أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - اليوم الدولي للقضاء على الفقر















المزيد.....


اليوم الدولي للقضاء على الفقر


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 3880 - 2012 / 10 / 14 - 23:20
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


أجرت الصحفية بجريدة المنعطف السيدة بشرى عطوشي حوارا مع عبد السلام أديب على هامش تخليد اليوم الدولي للقضاء على الفقر والذي يصادف هذه السنة يوم الأربعاء 17 أكتوبر 2012، وقد جاء الحوار كما يلي:


• المغرب والعالم أيضا يعرف تغيرات كبيرة على جميع الأصعدة وكلما تطلعنا للأفق وفي ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وهشاشة خطط التنمية وتأزم الوضع الاقتصادي العالمي والمحلي أيضا، كلما رأينا أن رقعة الفقر تتسع بشكل كبير، ما تعليقكم؟

•• سؤالك يوحي لي بمستويين من الاجوبة لفهم ما يحدث من ارتفاع في الأسعار وغلاء المعيشة وهشاشة خطط التنمية وتأزم الوضع الاقتصادي العالمي والمحلي واتساع رقعة الفقر، المستوى الأول يتعلق بفهم حقيقة المرحلة التاريخية التي تمر منها البشرية والتي تفرز لنا هذه المظاهر، المستوى الثاني، يتعلق بفهم ما يحدث في بلادنا حاليا على ضوء ما يسمى بالربيع الديموقراطي، وطبيعة تعاطي الحكومة مع الازمات الاقتصادية والسياسية السائدة المولدة للفقر.

بالنسبة للمستوى الأول تؤكد جميع المؤشرات على أن العالم يعيش منذ سنة 1914 في مرحلة انهيار تدريجي لنمط الانتاج الرأسمالي، أبرز معالمه تتمثل في دورة - أزمة - حرب - اعادة البناء ثم ازمة فحرب فإعادة البناء، على الشكل التالي:

- 1914 – 1918 الحرب العالمية الأولى والتي جاءت عقب ازمة اقتصادية خانقة (ازمة الانتاج الزائد) والتي دامت أربع سنوات ونتج عنها 24 مليون قتيل؛

- 1919 – 1929 مرحلة اعادة بناء ما دمرته الحرب نجحت فيها الولايات المتحدة الامريكية في ان تصبح أكبر قوة اقتصادية عالمية؛

- 1929 – 1938 نهاية اعادة البناء وانفجار أزمة جديدة غير مسبوقة ، ومنذ سنة 1934 بدأت جميع البرجوازيات تقوي رأسمالية الدولة لمعالجة الأزمة سواء في ألمانيا أوايطاليا الفاشيتين أوالاتحاد السوفياتي، أو عبر تطبيق النيو ديل في الولايات المتحدة الأمريكية أو مع الجبهة الشعبية في فرنسا، لكن منذ سنة 1938 بدأت أزمة اقتصادية عالمية جديدة تنفجر، وفي سنة 1939 أعلن هتلر الحرب العالمية الثانية تحت شعار "على ألمانيا أن تصدر أو أن تموت"، وهو ما يؤكد أن الأزمة هي ازمة الانتاج الزائد وان البرجوازية المهيمنة لم تعد تجد منذ 1914 اسواقا غير رأسمالية للتوسع على حسابها، فكان لا بد للامبرياليات ان تحل تناقضات بعضها على حساب البعض الآخر.

