أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إدريس جنداري - بين الفن و الدين .. قراءة في موقف الحركات الإسلامية















المزيد.....

بين الفن و الدين .. قراءة في موقف الحركات الإسلامية


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 20:30
المحور: الادب والفن
    


تابعت؛ مؤخرا؛ حدثا فنيا لا يخلو من شحنة سياسية؛ كما تابعت كذلك ما أثاره هذا الحدث الفني من نقاش اتخذ؛ في الغالب؛ بعدا سياسيا. و بما أن الحدث الفني يرتبط بتوجه الحركات الإسلامية؛ في العالم العربي؛ فإنه اتخذ أهمية و اهتماما اكبر؛ خصوصا و أن الحركات الإسلامية تعيش على وقع مخاضات قوية بعد وصول بعضها إلى الحكم.
في الحقيقة؛ ولدت لدي هذه المتابعة الكثير من الإشكالات؛ التي يمكن أن تشغل باحثا من خارج إطار الحركات الإسلامية؛ من قبيل:
• ما هي نوعية العلاقة التي تربط الحركات الإسلامية؛ في العالم العربي؛ بمحيطها السوسيولوجي المتحرك و المنفتح ؟
• هل تنظر الحركات الإسلامية؛ لتوطين مشروع بديل مغاير لما ساد/يسود العالم العربي؛ في علاقة بالانفتاح الذي تحقق على العالم؛ شرقا و غربا؛ منذ البوادر الأولى للنهضة العربية خلال مرحلة القرن التاسع عشر ؟
• ما هو موقف الحركات الإسلامية من المشهد الثقافي؛ بشكل عام؛ و المشهد الفني (إبداعا أدبيا و موسيقيا و سينمائيا) بشكل خاص؟ هل تحمل مشروعا لتقويمه من الداخل عبر تخليصه من الأمراض التي تنخره؟ أم تحمل مشروعا بديلا يسعى إلى ربط الإبداع الفني بتصور مختزل عن الدين من قبيل ما أصبح يروج من شعارات (الأدب الإسلامي؛ السينما الإسلامية؛ الأناشيد الإسلامية ...) ؟
• هل يعي فاعلو الحركات الإسلامية؛ أن العالم العربي يمتلك رصيدا ثقافيا غنيا؛ ساهم في رسم صورة العرب على الصعيد العالمي؛ موسيقيا عبر أم كلثوم و فيروز و عبد الحليم حافظ و محمد عبده و مرسيل خليفة و عبد الهادي بلخياط و محمد الحياني ... و روائيا عبر نجيب محفوظ و عبد الرحمان منيف... و شعريا عبر محمود درويش و أدو نيس ... و سينمائيا ساهمت السينما المصرية و السورية في خلق حوار فني فاعل بين مختلف الشعوب العربية . ما هو موقف الحركات الإسلامية من هذه الحركة الثقافية و كذلك ما هو تقديرها لرموز الثقافة و الفن ؟
لقد تولدت لدي هذه الأسئلة و أنا أتابع مشاركة الفنان الإسلامي (رشيد غلام) في برنامج تقدمه الفنانة السورية ( أصالة نصري). و قد أثارت هذه المشاركة نقاشا بين القاعدة الشعبية للحركة الإسلامية؛ وصل إلى حدود تدخل القيادي النقابي (محمد يتيم) على خط الحدث معتبرا أن الأمر خروج عن مألوف الحركة الإسلامية؛ و ما تلا ذلك من رد فعل الفنان (رشيد غلام) الذي وجه نقدا حادا للأستاذ محمد يتيم .
بين هذا الأخذ و الرد؛ يبدو أن الفنان رشيد غلام قد رمى بالحجرة الأولى في البركة الراكدة؛ و يبدو أن الأحجار ستتوالى مستقبلا حتى تتحرك مياه هذه البركة و تتحول إلى جداول جارية. و ما يؤكد ذلك؛ هو أن خروج الحركات الإسلامية من فضاءاتها؛ المغلقة لعقود؛ إلى الجو السوسيولوجي الفسيح؛ حيث حركة الناس و تحولاتهم؛ تفكيرهم و إحساسهم ؛ هذا الخروج لن يحافظ؛ بالتأكيد؛ على وضع السطاتيكو الذي ساد المشهد الإسلامي لعقود.
و لعل تاريخ الحركات الاجتماعية و السياسية؛ عبر العالم؛ ليؤكد هذا التوجه. فأغلب الحركات مرت بهذا التطور؛ حيث تنغلق؛ في البداية؛ على نفسها بدعوى عدم التلاؤم مع الواقع الاجتماعي (المنحرف) لكن بعد دخولها إلى المجال الاجتماعي و السياسي تنخرط؛ بشكل متدرج؛ ضمن الدينامية الاجتماعية؛ و تتحول إلى خيار اجتماعي و سياسي ينافس خيارات أخرى مغايرة؛ من منظور ديمقراطي يؤمن بالتعددية و الاختلاف.
