أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ميثم الجنابي - الإصلاح والثورة في العراق – البحث عن توازن واقعي















المزيد.....

الإصلاح والثورة في العراق – البحث عن توازن واقعي


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1157 - 2005 / 4 / 4 - 11:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لم يعد الخوض في تحديد ماهية الثورة والإصلاح في العراق المعاصر موضوعا علميا ولا حتى سياسيا، وذلك بسبب الجلاء التام في طبيعة الانقلاب الحاسم الذي جرى بأثر تحطم التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية. فهو انقلاب يعادل من حيث مدلوله السياسي والاجتماعي والفكري والروحي والأخلاقي ثورة شاملة على "نظام" هو في جوهره معاد للنظام والحق والحقوق بصورة مطلقة. ومن ثم فإن مجرد إزالته الأولية المباشرة تشكل بحد ذاتها ثورة كبرى في تاريخ العراق المعاصر. بل يمكن القول، بان إزالة التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية يشكل إحدى أهم الأحداث الثورية في تاريخ العراق المعاصر. وفيها تتزامن إمكانية الإصلاح الشامل. وهو الأمر الذي يعطي لفكرة الثورة والإصلاح في العراق معنى واحدا من حيث الإمكانية ومتغايرا في الواقع. وفي هذا تكمن قيمة وأهمية الاحتمالات التي يواجهها العراق حاليا في جعل الثورة إصلاحا شاملا والإصلاح الشامل ثورة اجتماعية تعيد بناء الدولة والمجتمع والثقافة على أسس تحفظ له إمكانية الاستقرار الديناميكي.
فقد كشف الانقلاب الهائل لسقوط التوتاليتارية والدكتاتورية عن الحقيقة القائلة، بان القلوب تفزع للمفاجآت وتهدأ في مجراها، كما أن العيون تبحث لهفا في الظلام وتغفو فيه. وهي مفارقة تكشف في رمزيتها عن أن الانقلاب المفاجئ في الإحساس والرؤية يمرّ كما لو انه الطور الضروري للوجود. وليس ذلك إلا لان الانقلاب المفاجئ في الإحساس والرؤية له قيمة ومعنى واثر في الروح والجسد. وانه الشرط الملازم لتجدد الشعور المباشر والمتسامي، والخزين الهائج في "نظام" الخيال المبدع، أي في القوة القائمة وراء تضافر العقل والوجدان في بحثهما عن تناسق امثل أو تجانس افضل أو مثال أسمى أو منطق اسلم، أي في كل ما جرّد ويجرّد التعرجات والانكسارات والالتواءات الحادة للوجود في صور الاستقامة.
فالتعرجات والانكسارات والالتواءات أو الانقلابات المؤلمة والمثيرة والمفزعة والمحببة هي التي أبدعت قيمة الاستقامة وأعطت لها تلك الصورة الجليلة والمبجلة في "الصراط المستقيم" للسلوك والوعي على السواء. وهو تصور له قيمته ومعناه وأثره في حال رؤيته في تعرجات وانكسارات الوجود نفسه كما قال ابن عربي مرة عن أن الاعوجاج في القوس هو عين الاستقامة فيه.
بهذا المعنى يمكن القول بان الانقلابات الكبرى في التاريخ هي عين الاستقامة فيه. وليس ذلك لان هذه الانقلابات تعكس مساعي الخيال المبدع في بناء نظام افضل فحسب، بل وبفعل تمثيلها للاستعدادات القائمة فينا. أما الحصيلة الواقعية فإنها عادة ما تتجلى في فرح طاغ للانتصار والتقدم أو في حزن عميق للسقوط والهزيمة. وفي كليهما تهذيب للرؤية وترسيخ لليقين بحقيقة الاستقامة. ولا معنى للاستقامة هنا سوى التوازن أو الاعتدال أو الاستقرار.