- 1939 – 1945 انفجار الحرب العالمية الثانية التي دامت ست سنوات وتسببت في مقتل 50 مليون نسمة، وباستثناء الولايات المتحدة الامريكية فان جميع المراكز الرأسمالية طالتها الحرب والتدمير؛

- 1945 – 1967 مرحلة اعادة البناء حيث انتظم العالم في معسكرين متنافسين. وحيث أصبحت الحرب بين المعسكرين دائمة من خلال النزاعات المحلية في البلدان المتخلفة وتحت راية حركات التحرر الوطني، بينما استمر الانتاج الحربي أهم مكون لصناعات الدول المتنافسة؛
- 1965 – 1967 عرفت مرحلة انتهاء اعادة البناء وتحول الدول الأوروبية الى دول صناعية مصدرة تنافس الولايات المتحدة الأمريكية في الأسواق العالمية، ومن جديد اصبحت الاسواق غير قادرة على استيعاب الانتاج الزائد وتحقيق المزيد من الارباح؛

- 1971 – 1973 مرحلة انفجار ازمة تضخم الكساد Stagflation الطويلة الأمد، نتيجة الانتاج الزائد والتضخم المتولد عن طبع الولايات المتحدة لكميات هائلة من الدولار بدون مقابل اقتصادي من اجل تمويل مجهودها الحربي في الفتنام وهو ما سينتهي الى فك ارتباط الدولار بالذهب سنة 1971. و ستتخلل هذه المرحلة منذ ذلك الحين والى اليوم العديد من الاحداث الناجمة عن محاولات معالجات ترقيعية لازمة الانتاج الزائد، سواء من خلال افتعال المنازعات المسلحة أو من خلال اغراق الدول المتخلفة بالديون لكي تستهلك منتوجاتها الصناعية الزائدة وبالتالي اجبارها على اعتماد سياسات التقويم الهيكلي والليبرالية الاقتصادية لفتح اسواقها والهيمنة على قدراتها الاقتصادية. وقد عرفت هذه المرحلة انهيار سور برلين وتوحد الالمانيتين وتفكك الاتحاد السوفياتي نتيجة عدم قدرة رأسمالية الدولة السوفياتية على منافسة المعسكر الغربي وتفكك المعسكر الشرقي السابق اضافة الى حروب الخليج الأولى وحرب البوسنة والهرسك والحرب ضد افغانستان ثم حرب الخليج الثانية. هذا عدا الغليان الاجتماعي الذي تشهده منذ 2008 حوالي 75 دولة من بينها الغليان المغاربي والعربي ابتداء من سنة 2011 والمعروف بالربيع الديموقراطي.

وتؤكد هذه الوقائع التاريخية أن نمط الانتاج الرأسمالي لا يتطور بشكل طبيعي منذ سنة 1914، بل تعترضه فرامل قوية تبرز على الخصوص في اختفاء مناطق غير رأسمالية للتوسع على حسابها، وهذا على عكس تطور الرأسمالية منذ القرن 16 الى سنة 1914 حيث لم تكن هناك كوابح تقف في وجه التوسع الرأسمالي فكانت الحملات الاستعمارية احدى اساليب هذا التوسع. فاذا كانت المرحلة السابقة مرحلة صعود النظام الرأسمالي فإن المرحلة التي تبدأ سنة 1914 وهي مرحلة امبريالية بامتياز يمكن اعتبارها مرحلة احتضار نمط الانتاج الرأسمالي حيث أصبح يعيش هذا النظام فقط في اطار دوامة دورة أزمة - حرب - اعادة البناء ثم أزمة فحرب فاعادة البناء. كما واكب هذا الانحدار التاريخي للرأسمالية تطورا آخر في أشكال الهيمنة البرجوازية من أجل الحفاظ على نمطها الانتاجي المحتضر، ومن بين أهم هذه الأشكال داخليا، تقوية رأسمالية الدولة الاستبدادية(ديموقراطية برجوازية على المقاس) وهيمنتها الداخلية على الاحزاب السياسية والمركزيات النقابية حتى لا تسمح بأي ثورة للحركة العمالية جراء الاستغلال البشع الذي تمارسه عليها. أما خارجيا فقد طورت الامبريالية ترسانتها الحربية وهيمنتها على كافة مصادر الانتاج والتوزيع والتمويل والاسواق. ومن خلال هذه الهيمنة الداخلية والخارجية برز تناقض صارخ بين قوى الانتاج الهائلة المتحكم فيها عالميا ومحليا من طرف البرجوازية وعلاقات الانتاج المختلة سواء بين الطبقة المنتجة أي الطبقة العاملة من جهة والطبقة المالكة لوسائل الانتاج وهي البرجوازية من جهة أخرى أو بين الدول الرأسمالية الامبريالية الكبرى من جهة والدول المتخلفة التابعة من جهة أخرى.

