أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - إدريس جنداري - الربيع العربي و قوى اليسار في الحاجة إلى مراجعات من أجل مستقبل مغاير















المزيد.....


الربيع العربي و قوى اليسار في الحاجة إلى مراجعات من أجل مستقبل مغاير


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 19:10
المحور: ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011
    


1ــ هل كانت مشاركة القوى اليسارية والنقابات
العمالية والاتحادات الجماهيرية مؤثرة في هذهِ الثورات؟ و إلى أي مدى؟
نعم؛ لا يمكن أن ننفي التأثير الكبير الذي مارسته القوى اليسارية/الديمقراطية؛ إما باعتبارها أحزابا؛ و إما باعتبارها نقابات و اتحادات جماهيرية. و هذا التأثير ليس وليد اليوم طبعا؛ بل يمتد إلى مراحل سابقة؛ حين كان الفكر اليساري؛ المحرك الحقيقي للنضال ضد القوى الامبريالية. و لابد أن نذكر أن حركات التحرر الوطني؛ في العالم العربي؛ كانت-في أغلبها- ذات نزوعات يسارية؛ و حتى اليميني/المحافظ منها؛ كان يتحالف مع هذه الحركات؛ لقيادة النضال الوطني . أما اليوم؛ فإن الدور الذي لعبته النقابات العمالية؛ لإنجاح الثورة التونسية؛ هو باد للعيان؛ فهذه النقابات تمتلك رصيد ا محترما جدا؛ في النضال ضد الديكتاتورية؛ في تونس. و لذلك نجد الشعب التونسي؛ اليوم؛ على تمام الوعي بهذا الرصيد النضالي؛ حينما توج حزبا يساريا بالمرتبة الثانية؛ في الانتخابات الديمقراطية الأخيرة؛ و كذلك حينما تم تتويج مناضل يساري/وطني (منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية اليساري)؛ رئيسا لتونس الديمقراطية .
2- هل كان للاستبداد والقمع في الدول العربية الموجه بشكل خاص ضد القوى الديمقراطية واليسارية دوره السلبي المؤثر في إضعاف حركة القوى الديمقراطية واليسارية؟
للإجابة على هذا السؤال؛ لابد من القيام بقراءة استقرائية؛ للواقع السياسي العربي؛ منذ تحقيق الاستقلال الشكلي عن القوى الاستعمارية؛ و لعل أول ما تؤكده لنا هذه القراءة؛ هو أن الصدام كان مع نوعين من الأنظمة السياسية؛ التي حكمت دول العالم العربي:
• أنظمة سياسية ليبرالوية؛ كانت تسعى إلى استنساخ تجربة المستعمر؛ لبناء الدولة الوطنية؛ و بذلك كرست نوعا من التحديث المعاق؛ الذي ساعد على تحويل هذه الدول الوليدة؛ إلى أقاليم/محافظات تابعة للمستعمر القديم؛ يستنزفها بشكل أعنف بكثير من أشكال الاستنزاف القديمة؛ لأنه على الأقل كانت هناك مقاومة؛ لكن وظيفة هذه القوى السياسية الليبرالوية؛ كانت –بالأساس- هي تصفية جميع أشكال المقاومة؛ ليفسح أمامها المجال؛ لإشراك القوى الاستعمارية؛ في نهش الجسد العليل لوطن لم يقف على قدميه بعد .
• أنظمة سياسية يساروية؛ و في مقابل الأنظمة الليبرالوية؛ التي شوهت القيم السياسية الحديثة؛ حينما اتخذتها مطية لفرض دكتاتوريتها على الشعوب العربية؛ في المقابل تأسست أنظمة سياسية؛ وظفت الإيديولوجية اليسارية؛ لصناعة شرعية سياسية مزعومة؛ بادعاء مقاومتها للمشروع الامبريالي؛ و نضالها من أجل بناء الدولة الوطنية المستقلة؛ لكن هذه الأنظمة ذات الطابع اليساروي لم تؤسس لتجربة سياسية مغايرة للأنظمة الليبرالوية؛ بل على العكس من ذلك؛ استغلت القيم السياسية اليسارية؛ لصناعة نموذج دكتاتوري أصيل و لا يضاهى؛ و ذلك حينما عملت على (تصفية) جميع مظاهر الفكر السياسي الحديث؛ فاعتبرت الديمقراطية السياسية ألعوبة الغرب؛ و بالتالي تمكنت من القضاء على التعددية الحزبية و كرست نموذج الحزب الوحيد؛ كما ألغت التداول السلمي على السلطة؛ فكرست بذلك الزعيم الأوحد... و هكذا وجدنا أنفسا ننتمي لأنظمة سياسية تستغل قيم الفكر اليساري؛ التي تحارب الاستغلال و الاستبداد؛ لبناء نموذج سياسي قروسطوي استبدادي و تسلطي .