فالتوازن ليس جمودا ولا استسلاما، بل هو فاعلية دائمة، لأنه يفترض في صيرورته التاريخية وكينونته المثالية صراع المتضادات والسعي نحو الكمال. وبهذا المعنى يمكن القول بان الانقلابات الأصيلة تعكس في كلّها متضادات الوجود والوعي في بحثهما عن نظام (أو توازن) أمثل باعتباره تجليا للحقيقة والعدالة والحرية والجمال والحق. وهي الحصيلة التي يمكن وضعها في الاستنتاج القائل بان ديناميكية كل وجود في توازنه. كما أن ديناميكية التوازن تفترض في آن واحد الإدراك العقلاني للمبادئ، والوجدان الأخلاقي للغايات. واللذين تتوقف عليهما كيفية التوازن وعمقه ومحتواه. بصيغة أخرى، إن ديناميكية التوازن رهن بمنظومة المرجعيات الثقافية. إذ لكل انقلاب مرجعياته الثقافية. وهو الأمر الذي يحدد عند الأفراد والأحزاب والأمم قيمته في التاريخ (والصيرورة) ومعناه في الروح (والثقافة) وأثره في المصير (الفردي والاجتماعي والقومي).
وعندما نضع "تاريخ" العراق المعاصر على محك هذه الفكرة، فإننا نتوصل إلى أن تاريخه كان مجرد زمن خارج كينونته السياسية – الثقافية. من هنا ضحالة قيمته بالنسبة للوجود (والتاريخ) وسطحيته في الروح (والثقافة) وأثره المخرب في المصير (القومي). كل ذلك يبرهن على أن قيمة الانقلابات وأثرها النهائي مرتبط بمدى وعمق التأسيس العقلاني لفكرة التوازن في بنية الدولة والمجتمع والثقافة.
إن النقص الجوهري في التأسيس النظري والعملي لفكرة الثورة والإصلاح بوصفها توازنا واقعيا وعقلانيا عند جميع القوى السياسية في العراق على امتداد تاريخه المعاصر يكشف عن ضعف معاناتهم الفعلية بهذا الصدد. وليس اعتباطا أو مصادفة أن يستحوذ التيار الراديكالي على العراق المعاصر ويجعل من تاريخه مجرد اجترار للزمن وسحق مكونات وعناصر وعيه الذاتي. وهو واقع يبرهن على الحقيقة القائلة، بان يستحيل تأسيس منظومة للإصلاح والثورة في العراق المعاصر دون وجود منظومة التوازن الشامل، وفي الحالة المعنية بين فكرة الثورة والاصلاح. بعبارة أخرى، إن العراق بحاجة إلى فلسفة للإصلاح والثورة تستمد مقوماتها من حقائق تاريخه الكلي. وهي حقائق متراكمة في خصوصية تكونه التاريخي الثقافي. ومنها فقط يمكن بناء منظومة المرجعيات النظرية والعملية القادرة على توجيه مشاريع البدائل الواقعية العقلانية الفاعلة في بناء الدولة العصرية والنظام الديمقراطي والمجتمع المدني والثقافة الإنسانية. وهي مهمة تفترض تأسيس الفكرة الوطنية الجديدة في العراق، أي ما ادعوه بفلسفة الاستعراق. والمقصود بها فلسفة بناء الهوية الوطنية العراقية. وهي فلسفة تستند إلى جملة مبادئ عامة وهي إن العراق ليس تجمع أعراق، وان العراق هوية ثقافية سياسية، وان العراق غير معقول ولا مقبول خارج وحدة مكوناته الرافدينية - العربية – الإسلامية، وان العربية – الإسلامية هي جوهر ثقافي،وان الاستعراق هو الحد الأقصى للقومية في العراق، وان الخروج على الاستعراق هو رجوع إلى العرقية، ومن ثم فهو خروج على منطق الهوية الثقافية للعراق والعراقية وعلى مكونات وجودهما الجوهرية.
