أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبدول - الطائفية السياسية ..بين الواقع والشعار















المزيد.....

الطائفية السياسية ..بين الواقع والشعار


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 4036 - 2013 / 3 / 19 - 00:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مشهد الطائفية السياسية الذي بدت ملامحه واضحة بعد التاسع من نيسان كان مشهدا يتوارى خلف جدران الأزمنة الغابرة والتي كانت تعمل على تأجيل وترحيل عملية الانفتاح على هكذا مشهد معقد ومتشابك, والذي اخذ يزداد تعقيدا بمرور الأيام وتقادم الدهور .لقد ترتبت على عملية التأجيل والترحيل تلك آثار سلبية مدمرة على صعيد استقرار البلاد وانخراطها ضمن مسيرة البلدان التي أخذت تغذ الخطى نحو مراحل تكاملها علميا وثقافيا واقتصاديا .
لقد لعب الحكام السياسيون ممن تعاقب على حكم العراق دورا كبيرا في عملية تأجيل ذلك الملف الشائك والخطير في وقت كان الأجدر بهم ان يعملوا على تفكيك عناصره والعمل على صياغته بما يضمن عدالة اجتماعية ملحوظة تؤدي بدورها الى ضمان السلم الأهلي وتحقيق العدالة الاجتماعية وهو ما يمهد بدوره لقيام دولة آمنة ومستقرة ,تستطيع الوقوف بوجه كافة المصاعب والتحديات .لا شك إن عدم حلحلة أي مشكل سواء كان ذلك المشكل على مستوى الفرد أو مستوى الجماعة سوف يعمل على مضاعفة الخطب وتعاظم الضرر .,فالخلاف الذي قد ينشب بين أفراد الأسرة الواحدة مثلا عندما لا يجد له متنفسا لعرضه وترجمته وتفكيكه على طاولة البحث والمناقشة وسط أعضاء الاسرة والقائمين على شؤونها (الأب الأخ الابن الأكبر ) فانه لا محال سوف ينتهي الى خلاف مزمن لا ينفع معه دواء ولا يرتجى منه شفاء .وهكذا هو الحال بالنسبة للمجتمعات لكننا هنا سوف نكون إزاء ملف أكثر خطورة واعم مسؤولية وأثقل تركة .إن الظاهرة الطائفية داخل العراق عندما لم تجد من يتصدى لمعالجتها والوقوف على أهم بواعثها ومسبباتها مع تشخيص مضاداتها الفعالة وفق مراحل زمنية منظمة قد فاقم من مخاطر الطائفية السياسية لتنتهي إلى ظاهرة عصية على الحل فكانت الطائفية وبالا فتاكا ومرضا اجتماعيا مزمنا أصيبت به الذات العراقية التي سوف لن تبرأ منه حتى يهيئ الله لها من يتفرغ لتطبيبها والعمل الجاد على وصف أنجع وانجح العلاجات اللازمة للتخلص من غدتها السامة التي بقيت منذ قرون تفرز سمومها داخل الجسد العراقي لتنخر قواه وتفقده توازنه وتورثه الألم والسقم ,والضعف والخواء .إن فتح باب مناقشة المسألة الطائفية على مصراعيه والتحدث عنها بكل صراحة وشفافية يمكن ان يشكل أول خطوة على طريق تفكيك عناصر الطائفية والتقليل من مخاطرها وفي ذلك يقول عالم الاجتماع المرحوم (علي الوردي )(ان التكتم الذي نلتزمه في نزعتنا الطائفية اخطر علينا من الإفصاح والتظاهر عنها ).إن فتح باب مناقشة مسألة الطائفية على شتى المستويات السياسية والاجتماعية والدينية أمر لابد منه للوقوف بوجه الطائفية وتكبيدها أفدح الخسائر بعد ان كبدتنا هي خسائر جمة على صعيد الأرواح والأموال ناهيك عما تسببت به من تأخر واضح على مستوى مستقبل البلاد وامنها واستقرارها . إن تواجدنا ضمن المربع التقليدي والذي يبرز شعار (أخوان سنة وشيعة هذا الوطن منبيعه ) هو أمر لا يسمن ولا يغني من جوع ,إذ إن هكذا شعار فضفاض سوف لن يغير من مرارة الواقع شيء لا من قريب ولا من بعيد .ولو أننا تصفحنا ذلك الشعار بشكل علمي وموضوعي لوجدنا ان الإخوة العراقية إنما ذبحت من القفا تحت ظلال هكذا شعارات استهلاكية عقيمة ,لا شك انه شعار سياسي بامتياز ولسنا هنا إزاء شعار جماهيري واعي يعبر عن واقع اجتماعي واضح .