من خلال هذه القراءة الاستقرائية –إذن- يمكن أن نؤكد؛ أن الحديث عن القوى اليسارية بالجمع؛ لا يستقيم أبدا؛ لأننا يمكن أن نخلط؛ بين القوى اليسارية الشعبية/الديمقراطية؛ التي مثلتها الأحزاب الوطنية و النقابات العمالية و منظمات المجتمع لمدني؛ و هذه بالتأكيد قوى وطنية مناضلة. و بين قوى يساروية؛ استغلت قيم اليسار؛ لبناء نماذج سياسية دكتاتورية /تسلطية؛ لا تختلف في شيء عن الأنظمة الليبرالوية؛ التي استغلت قيم الفكر السياسي الليبرالي الحديث لنفس الغاية . و لذلك؛ يمكن أن نؤكد أن جميع القوى السياسية الوطنية؛ من اليمين و اليسار و الوسط؛ كانت ضحية هذا التوظيف السياسوي الرخيص لقيم الفكر الليبرالي و الفكر اليساري؛ بل يمكن أن نؤكد أن القوى اليسارية الديمقراطية؛ كانت اكبر ضحية؛ لهدا التوظيف اليساروي؛ سواء في مصر أو في ليبيا أو في الجزائر ...

3- هل أعطت هذه الانتفاضات والثورات دروساً جديدة وثمينة للقوى اليسارية والديمقراطية لتجديد نفسها وتعزيز نشاطها و ابتكار سبل أنجع لنضالها على مختلف الأصعدة؟
يبدو لي أن هناك علاقة وطيدة لهذا السؤال بما سبقه؛ و لذلك سأستمر في نفس التحليل السابق. أولا؛ كل متمنياتنا –كشعوب عربية- أن تستفيد جميع القوى السياسية من دروس هذا المد الثوري؛ و أن تعمل على مراجعة منظوماتها الإيديولوجية و كذلك ممارستها السياسية؛ و ذلك لأننا أدينا ثمنا باهظا من تقدمنا و تنميتنا؛ نتيجة تشويهنا للقيم الفكرية و السياسية الحديثة؛ سواء تعلق الأمر بالمنظومة الليبرالية أو بالمنظومة اليسارية. و ذلك في نظري يعود إلى التسرع في نسخ الأنساق الأيديولوجية؛ من دون إدراك علمي عميق لأصولها الفلسفية؛ و كذلك لتجاربها في الممارسة الواقعية.
و لذلك فإن الفكر اليساري؛ مثله في ذلك مثل الفكر الليبرالي و السلفي حتى؛ ارتبط بآليات موحدة في التفكير؛ أطلق عليها الأستاذ محمد عابد الجابري (آلية قياس الغائب على الشاهد)؛ مما يعني غياب القطائع في فكرنا العربي؛ و بالتالي استمرارية نفس آليات التفكير بشكلها القديم. إن الفكر العربي بهذا المعنى؛ ظل حبيس نماذج في التفكير و الممارسة لم ينتجها و لم يجربها؛ و لكنه استوردها؛ حيث يظل النموذج الغائب عند الليبرالي و اليساري و السلفي دوما هو المستقبل العربي المنشود؛ بينما النموذج الشاهد (الحاضر/الموجود)؛ لا يتطلب من الفكر العربي؛ سوى القيام بمجهود بسيط جدا؛ عبر استنساخ نماذج في الفكر و الممارسة موجودة سلفا؛ سواء في الماضي عند السلفي؛ أو في الحاضر الغربي عند الليبرالي؛ أو في الحاضر السوفييتي عند اليساري .