والغاية من فكرة الاستعراق هي البرهنة على ضرورة فلسفة الحد الأدنى الضروري والعام للوحدة الوطنية. وذلك لما لها من قيمة عملية بالنسبة لتوفر دوما الشروط الضرورية لوحدة الدولة والمجتمع وبالتالي احتواءها على القدر الضروري لتجسيد الإجماع التام على المبادئ الكبرى المتعلقة بإقامة دولة القانون والمؤسسات الشرعية، والعمل بالدستور الثابت والفعل حسب قواعد المجتمع المدني. وهو الأمر الذي يجعلها فلسفة قادرة على توجيه مضمون التوازن الضروري بالنسبة لمسار الرؤية الاجتماعية والوطنية في مختلف الميادين والمستويات. كما انها تحتوي على آلية صنع ما يمكن دعوته بديناميكية التوازن الضروري للعراق من اجل قطع دابر الراديكالية بمختلف أصنافها. فهو الأسلوب الوحيد القادر على إشراك الجميع في صنع آلية التكامل التلقائي للدولة الشرعية والمجتمع المدني، ومن ثم إرساء أسس الأوزان الضرورية للرؤية الواقعية والعقلانية.
إن صنع آلية التكامل والاعتدال تفترض في ظروف العراق الحالية تحقيق ثمان مرتكزات عامة وهي:
· أن تكون حركة البناء تلقائية المبدأ والغاية.
· أن يكون منطلقها ومستندها في التخطيط والرؤية حقائق الهوية الوطنية العراقية (الاستعراق).
· أن يجري بناء الدولة على أساس الهوية الثقافية القومية وليس العرقية.
· إن الدولة البديلة هي الدولة الشرعية، أي الدولة التي تبني مرتكزاتها المادية والروحية حسب قواعد الشرعية ومتطلبات القانون.
· إن هذه المرتكزات هي الصيغة العملية والمرحلية لحقيقة الأوزان الداخلية. وهي ثمان أوزان تتضمن كل من توازن السلطة والمجتمع، وتوازن الحرية والنظام، وتوازن الاقتصاد والعلم، وتوازن التربية والتعليم، وتوازن الثقافة والإبداع، وتوازن الصحة والرياضة، وتوازن التقاليد والمعاصرة، وتوازن الوطني والقومي والعالمي.
· إن هذه الأوزان العملية ثابتة في أبعادها الاستراتيجية.
· إن هذه الأوزان العملية متغيرة في أبعادها المرحلية من حيث الأولية والنسبة في مكوناتها.
· إن هذه الأوزان منظومة مترابطة ومتكاملة.
إن تحقيق هذه السلسة المرتبطة من المرتكزات بوصفها منظومة استراتيجية للبديل السياسي الثقافي في العراق هو الذي يكفل اعتدال النسبة الضرورية بين الثورة والإصلاح الدائم فيه. ويعطي في الوقت نفسه للبحث عن مشاريع البدائل جهدا ذاتيا يستمد مقوماته ومعاناته الحقيقة من إدراك وحدة التاريخ في صيرورته السياسية ومن ثم بلورة معناه في الروح الثقافي للامة وأثره في المصير الفردي والاجتماعي والقومي للعراق والعراقيين.
***


لم يعد الخوض في تحديد ماهية الثورة والإصلاح في العراق المعاصر موضوعا علميا ولا حتى سياسيا، وذلك بسبب الجلاء التام في طبيعة الانقلاب الحاسم الذي جرى بأثر تحطم التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية. فهو انقلاب يعادل من حيث مدلوله السياسي والاجتماعي والفكري والروحي والأخلاقي ثورة شاملة على "نظام" هو في جوهره معاد للنظام والحق والحقوق بصورة مطلقة. ومن ثم فإن مجرد إزالته الأولية المباشرة تشكل بحد ذاتها ثورة كبرى في تاريخ العراق المعاصر. بل يمكن القول، بان إزالة التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية يشكل إحدى أهم الأحداث الثورية في تاريخ العراق المعاصر. وفيها تتزامن إمكانية الإصلاح الشامل. وهو الأمر الذي يعطي لفكرة الثورة والإصلاح في العراق معنى واحدا من حيث الإمكانية ومتغايرا في الواقع. وفي هذا تكمن قيمة وأهمية الاحتمالات التي يواجهها العراق حاليا في جعل الثورة إصلاحا شاملا والإصلاح الشامل ثورة اجتماعية تعيد بناء الدولة والمجتمع والثقافة على أسس تحفظ له إمكانية الاستقرار الديناميكي.
