أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن احمد مراد - مستقبل العراق بين الواقع السياسي والخيارات المتاحة















المزيد.....

مستقبل العراق بين الواقع السياسي والخيارات المتاحة


حسن احمد مراد

الحوار المتمدن-العدد: 4049 - 2013 / 4 / 1 - 12:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قلما نجد في التاريخ المعاصر دولة بحجم العراق من حيث الموارد والامكانيات المادية والبشرية ترزح تحت ظروف سيئة للغاية مشابهة لما هو حاصل في العراق وقليلة هي الشعوب التي تمتلك ثروات هائلة ورغم ذلك يعاني فيه الافراد الامرين جراء ظروف حياتهم القاسية والصعبة للغاية ،فالعراق عدا عن انه دولة نفطية غنية حد التخمة قابع على بحيرات من البترول يمتلك في الوقت ذاته مقومات زراعية واقتصادية جمة تفتقر اليها العديد من دول العالم التي تقدمت على العراق في كافة مناحي الحياة بعشرات السنين .
من المعلوم ان العراق ونتيجة للسياسات التي مارستها الانظمة المتعاقبة وخصوصا نظام حزب البعث الذي استولى على مقاليد الحكم بانقلابات دموية ليمارس حكما دام لاربعة عقود من الزمن تحول الى خراب لم يشهد مثله الا في زمن هجمات المغول على المنطقة وبلغت فيه حدا حتى اهترأت جميع البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية .
ولربما تنفس الكثير من العراقيين الصعداء يوم سقط نظام البعث متأملين بحياة كريمة كباقي الشعوب بعد عقود من التنكيل والقمع والحروب والاعتقالات والاسلحة الكيميائية والمقابر الجماعية واقبية السجون المظلمة ،الا ان ذلك الامل سرعان ما تبدد وسط دوي انفجارات الارهابيين والتكفيريين والقتلة المأجورين الذي هبوا من كل حدب وصوب من جهة والتصفيات السياسية والتجارية بين الفئات المتناحرة على كرسي الحكم من جهة اخرى ليعود الجميع الى نقطة الصفر ولتبدأ رحلة اخرى من المعاناة والالام لم تكن اخف حدة عما سبقتها وان كانت تختلف معها من حيث الشكل والمضمون ،فالعلميات الارهابية واستشراء الفساد والرغبة الجامحة للعديد من الساسة العراقيين للهيمنة والاستحواذ على السلطة والاقتصاد وارتباط الساسة الجدد باجندات خارجية وغيرها من العوامل الاخرى دفعت بالعراق والعراقيين عموما الى التخلي عن احلامهم وامالهم وطموحاتهم في العيش الرغيد الى مجرد السعي للبقاء احياء سالمين وسط جو تفوح منه رائحة الموت في كل لحظة .
اما اليوم وبعد مرور عشر سنوات على انهيار نظام البعث باتت الخيارات المتاحة امام الدولة العراقية محدودة وخصوصا في ظل تراكم الازمات النوعية والكمية المتتالية ابتداء بالازمات السياسية التي لا تكاد تغيب عن المشهد السياسي لوهلة حتى تطفو من جديد لتستمر الى اجل غير مسمى ووصولا الى المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الفرد بشكل يومي وازمة الخدمات وازمة الثقة بين مكونات المجتمع بشكل عام والاحزاب والتيارات السياسية خصوصا .
فالخيارات المتاحة لاعادة بناء المجتمع واعادة تأهيله وضمان حقوق الافراد وتامين مستقبلهم بغية الخروج من هذا النفق المظلم المليء بالازمات باتت لا تتعدى اصابع اليد وكلي اعتقاد بان الساسة وصناع القرارات في الدهاليز السياسية اعلم مني بهذه الخيارات الا ان الافتقاد
