أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل علي صالح - الخوف من الأصولية الإسلامية.. وهم أم حقيقة؟!















المزيد.....

الخوف من الأصولية الإسلامية.. وهم أم حقيقة؟!


نبيل علي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4214 - 2013 / 9 / 13 - 14:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بات الكثيرون اليوم من أهل السياسة والرئاسة والثقافة في الغرب والشرق، يصرخون عالياً من هيمنة التيارات الدينية، ويشتكون من مارد الأصولية الإسلامية، أو من غول الأصوليين ووحش السلفيين والتكفيريين... فهل هناك مبررات لهذه الشكوى التي بلغت حد المرض النفسي لدى هؤلاء؟ أم أن هناك دوافع سياسية وراء صيحات التخويف من هذه الظاهرة التي تفجرت وامتدت وتجذرت على نحو عميق في تربة مجتمعاتنا العربية والإسلامية بعد انتصار الثورة الإيرانية في العام 1979 التي استلهمت كثيراً من أفكار وطروحات الإسلاميين السنة في الحكم والسلطة؟!!..

ولكن بالمقابل:
ماذا فعلتم وقدمتم أنتم أيها المشتكون الخائفون، طيلة عقود من الزمان كنتم فيها على رأس الحكم (وبعضكم لا يزال)، ولم يكن أحد حينئذٍ ينغص عليكم مسؤولياتكم ومهامكم وأعمالكم وصنعكم للقرارات المصيرية التي تهم مختلف شؤون وتدبيرات وتنظيمات المجتمع والدولة عموماً؟!!..
ماذا فعلتم لمعالجة هذا الخلل البنيوي السياسي والاجتماعي البائن الذي أدى إلى نشوء بذور التعصب الديني والأصولية وتحولها إلى حالة وظاهرة واقعية حية وقوية ومتجذرة في واقعنا؟ ثم ماذا قدمتم للتخلص نهائياً من بؤر الحركات السلفية والتكفيرية؟ هل نشرتم العلم والعقلانية وأسس وركائز المنهج العقلي والعلمي في مجتمعاتنا التي أسميتموها "متخلفة" (كنتم أنتم مسؤولين عن تخليفها)؟ أم أنكم ساهمتم من خلال فشل حداثتكم المغدروة القشرية والقسرية الكسيحة في تهيئة الظروف المجتمعية لنمو وتعملق ظاهرة الأصولية الدينية؟ أين العلم والتنوير والحداثة العقلية، والمعرفة والتنمية وبناء المجتمعات والأوطان على أسس متينة من التقدم العلمي والاقتصادي؟! أين هي مواقع العدالة والحرية والمساواة والكرامة والإنسانية والمشاركة الفعالة والمنتجة التي وعدتم الناس بتحقيقها، والناس صدقتكم وأعطتكم للأسف ثقتها، وصوتها، وضحت بمالها وأولادها ومستقبل أجيالها على هذا الطريق..

