أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مهدي الحبشي - -القشة- التي حطمت أصفاد المخزن.














المزيد.....

-القشة- التي حطمت أصفاد المخزن.


مهدي الحبشي

الحوار المتمدن-العدد: 4174 - 2013 / 8 / 4 - 18:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


ما الذي يحدث في المغرب هذه الأيام ؟ هل هب نسيم العشر الأواخر المباركة ؟ أم أن جبريلا هبط مرة أخرى في ليلة القدر، حاملا معه وحيا لشعب بأكمله ليخرجه من جاهليته ؟
الى وقت قريب كان النظام المخزني الحاكم في المغرب يتغنى بالاستثناء، استثناء رحبت به شريحة كبيرة من الشعب لما شاهدته من مآسي في دول سلكت طريق الثورة، فلا تكاد تناقش مواطنا مغربيا حول موضوع الثورة إلا و يفحمك بجوابه المباشر الغير مبني على أدنى تحليل معمق، و غير المحترم للخصوصية المغربية، : " لا نريد ان نعيش مأساة سوريا أو مصر في بلادنا". لقد ضحى المغاربة بالكثير من شروط العيش الكريم في سبيل هذا "الأمن" و "الاستقرار" النسبيين، و اللذين في الواقع لا يتمتع بهما كل الشعب، فلا يزال في بلادنا من مضت عليه سنوات و هو بلا مأوى و لا عمل، فعن أي استقرار يتكلمون اذن ؟ لكن عموما بالنسبة للإنسان المغربي فالاستقرار و الأمن يساوي أن لا ترى صواريخ و مروحيات الحرب تحلق فوق رأسك مهددة حياتك و حياة من المقربين اليك لأنك صرخت "يسقط النظام". المخزن الحاكم في المغرب، شاطر المواطنين هذه الفكرة لكن بتصور مختلف، فبعد أن زرع في قلوبهم الرعب في سنوات الستينيات و السبعينيات و الثمانينيات خلال ما يسمى بـ"سنوات الرصاص"، بات الآن يعتقد أنه مقدس و محصن ضد أي شكل من أشكال العصيان، و اعتقد أن نار "الربيع العربي" قد خمدت و كانت عليه بردا و سلاما، و أن الأمر قضي خاصة بعد نجاحه في إفشال تجربة حركة 20 فبراير. و بات المخزن يعتقد أن مشاريعه التنموية التي تخدم مصلحة المواطنين، و على قلتها و ضآلة نتائجها، كرم منه لا أكثر، و كأنه ليس مطالبا بها أو مسئولا عنها أمام الشعب، و عاد إلى ثقافة "الزرواطة" في قمع المظاهرات السلمية و كل أشكال الاحتجاج، و ساد لديه اعتقاد أنه يتعامل مع شعب ماتت فيه النخوة و الضمير و التضامن، و أنه صار مباحا له فعل ما يحلو له دونما حسيب أو رقيب، متناسيا أن قيما كهذه قد تغفو، قد تنام، قد تدخل في سبات حتى، لكنها لا تموت إطلاقا، و عند أدنى إزعاج تستيقظ غاضبة.

هذا ما حصل بالضبط، حل عيد العرش الذي يحتفل به الملك كل سنة و يستحضر فيه ذكرى تربعه على عرش البلاد. اعتاد الملك كل سنة أن يصدر، بهذه المناسبة، عفوه عن عدد من نزلاء السجون المغربية: لصوص، قتلة، قطاع طرق... لا يستثنى من هذا الكرم الملكي غير المعتقلين السياسيين الشرفاء الذين زج بهم في السجون من أجل الوطن.
هذه السنة و على غير العادة، قرر الملك أن يشمل عفوه عددا من السجناء ذوي الجنسية الاسبانية، و ذلك على خلفية الزيارة الرسمية التي قام بها عاهل اسبانيا الملك خوان كارلوس للمغرب، من ضمن هؤلاء، أحد ثيران اسبانيا الهائجة و الذي سولت له نفسه اغتصاب 11 طفلا و طفلة مغربية قبل أن ينال جزاء ذلك 30 سنة سجنا نافذة، لم يقضي منها سوى سنتين بفضل العفو الملكي. هذا الخبر حرك شعورا غير مسبوق لدى عموم الشعب المغربي و قرر هذا الأخير، تنظيم مظاهرات عديدة للتنديد بالعفو الملكي عن هذا الوحش الآدمي الذي مس كرامة المغاربة ككل.
الحادثة ليست الأولى من نوعها، فقد اعتدنا على سياسات الخنوع التي ينهجها المخزن تجاه قوى العالم المتقدم، و تمتيع المجرمين بالعفو ليس بالأمر الجديد علينا... إلا أن ما حصل كان مليئا بالعبر و الخلاصات التي يجب أن يفهمها المخزن قبل غيره :