فقد كشف الانقلاب الهائل لسقوط التوتاليتارية والدكتاتورية عن الحقيقة القائلة، بان القلوب تفزع للمفاجآت وتهدأ في مجراها، كما أن العيون تبحث لهفا في الظلام وتغفو فيه. وهي مفارقة تكشف في رمزيتها عن أن الانقلاب المفاجئ في الإحساس والرؤية يمرّ كما لو انه الطور الضروري للوجود. وليس ذلك إلا لان الانقلاب المفاجئ في الإحساس والرؤية له قيمة ومعنى واثر في الروح والجسد. وانه الشرط الملازم لتجدد الشعور المباشر والمتسامي، والخزين الهائج في "نظام" الخيال المبدع، أي في القوة القائمة وراء تضافر العقل والوجدان في بحثهما عن تناسق امثل أو تجانس افضل أو مثال أسمى أو منطق اسلم، أي في كل ما جرّد ويجرّد التعرجات والانكسارات والالتواءات الحادة للوجود في صور الاستقامة.
فالتعرجات والانكسارات والالتواءات أو الانقلابات المؤلمة والمثيرة والمفزعة والمحببة هي التي أبدعت قيمة الاستقامة وأعطت لها تلك الصورة الجليلة والمبجلة في "الصراط المستقيم" للسلوك والوعي على السواء. وهو تصور له قيمته ومعناه وأثره في حال رؤيته في تعرجات وانكسارات الوجود نفسه كما قال ابن عربي مرة عن أن الاعوجاج في القوس هو عين الاستقامة فيه.
بهذا المعنى يمكن القول بان الانقلابات الكبرى في التاريخ هي عين الاستقامة فيه. وليس ذلك لان هذه الانقلابات تعكس مساعي الخيال المبدع في بناء نظام افضل فحسب، بل وبفعل تمثيلها للاستعدادات القائمة فينا. أما الحصيلة الواقعية فإنها عادة ما تتجلى في فرح طاغ للانتصار والتقدم أو في حزن عميق للسقوط والهزيمة. وفي كليهما تهذيب للرؤية وترسيخ لليقين بحقيقة الاستقامة. ولا معنى للاستقامة هنا سوى التوازن أو الاعتدال أو الاستقرار.
فالتوازن ليس جمودا ولا استسلاما، بل هو فاعلية دائمة، لأنه يفترض في صيرورته التاريخية وكينونته المثالية صراع المتضادات والسعي نحو الكمال. وبهذا المعنى يمكن القول بان الانقلابات الأصيلة تعكس في كلّها متضادات الوجود والوعي في بحثهما عن نظام (أو توازن) أمثل باعتباره تجليا للحقيقة والعدالة والحرية والجمال والحق. وهي الحصيلة التي يمكن وضعها في الاستنتاج القائل بان ديناميكية كل وجود في توازنه. كما أن ديناميكية التوازن تفترض في آن واحد الإدراك العقلاني للمبادئ، والوجدان الأخلاقي للغايات. واللذين تتوقف عليهما كيفية التوازن وعمقه ومحتواه. بصيغة أخرى، إن ديناميكية التوازن رهن بمنظومة المرجعيات الثقافية. إذ لكل انقلاب مرجعياته الثقافية. وهو الأمر الذي يحدد عند الأفراد والأحزاب والأمم قيمته في التاريخ (والصيرورة) ومعناه في الروح (والثقافة) وأثره في المصير (الفردي والاجتماعي والقومي).
