أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خالد سالم - الإسلاميون والديمقراطية في مفترق طرق














المزيد.....

الإسلاميون والديمقراطية في مفترق طرق


خالد سالم
أستاذ جامعي

(Khaled Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4166 - 2013 / 7 / 27 - 18:45
المحور: المجتمع المدني
    


بعيدًا عن الشماتة في الإخوان المسلمين فإن ما يحدث في مصر وتونس سيكلف العالم العربي ثمنًا باهظًا بعد أن حُرفت ثورات الربيع العربي عن مسارها الطبيعي، وخاصة في مصر بعد أن استدعي الجيش للعودة إلى المسرح السياسي بعد عام من انسحابه إلى ثكناته، تاركًا السياسة لمن "اختارهم" الشعب.
وما حدث في مصر منذ الإستفتاء على التعديلات الدستورية في 19 مارس 2011، ما أسماه التيار الإسلامي بغزوة الصناديق، وما آلت إليه الأمور، لا يتماشى مع ما حلم به المصريون ومعهم منظرو الديمقراطية ودعاتها، من ولوج مصر عالم يتماشى مع قدرات شعبها ورغبته في عيش وحرية وكرامة وعدالة إجتماعية. مر عامان ونصف لم يجن منها شعب تعاني غالبيته البؤس والتردي سوى الخداع والدجل، ما حمله على امتهان الإستجداء. كان هذا الدجل والغش باسم الدين باستمطاء الديمقراطية وراء الأحداث المأساوية التي تشهدها البلاد.
إستدعاء الجيش وإدخاله ساحة الصراع السياسي يعد فشلاً ذريعًا للمجتمع المدني، والساسة والمنادين بالديمقراطية، فهذا إقحام له بعد انسحابه لمواصلة مهامه المنوط بها، وهي الدفاع عن حدود الوطن وتأمينها. هذا يعني أن مؤيدي الحداثة والعلمانية والتقدم عجزوا عن مواجهة سطوة الإسلاميين، واستئثارهم بالسلطة واستبدادهم، وتحولهم إلى جلادين بعد أن لعبوا دور الضحية في الماضي. ولهذا لجأوا إلى الجيش مخالفين أبسط قواعد الديمقراطية. ستثبت الأيام أن الجيش زُج به في أتون معركة لم تكن له، بعد فشل اللاعبين في المسرح السياسي، فلا الإخوان أجادوا لعبة السياسة ولا المعارضة استطاعت اكتساب شعبية قادرة على مواجهة الإسلامويين. إنه الفشل بعينه، ودون مواربة، الفشل في أول تجربة للممارسة الديمقراطية. ثمن هذا التخبط والفشل سيكون غاليًا، فمصائر الشعوب لا تُرسم بالدجل الديني والسفسطة والعجز عن التعبئة.
كان الشعب المصري مغيبًا عن المسرح السياسي حتى هب في 25 يناير 2011 ضد نظام أذله، ونهب ثرواته بينما يعيش حوالي نصفه تحت خط الفقر، بينما قاد البلاد رؤساء ثلاثة جاءوا من صلب القوات المسلحة، عبد الناصر والسادات ومبارك، وهم أول رؤساء مصريين منذ انتهت الأسر الفرعونية، أي منذ أكثر من ألفي عام. وكانت القوى المدنية والديمقراطية تحاول على استحياء جلب التجارب المدنية الغربية لحكم البلاد، وواتتها الفرصة دون أن تحتسب لكنها ضيعتها، بعد اختيار الشعب، المتدين بطبيعته، للتيار الديني لحكمه، لكنه انقلب عليه بعد اكتشاف أخطاء هذا التيار.
ما حدث ليس ضربًا من ضروب الديمقراطية، وسوف يعطل إعادة البلاد إلى المسار الذي هب الشعب من أجله في يناير وفبراير 2011. ورغم أن أخطاء الإسلاميين جمة وفادحة فلا يتحملون وحدهم حرف الثورة عن مسارها، فاللاعبون الآخرون يشاركونهم، وإن كان بدرجة أقل، مسؤولية هذا الإنحراف. لكن الإخوان المسلمين بآخر أخطائهم البشعة، عدم الرضوخ أمام مطالب تظاهرات 30 يونيو، حملوا البلاد على شفير هاوية واضطرابات قد تدوم عقودًا. وأمام استحالة عودة عقارب الساعة إلى الوراء عليهم أن يقبلوا بالواقع الجديد، فلا تزال أمامهم فرصة العمل السياسي في وضح النهار والفوز في الإنتخابات، خاصة وأن شريحة من الشعب لا بأس بها لا تزال تؤيدهم، ولا يزالون القوة السياسية الوحيدة المنظمة على الساحة. ومن يقرأ مؤشرات الساحة يدرك أن الساحة السياسية سيشغلها لسنوات قادمة طرفان: الإسلاميون وبقايا النظام السابق، أما القوى الأخرى فستطبق عليها فكرة أن لا بقاء لضعيف.
معلوم أن الشعب المصري أبدى تأييدًا لجيشه في الأحداث الأخيرة، وهي علاقة تضرب في التاريخ قدم هذا البلد. ويذكر الجميع كيف التف الشعب نفسه حول جيشه يضمد جراحه وجراح ناصر على إثر النكسة فكانت حرب الإستنزاف التي أبدى فيها استرداده لعافيته وثقته في الذات، ما أدى إلى نصر أكتوبر المجيد. إلا أن أدبيات الفترات السياسية الإنتقالية في تاريخ الشعوب تؤكد أن لا دور للجيش فيها. وأمامنا تجربة قريبة منا، تجربة الجزائر منذ عام 1991، وكلنا يعرف ما آلت إليه الأمور، من ناحية، وتجارب دول أخرى من بينها إسبانيا بعد وفاة الطاغية الطاغية فرانكو، البرتغال بعد ثورة القرنفل التي قام بها الجيش على الطاغية سلازار ثم رحل، وتجارب دول أوروبا الشرقية التي لم تقترب منها الجيوش كثيرًا. التجارب الناجحة واضحة: انسحاب الجيش بعد أن يؤدي دوره في استتباب الأمن. فهل سنسمح للجيش المصري بهامش البعد عن السياسة كما أعلنها قائده العام، الفريق السيسي، أم أننا سنزج به مجددًا في المعترك السياسي.
لهذا فمن المدهش، وسط نشوة إزالة الإخوان عن المسرح السياسي، أن يطالب البعض الجيش بالعودة إلى السياسة، وعقد مقارنات بين السيسي وعبد الناصر في طريقة الكلام والتصرفات. الجيش لديه مهام صعبة وجادة في الحفاظ على أمن البلاد على كافة حدود أرض الكنانة الواسعة، بدءًا بتنظيف سيناء من بؤر الإرهاب الذي يهدد أمن الدولة ومواطنيها. وأظن هذا هو ما عناه وزير الدفاع الفريق السيسي في خطابه منذ ثلاثة أيام عندما طلب من الشعب تفويض جيشه في القضاء على الإرهاب المحتمل، ولم يكن يفكر في الزج بالجيش في أتون حكم البلاد. ليس من الحصافة أن نغرر بقادة القوات المسلحة للولوج في دنيا السياسة مجددًا، فقد انسحبوا منها غير آسفين عليها في أغسطس 2012.
عودة الإخوان المسلمين إلى رشدهم، بعيدًا عن الكبر وكرامة كاذبة، سيوفر على البلاد الخوض في مسار لن نخرج منه أرض الكنانة قبل مرور عقود. لقد وضعوا البلد وأنفسهم في مفترق طرق، بعد أن أخذوا معول وءد ثورة 25 يناير 2011. إقرأوا تجارب شعوب أخرى في أميركا اللاتينية.



