أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد عبد الحميد الكعبي - شعبذة الكتابة و طرمذة الاسلوب














المزيد.....

شعبذة الكتابة و طرمذة الاسلوب


ماجد عبد الحميد الكعبي

الحوار المتمدن-العدد: 3948 - 2012 / 12 / 21 - 16:26
المحور: الادب والفن
    


اجتمع ابو بكر الخوارزمي الكاتب المعروف مع صاحب المقامات بديع الزمان الهمداني للمناظرة ، فدار بينهما الحوار الاتي : (قال البديع موجها كلامه إلى أبي بكر الخوارزمي : استطيع ان اكتب كتابا إذا فسر على وجه كان مدحا ، وإذا فسر على وجه آخر كان قدحا ، هل كنت تخرج عن هذه العهدة ؟ أو أقول لك : اكتب كتابا تكون حفظته من قبل ان لحظته ، هل كنت تثق من نفسك به إلى ما أطاولك بعد ؟ فقال ابو بكر : هذه الأبواب شعبذه ( الشعوذه : هي خفة في اليد وعمل كالسحر يرى الشي بغير ما هو عليه ) ، فقلت : وهذا القول طرمذة ( المطرمذ : هو الذي يقول و لا فعل عنده أو لا يحقق في الأمور وطرمذ عليه فخر وتكبر).
وقد وظف المستشرق نيكلسون مفردة ( الشعبذة ) في تقييمه لشعر المتنبي عندما قال : ( ومع أن الشعوذة اللفظية التي هي جد جلية في شعره لا يمكن إظهارها في لغة أخرى فان ترجمة للآبيات الآتية يمكن أن تؤخذ كنموذج ملائم بصورة كافية لأسلوبه :
وا حرّ قلباه ممن قلبه شبم ومن بجسمي وحالي عنده سقم )
شعوذة او شعبذة ، كلاهما سواء.. وكما يكشف اللسان صاحبه اذا كان معتوها او عاقلا كذلك يفعل القلم . ومن وسائل كشف الشخصيات في المسرح : الملابس والهيئة والسلوك والماكياج والديكور و الاضاءة والحوار و غيرها ، اي ان المشاهد يستطيع كشف ماهية الشخصيات الدرامية انيا بصرف النظر عن التعريف المسبق الذي يقوم به المؤلف.
والكتابة (مثل القراءة) هي : ممارسة لفعل يكشف عن كيان الكاتب ووجوده المادي والمعنوي ، وبذلك يمكن ان تكون وسيلة من وسائل التعرف على ثقافة الكاتب وعلمه ، ومكانته وسلوكه وهذا ينطبق على الكتابة الورقية والكتابة الالكترونية . ويمكن ان نعد ( الكتابة والقراءة ) الالكترونية ( النشر في الانترنت ) في عصر السايبر نوعا من انواع الالعاب ( Games )التي يمارسها الكبار والصغار دون استثناء ، لذلك ازداد عدد الكتاب والقراء (والقراء والكتاب ، بالمصطلح اللغوي لهما) زيادة مفرطة ولم تستطع ان تنافسهما اية هواية او حرفة او مهنة اخرى (عدا السياسة طبعا) في جذب هذا العدد الهائل من الكتاب والقراء حتى وصل الامر الى ان يرفع شعار : ( كلنا كتّاب .. كلنا قرّاء) ويمكن ان يعكس الشعار الى : ( كلنا قراء ..كلنا كتاب ) .
لكن اغلب تلك الكتابات تمثل الشعبذة اللفظية نفسها فهي بمثابة الرطانة اللغوية والهذيان المرضي ، فلا يستطيع القارئ ان يتواصل مع الكاتب ويتابعه في صياغته للافكار او في اسلوب الكتابة ، و اذا كان نيكلسون قد شكا من صعوبة فهم شعر المتنبي ، لأنه ينتمي الى لغة وثقافة مختلفتين ، فإننا نشعر بالإحساس ذاته في تلقينا لتلك الكتابات التي تكتب بالعربية الكهنوتية.
