أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هشام حتاته - الاسطورة واللاوعى الجمعى : السيسى نموذجا















المزيد.....

الاسطورة واللاوعى الجمعى : السيسى نموذجا


هشام حتاته

الحوار المتمدن-العدد: 4196 - 2013 / 8 / 26 - 01:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


سعى الدارسون للأسطورة بمناهجهم واتجاهاتهم المختلفة لتقديم قراءات مختلفة لكيفية تشكلها والأساس الذي تنطلق منه في صياغة عالمها ورموزها وشخصياتها، ويعد عالم النفس السويسرى الشهير كارل يونغ (1875-1961) من أهم الدارسين الذين تناولوا الأسطورة بالتحليل والدراسة من زاوية علم نفس الأعماق لاسيما في نظريته حول اللاوعي الجمعي الذي اعتبره الأرضية الخصبة للمخيلة الأسطورية

إبتكر يونغ مصطلح (اللاوعي الجمعي ) او ( الذاكرة الجمعية ) ليشير إلى ذلك الجزء من اللاوعي لدى الشخص والذي يشترك فيه مع جميع البشر في مقابل اللاوعي الذاتي الذي يكون فريداً عند كل مرء ووفقاً لـ يونغ فإن اللاوعي الجمعي يحتوي نماذج وهي عبارة عن أشكال أو رموز تتجسد من قبل كافة الناس في جميع الثقافات .
فالاسطورة هى مرآة اللاوعى الجمعى لدى الجماعات البشرية المختلفة او لدى الجماعة الانسانية كلها ، وكانت اسطورة ايزيس واوزيريس فى مصر القديمة هى البداية الاولى التى خلقها اللاوعى الجمعى المصرى تفسيرا للخير والشر ودورة الانبات فى الارض واسقاطها على استمرارية الحياة فى عالم آخر بعد الموت يعيش فيه حياة ابدية ويتمتع فيه بالعدل المفقود فى الدنيا والاهم من كل ذلك ان هذه الاسطورة بما اكدته من الحساب فى العالم الآخر ومايتضمنه الثواب والعقاب كانت البداية الاولى لقانون الاخلاق
الاسطورة المصرية بكل ماتحملة من تفسيرات للواقع فى شكل قصة قديمة حكم فيها ملك عادل اسمه اوزير ( اوزيريس بالتصريف اليونانى ) مصر لمدة ثمانية وعشرون عاما وعلم المصريين الزراعة والكتابه وحياكة الملابس وعلم الفلك والتنجيم .... الخ وبعد ان تعرض لمكيدة اخية ست وقتله وقيام زوجته واخته ايزى ( ايزيس بالتصريف اليونانى ) باعادته الى الحياة ....... الى آخر ماذكرته اكثر من مرة فى اكثر من مقالة ، هذه القصة رغم انها بكل ماتحملة من محلية لثقافة ارض الطمى الا انها دخلت الاديان الابراهيمية الثلاثة باشكال مختلفة .
ــ فنرى فى القرآن ( واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا ) وان كان المفسرون الاسلاميون رددوا نفس صفاته التى تقول بها الاسطورة ولكن فى صيغة انه كان نبيا ارسل لمصر وعلمهم الزراعة والكتابه و .... الخ وهو من زرع بذور التدين فى مصر دون ان يدروا نها ومنذ بداية الكتابة فى مصر حكاية عن ملك قديم . اما ( ورفعناه مكانا عليا ) فيفسرونها ان النبى رأة فى المعراج فى السماء الرابعة او السادسة ولم يعلموا ايضا ان الاسطورة تقول انه رفع الى العالم الاخر بعد اعادته للحياة .
ولدينا ايضا قصة النبى موسى والعبد الصالح الذى كان اعلم منه والحى الذى لايموت وانه اعلم اهل الارض وفاق علمه الانبياء فقالوا انه ( سيدنا الخضر ) دون ان يعرفوا ان اوزير هو رب الخضرة والنماء ويشير اليه دائما باللون الاخضر ( ونقول فى حكاياتنا الشعبية ان الشيخ فلان حضر الى فلان فى المنام لابس اخضر فى اخضر ) فهو اوزير فى المخيال الشعبى وفى اللاوعى الجمعى وفى الذاكرة الجمعية .
وبمناسبة الاسطورة ودورها فى تشكيل اللاوعى الجمعى نذكر على سبيل المثال ( وليس هذا خروجا عه سياق المقالة ولكنها تأكيدا لفعاليتها فى االلاوعى حتى الآن )
آمن الانسان القديم عموما بالسحر التشاكلى ( الشبيه ينتج الشبيه ) فكان يكرر نفس الظاهرة لتنتج له المثيل ، وقلنا من قبل ان عبادة الإله بعل كانت تقوم على هذه النظرية ( اقامة طقوس الجنس الجماعى لنزول المطر ) حيث اعتقد ان السماء ممتطية الارض كالرجل ممتطيا المرأة فى عملية جنسية تنتهى بانزال المطر) فالمثيل البشرى هنا يحض السماء على التماثل وانزال المطر .وتعيش هذه الاسطورة فى لاوعينا الجمعى حتى الان ( رغم انها اصلا اسطورة سورية )
