حكاية مواطن مصرى إسمه .. -جرجس- !!

مجدى نجيب وهبة

الحوار المتمدن-العدد: 3948 - 2012 / 12 / 21 - 13:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

** المعلم جرجس .. مواطن مصرى .. يعمل فى مجال المقاولات وأعماله البنائية محدودة .. لكى تكفى لإعالة أسرته بالكامل ..

** شرع المعلم جرجس .. فى بناء أرض مملوكة له ولإخوته فى أحد شوارع منطقة "عين شمس" الشرقية .. ولأنه مواطن صالح ، فقد إستكمل كل أوراق بناء العقار من قبل الحى . ولكن لأن إسمه "جرجس" .. فقد دأب ولاد الحلال من المخبرين والحانوتية والمحضرين على تحرير محاضر عشوائية للمواطن "جرجس" ، التى لا يعلم عنها شئ .. وقد شملت هذه المحاضر تحرير مخالفات سرقة إنارة ، والتى قيدت جناية سرقة أموال عامة .. والحقيقة أن الرجل لم يسرق لا أموال عامة ولا كهرباء .. ولكنه ركب عداد إنارة وسحب من الوصلة الرئيسية لديه سلك لإنارة الشقة المجاورة أثناء عملية تشطيبها .. وحررت المخالفة بمبلغ 176.5 جنيه ، (مائة وستة وسبعون جنيها ونصف جنيه) ..

** علم المعلم جرجس بالمخالفة .. وأوصى محاميه بتسديدها .. ولكن يبدو أن محاميه بدلا من تسديد الغرامة وضعها فى جيبه .. وفى أحد الأيام السوداء .. منذ أول أمس .. فوجئ المعلم "جرجس" بطرق شديد على الباب .. وإذ به أمام حملة شرسة من جماعة تنفيذ الأحكام .. يقودها ضابط شرطة ، للقبض على المعلم جرجس .. وإنصاع الرجل لأوامر الضابط ، وجماعة تنفيذ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .. وذهب معهم إلى قسم عين شمس .. ليفاجئ بحكم واجب النفاذ بشهر سجن وغرامة 176.5 جنيه ..

** ولأن المعلم جرجس رجل كبير فى السن .. ويعانى من مرض السكر .. وتحدث له غيبوبة بين حين وأخر .. فقد توسل لضابط الشرطة أن يدفع الغرامة مضاعفة ويعطوه فرصته لإستئناف الحكم الصادر ضده بالحبس .. ولكن يبدو أن قسم عين شمس ، قد وجد أن الإنضباط الأمنى لن يتحقق فى الوطن إلا بعد حبس المعلم جرجس ووضعه فى حجز القسم .. والسماح له بعمل الإستئناف وهو داخل الحجز .. كما أعلن ضباط القسم تمسكهم بالمواطن "جرجس" ، وتطبيق القانون .. وأعلنوا أنهم لن يستطيعوا أن يتركوه يرحل وأن هناك حكم صادر وجنائى .. بل والكارثة أن المعلم جرجس فوجئ أنه حرر ضده 22 مخالفة صدرت ضده أحكام بالغرامة والبعض مازال معروض أمام المحاكم .

** هذه هى قصة المواطن "جرجس" .. الذى مازال محبوسا فى قسم عين شمس .. وقام بإستئناف الحكم وتحدد له جلسة الخميس القادم .. لتقديم ورقة التصالح بينه وبين إدارة الكهرباء ..

** وسؤالنا هنا .. أولا لإدارة الكهرباء ، قسم المباحث .. هناك ألاف المحاضر التى تحرر ضد مواطنين بسطاء ، ومبالغ رهيبة .. وتحال هذه المحاضر إلى المحكمة التى تحكم بالحبس .. فهل يدرك قسم تنفيذ الأحكام ومباحث الكهرباء أن هناك ألاف البائعين الجائلين بروكسى وميدان الجامع يسرقون الكهرباء من الأعمدة .. وإذا لم تصدقوا .. فيكفيكم زيارة واحدة فقط لميدان الجامع ، وحملة مسائية .. ستشاهدوا مخالفات صارخة منذ 25 يناير وحتى الأن ..

** نحن لسنا ضد تطبيق القانون .. ولكن ما الذى تغير منذ عهد مبارك حتى الأن .. فقد إنتقلنا من السيئ إلى الأسوأ .. فهل يعقل أن يساق مواطن ويحبس داخل سجن القسم لمجرد وجود غرامة عليه بمبلغ 176.5 جنيه .. وتظل حريته مقيده حتى يعرض على المحكمة لتسديد هذه الغرامة التى أوقعت عليه شهر سجن لعدم تسديدها .. هل يعقل أن تهان كرامة إنسان نظير هذا المبلغ الذى حكمت به المحكمة ، فى الوقت الذى أهدرت فيه المليارات منذ 25 يناير 2011 وحتى الأن .. وفى الوقت الذى دفعت فيه بعض الدول المليارات لإسقاط هذا الوطن منذ 25 يناير وحتى الأن .. ونحن نتغاضى عن كل هذا ، لنبحث عن المواطن جرجس الذى لم يسدد غرامة لم يكن يعلم بها تبلغ 176.5 جنيه ..

** ثم دعونا نتساءل .. عندما يعتصم جماعات سلفية وميليشيات الإخوان فى بعض الميادين .. ألم يسألهم أحد من أين تسرقون الكهرباء لعمل المنصات وتوصيل الإضاءة لبعض الخيام ..

** أين قسم تنفيذ الأحكام من قضايا الإرهاب .. وأين المحاكم والقضاة من قضايا طمست بفعل فاعل رغم أنها جرائم قتل مصريين .. والإعتداء على الأموال العامة وحرق منشأت .. ماذا تم أيها القضاة وضباط الشرطة فى قضايا قتل المتظاهرين وأخر هذه الجرائم ما حدث أمام قصر الإتحادية بمصر الجديدة ..

** ماذا تم أيها القضاة بشأن سقوط شهدائنا من القوات المسلحة وقوات الشرطة على أيدى منظمات إرهابية حمساوية .. أين ملفات حرق الأقسام وتحطيم أسوار السجون .. أين ملفات من هربوا من السجن فى 28 يناير ، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية "محمد مرسى العياط" .. ود. "سعد الكتاتنى" ، ود. "عصام العريان" ، و"محمد البلتاجى" .. هل كل هذه القضايا لا تستحق المتابعة وتنفيذ الأحكام الصادرة ضد البلطجية .. ولماذا أفرج عن أحد أنصار الشيخ "صلاح أبو إسماعيل" ، رغم أنه ضبط ومعه سلاح ألى ، وعدد 150 رصاصة فى منزله ..

** هل القضاء والشرطة الأن لا يجدون سوى أمثال المعلم جرجس .. بسرعة محاكمتهم وضبطهم ، رغم ضألة مبلغ المخالفة ، وبساطة المخالفة ..

** هل هذه هى مصر التى ننزلق إليها سريعا .. وهل الأحكام وتنفيذها أصبحت تفعل بصرامة شديدة حسب الهوية الدينية للمواطن .. هل هذه هى مصر بعد 25 يناير .. اللهم إرحمنا يا أكبر الراحمين .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..

#مجدى_نجيب_وهبة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات