أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين محمود التلاوي - رؤى حول بعض نظريات تفسير نشأة المجتمع وتطوره















المزيد.....

رؤى حول بعض نظريات تفسير نشأة المجتمع وتطوره


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 3877 - 2012 / 10 / 11 - 09:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


انطلقت نظريات كثيرة من أجل تفسير نشأة المجتمع الإنسانى والصورة التى يتطور بها وتراوحت هذه النظريات بين أفكار أيدلوجية المنشأ وأخرى علمية واعتمدت كل منها على أسانيد وبراهين تعتمد فيها إلى أساسيات هذا المنشأ وفى نقاشنا التالى سنتعرض لأبرز هذه النظريات وبعض الانتقادات لكل نظرية.
أولاً: النظرية الفردية: تعتمد النظرية الفردية على الفرد كما هو واضح من المسمى حيث تعلى من شأن الإنسان الفرد وتؤكد على خصال حب الذات والسيطرة على الآخرين كما تبيح للفرد السعى وراء ملذاته باعتباره مركزًا للحياة وتشير هذه النظرية إلى أسبقية الفرد على المجتمع باعتبار أن المجتمع فى نشأته اعتمد على الفرد بالمقام الأول ومن ثم يجب أن يكون المجتمع هو الوعاء الذى يشبع فيه الفرد رغباته وقد انعكست هذه النظرية بشدة على الفكر والتربية فى القرن السابع عشر حيث أكدت النزعة الفردية فى كليهما وأدت إلى الإعلاء من شأن فردية التربية بمعنى أن المدرسة يجب ألا تفرض القيود على الطلبة وأن تخفف من سلطانها عليهم بغرض إعدادهم للعيش فى المجتمع حيث لا قيود على الفرد إلا رغبة فى إشباع دوافعه. ولهذه النظرية العديد من السلبيات حيث أنها لا تصلح للتطبيق فى المجتمعات المعاصرة لأن هذه المجتمعات قد نشأت من مجتمعات سابقة يلعب فيها الفرد دورًا مع غيره من الأفراد وهى إن كانت تصلح للمجتمعات الأولى التى نشأت على أساس الفرد فهى لا تصلح للحديث منها. كما أنها تتطلب من المجتمع سلطة قاسية متسلطة من أجل التصدى إلى نزوع الفرد لتحقيق رغباته بما قد يتعارض مع الرغبات العامة ورغبات الآخرين الفردية بالإضافة إلى أنها تؤدى بالتربية إلى الخروج عن طريقها كأحدى الوسائل للحفاظ على استقرار المجتمع وذلك لكونها تشجع فردية الإنسان وانطلاقه نحو رغباته ما يهدد السلم الاجتماعى ولعل هذه النظرية تنطلق من الواقع السياسى والاجتماعى الذى كان سائدًا فى هذه الفترات - القرن السابع عشر - فى أوروبا من حكم مطلق وأنظمة إقطاعية يسقط فيها الفرد تحت وطأة قوى أكبر منه ما استدعى هذه الحركة المضادة من أجل إعادة الاعتبار للفرد.
ثانيًا: النظرية المجتمعية: الإعلاء من شأن المجتمع كقيمة إنسانية على حساب الفرد والقول بأسبقية المجتمع على الفرد يعتبران الأساسين اللذين قامت عليهما هذه النظرية التى نلحظ تعارضها مع النظرية السابقة الممجدة للفرد. تقول هذه النظرية بأولوية المجتمع على الفرد بمعنى أن يتخلى الفرد عن أهدافه وطموحاته من أجل أهداف وطموحات المجتمع وأن يتنازل الإنسان عن ذاتيته من أجل تطور المجتمع وانعكست هذه الأفكار فى الخط التربوى لهذه النظرية إذ تحولت أساليب التربية إلى وسائل لصبغة الفرد بلون مجتمعه دون اعتبار للون الفرد ذاته وعلى هذا فإن كثيرًا من الاعتراضات يمكن أن يقوم ضد هذه النظرية وأولها أنها لا تنطبق على تكون المجتمعات الأولى التى هى فردية بالأساس وثانيها أنها تهمل أن إشباع الفرد لطموحاته هو السبيل نحو إشباع طموحات المجتمع ووسيلة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار فى المجتمع بدلاً من شعور الفرد بالدونية والقصور عن تحقيق طموحاته وإشباع احتياجاته وهذا ما يتفق مع فطرة الإنسان فى تبادل المنفعة مع غيره لتحقيق المنافع للجميع دون تحقيق منفعة الآخرين على حساب ذاته. وثابت هذه الاعتراضات أن أولوية المجتمع على الفرد تقضى على مبدأ حرية الاختيار لتحديدها أولويات على الفرد أن يحققها دون سؤال أو نقاش مما يفقد الفرد ذاتيته وإنسانيته ويحول دون تطور المجتمع الناجم عن إطلاق حرية إبداع الفرد وطموحاته بما يعود على مجتمعه إيجابًا.