وعندما نضع "تاريخ" العراق المعاصر على محك هذه الفكرة، فإننا نتوصل إلى أن تاريخه كان مجرد زمن خارج كينونته السياسية – الثقافية. من هنا ضحالة قيمته بالنسبة للوجود (والتاريخ) وسطحيته في الروح (والثقافة) وأثره المخرب في المصير (القومي). كل ذلك يبرهن على أن قيمة الانقلابات وأثرها النهائي مرتبط بمدى وعمق التأسيس العقلاني لفكرة التوازن في بنية الدولة والمجتمع والثقافة.
إن النقص الجوهري في التأسيس النظري والعملي لفكرة الثورة والإصلاح بوصفها توازنا واقعيا وعقلانيا عند جميع القوى السياسية في العراق على امتداد تاريخه المعاصر يكشف عن ضعف معاناتهم الفعلية بهذا الصدد. وليس اعتباطا أو مصادفة أن يستحوذ التيار الراديكالي على العراق المعاصر ويجعل من تاريخه مجرد اجترار للزمن وسحق مكونات وعناصر وعيه الذاتي. وهو واقع يبرهن على الحقيقة القائلة، بان يستحيل تأسيس منظومة للإصلاح والثورة في العراق المعاصر دون وجود منظومة التوازن الشامل، وفي الحالة المعنية بين فكرة الثورة والاصلاح. بعبارة أخرى، إن العراق بحاجة إلى فلسفة للإصلاح والثورة تستمد مقوماتها من حقائق تاريخه الكلي. وهي حقائق متراكمة في خصوصية تكونه التاريخي الثقافي. ومنها فقط يمكن بناء منظومة المرجعيات النظرية والعملية القادرة على توجيه مشاريع البدائل الواقعية العقلانية الفاعلة في بناء الدولة العصرية والنظام الديمقراطي والمجتمع المدني والثقافة الإنسانية. وهي مهمة تفترض تأسيس الفكرة الوطنية الجديدة في العراق، أي ما ادعوه بفلسفة الاستعراق. والمقصود بها فلسفة بناء الهوية الوطنية العراقية. وهي فلسفة تستند إلى جملة مبادئ عامة وهي إن العراق ليس تجمع أعراق، وان العراق هوية ثقافية سياسية، وان العراق غير معقول ولا مقبول خارج وحدة مكوناته الرافدينية - العربية – الإسلامية، وان العربية – الإسلامية هي جوهر ثقافي،وان الاستعراق هو الحد الأقصى للقومية في العراق، وان الخروج على الاستعراق هو رجوع إلى العرقية، ومن ثم فهو خروج على منطق الهوية الثقافية للعراق والعراقية وعلى مكونات وجودهما الجوهرية.
والغاية من فكرة الاستعراق هي البرهنة على ضرورة فلسفة الحد الأدنى الضروري والعام للوحدة الوطنية. وذلك لما لها من قيمة عملية بالنسبة لتوفر دوما الشروط الضرورية لوحدة الدولة والمجتمع وبالتالي احتواءها على القدر الضروري لتجسيد الإجماع التام على المبادئ الكبرى المتعلقة بإقامة دولة القانون والمؤسسات الشرعية، والعمل بالدستور الثابت والفعل حسب قواعد المجتمع المدني. وهو الأمر الذي يجعلها فلسفة قادرة على توجيه مضمون التوازن الضروري بالنسبة لمسار الرؤية الاجتماعية والوطنية في مختلف الميادين والمستويات. كما انها تحتوي على آلية صنع ما يمكن دعوته بديناميكية التوازن الضروري للعراق من اجل قطع دابر الراديكالية بمختلف أصنافها. فهو الأسلوب الوحيد القادر على إشراك الجميع في صنع آلية التكامل التلقائي للدولة الشرعية والمجتمع المدني، ومن ثم إرساء أسس الأوزان الضرورية للرؤية الواقعية والعقلانية.
إن صنع آلية التكامل والاعتدال تفترض في ظروف العراق الحالية تحقيق ثمان مرتكزات عامة وهي:
· أن تكون حركة البناء تلقائية المبدأ والغاية.
· أن يكون منطلقها ومستندها في التخطيط والرؤية حقائق الهوية الوطنية العراقية (الاستعراق).