إن ما أثارني؛ في الحقيقة؛ من خلال متابعة هذا الفنان؛ هو كونه يمتلك قدرات إبداعية خارقة ( صوتا و إحساسا و تجسيدا) يمكنها أن تنافس كبار فناني العالم العربي؛ و هذا ما تم الاعتراف له به من طرف الفنانة أصالة نفسها؛ لكن هذه الإبداعية لم تستثمر؛ لوقت طويل؛ رغم أن المشهد الفني العربي يعاني جدبا إبداعيا يكرسه فنانو الكباريهات (ذكورا و إناثا) الذين لا يمتلكون من الفن سوى قدرتهم الخارقة على إثارة الغرائز. لكن؛ موقفا إيديولوجيا منغلقا كان بإمكانه إخراس هذا الصوت الأسطوري؛ الذي يعود بك إلى لزمن الأول للغناء؛ حيث كانت التراتيل تتلى أمام الآلهة و ترمي بالروح الإنسانية في أتون مخاض وجودي عميق؛ أقل ما يمكن أن يثيره هو الخشوع .
لقد نسج بعض فقهاء الحركات الإسلامية؛ في العالم العربي؛ موقفا ذاتيا منغلقا من الفن؛ و لتحقيق ذلك عملوا على لي أعناق الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية؛ لإصدار فتاوى فضفاضة تحرمه و لا تبيح منه سوى الإنشاد؛ الذي لا يوظف من الآلات الموسيقية إلا الدفوف. لكن؛ عودة إلى التاريخ المجيد للحضارة الإسلامية تدحض هذا الموقف الإيديولوجي المنغلق.
فقد ساهمت الحضارة الإسلامية في تطوير اللغة الموسيقية؛ من منظور علمي؛ حينما تم اكتشاف علم العروض مع (الخليل بن أحمد الفراهيدي) خلال عصر تدوين العلوم العربية/الإسلامية الذي ارتبط بالقرن الثاني الهجري؛ و ما ارتبط بذلك من تنظير/ممارسة موسيقية جسدها ( زرياب) هذا الموسيقي الذي يؤكد تاريخ الموسيقى؛ أنه كان مساهما؛ بشكل كبير؛ في تطوير الموسيقى الكلاسيكية الغربية؛ على مستوى الآلات الموسيقية و الأنغام؛ فقد انتقل من العراق (مركز الحضارة الإسلامية خلال العصر العباسي) إلى الأندلس و ساهم في تنشيط الحركة الموسيقية فيها؛ و قد ارتبط اسمه بتأسيس (دار المدنيات) للغناء و الموسيقى؛ باعتبارها أول مدرسة ظهرت لتعليم الموسيقى و الغناء كعلم يمتلك أساليبه و قواعده الخاصة به؛ و وظيفته الارتقاء بالذوق الفني العام .
إن النقاش الحقيقي حول الفن و الإبداع؛ يجب أن يتجاوز ثنائية الحلال و الحرام؛ ذات البعد الفقهي؛ لأن روح الدين الإسلامي لا تستجيب لهذه الخنادق؛ سواء قرآنا أو سنة أو ممارسة تاريخية خلال عصور الازدهار الأولى؛ بل إن ذلك كله ثمار مرة و سامة لعصر الانحطاط؛ حيث تراجع الفكر و معه تراجع الإبداع تحت مسميات دينية هي أكثر ارتباطا بالممارسة التاريخية الموسومة بالتخلف و الركود . الأمر الذي يفرض على الفاعلين الثقافيين؛ في الحقل الحركي الإسلامي؛ التمييز بين روح الدين الإسلامي؛ التي تشجع على التفكير و الإبداع باعتبارهما تجسيدا للكمال الإنساني؛ و بين الممارسة التاريخية؛ خلال عصر الانحطاط؛ حيث كان التفكير و معه كان الإبداع من جنس الواقع الراكد و المتخلف .
لكن؛ النقاش الحقيقي الذي يجب أن يشغل جميع الفاعلين الثقافيين؛ و منهم فاعلو الحركات الإسلامية؛ هو مستوى و قيمة الإبداعية التي يجب أن تؤطر الممارسة الفنية؛ هل هي فنون الاستهلاك السريع (فاست فود) التي يسوق لها الإعلام العربي؛ من خلال البث الفضائي المتصل و المسابقات الغنائية ؟ أم هي الفنون التي ترقى بالذائقة الفنية العمومية؛ عبر استجابتها للكلمة الشعرية المبدعة و الإيقاع الموسيقي المسبوك؛ و الروح الإبداعية السامية التي ترتقي بالفنان إلى مرتبة المبدع؟ إن هذا المعيار الجمالي و الإبداعي هو الذي يجب أن يتحكم في عملية الفرز؛ و ذلك لأن وظيفة الفن هي المساهمة في تهذيب الذوق العام؛ و ما ينتج عن ذلك من ارتقاء اجتماعي و ثقافي يقدم؛ في الأخير؛ خدمة جليلة للتنمية المادية و الرمزية للمجتمع.
و لكي تتحقق هذه الغاية؛ لابد للفاعل الديني؛ بشكل عام؛ أن ينفتح على الدراسات الخاصة بفلسفة الفن و تاريخه؛ كما يجب عليه أن يطالع الإبداعات الفنية العظمى في التاريخ الإنساني؛ باعتبارها تجسد الكمال الإنساني الذي حث عليه الدين الإسلامي. و هذه؛ وظيفة مادة التربية الإسلامية في جميع أسلاك التعليم؛ كما هي وظيفة علماء الدين المتنورين؛ و كذلك هي وظيفة المثقف الملتزم الذي لا يزايد على احد في علاقة بقضايا المجتمع؛ بل يؤمن بالشراكة و الانفتاح بين جميع الفاعلين الثقافيين لإيجاد الحلول الفكرية المتوازنة لمختلف الإشكاليات التي تفرضها التحولات الاجتماعية .