ــ نعرف من الفلاح المصرى ان النبات البعلى هو افضل من النبات المسقاوى ، وعندما تسأله عن الفرق يقول : ان النبات البعلى مروى بماء المطر ) وطبعا لايعرف السبب .
ــ عندما نقوم بتقليب كوب الشاى نرى بعض الغاوى على السطح فيقولون لك ك سيأتيك مالا فى الطريق ، فالرغاوى تنتج شبيهها من المال ...!!!
ــ عندما يتصادف ان تخلع فردتى حذائك وتجد احداهن على الاخرى يقول لك على الفور : ستساقر قريبا.
ــ ونحن صغر كنا نلعب بالمقص ونمسكة بايادينا ونفتحه ونغلقة عدة مرات فيسارع احد الكبار بنهرنا وياخذ المقص قالا : فتح المقص وقفله يعنى ان تقوم مشاجرة فى البيت .
انها حالات مازالت تعيش فى وعينا اللاجمعى من الاسطورة سواء المصرية منها او العراقية او السورية ( وهى المثلث الحضارى الذى اسقط تصوراته وتفسيراته للواقع المعاش على شكل حكايات قديمة ) .
ومايهمنا فى هذه المقالة هى ماتقولة القصة عن عودة اوزير مرة اخرى ليحكم البلاد بعد ان تمتلئ ظلما وجورا والتى دخلت اليهودية فى التبشير بالمسيح الذى سيعطيهم ملك العالم وفى الاسلام السنى بعودة المهدى المنتظر والاسلام الشيعى بعودة الامام الغائب ، والاكثر من ذلك انه كما ان الاسطورة مرآة للاوعى الجمعى فانها بعد زيوعها وانتشارها تصبح مكونا اساسيا فى اللاوعى الجمعى لهذه الجماعة الانسانية ويصبح انتظار المخلص موجودا بشده فى هذا اللاوعى ويخرج الى الوعى الانسانى عندما يلمح تباشير قدوم هذا المخلص والمأمول .
وهذا ياساده تفسيرى لظاهرة الفريق السيسى وكيف تجاوبت معه الجماهير المصرية ولماذا تجاوب مع هذه الجماهير . الجماهير المشتاقة الى العدل والى الحرية والتى سرقت منه ثورته ( سرقها إله الشر " ست " ) وفى اللاوعى الجمعى لهذا الشعب انتظر البطل .. انتظار المخلص .. انتظار المامول ... انتظار عودة اوزير .
وفى خلال 36 ساعه يخرج اكثر من ثلاثين مليونا من البشر تاييدا للعائد ويجلس فى البيوت اكثر من تسعون مليونا تلبيه لحظر التجوال ..... ولكنى اخشى :
- 1) ان هذه الجماهير تريد منه ان يحقق لها كل ماتتمناة دون اى ايمان بقيمة العمل فالاتكالية الدينية ضاربة فى اللاوعى الجمعى لمعظم المصريين .
2) لقد سبق لمامول آخر ومخلص آخر ظهر من صفوف الجيش ايضا بنفس الطهارة الثورية والتفت حوله الجماهير وتركت له القيادة كاملة ويحقق لها كل امانيها فى الكرامة والعزه الوطنية جتى انها تركت لللدولة التى يرأسها كل وسائل الانتاج واصبحنا اجراء عند الدولة ناكل ببطاقة التموين ونكتسى من الكساء الشعبى ونعالج فى التامين الصحى ولكنه دحل فى صراعات مع الدول الاخرى وانفق الملايين على حروب وحركات تحرر لم تحمل لمصر فيما بعد الجميل ، وكانت هزيمة 1967 هى النهاية الحتمية لبطل من ورق ............... عن عبدالناصر اتكلم .
3) عبادة البطل وتمجيده وتعظيمة تجعل منه دون ان يدرى ديكتاتورا جديدا فيتوحد مع مصر ( حسب القولة المشهورة : فرنسا انا ) وبناء على هذا الاعتقاد فان اى نقد او هجوم عليه فهو ضد الوطن وبالتالى يصنف صاحب الرأى فى خانه خونة للوطن .
وان كنت اعتقد ان حالة النضج التى وصل اليها الشعب المصرى ورايناها فى ثورتين كبيرتين خلال عامين ، فى الاولى يسقط ديكتاتورية الفساد ورجال الاعمل وحالة من التوحد مع الكرسى استمرت ثلاثون عاما ، وفى الثانية يسقط الفاشية الدينية ونرى رئيس سابق واسبق فى السجن او تحت الاقامة الجبرية واثنين من مرشدى الجماعة داخل الاسوار . هذه الحالة ستكون مانعا من تكرار النموذج الناصرى فى كبت الحريات والزج بمصر فى صراعات وحروب لاناقة لنا فيها ولا جمل الا حب الزعامة وان كان النموذج الناصرى فى الكرامه والعزة الوطنية مطلوب بشدة الان بعد ان تكلست عظام مصر السياسية بفضل ادعاء الاستقرار لمبارك ، وهبطت الى الحضيض وطالت هيبة رئيس مصر مع محمد مرسى .
( لايوجد حاكم ديكتاتور الا مع شعب خنوع )



