب) ظل بعيداً عن هذه الدراسة المكثفة.فالحب استثار الشعر والموسيقى أكثر من استثارته للبحث العلمي.فكانت النتيجة إننا أصبحنا نمتلك ثروة كبيرة من الأشعار والموسيقى الجميلة عن الحب،ولكن دون فهم كبير له،على الرغم من القيمة العظيمة التي تسبغها على الحب جميع الاجيال في كل الحضارات.فمفهوم (الحب بين الجنسين)،في أذهان الغالبية العظمى من الناس،ومن خلال الصورة المقدمة عنه في مفردات الثقافة اليومية السائدة،كقصائد الغزل،والأغاني،والأفلام،والمسلسلات التلفزيونية،يقترب من مفهوم (القدر الغيبي) الذي يحل دون استئذان أو مقدمات ودون تراكمات سببية تسبقه،وكأنه حدث سحري منفصل عن بقية حوادث الحياة الاجتماعية ووقائعها،يمكن أن يطال أي إنسان في أي لحظة،فيصيبه بالأرق والقلق والشرود والمشاعر الجياشة حد إفناء الذات في ذات المحبوب.إلا أن هذا الحب له دلالات ومضامين وتأويلات أخرى مختلفة تماماً في المنظور السيكولوجي المعاصر،إذ يطلق عليه تحديداً مصطلح (الحب الرومانسي) Love Romantic،بوصفه إحدى ظواهر علم النفس الاجتماعي،ذات الارتباط التكويني بشبكة جدلية من العوامل الفزيولوجية والسوسيولوجية والحضارية.فالانفعالات الشديدة التي يتضمنها الحب ما عاد بالامكان تفسيرها موضوعياً دون التفتيش عن صلتها الوثيقة بعمل الغدد الصم وفسلجة الجهازين العصبي والتناسلي.كما أن الجذور الانثروبولوجية والاقتصادية لظاهرة الحب أصبحت الخلفية الضرورية للأرضية التي يجري عليها البحث النفسي،ايماناً بحقيقة وحدة العلوم وتكاملها،ودون أن يؤدي ذلك الى الإخلال بمبدأ الاستقلالية والتمايز بين هذه التخصصات العلمية.
ما هو الحب الرومانسي؟
تكاد الأدبيات النفسية الحديثة أن تتفق على أنه ((حالة عاطفية عنيفة في انفعالاتها،تتعايش في فوضاها المشاعر الحادة مع المشاعر الرقيقة:البهجة مع الألم،والقلق مع الطمأنينة،والايثار مع الغيرة،والسعادة مع الغم))،وبأنه ((حالة من التوق الشديد للاتحاد بالآخر)).وهذه الحالة العاطفية لها جذورها في النظامين البيولوجي والاجتماعي لمجمل الكائنالت الحية الراقية.فقد توصلت بعض الدراسات الى أن هناك نظاماً عاطفياً بين الجنسين يتشابه بآلياته السلوكية لدى البشر والقرود،مما دعا بعض الباحثين الى تعريف الحب بأنه ((ميل الكائن للاندماج بالآخرين من نفس نوعه))،وبأنه ((قوة ايجابية رابطة متجذرة بعمق في التكوين البيولوجي للحيوانات والبشر))،وبتحديد أدق ((هو الخبرة النفسية لحالة الاستثارة البيولوجية التي يمر بها الفرد نتيجة لقائه بشخص من الجنس الآخر يراه جذاباً)).وبناءاً على هذه التصورات،ومنذ سبعينات القرن الماضي،توالى ظهور نظريات نفسية حاولت تفكيك عاطفة الحب الى مكونات ومفاهيم فرعية،بتفاعلها ينشأ الحب.ومنها محاولة (روبن) 1973م،بتفكيك الحب الرومانسي الى ثلاثة مكونات،هي:
* التعلقAttachment : أي احتياج الفرد الى الوجود الجسدي والمساندة الانفعالية من الآخر.
* الرعايةCaring :أي شعور الفرد بأهمية وجود من يهتم به ويكون مسؤولاً عنه.
* الألفةIntimacy : أي الرغبة بالاتصال الحميم بإنسان موثوق به.
