أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عادل الامين - سيرة مدينة:ملالا الباكستانية وسكينة السودانية














المزيد.....

سيرة مدينة:ملالا الباكستانية وسكينة السودانية


عادل الامين


الحوار المتمدن-العدد: 3912 - 2012 / 11 / 15 - 10:16
المحور: سيرة ذاتية
    


سيرة مدينة سلسلة تداعيات امتدت الى عشر سنوات في هذا الموقع ومواقع اخرى..تحكي عن اناس من بلاد كوش حيث حفيف الاجنحة والانهار العظيمة ،طمست اسمائهم ولكنهم ظلو يشعون كاليورانيوم عبر السنين، قد وضعو بصماتهم في وجدان ناس اخرين..الحديث عن كائنات الرمال الممتدة بين كرمة وكريمة يطول...ولكن شقيقتي د.سعاد ارادت ان ترفد هذه السيرة بحكاية عمتنا سكينة التي انطفات كالشمعة في ريعان شبابها ودخلت في السديم الرمادي الذى يسمى الموت وتركت خلفها حكايات يجب ان تروى
Quote:


حُروفٌ على الأرض

كانت العمة سكينة فتاةًهادئةً، مُتصالحة مع نفسِها، ينعكسُ ذلك فى محيطها الأُُسرى، والمجتمع من حولها ،كأن الله قد أرسلها لتخدم الناس بلامقابل، فأحبها الناس بلاحدود، كانت كالملاك تمشى على الأرض. تحفها هيبةً الطيبةً. لم يعبس جبينها فى وجه أحد يوماً فكانت طَلَقة المحيّا.جلّ وقتها فى القراءة، توفى والدها الذى كان يعمل حارسا أمام بوابة السكك الحديد فى مدينة الحديد والنار(عطبره). رجعت مع والدتها للقرية ولم تكمل تعليمها الأوسط فى المدرسة الإنجيلية التى تعلمت فيها العلم والأخلاق.
إفتقدت سكينة مَدرسَتها ومُعلماتها وصُويحباتها، وبدأت حياة القرية الشاقة. تنهض من نومها مبكرة عند آذان الفجر، لتأتى بالماء من البئر الكائنة فى وسط القرية. وعند شروق الشمس تمتطى حمار أختها الكبرى سِعدة ،التى كانت تعتنى بشئون المنزل، ومساعدة الجَدّات المُسِنات القاطنات فى حوش أحمد الامين، الذى ورثت ابنته سكينة المحبة والتفانى فى مساعدة الناس . تذهب سكينة عند شاطئ النيل،حيث أشجار النخيل الباسقة، والحدائق الغنّاء والخضرة الممتدة ،وصوت هدير وابور رفع المياه تك...تك...تك.وتندفع المياه تشق طريقها عبر الجداول لتروى الحقول. تجتمع فتيات القرية فى تلك الساعة المبكرة يحتطِبن ويحصدن ويسقيّن الزرع ويمضى الصباح وهن مسرورات بالمزارع والأشجار وصوت القمارى. يمرحن ويضحكن دون ضجر من الأعمال الشاقة التى يقمن بها، رغم صِغر أعمارهن وفقدهن للأبجدية.عندما ينتهى العمل فى الزراعية ينطلقن الى بيوتهن، يقتلن الوقت بالأعمال المنزلية الأخرى.هكذا كنّ صغيرات وأحلامهن صغيرة. ومطالبهن قليلة، كل ما يبحثن عنه هو إرضاء الأسرة والعمل على راحة أفرادها وخاصة الذكور.
كانت سكينة تشعر بالحزن، لأن الفتيات لم يتلقين تعليما ولايقرأن ولايكتبن مثل الأولاد فى أعمارهن، الذين يذهبون الى شيخ الخلوة ليتعلموا الكتابة وحفظ القران.كانت سكينة لاتتخيل أن يحرم إنسان من نعمة التعليم فطرحت عليهن فكرة: أن يأتين لها فى المنزل لتمحو ُأُميّتهن ما استطاعت لذلك سبيلاً.لم تكن فى القرية أوراق أو أقلام أ وأى وسيلة من وسائل التعليم تساعد فى محو الأمية الأبجدية.
فى حجرة خالية من الأثاث، فى منزل سكينة، جلسن على الأرض مُصطفّات وق فرشن رملاً ناعماً أمامهن. كانت سكينة تكتب لكل واحدة الحرف على الأرض، وتنطقه لهن وتجعلهن يمررن أصابعهن على الحرف، حتى أكملت الحروف الأبجدية، وبعدها بدأت بكتابة الكلمة، والجملة، على صفحة الرمل المفروش على الأرض.
نقبت سكينة فى حاوية كتبها التى أتت بها من المدينة. فوجدت كتاب يسمى مفتاح المعرفة، يصلح للمطالعة الأبتدائية فى محو الأمية فصارت تقرأ لهن منه ثم يتداولّنه حتى حفظنه .
تعليم الفتيات فى القرية فى منزل سكينة،كان فتحا مبينا لأهلهن، إذ صرّن يكتبن الرسائل لذويهن ويقرأن الوارد من المدينة دون اللجوء لشيخ الخلوة أو تلاميذه وبذلك حفظن أسرار أُسرهن.
كانت الفتيات يطلقن على تلك الحجرة ـالمُنتبذة ركنا قصيًا فى حوش أحمد الامين ، مدرسة سكينة وكنّ فى غاية السعادة والفرح ،عندما تخرجن بإحتفال بسيط دعت فيه سكينة أهالى القريه لتشرح لهم أهمية تعليم الفتيات، وإن صفحة الأرض يمكن أن تكون كراسة ،وإن الأصبع يمكن أن يكون قلمًا لا عذر لشخص أمىّ ينتظر أن ياتيه التعليم عند داره.
تناقل أهل القرية خبر مدرسة سكينة، سمعت بها إدارة التعليم فى المدينة فأرسلت فى طلبها. وبالرغم من إنها لم تكمل تعليمها فقد أزالت أمية فتيات القرية. فنالت بذلك تدريبا فى المدينة من إدارة التعليم حتى تعود للتدريس فى المدرسة الصُغرى للفتيات فى قريتها. بعد أن رأت الإدارة مدى إقبال فتيات القرية على التعليم.
عادت سكينة تحمل شهادة المعلمة وانتشر الخبر فى القرية وانتظر الأهالى البدء فى بناء المدرسة .
إجتاح القرية وباء الكوليرا وكانت المعلمة سكينة ضحيته، فقد أغمضت عينيها وأسلمت روحها الطاهرة فى أثناء نومها وكان رحيلها الهادئ مصدر تعجب وترحم من أهل القرية، حدث ذلك قبل تنفيذ بناء المدرسة وعندما زار وفد التعليم القرية ليسلمها المدرسة، فوجئ بخبر رحيلها المفاجئ. لقد بكت عليها القرية والفتيات والأرض التى صيّرتها كتابا.
إنطفا أمل الفتيات فى مواصلة مسيرة تعليمهن. ولم تكتمل المدرسة الصُغرى ،وانتهى عهد مدرسة سكينة التى حملت شعلة تعليم الفتيات عمرًا قصيرًا، وظلت مدرستها مفتوحة فى قلوب الجميع، وفى قلب كل فتاة علمتها حرفًا، هكذا الخالدون المجهولون يأتون الى الحياة خِلسة، ويزيّنوها بفضائل أعمالهم، ويرحلون فى صمت دون ضجيج. لا أعلام ترفرف لهم ولا أضواء تُسلط عليهم هكذا يرقدون فى هدوء وسلام. لقد أكملت سكينة رسالتها فى عمرٍ قصيٍر.وظلت حاضرة حتى فى غيابها....
تمت
(لها الرحمة عمتى سكينة أحمد الأمين)عبرت الحياة كالطيف...ومازالت مدرسة سكينة نغم عزفه الزمن الجميل...
قصة واقعية.مازلت متأثرة بها رغم مرور الزمن.فماذا كانت ستضيف لقريتها لوكانت مازالت على قيد الحياة.
د.سعاد محمود الامين
الإهداء لمحاسن مصباح وسعاد أحمد الدابى
صديقاتها ......فى الطفولة
عطبره