إن أهم مواطن التجديد التي يجب أن تتوجه إليها حركية النخب الفكرية و السياسية اليسارية؛ و الديمقراطية عموما؛ هي إعادة النظر في آليات التفكير و الممارسة التي صنعت هذا الواقع العربي المنحط و المتلاشي؛ و الذي نتحمل مسؤولية تغييره جميعا؛ لأن تراكم الفشل و الانحطاط و التردي؛ لا يمكنه أن يحقق سوى طفرة في اتجاه المجهول؛ الذي لا نعرف ملامحه حتى حدود اليوم؛ لأنه يفضل اختيار الوقت المناسب ليفاجئنا بما لسنا مستعدين له؛ و بالتالي ستكون العواقب وخيمة جدا على الجميع من دون استثناء.
إننا حينما نتساءل عن السبل الأنجع لصناعة مستقبل عربي واعد؛ يجب أن نضع في الحسبان؛ إعادة النظر في آليات التفكير و الممارسة لدينا؛ و هي آليات يجب أن تتجدد؛ في ضوء التقدم العلمي المتحقق في جميع التخصصات العلمية؛ حيث لم يعد مقبولا؛ اليوم؛ ألا نستثمر المعرفة العلمية الحديثة؛ في مقاربة و معالجة إشكالاتنا الفكرية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية؛ و نظل حبيسي المقاربات الأيديولوجية المنغلقة؛ التي تساعد على بناء الفكر العقدي الدوغمائي؛ بألبسة مختلفة؛ تكون ليبرالية حينا و يسارية حينا آخر و سلفية أحيانا .
يجب أن نعرف أن المشكل ليس بتاتا في التراث أو في الحداثة؛ المشكل الحقيقي في آليات تفكيرنا في التراث و في الحداثة؛ إذا تم بناء هذه الآليات بناء علميا يستثمر منجزات البحث العلمي؛ يمكن أن نحل مجموعة من الإشكالات التي عرقلت مساراتنا على مستوى التفكير و الممارسة؛ و منها إشكالية التراث و الحداثة التي أخذت من زمننا الفكري و السياسي قسطا كبيرا؛ و خلقت أحلافا فكرية و سياسية متصارعة؛ بينما المشكل ليس في التراث كما ليس في الحداثة؛ لأنهما معا؛ ليسا منجزين منسجمين و مكتملين؛ بل كل مكون منهما؛ إذا خضع لآليات علمية في التفكير يمكن أن يصنع التقدم؛ و إذا خضع لآليات عقائدية دوغمائية؛ يمكن أن يصنع التخلف. عندما فكرت أوربا في تراثها بمناهج علمية حديثة؛ تحول التراث اليوناني/الروماني/المسيحي إلى قوة دافعة للنهضة الأوربية؛ و عندما جاء العرب و فكروا /مارسوا الحداثة الأوربية من منظور عقائدي دوغمائي؛ تحولت هذه الحداثة (بليبراليتها و يساريتها) إلى حجر عثرة في طريق التقدم و التطور؛ لأنها صنعت إنسانا معاقا مستلبا؛ لا يمتلك آليات علمية للتفكير و بناء الخطاب و تجسيد الممارسة .

4ــ كيف يمكن للأحزاب اليسارية المشاركة بشكل فاعل في العملية السياسية التي تلي سقوط الأنظمة الاستبدادية ؟ وما هو شكل هذهِ المشاركة ؟
أول ما يجب أن تدركه النخبة الفكرية و السياسية اليسارية؛ كي تتحول إلى قوة فاعلة في المشهد الفكري و السياسي العربي؛ هو أن الفكر اليساري ليس مذهبا دينيا؛ و لكنه منهج في التفكير و الممارسة. و عندما نؤكد طابعه المنهجي؛ فإننا نقصد قابليته للتطور و الاستفادة من التجارب الفكرية و السياسية الكونية؛ و كذلك قابليته للانفتاح على مختلف الأنساق الفكرية و التجارب العملية .