ان النتائج الكارثية الانسانية لنمط الانتاج الرأسمالي تتفاقم منذ سنة 1914 نتيجة هذا الاحتضار والتي تتجلى في مظاهر الافقار المدقع المنتشر المتزايد على الصعيد العالمي على الرغم من قوى الانتاج المتطورة جدا والتي بإمكانها ان توفرت الارادة لذلك اشباع كافة الحاجيات الانسانية ومحو الفقر نهائيا من العالم، لكن منطق الربح الرأسمالي وقانون القيمة المرتبط به يبعدها عنوة عن القيام بهذه المهمة، حيث يتم تدمير الأطنان من الأرز والذرة والقهوة حتى لا تنخفض قيمتها. وقد أشارت منظمة التغذية والزراعة في تقريرها لسنة 2012 الى بلوغ عدد الجوعى في العالم الى 870 مليون نسمة.

وإذا كان تفسير ما يحدث على الصعيد العالمي يكمن في ظاهرة احتضار نمط الانتاج الرأسمالي، فإن تفسير ما يحدث من افقار وتجويع وتدهور ترتيب المغرب في سلم التنمية البشرية نحو مرتبة 130 رغم اعتماد ما يسمى بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ سنة 2005 وأن الجوع أصبح يهدد حياة مليونين من المغاربة حسب آخر الأرقام الرسمية لتقرير منظمة التغذية والزراعة لهذه السنة، بالرغم من الضجة الكبيرة المفتعلة بخصوص مشروع المغرب الأخضر منذ سنة 2008، نراه يخضع لنفس الأسباب. ومن بين هذه الأسباب تبعية المغرب للمخططات الامبريالية، وحيث خضع نتيجة أزمة مديونيته المفرطة في أواخر عقد السبعينات الى برامج التقويم الهيكلى الهادفة الى تكييف القدرات الاقتصادية الهائلة للمغرب مع شروط تراكم رأس المال المحلي والدولي على حساب الطبقة العاملة.

فلتلبية شروط تراكم الرأسمال المحلي والعالمي ومعالجة ازمته الخانقة تم فرض تخلي الدولة عن أي تدخل اقتصادي أو اجتماعي وبالتالي استبدال هذا التدخل بإطلاق يد رأس المال لفرض منطقه القائم على الربح. ففي مجال الفلاحة مثلا تم تحطيم زراعة الاكتفاء الذاتي المتعددة الانواع لفائدة الزراعة الوحيدة الموجهة نحو التصدير على حساب الامن الغذائي في الوقت الذي يؤكد فيه جميع الاقتصاديين على قدرة الأراضي الفلاحية المغربية ومياهه الاقليمية على تغذية مجموع ساكنة العالم المغاربي والعربي، فبسبب الانتاج الوحيد الموجه للتصدير انعدمت الاراضي الخصبة المخصصة لإنتاج المواد الغذائية الاساسية للمغاربة، وبدأت الحكومة في استيرادها اعتقادا منها ان ستستمر الى ما لا نهاية تستورد هذه المواد بأسعار بخسة. لكن هيمنة المنطق الرأسمالي على الانتاج الفلاحي العالمي أدى الى المضاربة على هذه المنتوجات في المستقبل لمدى عقود مما ادى الى ارتفاع اسعارها في السوق الدولي ويفسر هذا جزئيا عجز الحكومة عن تلبية السوق الداخلي من هذه المواد.

