أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي آل شفاف - وحدة -ونفاق- المتضادات














المزيد.....

وحدة -ونفاق- المتضادات


علي آل شفاف

الحوار المتمدن-العدد: 1194 - 2005 / 5 / 11 - 10:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إننا نعيش في زمن, صار الإنسان فيه أرخص الموجودات على أرض الواقع؛ على الرغم من أنه أغلى الموجودات, في ساحة التنظير. فالإنسان ليس "قيمة عليا" لدى السياسي المعاصر, كما كنا نقرأ لدى الكثير من المنظرين. إنه (موضوع) لصراع الأنا المتعاظمة, والمتجبرة, والمنتفخة؛ مع الأنا الأخرى, إنه صراع الإستغفال والإستئثار والهيمنة. تلك هي الروح التي تدفع بمتطرف ما أن يتواطأ مع (ضده), من أجل الإنقضاض على الآخر.

منا من لم يؤمن, ومنا من قد آمن بمبدأ "وحدة وصراع المتضادات"؛ كما أن منا من قد آمن, ومنا من لم يؤمن بمبدأ "عدم التناقض". ولكل وجهة نظر حولهما, إنطلاقا من إمكان بناء نتائج عقلية وواقعية على هذا المبدأ أو ذاك.
إلا أننا في عالم السياسة ـ خصوصا ـ إزاء مبدأ واقعي جديد قديم, أنتجته عوامل الإنحطاط الأخلاقي لدى إنساننا (السياسي). لم يجرؤ أحد على أن يطرحه كفكر, أو كعقيدة؛ بل طبق كسلوك, عمل عليه, وسار على وفقه الكثير من السياسيين, بشتى أوصافهم وتسمياتهم, بعد تغليفه بأطر المصلحة. أو المنفعة العامة, أو (النصرة للعقيدة والمبدأ). تلك المبررات التي زادت من قدرة السياسي على المراوغة, والمكر والخداع, والانقضاض على الخصم؛ بدون رحمة ولا شفقة, والقضاء علية, وربما إبادته.
إن تجسد هذا المبدأ في العصر الحالي, يمثل أخطر مرحلة من مراحل تطور السلوك السياسي الإنساني, بسبب القدرات الهائلة لأدوات السياسي المعاصر, العسكرية أو الحربية منها والإعلامية.

لقد مهدت فكرة "الغاية تبرر الوسيلة", المطبقة قبل "ماكيافيللي" وبعده. والتي طبقت ـ حتى ـ من قبل أشد منتقديها, وأشد المتورعين عن سلوكها. وكانت سببا (باطنيا) للكثير من الأعمال المغلفة بأغلفة النفاق والخداع السياسي والديني. وكذلك نظرية الذرائعية أو "البراغماتية" في وجهها السياسي, والتي طبقت ـ هي الأخرى ـ قبل "جون ديوي" وبعده. وكذا مقولة: "عدو عدوي صديقي" . . وغيرها من الأفكار والأقوال, التي تحث على السير بهذا الإتجاه. كل هذه الأفكار مهدت لهذا المبدأ, وكان لها أثر تراكمي عبر الأجيال في تكوين عقلية سياسية تسلك منهج (نقض الفكر الذاتي), و(اللاإلتزام الأخلاقي والسياسي), ثم تكوين جو نفسي يتقبل هذا السلوك كعرف سياسي.

لقد تجسد مبدأ "وحدة (ونفاق) المتضادات" هذا, بأشكال وكيفيات وأسماء متعددة, عبر التأريخ السياسي؛ لسنا بصدد متابعتها واستقصاءها. ولكن لا بد لنا من تشخيص بعض ظواهر السلوك السياسي المعاصر, والتي يمكن اعتبارها تطبيقا لهذا المبدأ.