و عندما نبحث عن الطريقة المثلى لتحقيق مشاركة سياسية فاعلة لقوى اليسار؛ فإننا نتحدث عن الحصاد؛ لكننا نلغي الحديث عن الحرث و الزرع و السقي؛ كمراحل سابقة عن الحصاد. نقصد بهذا التمثيل؛ أن واجب القوى اليسارية في العالم العربي؛ يفرض عليها؛ أن تعيد النظر في مقاربتها لمجموعة من القضايا الفكرية الشائكة؛ التي تسرعت في صياغة أجوبة جاهزة حولها؛ و لم تستفد من المقاربة العلمية الحديثة. و خصوصا فيما يرتبط بالمسألة الدينية؛ التي كانت من أهم الأسلحة التي استعملت في العالم العربي؛ ضد الفكر اليساري؛ باعتباره فكرا إلحاديا. و هذا ما رسخه مناضلو و مفكرو اليسار أنفسهم؛ و الذين عملوا على تجزئة الفكر الماركسي و تقطيعه إلى شرائح؛ بينما يعتبر في الأصل منظومة فكرية منسجمة؛ يجب إدراكها في كليتها؛ حتى نتمكن من توظيفها؛ في مقاربة مختلف الإشكالات التي تواجهنا. و نظرا لأهمية المسألة الدينية؛ و لتأثيرها على الحياة السياسية في العالم العربي؛ فإن الواجب يفرض على قوى اليسار؛ أن تنفتح على الاجتهادات الفكرية؛ التي حاولت إعادة قراءة الفكر الماركسي؛ في ضوء البحوث الحديثة المنجزة في مجال الأنطروبولوجيا الثقافية و سوسيولوجيا الدين.
و لعل النجاح في هذه المهمة؛ لهو المدخل الرئيسي لإدماج الفكر اليساري ضمن النسق الثقافي العربي/الإسلامي؛ فيتحول بذلك إلى فاعل أساسي في التغيير لكن من داخل النسق و ليس من الخارج. و هذا ما نجحت فيه التجربة الصينية؛ حيث رفع (ماوتستونغ) التحدي؛ حينما عمل على إدماج الفكر الماركسي/اليساري ضمن النسق الثقافي و القيمي الصيني؛ فنجح بذلك في قيادة مسيرة التغيير من الداخل.
5- القوى اليسارية في معظم الدول العربية تعاني بشكل عام من التشتت. هل تعتقدون أن تشكيل جبهة يسارية ديمقراطية واسعة تضم كل القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ببرنامج مشترك في كل بلد عربي, مع الإبقاء على تعددية المنابر, يمكن أن يعزز من قوتها التنظيمية والسياسية وحركتها وتأثيرها الجماهيري؟
في مختلف التجارب السياسية عبر العالم؛ و مع هيمنة الهاجس التنموي؛ في ظل الأزمات الاقتصادية المتوالية؛ يبدو أن التحالفات الإيديولوجية؛ أصبحت اليوم؛ فاقدة لأية قيمة إضافية؛ و لذلك أصبحت التحالفات السياسية؛ بين أطياف إيديولوجية مختلفة؛ بديلا مفضلا؛ لحل إشكالية التنمية .
في العالم العربي؛ نعاني بشكل مضاعف من الهاجس التنموي؛ لأن مؤشرات التنمية لدينا في تراجع مستمر؛ و ذلك رغم توفر موارد طبيعية متنوعة؛ تحقق مصادر دخل في تصاعد متنام. لذلك؛ يبدو أن الإشكالية –بالضرورة- سياسية؛ ترتبط بغياب الحكامة الجيدة لموارد الدولة. من هذا المنظور نكون في العالم العربي؛ في أمس الحاجة؛ إلى تحالفات سياسية؛ بهاجس تنموي واضح؛ و علينا جميعا أن نضحي بانتماءاتنا الإيديولوجية في سبيل تحقيق استقرار و تنمية أوطاننا. و في هذا الصدد؛ يحضرني نموذج لهذا التحالف السياسي؛ سبق أن طرحه الأستاذ محمد عابد الجابري؛ و يتعلق الأمر بنموذج "الكتلة التاريخية" الذي طرحه الأستاذ الجابري بداية ثمانينيات القرن العشرين؛ فقد ذهب إلى أن ما يحتاج إليه النضال العربي في المرحلة الراهنة هو شيء أقرب إلى ما سماه غرامشي بـ"الكتلة التاريخية". فقد كان هذا المفكر