في ظني أن حجر الزاوية في الموضوع كله هو أن معالجة التطرف والإرهاب (وبالتالي إيجاد حل عملي وواقعي جذري ونهائي لمشكلة التيارات التكفيرية والسلفية التي باتت ذريعة للقمع والاستبداد وإلغاء الحريات وتكبيل إرادات الناس ومنعها من تحقيق طموحاتها في الحرية والكرامة والعدالة من قبل رموز الحكم العلماني العربي المستبد والفاسد) لن تكون ذات قيمة ومعنى وجدوى، ولا تنجح ولن تنجح إلا بمعالجة أسباب التطرف بعد تشخيص حقيقي لدوافعه وعلله "البدئية" الأولى، وليس فقط معالجة نتائجه ومآلاته النهائية المعروفة للجميع والتي باتت خطوطاً وعناوين عريضة تتكرس أمام أعيننا يومياً على الشاشات وفي المنتديات والمجالس والمؤتمرات وغيرها.. فبذور التعصب والتطرف الفكري والعقائدي والتشدد بالرأي والقناعات و"التحزبيات" الضيقة لا تنمو ولا تنشأ ولا تقوم وتتقوى إلا في أرضية القمع السياسي والأمني والعسكري، ولا تتضخم إلا في تربة الفساد والظلم والتفاوت الاقتصادي والاجتماعي وشعور الناس بأن حقوقهم مهدورة..
ولهذا لو عولج هذا الجانب بصورة صحيحة وعلمية مدروسة من قبل أصحاب القرار أنفسهم بالتعاون مع مؤسسات وهيئات المجتمع المدني، ومراكز التنوير الدينية والعقلية (في حال لو كانوا عملوا على إيجادها بالطبع!!)، فمن أين سيأتي التطرف وينمو الإرهاب؟، وكيف كانت ستنمو بذور السلفية والتكفيرية؟! خاصةً مع وجود تجارب واضحة في هذا الاتجاه.. حيث رأينا كيف نجحت مجتمعات ونظم سياسية إسلامية "متدينة" في تحقيق تنمية سياسية واقتصادية، مع وجود جماعات ورموز وتيارات دينية وقوى راديكالية وتنظيمات إسلامية متشددة جداً فيها، حيث تمكنت تلك النظم السياسية المنفتحة والمفتوحة على شعوبها (والتي لا تورث السلطة والحكم والعروش والثروات والموارد ، ولا تركز السلطات والقرارات بيد شخص أو نخبة متفردة واحدة) من السيطرة على (أو على الأقل الحد من خطورة) بؤر التطرف الديني عندها؟!... فماذا فعلت؟ قامت بتمكين مجتمعاتها سياسياً بنشر ثقافة الديمقراطية إلى حد ما، ولو بحدودها الدنيا، وانفتحت على التداول السلمي للسلطة، وقامت بتنمية مجتمعاتها اقتصادياً، حيث راكمت تجارب إنتاجية كبيرة، رفعت من خلالها من معدلات نموها الاقتصادي، كما حدت من الفساد، وضيقت مواقع الظلم إلى أدنى حدوده الممكنة، وزادت من دخل الفرد سنوياً..

ولكن عندما يرى "الفرد-المواطن" على أرض الواقع في بلاده أن سلطاته الحاكمة انفتحت عليه، وشاركته في السلطة والثروة والقرار، ووفرت له مناخات العمل الاقتصادي ليستثمر طاقته ومواهبه وخبراته، ليعمل ويشتغل ويقدم في بلاده وليس في بلاد الهجر والاغتراب.. وأن عمله وإنتاجيته لا تذهب هباء منثوراً، بل يراها أمام ناظريه صناعة وتجارة واستثمارات ومنتنوعة وخدمات فعال راقية ورفيعة، وتنعكس على جيبه واقتصاده اليومي إيجاباً، وأن بلده توفر له خدمات وترفع من معدلات الناتج القومي.. عند ذلك كله، وفي ظل نمو اقتصاد الرفاه، واقتصاد الخدمات والاستثمار، وتطبيق القانون والنظام العام على الجميع، وتحقيق نسبة مهمة من العدالة الاجتماعية، مع رفع مستوى معيشة ودخول مواطنيها، ومشاركتهم بالثروة والمورد كما قلنا... فمن أين سيأتي التطرف والتعصب؟ وكيف ستنمو السلفية والتكفيرية؟.

حقيقةً، الناس في مجتمعاتنا ملت من تلك الاسطوانة "الأصولية" المشروخة، وباتت تضحك في سرها وعلانيتها من إصرار الحكام (وسادتهم من الغرب والشرق)، على التنغيم والعزف الدائم إعلامياً وسياسياً على تلك النغمة.. كما أن الناس ملت وكفرت بتلك السياسات الفوقية القسرية، وبالثورات والربيع وغيره...

الناس تريد حلولاً واقعية مادية، ونتائج حقيقية عملية لا نظرية لأزماتها ومشاكلها المعيشية الضاغطة والخطيرة للغاية.. الناس تريد حلاً لمشكلة الفشل في إدارة الثروات والموارد، ومشكلة إدارة الفقر الاجتماعي التي أوصلتنا إليها نظمنا الوطنية التحديثية الشعاراتية "العظيمة" التي فشلت حتى في تحقيق بند واحد أو هدف واحد من أهدافها وشعاراتها المعروفة.. بل راكمت على مديات زمنية طويلة من سني حكمها العقيم، تجارب فاشلة مكلفة ومدمرة، كرست نقيض تلك الشعارات تماماً..

