أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عزالدين عناية - مخاطر تحوّل المشاركة السياسية إلى مشاهدة سياسية















المزيد.....

مخاطر تحوّل المشاركة السياسية إلى مشاهدة سياسية


عزالدين عناية

الحوار المتمدن-العدد: 3987 - 2013 / 1 / 29 - 18:21
المحور: المجتمع المدني
    


"السياسة الأوروبية في القرن العشرين"
مخاطر تحوّل المشاركة السياسية إلى مشاهدة سياسية
د. عزالدّين عناية

تبدو شعوب الربيع العربي مهووسة بالشأن السياسي إلى درجة لافتة، يلحظ ذلك بارزا المراقب للواقع العربي في وقتنا الحالي. وفي غمرة ذلك الهوس، تلوح بعض التجارب السياسية الغربية حاضرة بوقعها وبأثرها في المخيال السياسي الجمعي، في شتى الطروحات، وفي عديد السياسات، وفي تحبير الدساتير وفي الجدل الدائر حولها. غير أن التحدي الأكبر أمام العرب اليوم وهو صنع أنموذجهم السياسي الأصيل، دون تفريط في الاستعانة بتجارب الآخرين، إلى حدّ الإهمال، أو الاقتداء بها إلى حدّ الافتتان. كتاب "السياسة الأوروبية في القرن العشرين" الصادر بالعربية، للإيطالي باولو بومبيني، وبترجمة ناجي رزق ومراجعة عزالدين عناية، يضع خلاصة قيّمة أمام القارئ العربي لمسارات السياسة الأوروبية في القرن العشرين.
حيث يستعرض الكتاب ويحلّل في ستة فصول تطوّر الأنظمة السياسية في أوروبا بدءًا من أزمة نهاية القرن، والمقصود هنا ما لاح في الأفق من مظاهر تعثر مرّ بها النظام السياسي الليبرالي في نهاية القرن التاسع عشر، مما أثار جدلاً حول طبيعة هذا النظام، وأدى إلى التشكيك في صحة أسس الليبرالية المتعارف عليها حتى تلك الفترة. إذ شملت الأزمة قضايا محورية وكانت نقطة انطلاق دراسات فلسفية وسياسية واجتماعية.
حول هذه القضايا، وفي مقدّمتها المشاركة الشعبية والتمثيل العمومي، الذي اتفقت أوروبا بكاملها تقريباً على كون حق الانتخاب وسيلة التعبير عنه، قسّم الكاتب الفصول حسب الفترات الزمنية، وبالتالي الأنظمة السياسية المختلفة، موزعاً الفصول بعد ذلك إلى محاور فرعية للتعريف بـ"اللعبة السياسية" في كل بلد أو مجموعة بلدان تشابهت فيها التوجهات. وبالتالي، كان من الطبيعي أن يُسلّط تركيز على النظام السياسي البريطاني الذي غدا لفترة طويلة أنموذجاً للدول الأوروبية الأخرى في قضايا عديدة، من بين أهمها الفصل بين السلطات، أو السياسة الألمانية وتطوراتها خلال الفترة الزمنية التي يغطيها الكتاب. وهناك بالطبع فرنسا وانعكاسات تركيباتها السياسية على أوروبا، دون الحديث عن أوروبا اللاتينية مع متابعة دقيقة للسياسة وأنظمتها في إيطاليا وإسبانيا.
يجد قارئ الكتاب نفسه أمام عمل تاريخي من جهة، يسرد فيه المؤلف بالتسلسل الزمني تاريخ النظام الليبرالي في أوروبا، وتحليل غير مباشر من جهة أخرى لأنظمة بعينها وسياسات محددة في فترات تركت بصمات لا تمحى على تاريخ أوروبا والعالم. وتكفي الإشارة إلى الحربين العالميتين، وإلى النازية ثم الشيوعية وانهيارها. إلا أن تأريخ بومبيني للأنظمة السياسية لا يخلو من مساهمة موسوعية الطابع، حيث يتمكن القارئ من التعرف على مسيرة "مصطلحات" أصبح استخدامها اليوم متداولا وبديهياً دون إدراك كثيرين لنشأتها ومعناها الحقيقي، ينطبق هذا على قضايا يمكن اعتبارها بالتالي عامة مثل السلطة، دولة القانون، الدستور وإصلاحاته، أو على أحداث هامة يُطلع الكتابُ القارئَ عليها من خلال سرد تحليلي، ودرامي إلى حد كبير في الوقت نفسه، مثل كمونة باريس أو جمهورية فايمر الألمانية.
ويستعرض الفصل الأول أعراض أزمة الليبرالية في نهاية القرن التاسع عشر، بينما يتعمّق الثاني في أشكال هذه الأزمة في الدول المختلفة وكيفية مواجهتها من التيارات السياسية المتعددة حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى. وأما الفصل الثالث فيتناول ما يعتبره المؤلف مرحلة انتقالية في تاريخ السياسة الأوروبية، تميزت بالبحث عن أشكال جديدة لمؤسسة الدولة. وينقلنا الفصل الرابع إلى الفاشية بمفهومها العام ونشأة وتطور نازية ألمانيا وفاشية إيطاليا، ثم يستعرض الفصل الخامس ردّ الليبرالية الأوروبية على التحديات الفاشية، وينقلنا بالتالي إلى الحرب العالمية الثانية. يتناول الفصل السادس والأخير فترة ما بعد الحرب، والتي تمثل انتصاراً للأنموذج الليبرالي الديمقراطي من خلال عملية إعادة بناء سياسي اتخذ أشكالاً مختلفة باختلاف الدول، ويختتم بإشارة سريعة إلى تطورات الأنموذج الدستوري الأوروبي وتحولاته.
يقدّم المؤلف استعراضه هذا بشكل يبتعد فيه عن الأكاديمية، وإن احتفظ بدقتها، ليجعل عمله يسير القراءة على غير المتخصصين أيضاً، ما يكسبه أهمية خاصة في مرحلة تعاني فيها أوروبا من أزمة لا يعتبرها المحللون اقتصاديةً أو ماليةً فحسب بل وسياسية أيضاً، أو ربما في المقام الأول. أما بالنسبة للقارئ العربي فالكتاب يمثل فرصة سانحة من أجل إلمام إجمالي بتاريخ الأنظمة السياسية الأوروبية، في وقت تسعى فيه شعوب عربية عديدة لإعادة بناء بلدانها على أسس جديدة؛ وهو بالمثل إطلالة على إخفاقات وفشل السياسات الأوروبية أيضا. فقد نجحت الدستورية الليبرالية في الصمود على صعيد الأسس، بينما تغيرت مكوناتها ونبراتها. إذ تدريجياً لم يعد البرلمان مسرح التمثيل السياسي، بل بات يُنظر إليه باعتباره مجلساً مغلقاً لطبقة سياسية تفتقد للاحتكاك القوي بحياة الأشخاص العاديين. ذلك أن الرأي العام قد اعتقد أنه يعبّر عن نفسه بشكل أكبر من خلال ما عُرف بوسائل الإعلام -ليس المقصود هنا الصحف فقط وإنما أيضا الإذاعة وفي المقام الأول التلفزيون- إلا أن هذا الوسط قد حوّل المشاركة السياسية إلى مشاهدة سياسية، فأقصى ما يمكن للأشخاص القيام به هو مشاهدة الزعماء السياسيين والاستماع إليهم دون التمتع بوسائل التفاعل معهم، فقد باتت شرعية الأحزاب في كل مكان تعاني أزمة عميقة ومزمنة.
مؤلف الكتاب باولو بومبيني من مواليد مدينة بولزانو الإيطالية عام 1948، يعمل أستاذاً في التاريخ المقارَن للأنظمة السياسية الأوروبية، في كلية العلوم السياسية في جامعة بولونيا الإيطالية. من مؤلفاته: "الأحزاب والأنظمة السياسية في التاريخ المعاصر" 1994، "اللجنة الدستورية: مشكلة تاريخية وسياسية" 1995 و"الدولة والسياسة" 1997. يدير المؤلف مجلة: "أبحاث في التاريخ السياسي". وقد قام بنقل الكتاب إلى العربية ناجي رزق، وهو مترجم مصري مقيم في إيطاليا. تولى المراجعة عزالدين عناية، وهو أستاذ تونسي إيطالي يدرّس في جامعة روما، يشرف لفائدة "مشروع كلمة" الإماراتي على قسم الترجمة من الإيطالية. آخر أعماله المنشورة: "العقل الإسلامي: عوائق التحرر وتحديات الانبعاث"، وآخر ترجماته: "علم الاجتماع الديني".