الإيطالي والمناضل السياسي اليساري (1891-1937) يفكر في طريق للتغيير الاجتماعي و السياسي والاقتصادي؛ يناسب معطيات المجتمع الإيطالي في زمنه. وكان المشكل الذي يعترض الإصلاح آنذاك في هذا البلد، هو ذلك التفاوت الكبير بين شمال إيطاليا، الذي كان قد بلغ درجة متقدمة على مستوى التصنيع والتحديث، وبين جنوبها الذي كان يحمل سمات المجتمع المتخلف الخاضع لسلطة الكنيسة. ومن أجل الحفاظ على وحدة الأمة الإيطالية والقيام بنهضة شاملة اقترح فكرة الكتلة التاريخية، وهي تضم إلى جانب قوى التغيير والإصلاح في الشمال، من ماركسيين وشيوعيين وليبراليين، القوى المهيمنة في الجنوب بما فيها الكنيسة (1) محمد عابد الجابري- حوار أجرته معه مجلة المستقبل العربي- أنظر: عدد نونبر 1982
و بناء على هذا التصور طرح الأستاذ الجابري مفهوم الكتلة التاريخية باعتبارها " كتلة تجمع فئات عريضة من المجتمع حول أهداف واضحة؛ تتعلق أولا بالتحرر من هيمنة الاستعمار والإمبريالية، السياسية والاقتصادية والفكرية، وتتعلق ثانـيا بإقامة علاقات اجتماعية متوازنة يحكمها، إلى درجة كبيرة، التوزيع العادل للثروة في إطار مجهود متواصل للإنتاج. وبما أن مشكلة التنمية مرتبطة في الوطن العربي بقضية الوحدة، فإن هذه الكتلة التاريخية يجب أن تأخذ بعدا قوميا في جميع تنظيراتها و برامجها و نضالاتها". (2) محمد عابد الجابري- حوار أجرته معه مجلة المستقبل العربي- أنظر: عدد نونبر 1982
و إذا كان الأستاذ الجابري يدعو إلى كتلة تاريخية ذات بعد قومي؛ يتجاوز النعرات القبلية و الطائفية؛ فإنه في نفس الآن يدعو إلى كتلة تاريخية؛ تتجاوز حدود الإيديولوجيا؛ لأن انشغالها الأساسي؛ هو تحقيق الاستقلالي التاريخي الشامل للأمة العربية؛ و تحقيق الديمقراطية و التنمية. و هذه أهداف ترتبط بالمصلحة العليا لأمتنا العربية؛ و تستحق منا التخلي عن أقنعتنا الإيديولوجية؛ أو على الأقل تأجيل الصراع الإيديولوجي إلى مراحل لاحقة. "... إن في الواقع العربي الراهن بنيات اقتصادية واجتماعية وفكرية "حديثة" تجد تعبيرها الإيديولوجي في فكر "النخبة العصرية" وطموحاتها، وإن في الواقع العربي الراهن كذلك بنيات اقتصادية واجتماعية وفكرية "تقليدية" تجد هي الأخرى تعبيرها الإيديولوجي في فكر "النخبة التقليدية" و مخايلها. ومن هنا النتيجة الحتمية التالية: إن أي حركة تغيير في المجتمع العربي الراهن لا يمكن أن تضمن لنفسها أسباب النجاح، أسبابه الذاتية الداخلية وهي الأساس، إلا إذا انطلقت من الواقع العربي كما هو وأخذت بعين الاعتبار الكامل جميع مكوناته، "العصرية" منها و"التقليدية"، النخب منه وعموم الناس، الأقليات منها و الأغلبيات، صفوف العمال وصفوف الطلاب، وقبل ذلك وبعده صفوف المساجد... صفوف المصلين. (3) محمد عابد الجابري- مجلة اليوم السابع الفلسطينية الصادرة في باريس- ع: 26 أكتوبر 1987
إن المد الثوري الذي يضرب العالم العربي مشرقا و مغربا؛ يفرض اليوم التكتل و التحالف بين جميع القوى السياسية؛ بمختلف انتماءاتها الإيديولوجية؛ للنضال من أجل الدولة المدنية الديمقراطية؛ التي تكفل الحقوق الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية لجميع مواطنيها؛ و هذه مهمة لا يمكن للقوى اليسارية وحدها أن تقوم بها.