الشعار ظاهره أنيق لكنه يخفي بين طياته حرائق يمكن ان تأتي على الوطن وأهله بطرفة عين ,وذلك لما يتضمنه من تغييب مقصود لمشكلة حقيقية لطالما وقفت عائقا في طريق الإخوة المنشودة ,والا فأي أخوة تلك التي يتلاعب بها الساسة كتلاعبهم بالكرة كلما وجدوا ذلك التلاعب يصب في محيط مصالحهم ويدعم من أركان ملكهم ,أي إخوة تلك التي يقوضها الطغاة من الحكام والسلاطين عبر اللعب على أوتار تثوير المشاعر الطائفية الضيقة لتشهد الأرض أبشع مناظر للقتل الفردي والجماعي بأسم الطائفة والطائفية .لا شك إن هكذا أخوة تعد أخوة رخوة وغير متينة بنيت على جرف هار وشيدت فوق منزلق حاد .كذلك فأن مفردة (الوطن )الواردة ضمن سياق الشعار أعلاه تعد مفردة غير دقيقة في الكثير من تفاصيلها ,فالعراق مكون من عدة أديان وطوائف ومذاهب وملل ونحل وقوميات وأقليات وما لم تأتلف تلك المكونات وتنصهر تلك المجموعات داخل بودقة الوطن الواحد الموحد فلن يكون هنالك وطن ولا مواطنون .
أذن الطائفية السياسية هي شر مستطير لن نفلت من لعناته ما لم يهيء الله لنا رجالا شجعانا يخضعون الطائفية لمبضع الجراح الحصيف والمعالج الحاذق لرفع تلك الغدة السامة واستئصال شافتها من الجسد العراقي بشكل تام ونهائي .لن يكون الأمر سهلا وميسرا بكل تأكيد لكن يجب ان نبدأ فذلك خير لنا من ان نراوح في أماكننا التقليدية التي تزيد الطين بلة .لقد تعاقب على حكم الدولة العراقية مئات الحكام والسلاطين إلا إننا لم نجد أحدهم قد عمل على تجفيف منابع الطائفية البغيضة أو حاول ذلك بل على العكس من ذلك وجدنا هؤلاء الحكام والسلاطين يعملون على تشجيع النزعات الطائفية وتأجيج الصراعات المذهبية وبلورتها ومن ثم تسويقها على انها من ثوابت الدين ومقتضيات المذهب .وهذا عين ما أشار إليه المرحوم الدكتور (علي الوردي )في كتابه (وعاظ السلاطين ) حينما أفرد لقضية الشيعة والسنة فصلا مستقلا اسماه بذات الاسم وقد دلل الوردي وبما لا يدع مجالا للشك إن الشيعة والسنة إنما كانا يمثلان حزبا واحدا ويحملان ذات الشعار شعار الحسين بن علي وحفيده زيد وأبي حنيفة النعمان لقد كان الشيعة والسنة ينطلقان من ذات المنطلقات في مواجة الطغاة وإعلان الثورة بوجه الاستبداد السياسي والاجتماعي .لقد اثبت الوردي من خلال فصله المستقل هذا بأن الشيعة والسنة كانا يشتركان في ذات الأسلوب في مقارعة الظلم ومقاومة الطغاة فبينما كان أسلوب الشيعة هو الخروج بالسيف على الحكام الظلمة كان أسلوب السنة جمع الأحاديث المعارضة والمنددة والمقوضة لحكم من لم يحكم بما انزل الله بالحق , لكن أحابيل الساسة ودهاليز السياسة ولا سيما السياسة الأموية متمثلة بصاحب مشروع شطر الصف الإسلامي الواحد إلى شطرين متقابلين (معاوية بن أبي سفيان ) والذي نجح أيما نجاح في مهمته الدنيئة أدى إلى ما انتهينا إليه اليوم . يمكن القول إن الاستثناء الوحيد في سجل من حكموا العراق قديما وحديثا ممن حكموا إنما يتمثل في شخصية ملك العراق ومؤسس دولته الحديثة الحديثة المرحوم (فيصل الأول ) حيث كانت له محاولات جادة وجريئة فيما يتعلق بملف الطائفية السياسية التي أحجم الحكام والسلاطين من قبله ان يتطرقوا إليها خوفا من اتهامهم بالطائفية لقد استشعر المرحوم (فيصل الأول ) خطر الطائفية على مستقبل العراق والذي باشر بحكمه الفعلي عام 1921 ـ1933 وقد كان (فيصل )مؤهلا للخوض والتصدي لهكذا ملف حساس لما كان يتمتع به من خبرات وتجارب أتاحت له التنقل والاحتكاك وخوض غمار الحروب في أكثر من قطر عربي إضافة لما كان يتمتع به من حنكة سياسية ونظرة ثاقبة وشخصية المعية قلما تنجب مثله الحقب والاعصر كما يعبر عن ذلك الأمير (شكيب ارسلان ) .