1 – أولا، لقد أثبت الشعب المغربي أن له خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها، فإذا كان قد سكت عن الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و الحقوقية التي لا تزال متردية، فهذا لا يعني أنه شعب بلا ضمير و سيسكت كذلك عن ما يمس كرامته، فالمغربي إنسان يتحمل الجوع و العطش و المبيت في العراء ... و لا يتحمل أن تمس كرامته بسوء. هناك مثل مغربي بليغ يقول : "الإنسان يموت على ولاده أو بلاده"، مثل يشرح بالملموس الغضب الشعبي الذي واكب العفو عن مغتصب الأطفال، فالمواطن المغربي مستعد لملاقاة كل خطر يتهدد أبناءه أو وطنه.
2 – ثانيا، الاحتجاج كان واضح المعالم و المطالب، لقد طولب باستقلال القضاء عن المؤسسة الملكية، و باعتذار رسمي للملك إلى الشعب. و في هذا رسالة واضحة أن قدسية شخص الملك باتت من الماضي. فمنذ سنوات الرصاص التي ذاق فيها الشعب الويلات، أصبح المغاربة ينتقدون أوضاعهم بمبدأ " التقية "، فيصبون جام غضبهم على رئيس الحكومة و على المسئولين الصغار، في حين يتفادون انتقاد المؤسسة الملكية، الأمر الذي وضع له الحراك الشعبي الأخير نقطة نهاية. فكل من له مسئولية عليه أن يحاسب عليها من سفح الهرم إلى قمته، كما أبرز أن المغاربة قد قطعوا مع عهد "رعايا صاحب الجلالة" و انتقلوا إلى عهد "المواطنين كاملي العضوية في مجتمعهم".
3 – ظن المخزن أن بوسعه القضاء على هذا الحراك بنفس الأساليب الملتوية التي دمر بها حلم 20 فبراير، حين دس في أوساط المحتجين في الشبكات الاجتماعية عددا من أتباعه ليوهموا المغاربة أن الأمر يتعلق بمؤامرة جزائرية صهيونية صليبية لزعزعة الاستقرار في البلاد، و أن الاحتجاجات مشبوهة نظرا لمشاركة الفصائل الإسلامية المتطرفة فيها و مشاركة "العلمانيين الملاحدة" و حركة "ما صايمينش" الخ من الهرطقة الرامية فقط إلى إحباط الهمم و تكسير شوكة الحراك، لكن الملاحظ أن معظم المواطنين لم ينساقوا وراء هذه الترهات، بل أغلبهم فندها و استهزئ بأصحابها، و من ذلك نستنتج خلاصة مفادها أن الشعب المغربي يفهم دروس ماضيه جيدا، و أنه إذا أصيب بمرض كون ضده مناعة فلا تنطلي عليه الحيلة ذاتها مرتين.

لقد أظهرت أحداث رمضان هذا، المبارك فعلا، أن الأصفاد قد تحطمت، و الطابوهات قد سقطت، لقد هب على شعبنا نسيم الحرية و قيم دولة الحق و القانون و المواطنة الحقة، و قد أصبح المخزن و كل من يتمتع بسلطة في هذا المجتمع مجبرا على أن ينزل عند المطالب الشعبية و يسرع وثيرة الإصلاح، و يبدأ فعليا مسيرة الانتقال الى دولة ديمقراطية تحترم مواطنيها و تراعي شعورهم و تسهر على مصالحهم قبل كل اعتبار.
الملكية البرلمانية هي الحل.



#مهدي_الحبشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة التعليم المغربي و ضلع الوافا غير المشترك
- حكومة بنكيران ... بين مطرقة الفشل و سندان المؤامرة.
- 5 فوارق بين المسلم و - الإسلامي -
- مصيبة اسمها : الجهل.
- هل صحيح ان الديموقراطية هي الحل ؟
- نقد اليسار المغربي من الداخل


المزيد.....




- جامع الشيخ زايد الكبير.. أبرز الحقائق عنه
- بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي عليها.. خريطة توضح المنطقة الحدود ...
- مراسم تنصيب بوتين رئيسا لروسيا لولاية جديدة (مباشر)
- ما هي الأسلحة النووية التكتيكية التي تريد روسيا إجراء تدريبا ...
- مصادر مصرية تكشف لـRT حقيقة إغلاق معبر رفح بالكتل الخرسانية ...
- الصين تنجح بإطلاق صاروخ فضائي جديد صديق للبيئة
- -يديعوت أحرونوت-: مصر قد تقلص العلاقات الدبلوماسية مع إسرائي ...
- ريابكوف يفسر سبب دعوة الدول غير الصديقة لحضور مراسم تنصيب بو ...
- نجل زوجة قائد الجيش الأوكراني يقود مسيرة النصر السوفيتي في أ ...
- تحرير ما لا يقل عن 107 مهاجرين من الأسر جنوب شرقي ليبيا


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مهدي الحبشي - -القشة- التي حطمت أصفاد المخزن.