لعل أبرز (تنافق) نلحظه في هذه الأيام, هو بين المتطرفين دينيا فيما بينهم, وبين بعضهم وبعض المتطرفين علمانيا, بقومييهم ويسارييهم وليبرالييهم ومحافظيهم وبتفرعاتهم المختلفة؛ وبين هؤلاء العلمانيين أنفسهم . . وكل منهم يستسخف ويحارب رأي الآخر ويحاول إلغاء وجوده.

فليس غريبا في عصرنا أن ترى متطرفا إسلاميا ـ مثلا ـ يتحالف ويتعاهد مع متطرف مسيحي, وكل منهما يحكم دولة, من أجل القضاء على من تمليه عليهما مصلحتهما . . فيتحاضنان وكل منهما ـ ربما ـ يلعن الآخر في سره. وقد يغتسل بعد مصافحته!!
وليس غريبا أن تدعم دولة ما, تضع نفسها كواجهة دينية لأكثر من مليار إنسان, متطرفا من دين آخر ـ بواجهة علمانية ـ ومدعوم من (العالم الكافر)!! فتعظم شأنه, وتهول أمره, لكي تستخدمه فيما بعد وسيلة للإنتقام من غريم!! ومن ثم الثأر . . .

كما أنه ليس غريبا على من يرفع شعار "لا حكم إلا لله", أن يعضد ويعتضد بمن لا يعترف إلا بحاكمية الإنسان. وكل منهما ينتظر الخلاص من عدوه, لينقض على (عاضده)!!

ليس غريبا ـ أيضا ـ أن أحزاب اليسار في أوربا وغيرها, تدعم وتروج للإرهاب الأسود في العراق, والذي يقوم به متطرفون دينيون وتكفيريون معروفون!!

كما أنه ليس غريبا أن تدعم الأحزاب الليبرالية القوميين المتعصبين (الشوفينيين) في العراق!!

إن هذا النمط من السلوك السياسي الشاذ, الذي أصبح مألوفا في عالم السياسة المعاصرة, يشير إلى حقيقة أن الإنتماء السياسي أو العقيدة السياسية (الأدلجة السياسية) أصبحت غلافا مخادعا, ليست له أية واقعية. تتكشف حقيقته يوما بعد يوم, كلما تعقدت ظروف الحياة, وتزاحمت المصالح. حتى أصبح هذا الغلاف غشاءا شفافا, ينبئ عن كل من وما يتستر خلفه.

إن اللاثبات وعدم الجمود وعدم التصلب في التعامل, أو اتخاذ الموقف السياسي, قد يكون مطلوبا ومحمودا ـ كما بينت في مقال سابق. لكن بشرط إعلان هذا الموقف المتغير والمرن, والتصريح به. وليس التظاهر بالثبات على عقيدة سياسية ما, والدفاع عنها, والتغرير بالجهلة من أتباعها, ومن ثم التضحية بهم من أجلها. فالمرونة السياسية هي تركيز للحس الإنساني لدى السياسي, ليغير موقفه وفق متطلبات الحاجة الإنسانية, وليس حسب متطلبات الفكر أو المنهج السياسي.

إن (التنافق) السياسي بين الأضداد, هو سلوك الثعالب عند اقتناص الدجاج, والتي لا بد أن تتحول إلى ذئاب, بعد الفراغ من فريستها, لتفترس بعضها بعضا.
إن هذا السلوك يؤذن بانهيار الحس الإنساني لدى الإنسان السياسي.



#علي_آل_شفاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (3)- لنفكك قيود -اليسار- و -اليمين- و -الوسط
- أصنام تحت الأقدام
- -المشاعية- و-العولمة- و-الظهور-
- -المعاصرة- حقيقة واقعية وضرورة عقلية
- القصور, التقصير, المؤامرة . . أيها يفسر منهج حكومتنا؟
- دراسات مرتجلة (2) المؤامرة بين النظرية والواقع
- الشعور بالذات . . أثر إجتماعي وتأثر


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي آل شفاف - وحدة -ونفاق- المتضادات