لقد سجل التاريخ للملك فيصل خطوات عملية مهمة على طريق رفع الظلم والحيف عن الأغلبية الشيعية الا ان مثل تلك المحاولات لم ترق للكثير من مقربيه ممن تشبعوا بطائفية السلطات العثمانية لا سيما من انخرط منهم داخل السلك السياسي والعسكري وهذا ما شكل أحد أهم أسباب توقف عجلة هكذا مشروع خطير لينتهي مع نهاية ملك العراق إلى أبد الآبدين .لقد تطرق فيصل الأول في مذكراته القيمة إلى ما يترتب على خطورة ان يستأثر طرف على حساب طرف اخر في الحقوق والامتيازات بعد ان استعرض جوانب متعددة من مختلف المعوقات التي تجابه مشروع بناء حكومة وطنية قوية تستطيع ان تبسط نفوذها بكل حزم وعدالة .لقد تطرقت تلك المذكرات إلى الاختلافات الكبرى بين الطوائف والقوميات داخل البلاد وما تتركه من أثار تتسبب في توهين قوى الحكومة مشيرا الى ضرورة معالجة تلك الاختلافات بقوة مادية واعية وحكيمة حتى تستقر البلاد ,وذلك لا يكون إلا بجهود جبارة من لدن الحكومة التي يجب ان تمتاز بالنزاهة والوطنية الصادقة .لقد افرد المرحوم فيصل بندا مستقلا لغرض الوقوف على مهمة رفع الحيف والظلم عن الاغلبية الشيعية تحديدا قدر المستطاع عبر خطة عملية تتضمن ما يلي يقول الملك فيصل في الفقرة الثانية من خطته الشاملة لبناء الدولة العراقية المتماسكة .
الفقرة الثانية - علينا ان نطمئن معنويات إخواننا الشيعة بالكيفية الآتية :ـ
أولا إعطاء التعليمات الى قاض بغداد ان يسعى لتوحيد أيام الصيام والإفطار وهذا ممكن وشرعي .
ثانيا ـ تعمير العتبات المقدسة حتى يشعر الشيعة بأن الحكومة غير مهملة لتلك المقامات التي هي مقدسة لدى الجميع والتي هي كذلك من الآثار التاريخية التي تزين البلاد فعلى الحكومة ان تحافظ عليها من كل الوجوه .
ثالثا ـ ان رجال الدين من الشيعة ليس لهم اي ارتباط مع الحكومة وهم في الوقت الحاضر أجانب عنها خاصة حيث يرون إن رجال الدين السنة يتمتعون بأموالهم وهم محرومون منها والحسد (خاصة في الطبقة الدينية )معلوم فعلينا ما دمنا غير قادرين على تقسيم الأوقاف فيما بينهم ان نفتكر في إيجاد أوقاف خاصة ,ومن رأيي ان ذلك ممكن بالطريقة التي كنت تشبثت بها غير ان الظروف حالت بيني وبين تحقيقها .
الى أخر تلك البنود التي ناقش من خلالها الملك فيصل أسباب قيام مملكة آمنة ومستقرة .
لا شك ان تجربة فيصل الأول كحاكم سياسي حاول وضع اليد على أخطر مكامن ما أصاب الجسد العراقي من دمامل وتقرحات تعد من التجارب التي لو كتب لها النجاح من جهة والتكرار على يد حكام آخرين من جهة أخرى لكنا اليوم نعيش في أوضاع أكثر استقرارها واقل تنافرا الا ان مثل هكذا مشروع لم يتكرر على يد من جاء بعد فيصل بل ان جل من جاء فيما بعد عمل على توسيع رقعة الملف الطائفي لا سيما حزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان دوره التخريبي بين السنة والشيعة أشبه ما يكون بدور (معاوية بن أبي سفيان )في تفتيت اللحمة الدينية والمذهبية بين الشيعة والسنة .



#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي بن ابي طالب رائد المصالحة التاريخية
- ثنائية الخوف والطمع
- موتانا وموتاهم
- النص والمرأة
- مطر السوء
- القوم الكافرون
- أضغاث أحلام
- الإنسان أم الأديان
- هل يمتلك العراقيون دينا خالصا
- طقوس كربلاء من منظار اخر
- ما هو المطلوب من رجال الدين تحديدا؟
- شيوخ العطب والهلاك


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبدول - الطائفية السياسية ..بين الواقع والشعار