خلاصة ما سبق هي ان الوضعية الكارثية للفقر والجوع في العالم وفي المغرب تعتبر في رأيي نتيجة لاحتضار نمط الانتاج الرأسمالي طويل الأمد ونتيجة لمحاولة الامبريالية تشديد استغلالها للطبقة العاملة وللشعوب المضطهدة أينما وجدت ومن بينها بلادنا، من أجل معالجة أزمتها كما أن السياسات التبعية للمسؤولين في بلادنا بالإضافة استشراء الفساد والتسامح معه كرس هذه الكوارث اكثر رغم القدرات الاقتصادية الطبيعية الهائلة للمغرب.

ولاحتواء الغليان والتمردات الشعبية والحركة العمالية المنتفضة محليا وعالميا، تبدأ البرجوازية المهيمنة في اعمال ذكائها من اجل الحاق الهزيمة بالحركة العمالية والابقاء على هيمنتها وتشديد استغلالها. ومن بين أهم الوسائل لحفاظ الامبريالية على هيمنتها افتعال الحروب لمعالجة الأزمة على ريعها، وقد ظلت الحروب منذ الحرب العالمية الأولى سواء كانت عالمية أو محلية احدى أدوات الامبريالية للمحافظة على هيمنتها. لكن حتى تتمكن اجهزة الدولة الامبريالية من تعبئة الطبقة العاملة ايديولوجيا لجرها كالخرفان نحو المجازر الحربية فإنها تلجأ الى حزمة من الخدع الايديولوجية ومن بينها تحفيز النعرات الوطنية والاعتماد في الكثير من الاحيان على الوازع الديني.

ان ما حدث ويحدث في البلدان المغاربية والعربية يشكل مثالا حيا لاستعمالات الامبريالية والكومبرادور للنعرة الوطنية الشوفينية وللوازع الديني الخرافي للحد من المد الانفجاري الشعبي كرد فعل على تعمق الازمتين الاقتصادية والسياسية وأيضا لخنق الوعي الطبقي المترعرع في المهد وبالتالي الحاق الهزيمة من جديد بالحركة العمالية التحررية.

ان وعي الحركة العمالية بمخاطر الاستعمال الايديولوجي للنعرات الوطنية وللوازع الديني في الظرفية الحالية من الأهمية بمكان لمقاومة محاولات الامبريالية لجر الحركة العمالية من جديد نحو حروب مدمرة تعيد الحياة للإمبريالية وتلحق الهزيمة بالكادحين. ولعل أول واجهات التصدي للتجييش الايديولوجي هو رفض الحروب التي تحضر لها الامبريالية ودعم الشعوب للتخلص من الفساد والاستبداد والتأكيد على أن ما يحدث حاليا في العالم من انحدار لولبي نحو المجاعات والفقر والازمة هو بسبب احتضار نمط الانتاج الرأسمالي والذي يعمق حالة تفكك المجتمعات وتحلل القيم والتضامن وسيادة البربرية. الخيار أمام الحركة العمالية العالمية والمحلية هي اليوم أكثر من أي وقت مضى، اما الحروب والبربرية والهمجية أو الثورة العمالية الاشتراكية.



• هل تظنون أننا نتقدم في محاربة الفقر؟

•• في ظل السياسات الليبرالية التبعية المعتمدة والتي لم تنتج طيلة 56 سنة سوى المزيد من البطالة والفقر والازمة، فإن السياسات التي يتم اعتمادها يوميا تسير على عكس الشعارات المرفوعة التي تدعي محاربة الفقر. فالرفع من أسعار المحروقات ومختلف أسعار المواد الاساسية واستهداف صندوق المقاصة واستمرار اتجاه الاقتصاد المغربي نحو الخارج مع تجاهل تام للسوق الداخلي واعتماد سياسات تقشفية، لن تؤدي سوى الى المزيد من الفقر والبطالة والتهميش، علما ان السياسات التقشفية المتبعة المطبقة على الكادحين فقط تستهدف المحافظة على أرباح الشركات الرأسمالية المحلية والدولية على حساب الطبقة العاملة والتي عليها ان تقدم كافة التضحيات، بل أن وقاحة خدام البرجوازية بلغت درجة عفوها عن ناهبي المال العام تحت الشعار الذي أطلقه رئيس الحكومة عبد الالله بنكيران"عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه".