أستاذ من تونس بجامعة لاسابيينسا في روما
[email protected]


السياسة الأوروبية في القرن العشرين
تأليف: باولو بومبيني
ترجمة: ناجي رزق
مراجعة: د. عزالدين عناية
الناشر: "مشروع كلمة" أبوظبي



#عزالدين_عناية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر الجمهوري: حول سبل الحدّ من الفساد السياسي
- أوروك: أولى المدن على وجه البسيطة
- مؤلَّف -نحن والمسيحية- دراسة علمية وليس خطابا دبلوماسيا
- الكتب الممنوعة
- البابا وتويتر.. الشجرة التي تخبئ الغابة
- العلمانيون أقرب مودّة إلى المهاجر من رجال الكنيسة
- نحن والمسيحية في العالم العربي وفي العالم
- الإسلام في أوروبا: أنماط الاندماج
- الإسلام الإيطالي: رحلة في وقائع الديانة الثانية
- حركة النهضة والإخوان: لكم دينكم ولي دين
- الكنيسة وحركة النهضة: شقاق يعقبه عناق
- الإسلام في تونس وضرورة التعلّم من الكنائس الغربية
- تونس والحاجة إلى خطاب ديني تنويري
- جامعة الزيتونة: العقل الديني التونسي العليل
- الثقافة في تونس بين عهدين
- حركة النهضة.. في مهبّ ريح الثورة
- علم الاجتماع الديني ووقائع الإسلام المعاصر
- تونس واغتراب الوعي الثوري
- الترجمة من الإيطالية إلى العربية في الراهن الحالي
- المسيحيّة العربية تتطهّر من أدران التاريخ


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عزالدين عناية - مخاطر تحوّل المشاركة السياسية إلى مشاهدة سياسية