أما نظرية (هاتفيلد)1988م فحاولت أن تفسر الآلية النفسية التي ينبثق منها الحب،بافتراضها أن (الاستثارة) التي يتلقاها الفرد من الخارج،و(التصنيف) الذي يعطيه لتلك الاستثارة،هما اللذان يحددان احتمال نشوء الحب من عدمه.وقد قدمت الكثير من الدراسات التجريبية إسناداً لهذه النظرية،إذ تبين أن الاستثارة الانفعالية التي يتعرض الانسان في موقف ما،يمكن أن ترفع من شدة مشاعره العاطفية نحو الجنس الآخر؛أي كلما ازداد توتر الموقف الذي يجد الانسان نفسه فيه،كلما وجد في نفسه قدرة أكبر على الحب.ففي احدى هذه الدراسات،صُمم الموقف بحيث يتسنى لمجموعة من الرجال المتطوعين للاشتراك في تجربة علمية وهمية،أن يلتقوا بنساءٍ جذابات قيل لهم بأنهن شريكات لهم في التجربة.وبعد أن تم اللقاء،أُخبرَ بعض هؤلاء الرجال بأنهم سيتعرضون الى صدمات كهربائية مؤلمة جداً بوصفه شرطاً من شروط هذه التجربة العلمية.وحين سُئلوا بعد ذلك عن مقدار رغبتهم في ترتيب موعد لاحق للقاء شريكاتهم في التجربة،تبين أن الرجال الخائفين من التجربة ( أي المستثارين) قد عبرّوا عن انجذاب أكبر نحو المرأة التي شاركتهم التجربة.إن تواتر هذا النوع من التجارب أفضى في النهاية الى استنتاج يحدد الآلية الفزيولوجية للحب بالآتي:((إن هورمون الأدرينالين الذي تفرزه الغدة الكظرية في حالات الأنفعال نتيجة تأثر منطقة الهايبوثالاموس (تحت المهاد) في الدماغ البشري بالاستثارات الخارجية،يحفزُ النزوع الرومانسي لدى الكائن البشري للأندماج بكائن آخر من نفس نوعه)) !
:الأسس العصبية للفروق العاطفية بين الجنسين
أثبتت الملاحظات العلمية والدراسات التجريبية والميدانية أن تجربة الحب تتباين من ثقافة الى أخرى،ومن نمط شخصية الى أخرى،ومن جنس الى آخر.فالبيئة الحضارية والاجتماعية تساهم بالنصيب الأكبر من عملية (التنميط الجنسي)Sex Typing (أي إعطاء الدور الاجتماعي المحدد لكل من الأنثى والذكر حسب معايير ذلك المجتمع وقيمه).ولذلك نرى أن صفات العدوان والسيطرة والإقدام والتفوق غالباً ما ترتبط بالذكور في حضارتنا الذكرية،فيما ترتبط صفات الخضوع والسلبية والخوف والرقة بالإناث.لكن الفروق الانفعالية والمزاجية بين الجنسين والناشئة عن عوامل وراثية فسيولوجية،تظل هي الأخرى فاعلة في تشكيل السلوك العاطفي الفردي للأنثى والذكر،ودون أن يتناقض ذلك بالضرورة مع سلوكهما الاجتماعي الناشيء عن عوامل البيئة.وقد برهنت الكثير من التجارب العلمية على الحيوانات القريبة من الإنسان تطورياً (لا يمكن إجراء مثل هذا النوع من التجارب على الإنسان لموانع أخلاقية) على وجود فروق بيولوجية في السلوك الانفعالي بين الجنسين،إذ تم في إحدى التجارب عزل مجموعة من القردة من الجنسين عند الولادة عن أبناء جنسهم،ثم سمح لهم بالاختلاط بعد ذلك مع بقية القردة لأول مرة.وقد اتضح أن استجابات الإناث اتسمت بالخوف من رفاقهن الجدد أكثر مما فعل الذكور،فقد ركضن إلى زاوية القفص للاختباء أو الهرب،بينما لم يفعل الذكور ذلك.وفي تجربة أخرى على الفئران،تم تعريضهم إلى صوت محدد في كل مرة،وبعده بعدة ثواني كانوا يصعقون بشرارة كهربائية.تم تكرار التجربة لعدة مرات مع خمس سلالات من الفئران مع إتاحة الفرصة لهم لإمكانية الهرب من القفص.وقد تبين أن الإناث في كل سلالة قد تعلمن الهروب من القفص أسرع بكثير مما فعل الذكور،أي أن استجابتهن الانفعالية كانت أشد.وقد فـُسرت نتائج التجربتين بأن الجهاز العصبي المستقل للأنثى له عتبة حسية أوطأ لرد الفعل من الذكور،وانه يميل للاستجابة بسرعة وشدة اكبر للتحفيز الأوطأ.
كيف تسلك المرأة أثناء الحب؟
إن ما نود التركيز عليه في هذه السطور هوانعكاس تأثير الفروق البيئية (الحضارية والاجتماعية) للتنميط الجنسي على سلوك النساء والرجال في الحب.والملفت للنظر أن أغلبية نتائج الدراسات الغربية في هذا المجال جاءت مضادة للاعتقادات الشائعة،ومن بينها:
* إن الذكور بشكل عام هم أكثر عاطفية من الاناث.