• اليوم قروض الاستهلاك وقروض العقار وقروض أخرى من نوع آخر، هي أيضا كانت وسيلة من وسائل التفقير في كثير من الحالات ألا توافقونني الرأي؟

•• بالطبع متفق معك، علما أن النظام الرأسمالي منذ الحرب العالمية الثانية وهو يعيش على الاستدانة لفبركة أسواق مصطنعة لاستيعاب الانتاج الزائد وهو ما يمكن تسميته "بالنمو بواسطة المنشطات". ونلاحظ اليوم أن الأزمة التي تعصف بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية واليابان أساسها الاستدانة المفرطة للدول وللشركات وللعائلات. فهذه الجبال من المديونية التي يستحيل على هذه الدول الوفاء بها هي التي ستفرض على الامبريالية تفجير حرب جديدة ربما ضد ايران أو فنزويلا أو حتى ضد الصين، وذلك من اجل التخلص من هذه المديونية من خلال ريع هذه الحروب والتخلص من المخزون الهائل غير المنتج من الاسلحة والتخلص من اليد العاملة الزائدة التي لا تجد لها منافذ للشغل.

فالمديونية أصبحت تشكل آلية ضرورية تمكن الرأسمالية من ضمان اسواق يتم تنشيطها من اجل امتصاص انتاجها الزائد لكن لكل مديونية نهاية لا يمكن تجاوزها.

وقد تطورت المشتقات المالية الخاصة بالاستدانة بشكل واسع، حيث شاهدنا الولايات المتحدة منذ بداية عقد الثمانينات تتوسع في اشكال الائتمان ومشتقاتها حيث يمكن للفرد أن يستدين بسهولة بواسطة بطائق ائتمان متنوعة لكي يشتري أي شيء، فتمكن هذه الاستدانة الفرد إذن من الاقبال على الاستهلاك بينما تقلص هذه السهولة من امكانية المطالبة برفع الاجور. لكن تفاقم مديونية الافراد والعائلات خاصة بالنسبة للاستدانة من أجل اقتناء العقارات من قبل طبقة عاملة هشة ذات مداخيل ضعيفة بلغ تعدادها سنة 2007 مليونين من المستدينين أدى في نفس السنة الى انفجار ازمة ما يسمى بالسوبرايم وبانهيار كبريات الابناك الدولية وشركات التأمين بسبب ذلك وكان لها انعكاس كبير في تفجير كساد عالمي جديد لا زال مستمرا الى اليوم.

بالنسبة لقروض الاستهلاك في المغرب فقد عرفت هي أيضا توسعا هائلا جعل الآلاف من ذوي الدخل المحدود يقبلون عليها لسهولة الحصول عليها، لكن الافراط في الاستدانة أدى الى تآكل قيمة الأجور وتدهورها، مما أدى الى فقدان العديد من ذوي الدخل المحدود امكانية اشباع حاجياتهم الاساسية في التغذية واللباس والتطبيب والتعليم. وقد أصبحت هذه الظاهرة متفشية على الخصوص بين الموظفين والطبقة العاملة واحدى اسباب افقارهم.

على العموم فان القروض الاستهلاكية نهب اضافي للبرجوازية من أجور ذوي الدخل المحدود الضعيفة أصلا والتي لا تتعادل مع كمية العمل المقدم. لذلك فان الهدف المتوخى من توسيع القروض الاستهلاكية والمتمثل في تحفيز الزيادة في الاستهلاك، لا يتحقق في نهاية المطاف نتيجة تآكل الاجور فيتحول بدلا من ذلك الى نقص في الاستهلاك.