ثالثًا: نظرية التعاقد الاجتماعى: بالنظر إلى التطرف الشديد الذى كانت عليه النظريتان السابقتان من ميل شديد إما نحو الفر "النظرية الفردية" وإما نحو المجتمع "النظرية الاجتماعية" فقد حاولت نظرية التعاقد الاجتماعى أن تقف موقف التوسط والاعتدال بين هاتين النظريتين من خلال التأكيد على أن الأفراد لديهم الحرية الكافية إلا أنهم مزودون بدوافع فطرية تجعلهم يحاولون إشباعها وهو ما لا يتم إلا عن طريق المجتمع. وفى الوقت نفسه تشير النظرية إلا أن المجتمع يعد تعبيرًا عن إرادة الأفراد والذى تكون نتيجة التعاقد الاجتماعى بينهم ويتنازلون بغرض استمراره عن بعض حقوقهم الفطرية. ونلاحظ أن هذه النظرية اكتفت بإيجاد سبب تكون المجتمع بينما أغفلت دور النظم والثقافة التى يبتكرها المجتمع من أجل الحفاظ على تطوره واستقراره ونحن فى ذلك نذهب إلى ذات ما ذهب إليه الدكتور على عبد ربه حسين إزاء هذه النظرية.
رابعًا: النظرية العضوية: تعتبر هذه النظرية من النظريات التى فسرت المجتمع على أسس مستقاة من العلوم الطبيعية ذلك أنها أكدت على أن المجتمع فى نشأته وتطوره وتكوينه يشبه جسم الإنسان فالأفراد هم أعضاء الجسم والمجتمع هو الجسم ذاته وما يمر به جسم الإنسان من ميلاد وشيخوخة ووفاة ويؤخذ على هذه النظرية عدة نقاط أولها أنها لم تقدم تفسيرًا لأسبقية الفرد على المجتمع وما إلى ذلك من روافد هذه القضية بجانب ذلك نجد أنها قامت بتطبيق أسس علم على علم آخر فالأحياء علم الطبيعة فيما أن المجتمع من اختصاص العلوم الإنسانية لما يكن منهما من قواعد وأسس فالأمراض التى تهاجم جسم الإنسان وكذلك طرق تشخيصها وعلاجها تختلف تمامًا عن تلك التى تصيب المجتمع بالإضافة إلى أنها تفسر السلوك الاجتماعى تفسيرًا بيولوجيًا بما ينافى وجود دوافع نفسية وكذلك أخلاقية وراء تشكيل هذا السلوك الاجتماعى.
