أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - -الربيع العربي- (!؟) فى الميزان ...














المزيد.....

-الربيع العربي- (!؟) فى الميزان ...


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 3999 - 2013 / 2 / 10 - 17:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحركات التى إصطلح على تسميتها ب "الربيع العربي" كشفت حقيقة المجتمعات التى سحقت (بضمة على السين وكسر الحاء وفتح القاف) عقول معظم أبنائها بفعل عدة عوامل. فقد سحقتها نظم حكم إستبدادية جاءت بعد التحرر الوطني وكانت كلها سبيكة من الجهل والفساد وعدم الإنتماء لمسيرة الحداثة الإنسانية. وسحقها تدهور كبير فى كل مؤسسات وبرامج التعليم مع وجود نظم تعليم إنتهت صلاحيتها فى كل المجتمعات المتقدمة. وسحقها خطاب ديني توحش وذاع وشاع كان ولايزال من أكبر صناع الفجوة بين أبناء وبنات المجتمعات العربية وبين التقدم واللحاق بقطار التقدم والتمدن الإنسانيين. وسحقها مناخ ثقافي عام جعل عقول أبنائها وبناتها تتجه للماضي (المتصور وهما بأنه كان فردوسا تنبغي العودة له) ولا تهتم إهتماما علميا بالحاضر والمستقبل وتحدياتهما ومعضلاتهما. وهذا الكتاب الذى نشر قبل أن تبدأ أول حركات ما يسمي بالربيع العربي (فى تونس) بنصف سنة ، كان يشير للكارثة بوضوح. فقد كانت رسالة الكتاب المحورية هى أن العقل العربي قد جرفته وسحقته هذه العوامل الأربعة ، فأصبح معرضا للإتجاه بسرعة كبيرة للماضي الذى يتوهمه فردوسا لا مثيل له وما هو الا فصل من فصول مسيرة البشرية ، وفيه من ظلمات القرن السابع أضعاف ما فيه من مزايا متوهمة. بل وأصبح أكثر إبتعادا عن اللحاق بقطار التقدم والتمدن الإنسانيين. ومن سوء حظ المجتمعات العربية أن يقع تداعيات ما يسمي بالربيع العربي وعجلة قيادة القوة العظمي الوحيدة فى عالمنا المعاصر بيد إدارة يقودها رئيس لا أشك أن عقليته هى من عقليات العالم الثالث بكل ما يعنيه هذا الوصف. وأنا لا أقول أن هذه الإدارة هى من أفرز الحركات التى سميت بالربيع العربي ، ولكنها ساهمت قطعا فى أيلولة السلطة فى معظم حالات ما يسمي بثورات الربيع العربي لقوي ماضوية لا شك عندي فى مضادتها لكل قيم التقدم الموصوفة فى هذا الكتاب. وليس هذا بجديد ، ففى سنة 1979 شاركت إدارة لتلك القوة العظمي تنتمي لنفس الحزب الذى يحكم منذ يناير 2009 (بمساعدة المملكة العربية السعودية) فى إنشاء الكيان الذى سيصبح بعد سنوات قليلة هو تنظيم القاعدة. ورغم شذوذ الإعتقاد السائد لدي هذه الإدارة (ومنذ بدأت أول حركات ما يسمي بالربيع العربي) بأن حركة الإخوان المسلمين بوجه عام وفى مصر وتونس بوجه خاص قد تطورت وصارت حركات سياسية معتدلة ، فإنن هذا الإعتقاد الشاذ لم يفاجئني او يدهشني. فقد مكنتني عشرات الزيارات لعاصمة هذه القوة العظمي وحديثي فى معظم مراكز البحوث بها من رؤية الكارثة وهى تتكون. فالعزلة الجغرافية التاريخية لمجتمع هذه القوة العظمي جعل الكثير من كبار مثقفيها وسياسيها بل وخبراءها فى شئون المجتمعات العربية يبقون عاجزين عن فهم طبيعة وحجم الطاقة التخريبية المبثوثة فى