• الحكومة الحالية جاءت بصندوق التماسك الاجتماعي وأتت ببدائل يقال أنها ستكون العصا السحرية لحل معضلة الفقر إلا أن الجميع يقول لن تحل هذه الخطط والبرامج المشكل بقدر ما تعقده، خاصة وأنها تجد لحدود الساعة صعوبة في إصلاح صندوق المقاصة وتجد صعوبة في إقناع فئات عريضة من المجتمع المغربي ببرامجها التي اعتبرت فارغة المحتوى، كيف يمكن تدبير ومحاربة ظاهرة الفقر خاصة وأنها لحدود الساعة لم تدبر أي ملف من الملفات الاجتماعية و الاقتصادية الكبيرة؟

•• حزمة السياسات المعلنة من طرف الحكومة نصف الملتحية لن تحل مشكلة فقر المغاربة بل على العكس من ذلك ستعمل على تكريسها نظرا لما تريد أن تخفيه من اجراءات لا شعبية. فتلك الاجراءات الشكلية المحدودة التأثير بل والمطبقة بشكل كارثي. من هذه الاجراءات المعتمدة على سبيل المثال الخدمات المفروض تقديمها لمن يحمل بطاقة الرميد من اجل العلاج المجاني، فقد لاحظنا بالملموس كيف تؤخر بالنسبة للمعنيين بالأمر مواعيد رؤية الطبيب والحصول على سرير في المستشفى وبالتالي تلقي العلاجات اللازمة مع فرض شراء الادوية حيث قد يقضي المريض مدة ثلاثة اشهر قبل ان يعرف نوع المرض الذي يحمل والانتظار الطويل ايضا لإجراء الفحوصات اللازمة وعملية الكشف ثم العلاج، بل يعمد الطاقم الطبي العمومي الى تيئيس المريض لمغادرة المستشفى دون علاج هذا عدا عن الارتشاء المتفشي وسط طاقم التمريض والطاقم الطبي.

ان الهدف الحقيقي من الاعلان عن اتخاذ تلك الاجراءات ومواكبتها بحملة دعائية في الراديو والتلفزة رغم هزالتها في الواقع هو من اجل تبرير اجراءات اعدام صندوق المقاصة ومجانية التطبيب والتعليم وتطبيق حقيقة الاسعار ومراجعة انظمة التقاعد في اتجاه تقليص الاستفادة ورفع الاقتطاع وسن الاحالة على التقاعد وهو ما سيؤدي الى موجة من الغلاء لا قبل للمواطن محدود الدخل عليها وهو ما سينعكس في تعمق ظاهرة الافقار.

• الوقت يمر بسرعة والشهور تتوالى والسنين أيضا تمر بسرعة البرق والفقر لازال لم يبارح مكانه بالمجتمع أو لربما اتسعت رقعته أكثر، هل تظنون أن استشراء الفساد واقتصاد الريع هما من بين أسباب ارتفاع نسبة الفقراء بالمغرب؟

•• ان استشراء الفساد واقتصاد الريع هما مؤشران اضافيان يؤكدان على تفكك المجتمع وتحلله الناجم عن احتضار النظام الرأسمالي عالميا ومحليا نتيجة ازمته الهيكلية. فهذه الازمة المتواصلة والتي تجعل البرجوازية تلتجأ الى مختلف الأساليب الدنيئة لتشديد استغلالها للكادحين ونهب المال العام، تؤدي في المقابل الى الهشاشة المادية والمعنوية لعموم الكادحين مما يدفعهم ايضا الى انتهاج أساليب دنيئة ايضا لتقوية وضعيتهم المادية الهشة، وهنا نصبح أمام وضعية من التحلل الاخلاقي والتفكك المجتمعي القائم على السرقة وخيانة الامانة والارتشاء والفساد واستغلال النفوذ. وبطبيعة الحال فإنه في بيئة مثل هذه يتفاقم الفقر والجوع والظلم وتنعدم انسانية الانسان واخلاقه.