وهذا قانون عام اجتماعي يسري دوماً وأبداً، حيث أنه مع تزايد ضغوطات الحياة وهموم المعيشة على أفراد المجتمع، وتعمق حالة البؤس والإحباط لدى الناس مع فشل نماذج الحكم العتيدة القائمة في التنمية وتحقيق العدالة، والإصرار على الفساد والقمع والاستبداد، كل هذا سيكون أكبر مولد لردود الأفعال المجتمعية السلبية أو الإيجابية من احتجاجات أو ثورات، حتى أنه يمكن أن يفجر في وجوهنا جميعاً تيارات غاية في الإرهاب والتعصب والأصولية.
لكن المشكلة أن حكامنا فشلوا، بل أدمنوا الفشل، ولم يدركوا بعد أن السياسة حكمة ووعي وخبرة، وهي لا تبنى بعقدة الانتقام، ولا تدار بغريزة الثأر والحقد الأعمى على الوطن وأبناء المجتمع أو التعامل مع الأجنبي الغريب ضد الشعب... بل تتقوم السياسة بالعقلانية والرشد السياسي والحكمة والخبرة كم قلنا، وتتصلب بالتوازن والتوافق والتضحيات والحفاظ على مصالح الناس والمجتمع قبل أية مصالح شخصية هنا وهناك..

وللأسف لا تزال شعوبنا هي التي تدفع أثمان كل مناخات وأجواء التعصب والأصولية واحتقانات التغيير والصراعات السياسية وغير السياسية، أولاً من حاضرها وطاقاتها الطبيعية (مواردها وثرواتها)، وثانياً من طاقاتها البشرية الهائلة، وثالثاً من مستقبل أجيالها اللاحقة التي ستواجه أزمات كبيرة في تأمين سبل ومنافذ عيشها "الآدمي" الحقيقي البسيط... أما من أشعل الصراعات وفجر بؤر التطرف والأصولية، وأشعل الحروب الدموية العنيفة فهو غالباً المستفيد الرئيسي على كل المستويات والأصعدة.. لأنه يتاجر بدماء وأموال وثروات وموارد الناس حتى في مثل هذه الظروف السيئة والمعقدة..



#نبيل_علي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلاميون والعنف دور المثقف في تغيير الصورة النمطية عن الإس ...
- العرب وحديث المؤامرة
- الإسلام كرسالة إنسانية مقاربة في المشروع الثقافي الإسلامي من ...
- الإسلام كرسالة إنسانية مقاربة في المشروع الثقافي الإسلامي من ...
- الإسلام كرسالة إنسانية مقاربة في المشروع الثقافي الإسلامي من ...
- من تداعيات أحداث 11 أيلول 2001 م العرب بين مطلب النهوض الحضا ...
- ولاية الفقيه بين الجمود والثبات أو الانفتاح والتجديد
- الأميركيون فرحون بالتغيير، فماذا عن العرب؟!
- المعارضات العربية بين حق الحرية ومنطق الاستئصال
- نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي بين العلم والفلسفة الق ...
- نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي بين العلم والفلسفة الق ...
- نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي -القسم1
- نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي-القسم 2 والاخير
- العقل وماهية الإدراك العقلي
- ضرورة الانتظام العربي والإسلامي في عالم الحداثة والتنوير
- المفاعل النووي السوري بين الحقيقة والوهم..
- المقاومة الوطنية والإسلامية.. ومعادلة الصراع الاستراتيجي ضد ...
- محنة الاستبداد السياسي والاجتماعي في العالم العربي - القسم ا ...
- الفساد في العالم العربي معناه، دوافعه وأسبابه، نتائجه وعلاجه
- إلى الصدر الصغير: العراق بين الدولة المدنية أو الدولة الطائف ...


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل علي صالح - الخوف من الأصولية الإسلامية.. وهم أم حقيقة؟!