#عادل_الامين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتخابات امريكا والطريق الطويل الى الامم الحرة
- التصالح مع الهوية السودانية هو مفتاح العبور للقرن21
- الاخوان المسلمين ومازق الشريعة في السودان
- احتضار الراسمالية الاحتكارية
- الازمة الفكرية للربيع العربي
- اذا كانت فضائية الجزيرة تحترم السودانيين حقا !!
- صدام ثيران البايسون
- السودان والطريق الطويل الى الديموقراطية
- هل ابتدا سباق المسافات الطويلة في مصر؟؟
- الحرب الباردة الجديدة
- الدكتور شاكر خصباك من رواد الليبرالية العربية
- هكذا تكلم محمد ابراهيم نقد
- مجموعة قصصية :خيال مآتة برتبة جنرال
- آفاق المرأة والحركة النسوية بعد الثورات العربية
- الطريق الثالث ..!
- السودان بين رماة الحدق والغوغائية المطلقة
- شفرة ابن عربي
- زهور بابل ....رواية
- هكذا تكلم نيلسون ما نديلا
- اسرائيل ودولة جنوب السودان


المزيد.....




- مصممة على غرار لعبة الأطفال الكلاسيكية.. سيارة تلفت الأنظار ...
- مشهد تاريخي لبحيرات تتشكل وسط كثبان رملية في الإمارات بعد حا ...
- حماس وبايدن وقلب أحمر.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار ...
- السيسي يحذر من الآثار الكارثية للعمليات الإسرائيلية في رفح
- الخصاونة: موقف مصر والأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين ثابت
- بعد 12 يوما من زواجهما.. إندونيسي يكتشف أن زوجته مزورة!
- منتجات غذائية غير متوقعة تحتوي على الكحول!
- السنغال.. إصابة 11 شخصا إثر انحراف طائرة ركاب عن المدرج قبل ...
- نائب أوكراني: الحكومة الأوكرانية تعاني نقصا حادا في الكوادر ...
- السعودية سمحت باستخدام -القوة المميتة- لإخلاء مناطق لمشروع ن ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عادل الامين - سيرة مدينة:ملالا الباكستانية وسكينة السودانية