ربما يقول الكاتب انا حر فيما اكتب ، أنا اكتب بلغة رمزية أو صوفية أو بلغة مشفّرة .. نعم هذا مسموح لك اذا كنت تدون ذلك في موقعك الالكتروني الخاص بك ، فحينها يحق لك ان تتعرى وتخلع ملابسك وتظهر جنونك على نفسك امام المرآة ، حيث لا تنكشف عورتك القبيحة امام الناس في الاماكن العامة ، فهذا التهتك والعري اللغوي وممارسة الشعوذة على الملأ وأمام الناس امر يرفضه الواقع الانساني ويمجه العرف اللغوي ، لانه فعل و انتهاك فاضحين لحرمة اللغة ومشاعرها فضلا عن انتهاك حقوق القراء ، لأنك – يا ايها الكاتب العبقري – قد عكّرت صفو مزاجهم وحرمتهم لذة التواصل ومتعة التأمل ، بسجعك المقزز و مرادفاتك المتنافرة ، تغوّط بعيدا عن انفي ، وتقيّأ في مكان لا يراك ولا يسمعك فيه احد من الناس ، فراع أذواقهم واحترم مشاعرهم.
لقد ولى العصر الذي يقول فيه الكاتب للقارئ : و انت لم لا تفهم ما يقال . واعلم ان هذا عصر القارئ .. عصر الجمهور..عصر المستهلك ، فحسّن بضاعتك وجوّد إنتاجك واجعل اسلوبك مقبولا ، لاسيما وان الانتقاد هنا لا يخص الافكار والمضامين التي تحتويها النصوص بل يتعلق بالصياغة و الاسلوب والمعنى .
واليك ايها القارئ الكريم بعضا من نصوص الشعوذة :
الاول مقتبس من نص روائي:
( و يتجلى الكشف في الغيبوبة والإحضار في التجلي ويصبح مقام القرب مبعث الإلهام حلولا في فيء الروح وترحالا في سماء الانهمار يلامسُ القلق الألق لتولد أنوار الوصل وتتشكل الفكرة من واقع الألم ورحلة التنوير..).
والثاني جزء من مقال :
(سَفه عن عَزْمِ الْأُمُورِ الجوهرية المُلحة وذهول عن قضايا السلم وملح الأرض؛ بفرار بائس مُستطير مُستطيل كبير على شاكلة 18 تشرين الثاني 1963 و 9 نيسان ت. س. أليوت البعث و الولادة الجديدة والأرض اليباب 2003م!.. إلى البحث عن جنس الملائكة في السماء أذكور قوّامون على إناثهم أم تـُرى العكس الجدلي (الذاتي - الموضوعي!)، بحوار بيزنطي مِسخ والمغول على أبواب القسطنطينية و بغداد!.. لتغيير شروط ظهور المُخلص الهادي المشاعي ومراحل المجتمع الآسيوي الريعي غير الإنتاجي أرواحنا وأرواح العالمين لحرث ترابه والبحر الفداءُ!!. تغيير باستقدام قدم العم سام بنابالم فانتوم فيتنام من كوخ العم أوباما/ توم!!).
والثالث فقرة من نص نقدي :
( وتلك الدينامية للخروج من تلك الذاكرة المؤلمة والملذة في أن واحد وصولا لمرحلة احتضار بين الشك واليقين في الكثير من القضايا التي انتهت بهزيمة الإنسان وتراجعه . يبدو أن هناك عوالم أخرى كونية أو وهمية تتملكنا تمارس سطوها ألغرائزي علينا وسطوها المذهبي والعلمي , ومازالت الخرافة الشيء الوحيد الذي نصغي إليه بلذة ألحكي لأنه يعمل على نسج مؤثرات الاحتدام الباطني في لذة الحلم الغير مشروعة والمحرمة . فهل نحن بصدد حلم أو مجموعة أحلام نترجمها على أنها انزياحات طبوغرافية أو فراغات سوسيولوجية متصرفة في عصب الذات الفاعلة ).



#ماجد_عبد_الحميد_الكعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وا أسفاه يا سعيد ! .. لقد صدق المستشرقون ولو كذبوا.
- قطعان الأعراب جريا ..خلف ( يوحنا الدمشقي) ..ومرورا ب (لورنس) ...
- الايديولوجيا وتزييف الوعي : مسلسل وادي الذئاب انموذجا !..


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد عبد الحميد الكعبي - شعبذة الكتابة و طرمذة الاسلوب