6- هل تستطيع الأحزاب اليسارية قبول قيادات شابة ونسائية تقود حملاتها الانتخابية وتتصدر واجهة هذهِ الأحزاب بما يتيح تحركا أوسع بين الجماهير و أفاقا أوسع لاتخاذ المواقف المطلوبة بسرعة كافية ؟
على امتداد تاريخها؛ عانت الأحزاب السياسية اليسارية؛ من مشكلة تجدد النخب؛ لأن التمذهب اليساري رسخ في العقلية السياسية؛ نموذج الزعيم الأوحد؛ الذي يؤسس الحزب و يقوده حتى توافيه المنية؛ أو يتم الانقلاب عليه. و هذا ما ساهم في حالات كثيرة؛ في خلق انقسامات داخل الحزب الواحد و من ثم تشتيت الحزب إلى دكاكين انتخابية؛ تفتح أبوابها خلال الحملات الانتخابية لتغيب عن المشهد فيما بعد. و هذا الواقع الحزبي –في الحقيقة- لا يسمح بوجود قيادات شبابية أو نسائية يمكنها أن تتصدر واجهة الأحزاب. لكن إذا كان الواقع السائد يؤكد هذا المعطى؛ فإن التحولات التي يعيشها العالم العربي؛ تسمح اليوم؛ و أكثر من أي وقت مضى؛ للشباب و النساء خاصة؛ بتصدر المشهد الحزبي اليساري؛ و ذلك لأن الثورات التي ما تزال مستمرة؛ هي بالأساس ثورات شبابية؛ كما يحتل النساء نسبة مهمة ضمن جمهورها؛ و هذا ما يمكنه على المدى القريب؛ أن يفرض الشباب و النساء كقوة ضاربة في المشهد الحزبي؛ ما دام أن النضال الناجح هو مفتاح الشرعية الشعبية .

7- قوي اليسار معروفة بكونها مدافعة عن حقوق المرأة ومساواتها ودورها الفعال، كيف يمكن تنشيط وتعزيز ذلك داخل أحزابها وعلى صعيد المجتمع؟
أنا دائما من الرافضين لتحنيط الفكر و الممارسة في توابيت مذهبية مغلقة؛ و لذلك أرفض التعامل مع المرأة من منظور انطروبولوجي ضيق؛ يعتبر أن المجتمعات البشرية مرت بمرحلتين؛ حيث كانت في البداية أميسية؛ تسيطر فيها المرأة؛ لكن بعد التطور و التحول في نمط العيش و اعتماد نموذج الإنتاج العضلي؛ تحولت هذه المجتمعات إلى مجتمعات أبيسية؛ بدأ يسيطر فيها الرجل؛ و قد استمر الوضع إلى حدود الآن. و لذلك نستنتج بتسرع و من منطلق مذهبي فج؛ أنه يجب علينا أن نناضل كي نقلب موازين القوى و نطلق المرأة من قبضة الرجل. كل مناضلي اليسار اطلعوا على هذه الأسطورة؛ أو استمعوا إليها في الحلقيات؛ و اعتبروها حقيقة لا غبار عليها؛ و من خلالها شكلوا موقفهم من المرأة .
وضع المرأة في العالم العربي أكبر من هذه الأسطورة؛ إنه امتداد لوضع الرجل؛ و كلاهما في الأخير ضحية مجتمع منغلق في حاجة إلى الانفتاح؛ و ضحية دولة استبدادية دكتاتورية؛ تنتهك حقوقهما السياسية و الاقتصادية. إن النضال الحقيقي؛ هو من أجل ترسيخ الحداثة الفكرية و الاجتماعية داخل المجتمع؛ و كذلك من أجل ترسيخ القيم السياسية الحديثة؛ التي تسمح للمرأة و الرجل بالتمتع بكامل حقوق المواطنة بغض النظر عن جنسهما أو لونهما أو دينهما... إن النضال من أجل ترسيخ قيم الحداثة فكريا و سياسيا واقتصاديا و اجتماعيا؛ هو الكفيل بحل إشكالية المرأة في مجتمعاتنا العربية؛ أما أن نعوض هذا النضال بروتوشات من هنا و هناك ؛ و نزعم أننا سنحل الإشكالية؛ فهذا أقرب إلى مجال التمني منه إلى مجال الحقيقة و الواقع .