#خالد_سالم (هاشتاغ)       Khaled_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورية في قلب أم الدنيا
- الرؤيا في شعر البياتي
- لا تجبروا جيش الشعب المصري على أن يكون فاعلاً على غرار جيوش ...
- أزمة اللغة في -المسرح الجديد- في إسبانيا
- مشاهد بعد معركة الإخوان المسلمين
- العرب بين الإنتحار واللهو بتطبيق الشريعة: مصر على شفا جَرف ه ...
- من البنية إلى البلاغة في السميوطيقا البصرية
- التأليف الموسيقي في خدمة الصورة السينمائية (الخطاب الموسيقي ...
- توظيف وتطبيق العلامات المسرحية
- حركة الإستعراب الإسبانية من الداخل
- مكان الطقس في سميوطيقة العرض
- السارد في المسرح
- سميولوجيا العمل الدرامي
- الشاعر أوكتابيو باث في ذكراه:على العالم العربي أن يبحث له عن ...
- المسرح والخيال
- عبد الوهاب البياتي محلقًا عبر أشعاره وحيواته في العالم الناط ...
- مسرحية -القبيحة- وتقاليد إسبانيا العميقة عبر إقليم الأندلس
- الصراط المستقيم وتخلف العرب المبين: الهنود الحمر نموذجًا
- ألفونصو باييخو: التقاء الكتابة والطب في البحث عن الواقع المع ...
- نصر أبو زيد الغائب الحاضر وتجار الشنطة الجدد


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خالد سالم - الإسلاميون والديمقراطية في مفترق طرق