عقل معظم التيارات السياسية فى المجتمعات العربية التى تخلط السياسة بالدين. وبدلا من أن تستعمل تلك القوة العظمي قدراتها التأثيرية الهائلة من أجل تحديث التعليم فى هذه المجتمعات (وهو أداة نجاة هذه المجتمعات الوحيدة) فقد إتجهت بشكل محموم للتفاوض مع تلك الحركات التى تخلط السياسة بالدين (وهو تفاوض بدأ وإستمر خلال السنوات الخمس التى سبقت بداية أول الثورات فى تونس سنة 2010) ظنا منها أنها من خلال هذا التفاوض سيمكنها تحويل العقرب السام الى عصفور كناريا . ولاشك عندي أن جزءا كبيرا من المعضلة التى تواجه البشرية المتحضرة اليوم (والتى مصدرها تلك الحركات القرو - أوسطية التى تخلط السياسة بالدين) هو أن القوة العظمي الوحيدة (والعالم الأكثر تقدما) لم يصلوا بعد لمرحلة يعتبرون فيها أن "مصالحهم الإستراتيجية" التى تحرك سياساتهم "يجب" أن تتضمن "الأنساق القيمية للحضارة الإنسانية فى طورها الحالي وهو طور الحضارة الغربية. فالمصالح لا يمكن أن تضم المنافع الإقتصادية فحسب وإنما ينبغي (مع تطور الإنسانية على مراقي التمدن الإنساني) أن تشمل "الأنساق القيمية" للحضارة الإنسانية فى أعلى تجلياتها أي فى الحضارة الغربية. ولاشك أن حسم المعركة (فى المجتمعات العربية) بين القوي الماضوية (وتشمل كل الحركات التى تخلط السياسة بالدين) وقوي التنوير التى تؤمن بالعلم والتقدم ، سيحدث (إن عاجلا او آجلا) داخل المجتمعات العربية وعلى يد أبناء وبنات هذه المجتمعات. إلا أن ذلك من جهة سيكون بعد صراع صعب بين "الماضويين" و "المستقبليين" ، ومن جهة أخري فإن أحد العوامل التى ستعجل بالنهاية الصحية والحضارية لهذا الصراع هو موقف او مواقف المجتمعات الأكثر تقدما ، وهل سيبقي قائما على مصالح اقتصادية فقط ، أم أن تلك المجتمعات الأكثر تقدما ستعتبر أن من مصالحها الواجب الحفاظ عليها تلك الأنساق القيمية التى هى إنسانية أكثر منها غربية ، والتى هى فى الحقيقة الإنجاز الأكبر لمسيرة التمدن والتقدم الإنسانيين قبل سائر الإنجازات المادية (العلمية والإقتصادية) ، بل أنها (الأنساق القيمية) هى أساس ومصنع التمدن والتقدم الإنسانيين



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو كنت -بهائيا- فى مصر !
- كراهية أمريكا : لماذا ؟
- مقدمة كتاب -سجون العقل العربي- تأليف طارق حجي (الطبعة العربي ...
- هوامش لندنية ...
- مصر ، والصراع الحتمي
- كنت اليوم فى ميدان التحرير (27 نوفمبر 2012).
- نظرات ... وعبرات !
- ذبح القانون فى مصر - تعليق على إعلان 22 نوفمبر 2012 الدستوري
- هوامش على دفتر الإنحدار ...
- أضواء ... على أنواء !
- طوفان الغضب والغل والحنق الإسلامي - محاولة للتفسير
- الإسلاميون والمعاصرة ....
- خواطر إنتخابية ...
- حكمة المصريين
- هوامش وخواطر وملاحظات ...
- 123 من دانات طارق حجي (مختارات من 1000 دانة نشرها موقع الحوا ...
- نظم الحكم فى الإسلام ... ودانات أخري !
- خواطرٌ إيطالية.
- هوية فى خطر ...
- أسئلة تبحث عن إجابات ...


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - -الربيع العربي- (!؟) فى الميزان ...