8ــ هل تتمكن الأحزاب اليسارية والقوى العلمانية في المجتمعات العربية من الحدّ من تأثير الإسلام السياسي السلبي على الحرّيات العامة وحقوق الإنسان وقضايا المرأة والتحرر ؟
كما أنه ليس هناك يسار واحد؛ فإنه كذلك ليس هناك إسلام سياسي واحد؛ و لذلك لابد أن نخرج من تلك الثنائيات الفكرية البئيسة؛ التي تقابل بين التقدمية و الرجعية بين الظلامية و النورانية؛ و هي ثنائيات تحكمت في تفكيرنا و ممارستنا لعقود؛ فكنا نصدر أحكام قيمة خالية من أي حس علمي؛ على بعضنا البعض؛ بينما الأمر ليس –بالضرورة- مرتبطا بقوالب جاهزة؛ نفرغ فيها مادتنا؛ و نشكلها حسب هذه القوالب. إن المشكل الحقيقي – كما سبق أن طرحت- لا يرتبط بالتراث كما لا يرتبط بالحداثة؛ بل يرتبط بآليات التفكير في التراث و في الحداثة؛ إذا كانت آليات علمية و متقدمة منهجيا؛ يمكن أن تنعكس إيجابا على الفكر و الممارسة؛ سواء في علاقة بالتراث أو في علاقة بالحداثة؛ لكن إذا كانت آليات تراثية/متقادمة لم تتشبع بعد بروح البحث العلمي؛ فإنها تنعكس سلبا على الفكر و الممارسة؛ سواء في علاقة بالتراث أو في علاقة بالحداثة .
هكذا يبدو؛ أن الحديث اليوم؛ عن هذه التصنيفات؛ فاقد للمعنى؛ لأن ما يهدد الحريات العامة و حقوق الإنسان في العالم العربي؛ هو الفشل في استيعابها كمنظومة فكرية سابقة على الممارسة؛ و هذا الفشل لا يرتبط بالتراث أو بالحداثة في ذاتهما؛ بل يرتبط بآليات التفكير في التراث و في الحداثة. في النموذج التركي مثلا؛ ساهم التراث في توطين الحداثة الفكرية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية؛ و ذلك لأن آليات التفكير في التراث؛ هي آليات علمية حديثة؛ و على العكس من ذلك؛ لم ينجح التحديث المعاق-سواء اليساروي أو الليبرالوي- في العالم العربي؛ في توطين هذه الحداثة؛ و بالتالي لم ينجح في توطين فلسفة حقوقية؛ و لم ينجح في ترسيخ الحريات العامة؛ و فشل في مقاربة قضية المرأة التي ظلت حبيسة روتوشات؛ لم تتجاوز الكوطا في الانتخابات؛ أو الزج بالمرأة في سوق شغل غير مقننة؛ و بالتالي تم انتهاك إنسانية المرأة؛ فما بالك بتوفير حقوقها .
9- ثورات العالم أثبتت دور وأهمية تقنية المعلومات والانترنت وبشكل خاص الفيس بوك والتويتر..... الخ، ألا يتطلب ذلك نوعاً جديدا وآليات جديدة لقيادة الأحزاب اليسارية وفق التطور العملي والمعرفي الكبير؟
نعم؛ لقد ساهم اتساع تقنيات المعلومات و الإنترنت؛ بشكل كبير؛ في إنجاح المد الثوري؛ الذي يعيشه العالم العربي –خاصة- و هدا النجاح يفرض على القوى السياسية اليسارية؛ أن تدخل بقوة ضمن هذه الحركية؛ إذا أرادت أن تنجح في تسويق مشروعها الفكري و السياسي و الاجتماعي. لكن حتى لا نكون واهمين؛ فتقنيات الاتصال المتنوعة؛ لا يمكنها أن توفر لنا سوى وسائل نقل الرسالة و نشرها؛ بينما الأهم هو الرسالة نفسها التي يجب أن تكون في مستوى حداثة هذه الوسائل التقنية؛ حتى تتمكن من اختراق المتلقي العربي و إقناعه بأهمية المشروع الفكري و الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي اليساري؛ باعتباره بديلا للوضع الرأسمالي السائد؛ و ما دمنا بخصوص النسق التواصلي؛ فلا بد أن نؤكد؛ أن السنن (le code) هو أهم عنصر في أي يتواصل محتمل؛ و ذلك لأن المتلقي (باعتباره ذاتا ثقافية و اجتماعية) لا يمكن أن يستوعب رسالة يتلقاها من مرسل؛ إلا إذا كان يشترك معه في نفس المرجعية .


10- بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن، كيف تقيمون مكانته الإعلامية والسياسية وتوجهه اليساري المتفتح ومتعدد المنابر؟
اسمحوا أن أعبر لكم أولا؛ و بتواضع كبير أمام المجهودات الجبارة التي تبدلونها لنشر الفكر الحر؛ اسمحوا لي أن أعبر لكم عن كل امتناني؛ و ذلك لأن بداياتي الأولى في الكتابة؛ كانت مرتبطة بهذا المنبر/المؤسسة؛ حيث تعلمنا جميعا أدبيات الحوار و التواصل؛ كما تشبعنا بقيم التمدن و الفكر الحر؛ و لذلك فأنا أختلف مع الكثير من الأصدقاء؛ حول هوية هذا المنبر/المؤسسة؛ فهي قبل أن تكون يسارية/علمانية؛ هي مؤسسة تنشر الفكر الحر و تعمل على تعميمه؛ و هي بذلك تسد خصاصا مهولا في هذا المجال بالذات؛ لأن جميع المنابر الإعلامية المنتشرة في العالم العربي؛ من قنوات و إذاعات و جرائد و مواقع إلكترونية؛ لم تخض يوما هذه المغامرة الفكرية التي خاضها الحوار المتمدن؛ بل ظلت قاصرة على تلق ضيق؛ و كذلك ظلت منغلقة على توجهات فكرية أحادية.
إن قوة الحوار المتمدن؛ تكمن في انفتاحه و تعدديته و قبوله بالاختلاف؛ و هذه المنهجية يجب أن تتطور أكثر؛ عبر فتح قنوات التواصل مع جميع الفعاليات الفكرية و السياسية؛ وذلك تشجيعا للتواصل الفكري؛ بين مختلف التيارات و الإيديولوجيات. و إذا نجح الحوار المتمدن في هذه المهمة النبيلة؛ فإنه سينجح في تدشين مرحلة جديدة في الفكر العربي؛ و سيكون بذلك قد نجح في الاستيعاب الجيد لدروس الثورات العربية؛ التي تؤسس؛ و أكثر من أي وقت مضى؛ لمرحلة فكرية و سياسية جديدة؛ قوامها التواصل البناء بين مختلف الأطياف الأيديولوجية؛ لقيادة النضال العربي المشترك ضد الدكتاتورية و الامبريالية؛ و هما العدو المشترك بيننا جميعا .
تحية تقدير و احترام لجميع الإخوة الساهرين على شبكة الحوار المتمدن؛ و نرجو أن تكون هذه الذكرى العاشرة لتأسيسه؛ ولادة جديدة لعالم عربي جديد؛ يحترق مثل طائر الفينيق؛ لينبعث من رماده متشبعا بقيم الحياة و التمدن .



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام السياسي صوت الربيع العربي .. الخصوصية الحضارية كمدخل ...
- الأطروحة الأمازيغية في المغرب بين المشروع الكولونيالي و الره ...
- الربيع العربي في مواجهة مخططات الاستعمار الجديد - الديمقراطي ...
- الربيع العربي .. في نقد توظيف النزعات العرقية لخدمة الأجندة ...
- الربيع العربي.. في نقد المقاربة القومية/البعثية
- هو الربيع العربي و ليست ثورات شمال إفريقيا !
- الربيع العربي و رهان الوحدة العربية.. مراجعات لابد منها
- دسترة المجلس الوطني للغات و تحديات تأهيل و تفعيل اللغة العرب ...
- اللغة العربية في المغرب .. بين الترسيم الدستوري و تحديات الو ...
- اللغة العربية في المغرب بين الترسيم الدستوري و تحديات الواقع
- بيان من أجل الديمقراطية .. المثقف المغربي يخلق الحدث و يدعم ...
- الإصلاحات السياسية في المغرب و سؤال الدولة المدنية
- إني أتهم .. j accuse
- مخاض التحول نحو الديمقراطية في العالم العربي على ضوء ثورتي ت ...
- رهان الديمقراطية في العالم العربي بين الأمس و اليوم
- مبدأ تقرير المصير بين روح القانون الدولي و التوظيف السياسي ( ...
- مبدأ تقرير المصير: بين روح القانون الدولي و التوظيف السياسي ...
- مبدأ تقرير المصير بين روح القانون الدولي و التوظيف السياسي
- النيوكولونيالية و إعادة صياغة خرائط المنطقة العربية
- الأطروحة الانفصالية في الصحراء المغربية- الأجندة الجزائرية ا ...


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - إدريس جنداري - الربيع العربي و قوى اليسار في الحاجة إلى مراجعات من أجل مستقبل مغاير