أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - نعيم الهوّية أم جحيمها في العراق؟















المزيد.....

نعيم الهوّية أم جحيمها في العراق؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3967 - 2013 / 1 / 9 - 18:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كان موضوع “الهوّية والمواطنة” مثار نقاش جاد وهادف في قصر الثقافة والفنون في تكريت “محافظة صلاح الدين” في العراق، بحضور ومشاركة نخبة من الأكاديميين، لاسيما من أساتذة الجامعة ومن المثقفين والفنانين والأدباء والمبدعين بشكل عام، وذلك في حوار مفتوح خصوصاً لجهة الالتباس والإشكال بشأن جدل أو صراع الهويات، وهو موضوع استأثر باهتمام الشارع العراقي ولا سيما بعد الاحتلال في العام 2003 .

وسبق للباحث أن طرح هذا الموضوع على نحو موسّع في كتاب صدر له بعنوان “جدل الهوّيات في العراق - المواطنة والدولة” اقترح فيه مشروع قانون لتحريم الطائفية وتعزيز المواطنة في العراق، تلك التي ينبغي أن تقوم على أساس الحرية والمساواة والمشاركة والعدالة، وهي أركان أساسية للمواطنة المتكافئة والفاعلة دون أي تمييز أو استقواء، وهو الأمر الذي كان مطروحاً في الماضي، ولكنه يصبح أكثر إلحاحاً وأشد خطورة في الوقت الحاضر، خصوصاً ما يعانيه المجتمع العراقي من انقسامات طائفية ومذهبية وإثنية، تركت بصماتها على مجمل العملية السياسية، ولعل أحداث محافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل التي امتدت إلى مدينة الأعظمية ومدينة الشعب في بغداد ومناطق أخرى، ليست بعيدة عن الاستقطابات والتحديات الجديدة - القديمة .

وقد شهدت الساحة العراقية تطهيرات مذهبية وإثنية خلال عامي 2006 - 2007 وما بعدهما على نحو أقل، لكن ذيولها وتأثيراتها ظلّت تطلّ برأسها بشكل أو بآخر وبين فينة وأخرى، خصوصاً عند بعض الاحتكاكات السياسية، تلك التي ترفع درجة الشعور بالتمييز والحرمان وعدم المساواة والتهميش، وهو الأمر الذي انعكس مؤخراً في صيغة التظاهرات الكبرى ذات الطبيعة الاحتجاجية والمطلبية، وهذا ما يطرح مجدداً هوّية الدولة العراقية “الموحدة”، ذات التنوّع الثقافي والهويات الفرعية لجهة التوازن، وعدم تغوّل أية هوّية على أخرى بما فيها الهوّية الجامعة أو “الكبرى” على الهوّيات الفرعية، مثلما يفترض احترام الهوّيات الفرعية للتطلعات العامة للهوّية الجامعة الموحدة، بما فيها لمكوّناتها الأساسية .

وإذا كان المجتمع العراقي واحداً، لكنه يزخر بهوّيات متعددة، وهناك فرق كبير بين الوحدة والواحدية، فهو يشترك بهوّية عامة ويمتاز بهوّيات فرعية، والهوّية العامة غير مفروضة وإنما تتشكل كهوّية طوعية واتحاد اختياري، وهي بالتالي ليست هوّية إكراهية مفروضة أو استعلائية أو ردّ فعل لها .

ولعل الثقافة هي الوعاء الذي يستوعب ويجسّد الهوية، خصوصاً الشعور بالانتماء، ولاسيما أن الهوّية تقوم على التوالف بين القيم المتراكبة والمتفاعلة، الثابتة والمتغيّرة على نحو عميق، عبر التطور التدريجي التراكمي لفترات زمنية طويلة، وذلك من خلال العلاقة مع الآخر إنسانياً وعبر العادات والتقاليد التي تعكس سلوك الناس وحياتهم، وبالتالي فالأمر مثل الكائن الحي يخضع لقوانين التطور الحياتية ذاتها، وبقدر انطباق الأمر على المستوى الفردي، فإنه ينطبق على المستوى الجماعي أيضاً .

هل ينفرد المجتمع العراقي بوجود هوّية موحّدة وهوّيات فرعية؟ وكيف السبيل إلى علاقة تكاملية بين الهوّيات المتنوعة؟ وكان الماضي بقدر ما يزخر بالعلاقات الإيجابية الودية، فإنه يحمل ذكريات مؤلمة في الوقت نفسه، وهو الشعور الذي ظل ملازماً لبعض القوى السياسية الدينية ومعارضتها أحياناً، لاسيما في ظل المحاصصة الطائفية - الإثنية . ولكن هل أصبح التعايش مستحيلاً؟ وما هو دور السياسة في استعادة التوازن والتواؤم والانسجام وحلّ الإشكالات القائمة بروح الوحدة والتسامح والمصير المشترك؟ وما هي تجارب الغير على هذا الصعيد؟

في المجتمعات المتقدمة تقلّص الصراع إلى حدود غير قليلة، لاسيما الصراع المسلح، ولكن الجدل يستمر ويتواصل ويتصاعد أحياناً حتى وإن قررت الأطراف المتنازعة الافتراق، لكنها تختار الطريق السلمي المدني في الأغلب، بعد أن جرّبت طريق العنف بكل ما فيه من مآسٍ ووعورة وآثار سلبية .