الاشكالية إذن تكمن في ان هذه المرحلة التي يعيشها نمط الانتاج الرأسمالي لا حل لها، بل تدخل البشرية فقط في نفق طويل من التحلل والتوحش، الا إذا برز وعي قوي بأن نمط الانتاج الرأسمالي يدفع بالفعل الانسانية نحو الفناء وبالتالي أصبح من الملح اسقاطه واعتماد اسلوب انتاج آخر أكثر انسانية يلغي الحاجة والفقر والاضطهاد والتهميش كما يلغي الطبقات وافتعال الحروب ويوظف قوى الانتاج الهائلة لتلبية الحاجيات الاساسية لمجموع الانسانية، إن هذا الاسلوب الجديد في الانتاج لا يقوم على العلاقات الطبقية والملكية الخاصة لوسائل الانتاج أوعلى العمل المأجور، بل يقوم على الملكية الجماعية لوسائل الانتاج ويستهدف الانتاج من أجل تلبية الحاجيات الانسانية وليس من أجل الربح. انه اسلوب الانتاج الاشتراكي.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خروتشوف كذب، لنعيد الاعتبار للرفيق استالين
- صناعة رأي عالمي جديد بعيدا عن كوارث تعمق أزمة النظام الرأسما ...
- نموذج التراكم الرأسمالي البدائي في المغرب والمقاومة البروليت ...
- تأسيس تيار ماركسي لينيني مغربي
- على هامش ندوة وحدة اليسار
- نحو -يونانية- الأزمة في المغرب !!!
- القطار الفائق السرعة
- الأداة السياسية للطبقة العاملة
- مستجدات الحراك النقابي والسياسي في المغرب
- الوحوش البيروقراطية النقابية تهيمن عبر قرارات لا ديمقراطية
- ضد ذبح الديمقراطية العمالية داخل الاتحاد المغربي للشغل
- نقاش سياسي على هامش مؤامرة البيروقراطية النقابية بالاتحاد ال ...
- الأزمة الاقتصادية العالمية وآثارها على الطبقة العاملة ودورها ...
- إشكالية العمل النقابي في المغرب !
- تطور موقف التوجه النقابي الديموقراطي بالمغرب
- لا مجال للتراجع عن محاربة المافيا النقابية والفساد والافساد ...
- دور البيروقراطية النقابية في تدجين الطبقة العاملة وتشديد است ...
- دردشة حول الطلب الداخلي وأزمة تمويل الاقتصاد المغربي
- محاولة انقلاب فاشلة داخل الاتحاد المغربي للشغل
- لا تحرر للمرأة من دون تحرر المجتمع من النظام البرجوازي الطبق ...


المزيد.....




- “الآن سجل بسهولة” .. التقديم على البطاقة الذهبية بالجزائر 20 ...
- الجزائر.. ارتفاع أسعار المواشي يثير المخاوف قبيل عيد الأضحى ...
- الرنجة المصرية.. أسماك بحر الشمال الذهبية على موائد 32 دولة ...
- كاميرون يتهرب من الإجابة عن إمكانية تعليق بريطانيا صادرات ال ...
- دين مصر الخارجي يرتفع إلى 168 مليار دولار بنهاية 2023
- وزير تجارة تركيا ينفي مزاعم استئناف التصدير نحو إسرائيل
- طالبان تسعى لجذب استثمارات الصين لأفغانستان من بوابة السياحة ...
- شارع صلاح الدين.. شريان اقتصادي وممر تاريخي يتوسط غزة
- تونس: صادرات زيت الزيتون تتخطى مليار دولار منذ نوفمبر الماضي ...
- تجاوز مستهدف 2024.. عجز ميزانية إسرائيل يرتفع إلى 7%


المزيد.....

- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - اليوم الدولي للقضاء على الفقر