#هشام_حتاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضلالات الدينية وخطأ وخطيئة البرادعى
- حقوق الانسان وحقوق البشر
- خواطر رمضانية ( الحلف الثلاثى واللواء صلاح حتاته والاخوان )
- ردا على مقالة خير اجناد الارض للزميل يونس : نعم .. مصر خير ا ...
- كيميت تنهض من جديد وحورس يحلق فى سمائها
- العودة للقرابين البشرية فى أبو النمرس
- ردا على مقالة خير اجناد الارض للزميل يونس : نعم .. مصر خير ا ...
- ( حور محب - السيسى ) هل يتكرر التاريخ ؟
- مرسى بين ايزيس المصرية والبعولة العربية
- القول الاخير فى سباق الاسلمة والتنصير
- الاخوان بين السندان الامريكى والمطرقة السلفية
- مرسى بين سخرية القدر وسخرية المصريين
- ردا على مقال زميلى الاستاذ / لطيف شاكر
- مرسى وشرعية الصندوق
- تأملات فى الشخصية المصرية : الرجل الفهلوى
- حول لقاء ( مرسى – الليثى ) واشكالية الحكم الدينى
- هل يطيح الجيش المصرى بحكم الاخوان ؟
- تاملات فى الشخصية المصرية : الابن العاق 2/2
- الى السيد اوباما : الاخوان على خطى الحبيب
- مرثية وطن .. قبيل الرحيل


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هشام حتاته - الاسطورة واللاوعى الجمعى : السيسى نموذجا