إن لغة الحوار والوسائل السلمية هي الأساس لحل مشكلات البلدان المتقدّمة مع بعضها بعضاً، في حين أن العنف هو الشكل السائد في بلداننا لحل قضايا الهوّية والمواطنة، أي أن البلدان المتقدمة يغيب فيها البعد الاستئصالي والإقصائي، بينما الجانب العنفي والعسكري يستمر في مجتمعاتنا، لإلغاء الآخر أو ترويضه .

ثمة أوهام أربعة عاشت معنا ما قبل التغييرات التي حصلت في أوروبا الشرقية وربما بعضها لايزال مستمراً، فالوهم الأول الذي يقول إن الدول الصناعية والديمقراطية التي اعتمدت المواطنة قد حلّت مسألة الهوية، لكن الواقع يثبت يوماً بعد آخر أن مثل هذا الحل لايزال ناقصاً ومبتوراً، بدليل التحدّيات التي تواجهها، فضلاً عن التعبير عن حاجات وطموحات إنسانية .

أما الوهم الثاني فهو الذي يقول إن تحقيق الديمقراطية والمواطنة يدفع بصراع الهوّيات إلى الخلف مقابل المصالح والحقوق، ولكن الواقع يزخر بالمزيد من التمسك بالهوّيات الفرعية التي يبدو أنها ترتفع فوق الاعتبارات الأخرى أحياناً .

وكان الوهم الثالث ينطلق من رؤية افتراضية هي أن البلدان الاشتراكية قد حلّت مسألة الهوّيات، حتى اعتقدنا أن ألمانيا الديمقراطية أصبحت أمة منفصلة عن الأمة الألمانية (الغربية)، وذلك بعد ما تبنّاه دستورها في العام 1977 بحكم نظامها الاجتماعي المختلف، وإذا بالبنيان ينهار سريعاً بانهيار جدار برلين في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) العام 1989 ويلتقي الألماني بالألماني دون أيديولوجية، ولكن الجامع المشترك هو اللغة والدين أساسا الهوية .

والوهم الرابع أن صراع الهوّيات وجدلها، إنما هو حكر أو دمغة خاصة بالعالم الثالث الذي يعاني أزمة تعايش، لكن تجربة الهند التي اتخذت من الديمقراطية والفيدرالية طريقاً لتحقيق المواطنة أوجدت شكلاً جديداً لتعايش الأديان والقوميات واللغات والسلالات، مازال قائماً وبصورة سلمية يستمر ويتعزز على الرغم من تحدياته، وهناك تجربة ماليزيا وتجارب أخرى .

وخلاصة الأمر، فإن الهوّية تتعلق بوعي الإنسان وإحساسه بذاته وانتمائه إلى جماعة بشرية قومية أو دينية، مجتمعاً أو أمة أو جماعة في إطار الانتماء الإنساني، وهذا ما ينطبق على الجماعة في إطار مجتمع متعدّد ومتنوّع ومختلف، لكنه متعايش ومتواصل ومتكامل، بل مجتمع موحد وإنْ ليس واحداً .

وإذا كان موضوع الهوّية والمواطنة مصدر جدل فكري وسياسي وثقافي واجتماعي، لكنه اتخذ بُعداً أكثر حدّة وتعارضاً ودراماتيكية في ربع القرن الماضي، لا سيما بعد انتهاء عهد الحرب الباردة وانحلال الكتلة الاشتراكية، وتحفيز الهوّيات الفرعية إلى التعبير عن نفسها، وهو الأمر الذي ينبغي أخذه في الحسبان، خصوصاً في البلدان المتعددة التكوينات مثل العراق، للبحث عن حلول ممكنة وواقعية سلمية ومدنية تجنّب البلاد الصراعات المسلحة وتؤمن قيام مواطنة سليمة وكاملة دون تمييز، واحترام الهوّيات الفرعية، والإثنية والدينية، ونزع فتيل صاعق الطائفية بتحريمها قانوناً في إطار توافق وطني عام، وإلا فإن جحيم الهوّية سيؤدي إلى المزيد من التناحر والاحتراب في ظل انعدام الثقة وغياب الإرادة الموحّدة للعيش المشترك .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياقات الخصوصية والعالمية
- ما بعد الصهيونية مجدداً!
- ما بعد الصهيونية
- انسحاب . . ولكن
- شيء عن الدبلوماسية “الإسلامية”
- الدستور العراقي الحالي حمّل أوجه وألغام
- اختبار جديد للحرب الباردة
- حلف الفضول!
- شكراً... للضمير الجامع
- الحلم الفضي يعود إلى بنغازي
- حكمة الضوء وشهادة التاريخ
- منصور الكيخيا والرهان على «سلطة» الضوء!
- مصر والإسلام السياسي
- هل ترسو سفينة مصر الدستورية؟
- ماذا عن أكراد سوريا؟
- غزة وعمود السحاب!
- غوته وسحر الشرق
- اعتراف هولاند الخجول بجرائم قتل الجزائريين
- دلالات الديمقراطية وحقوق الإنسان في فكر أمين الريحاني
- عن تونس والدين والدولة


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - نعيم الهوّية أم جحيمها في العراق؟