الى الجرأة والشجاعة والاستقلالية في اتخاذ القرارات والر كون الى الشعارات الطنانة والمزركشة في الشكل والمجوفة المضمون وتغليب المصلحة الفئوية والذاتية على المصلحة العامة والارتباط باجندات خارجية كلها من المؤثرات القوية التي تعمل على اسقاط جميع الحلول ومثابرين على ابقاء الوضع على ما هو عليه وان كان المواطن يدفع عن كل لحظة ثمنا باهظا .
ومن اجل الحديث حول صلب هذا الموضوع بشكل اكثر وضوحا وسلاسة وبعيدا عن اية تأثيرات خارجية او اجندات سياسية بعيدة عن مصلحة المواطن ، ساتطرق الى الخيارات السياسية المتاحة في الوقت الراهن والتي من المحتمل لبعض منها ان تأخذ بيد المواطن الى شاطيء الامان وتضمن مستقبلا اكثر اشراقا للاجيال القادمة .
اعتقد ان جاز لي الاعتقاد ان من اهم تلك الخيارات والحلول هي ان تتجه الدولة نحو المدنية بشكل جذري ووضع حد للثيوقراطية والتوجهات العشائرية والمناطقية والطائفية التي اخذت تزحف شيئا فشيئا لتخترق وبلا هوادة جميع مفاصل المؤسسات العامة والخاصة وتحت مباركة واضحة من الكتل السياسية واصحاب القرار ومن الضروري ان يتخذ الساسة قرارا حاسما بضرورة انتهاج الديمقراطية كمبديء اساسي ورئيسي في بناء الدولة ينعكس ذلك اجمالا على جميع المؤسسات والمرافق الحياتية ،واستند في هذا السياق على حقيقة مفادها ان العراق كبلد متعدد الاثنيات والقوميات والاديان لا يمكن له ان ينعم بالاستقرار ابدا الا في جو تسامحي يكون فيه قبول "الآخر" المغاير والمختلف فكرا وعقيدة ودينا وتوجها واجبا وطنيا واساسيا مرتكزين في ذلك على الديمقراطية كمنهج وفلسفة عامة يلتزم به او يُلزم به الساسة والقادة والمواطنين على حد سواء .
ولعل هنالك من يُجزم بان الدستور العراقي مبني على تلك الاسس وقد يكون هذا الطرح موازيا للحقيقة نوعا ما الا ان عدم التزام الفئات الحاكمة بها جعل منها حبرا على ورق لاطائل من ورائها ، لذا على القادة والساسة في الكتل السياسية تبني هذا المنهج بكل صدق واحترافية والعمل على تنفيذ تلك المواد المتعلقة بهذا الطرح والذي يحتويه الدستور العراقي ، ولو عدنا الى الوراء قليلا لرأينا ان الدولة والاحزاب والتيارات السياسية عملت مجتمعة في السنوات السابقة على ابراز الدور الديني والطائفي والعشائري وتضخيمه في المجتمع العراقي فشهدنا الدولة والجهات السياسية تنظم مؤتمرات لاحياء الادوار العشائرية ورأينا وزراء وساسة تملقوا لرجال الدين مقبلين اياديهم ليحضوا بمباركتهم وليضفوا عليهم الشرعية فكان لهذا النهج اسوأ الاثر على ازدياد التوترات وانهيار مرتكزات الدولة المدنية واحدة تلو الاخرى .
واما اذا تلاشى خيار التحول الى دولة مدنية حقيقية يكون فيه القادة والمواطنين سواسية امام القانون وبنفس المقياس وعلى مسافة واحدة من القوانين والنظم المشرعة ،واصر الجميع على السير قدما وفق المنوال السائد فان ظهور كيانات واقاليم موزعة ومنقسمة حسب الانتمائات الدينية والطائفية والقومية ستكون البديل الاكثر قوة وستتعالى اصوات كثيرة تنادي بانشاء اقاليم ترتكز في بنائها على الولاءات والانتماءات الفكرية والعقائدية والمناطقية الخاصة بكل مجموعة او جماعة معينة ، وسيطفو الى السطح خارطة سياسية جديدة تختلف كليا عما هو موجود في الوقت الراهن، وهذا هو الخيار الذي يطلق عليه اسم تقسيم العراق والذي يدعي اكثر الساسة رفضهم القاطع له متحججين بتمسكهم بوحدة الاراضي العراقية ،وهم في واقع الحال يعزفون على وتر مشاعر المواطنين ليضمنوا اطول فترة ممكنة في بقائهم متصدرين للواجهة السياسية منتزعين من خلالها اكبر قدر ممكن من المكاسب الشخصية والفئوية بعيدين تماما عن المصلحة العامة .
وغير هذين الخيارين لمستقبل العراق ،هناك من يتصور ان عودة القوة الى المركز وتحديد صىلاحيات المحافظات والاقليم قد تفرض هيبة الدولة على الجميع وبذلك يمكن من خلاله التحكم في الموارد والقرارات المهمة وسيكون بامكان الدولة فرض الامن وبناء الدولة وفق استراتيجية قوية تُخضع الجميع لقوة قراراتها التي ستصب في النهاية في مصلحة المواطن وهذا ما يمكن تسميته عودة الدولة العراقية الى عهد الانظمة الديكتاتورية المقيتة التي اورثت الخراب في هذا البلد جيلا بعد آخر ،وكانت خاتمتها تدمير البنى الاجتماعية والاقتصادية بشكل مريب . والواضح ان هذا الخيار الاخير اقل الخيارات قبولا لدى الشارع العراقي وان كانت هناك جهات خارجية تهمها انجاح وفرض هذا الخيار .
وختاما بقي ان نقول ان العراق اليوم دولة تتبوأ مراكز متقدمة في العالم من حيث استشراء الفساد فيه وتعطل اجهزته الخدمية وفشلها في تقديم ادنى مستوى من الخدمات لمواطنيها وفشل القطاعات الصحية والتعليمية في تنفيذ المهام الملقاة على عاتقها وغير ذلك فان مجموع عدد الايتام والارامل والمعاقين والمعوزين الذين يعيشون تحت خط الفقر والذين هم بحاجة الى رعاية خاصة من قبل الدولة تجاوز نسبتهم 50% من مجموع تعداد السكان في العراق ، كل هذا عدا عن مسلسل الارهاب اليومي الذي يحصد الارواح كل يوم في مدينة معينة و وفق نمط وسياق معين،هذه المعطيات والنتائج هي بمثابة ناقوس الخطر لجميع الذين يتشاركون الحكم في العراق لكي يتخذوا وبحزم قرارات تصب في مصلحة المواطن والا ستكون العواقب كارثية تطال الجميع من اقصى البلاد الى اقصاه .



#حسن_احمد_مراد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكومة العراقية واللاجئين السوريين
- اربيل وبغداد اين يكمن الحل ؟
- هل تحول جيش المهدي الى مسخ ؟
- ثورات الشعوب وازدواجية الدول
- ايران تعلن الحرب
- احلام الاطفال في العراق وتبجح الحكام
- حكومة اقليم كوردستان العراق خطوة الى الامام و خطوتين الى الو ...
- سوريا بين القمع والاصلاح وتهديد اوربا
- دفن فتاة قاصرة
- لم يقتل بن لادن ؟
- استمرار انتهاكات حقوق الانسان في سوريا والصمت المريب
- سوريا استبداد و انتهاكات لحقوق الانسان
- وزير التعليم والمرجع الديني سماحة الشيخ النجفي ، اين القواسم ...
- لقاء مع اورورصليبا عرموني الناشطة اللبنانية في مجال مؤسسات ا ...
- مشنقة للفن ام اغتيال للشعب ؟
- تعذيب فتاة سودانية ام جلد المجتمع البشري


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن احمد مراد - مستقبل العراق بين الواقع السياسي والخيارات المتاحة