* إن طالبات الجامعة يتحكم العقل في سلوكهن أكثر من العاطفة.
* إن النساء على عكس ما يذكره الفولكلور،هن أقل مثالية وأكثر تهكماً من الرومانسية اذا ما قورنّ بالرجال.ومن ناحية أخرى،فأن خبرة النساء بأعراض الحب (كالحاجة الى الجري والقفز والصراخ والشعور بالحرية) هي أكثر حدة مما هي عليه عند الرجال.
* خلافاً للانطباع العام الشائع،لا تندفع الانثى هنا وهناك بفعل دوافعها العاطفية،بل على العكس من ذلك تكون عاطفتها أكثر تكيفاً وقابلية للتوجيه من الذكر.ويبـدو أنها قادرة بشكل أفضل من الذكر على أن تسيطر على ميولها العاطفية وتكيفها لضرورات اختيار الزوج.
كما اتفقت دراسات أخرى على أن الرجال أكثر استعداداً للوقوع في الحب من النساء،وانهم يتخلون عن الحب بصورة أبطأ،وهم أقل احتمالاً من النساء في تقويض رومانسية فترة ما قبل الزواج؛غير أن النساء ينهمكن عاطفياً بصورة نموذجية في الحب كما يفعل شركاؤهم الذكور أو أكثر،كما إنهن يتفوقن على الرجال الى حدٍ ما في تركيزهن على ألفة الصداقة وعلى اهتمامهن بالشريك.أما الرجال فيبدون اهتماماً أشد بالجوانب الهازلة والمادية للعلاقة.
وفي استقصاء موسع عن التغايرات في الحب ، توصلت إحدى الدراسات الى ما يأتي:
* إن الفروق في انماط الحب هي فروق حضارية وليست وراثية.
* تتجه المرأة نحو الحب الرزين المتضمن للصداقة أكثر من الرجل،مما يوضح تمسكها بالأهداف الزواجية للحب.فالمرأة أكثر عقلانية وأقل ميلاً لحب رومانسي يغفل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية الواقعية.وهي لذلك تمارس مقداراً أعظم من السيطرة على عاطفتها.
* الحب التملكي التواكلي أكثر حدوثاً عند الاناث.
* إن الرجال أكثر رومانسيةً من الاناث في حبهم.وهذا ما ترفضه دراسات أخرى .
إن المحصلة الكلية لنتائج هذه الدراسات تشير الى أن المرأة في سلوك الحب تختلف عن الرجل في كونها أكثر جدية وتعقلاُ ورزانة واهتماماً بالصداقة وبتحقيق هدف الزواج،وفي كونها أقل اندفاعاً ورومانسية واهتماماً بالجوانب المادية.ولعل هذه النزعة الواقعية لدى المرأة يمكن أن تعزى الى قلقها (ذي البعدين الاقتصادي والاجتماعي) من عواقب الاندفاع العاطفي الحر في الحب،وسط حضارة ذكورية تروج (نظرياً وفعلياً) لايديولوجية دمج ذات المرأة في ذات الرجل،وجعلها رهينة بحريته المنتقصة أصلاً.ويحيلنا هذا التفسير الى الرؤية التي توصلت اليها (سيمون دي بوفوار) في كتابها (الجنس الثاني) :
((في اليوم الذي ستتمكن فيه المرأة أن تحب لا في ضعفها بل في قوتها، ليس هرباً من نفسها،بل من اجل العثور عليها،ليس إذلالاً بل تأكيداً لذاتها؛في مثل هذا اليوم سيصبح الحب بالنسبة لها،كما هو بالنسبة للرجل،مصدراً للحياة وليس خطراً مميتاً))!



#فارس_كمال_نظمي (هاشتاغ)       Faris_Kamal_Nadhmi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاضــطرابـات الـنـفـســية الناجمة عن استخدام الحاسوب والانت ...
- الثقافة العلمية والصحة النفسية للمجتمع
- ثقافة السلاح تنخر شخصية الطفل العراقي
- سيكولوجية الانتخاب لدى الفرد العراقي
- سيكولوجية البطالة لدى حملة الشهادات الأكاديمية في العراق
- المنظور الماركسي للحب بين الجنسين
- رؤية نفسية في صور تعـذيب السجناء العـراقيين في أبو غريب : سا ...
- العنف الجنسي ضد المرأة العراقية
- سيكولوجيا الفوضى المرورية في المدينة العراقية
- التحليل النفسي لشخصية العسكري الأمريكي في العراق


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فارس كمال نظمي - سيكولوجية الحب الرومانسي لدى المرأة