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة مثقفي العلاقات العامة
- اللوبي الفرانكفوني في المغرب و العمى الاستراتيجي - قراءة في ...
- من الثورة إلى تغيير الثقافة السياسية
- الحكومة الملتحية و العلوم الإنسان-فوبيا
- المغرب يعود إلى حضنه العربي .. عودة الوعي
- جدلية النضال الثوري و النضال الديمقراطي .. من ثقافة الهدم إل ...
- جدلية الفعل الحزبي و النضال الديمقراطي في المغرب
- حزب الاستقلال.. حينما تنتصر الشرعية الديمقراطية
- مخاضات حزب الاستقلال .. بين الشرعية التاريخية و الشرعية الدي ...
- بين - روح التاريخ- و -الحشود- .. في نقد النسق الرجعي
- المثقف و الربيع العربي.. في نقد البلطجة الثقافية
- في العلاقة بين العروبة و الإسلام.. نماذج في النقد الذاتي
- إشكالية العلاقة بين العروبة و الإسلام .. ما بين التيار القوم ...
- ما بين الأجندة النيوكولونيالية و النزعات العرقية
- مفهوم الكتلة التاريخية .. النقد الابستملوجي لكشف الوهم الإيد ...
- الربيع العربي و قوى اليسار في الحاجة إلى مراجعات من أجل مستق ...
- الإسلام السياسي صوت الربيع العربي .. الخصوصية الحضارية كمدخل ...
- الأطروحة الأمازيغية في المغرب بين المشروع الكولونيالي و الره ...
- الربيع العربي في مواجهة مخططات الاستعمار الجديد - الديمقراطي ...
- الربيع العربي .. في نقد توظيف النزعات العرقية لخدمة الأجندة ...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إدريس جنداري - بين الفن و الدين .. قراءة في موقف الحركات الإسلامية