· أن يجري بناء الدولة على أساس الهوية الثقافية القومية وليس العرقية.
· إن الدولة البديلة هي الدولة الشرعية، أي الدولة التي تبني مرتكزاتها المادية والروحية حسب قواعد الشرعية ومتطلبات القانون.
· إن هذه المرتكزات هي الصيغة العملية والمرحلية لحقيقة الأوزان الداخلية. وهي ثمان أوزان تتضمن كل من توازن السلطة والمجتمع، وتوازن الحرية والنظام، وتوازن الاقتصاد والعلم، وتوازن التربية والتعليم، وتوازن الثقافة والإبداع، وتوازن الصحة والرياضة، وتوازن التقاليد والمعاصرة، وتوازن الوطني والقومي والعالمي.
· إن هذه الأوزان العملية ثابتة في أبعادها الاستراتيجية.
· إن هذه الأوزان العملية متغيرة في أبعادها المرحلية من حيث الأولية والنسبة في مكوناتها.
· إن هذه الأوزان منظومة مترابطة ومتكاملة.
إن تحقيق هذه السلسة المرتبطة من المرتكزات بوصفها منظومة استراتيجية للبديل السياسي الثقافي في العراق هو الذي يكفل اعتدال النسبة الضرورية بين الثورة والإصلاح الدائم فيه. ويعطي في الوقت نفسه للبحث عن مشاريع البدائل جهدا ذاتيا يستمد مقوماته ومعاناته الحقيقة من إدراك وحدة التاريخ في صيرورته السياسية ومن ثم بلورة معناه في الروح الثقافي للامة وأثره في المصير الفردي والاجتماعي والقومي للعراق والعراقيين.



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الراديكالية العراقية - التيار الصدري وآفاقة المسدودة - الحلق ...
- الراديكالية الشيعية المعاصرة وآفاق البدائل السياسية في العرا ...
- الاعلام العربي وإشكالية الأمن والأمان والحرية والاستبداد في ...
- الراديكالية والرؤية المأزومة في العراق – 2-4
- الرؤية السياسية - لا الرؤية الحزبية
- الراديكالية العراقية - الطريق المسدود 1-4
- المرجعيات الثقافية لفكرة الإصلاح في العراق
- الصحافة العربية المرئية والمسموعة وظاهرة الصحّاف والتصحيف
- المغزى التاريخي للانتخابات العراقية الاخيرة
- الصورة والمعنى في الصراع العربي – اليهودي
- اليهودية – الصهيونية في روسيا
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق – ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق – ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق - ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق - ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق- ا ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق-ال ...
- التيار الإسلامي ومهمة تأسيس البدائل العقلانية في العراق
- الحلقة الثانية-البروتوكولات الصهيونية-الماسونية اليهودية الص ...
- الحلقة الاولى - البروتوكولات الصهيونية - تقاليد قواعد العمل ...


المزيد.....




- الدبلوماسية الأمريكية هالة هاريت توضح لـCNN دوافعها للاستقال ...
- الصحة السعودية تصدر بيانا بشأن آخر مستجدات واقعة التسمم في ا ...
- وثائقي مرتقب يدفع كيفين سبيسي للظهور ونفي -اعتداءات جنسية مز ...
- القوات الإسرائيلية تقتل فلسطينيا وتهدم منزلا في بلدة دير الغ ...
- الاتحاد الأوربي يدين -بشدة- اعتداء مستوطنين على قافلة أردنية ...
- -كلما طال الانتظار كبرت وصمة العار-.. الملكة رانيا تستذكر نص ...
- فوتشيتش يصف شي جين بينغ بالشريك الأفضل لصربيا
- لماذا تستعجل قيادة الجيش السوداني تحديد مرحلة ما بعد الحرب؟ ...
- شهيد في عملية مستمرة للاحتلال ضد مقاومين بطولكرم
- سحبت الميكروفون من يدها.. جامعة أميركية تفتح تحقيقا بعد مواج ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ميثم الجنابي - الإصلاح والثورة في العراق – البحث عن توازن واقعي