خامسًا: نظرية الإعلاء الاجتماعى: لهذه النظرية أصول فى علم النفس حيث ظهرت وقت انتشار الآراء فى أوساط دارسى علم النفس بأن الإنسان عقل فقط فجادت هذه النظرية كى تؤكد أن للفرد دوافع بيولوجية تتوجه سلوكه نحو الآخرين أى أن المجتمع عبارة عن وسيلة أو إطار من أجل أن يشبع الإنسان غرائزه بصورة منضبطة ومهذبة ومن الواضح أن هذه النظرية تفقد سنداتها من النظرة الأولى لها فهى تلغى مختلف الدوافع الإنسانية والذهنية وكافة ما قد يؤدى بالفرد إلى أن يصبح عضوًا فى المجتمع وتقصر توجيه سلوكه على الدافع البيولوجى بجانب أنها تلغى فكرة وجود فطرة اجتماعية داخل الإنسان وتجعل اتجاهه نحو إقامة علاقات مع الآخرين مجرد نتاج من رغبته فى إشباع حاجاته البيولوجية وهذا ما قد يؤدى بالمجتمع إلى الانهيار لأن كم الحوافز الموجود لدى الفرد من أجل المحافظة على استقرار مجتمعه بغرض استمرار إشباع حاجاته هو كم ضعيف لا يقوى على دفع الفرد لبذل مختلف مجهوداته من أجل استمرار مجتمعه ولنقارن بين قوة حافز الدوافع البيولوجية وبين حافز الانتماء إلى الوطن فى درجة دفعهما الفرد للحفاظ على الترقى والتقدم الاجتماعى.
سادسًا: النظرية الماركسية: أتت هذه النظرية لتفسير تطور المجتمع كرد فعل صريح على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التى سادت خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر فى أوروبا من سيادة الاقطاع وقهر العمال فى المصانع وعدم توزيع الثروة على أساس الإنتاج ولكن على أساس الملكية ما يؤدى إلى وضع الثروة فى يد قلة من الملاك على حساب الأكثرية الساحقة من العمال وقد قامت أساسًا على أفكار كل من كارل ماركس (18 – 1883) وفريدريك إنجلز (20 – 1895) وهى الأفكار التى فسرت تطور المجتمعات الإنسانية على أساس الصراع الطبقى بين البرجوازية والطبقة العاملة وتعتمد على النظرة المادية للإنسان والمجتمع بعيدًا عن أية غيبيات ويسمى الأساسان النظريان لهذه الرؤية بالمادية الجدلية والمادية التاريخية وقد عرف ماركس الجدلية بأنها العلم الذى يبحث فى القوانين العامة لحركة وتطور العالم الخارجى وفكر الإنسان ولما أشار ماركس فى تعريفه للجدلية إلى الحركة فإن هذا يوضح جانبًا أخر فى نظريته وهو الجانب الذى يؤكد عدم ثبات أى عنصر فى العالم أو الأفكار أو الأحداث وعليه فإن الأفكار والعمليات والأحداث كلها فيها حركة وتغر دائبان. وتشير المادية إلى أن الاقتصاد هو محور حياة الفرد وتفسير للعلاقة بين المجتمع وبين أفراده بهدف إشباع حاجات الفرد إلى جانب الحفاظ على المجتمع من خلال العمل والإنتاج وبالتالى انعكست هذه الفكرة المادية على كل الحركة داخل المجتمع من علاقات وبناء وتغير. والمآخذ على هذه النظرية كثيرة جدًا وفى مقدمتها إغفال دور الدين فى حياة الفرد والمجتمعات الإنسانية ككل جراء إنكار الغيبيات وهو ما تلخصه العبارة الماركسية الشهيرة بأن "الدين أفيون الشعوب" أى إنه عامل تأخر وتخلف للمجتمعات وهو ما أخر انتشار الشيوعية التى تبنت نشر الفكر الماركس عالميًا فى العالم العربى للدر الكبير للدين فى المجتمعات العربية.
أيضًا نجد أن هذه النظرية تلغى فكرة الملكية الخاصة لكونها تؤكد أن نهاية الصراع الطبقى بين البرجوازية وبين العمال هو انتصار للعمال ولنظام عدالة التوزيع الاجتماعى مما يتطلب الملكية للدولة لضمان عدالة التوزيع وإلغاء الملكية الخاصة يخالف أبسط قواعد الفطرة الإنسانية. بالإضافة إلى ما سبق نجد هذه النظرية تركز على الجانب المادى فى حياة الفرد والمجتمع متغافلة عن وجود جانب روحى يساهم فى ترقية النشاط الإنسانى ويجعل الفرد متميزًا عن غيره من الكائنات الأخرى كما يجعل الجانب الروحى الإنسان خلاقًا قادرًا على الابتكار بما يساهم فى التطور الفعلى للمجتمع بعيدًا عن أفكار المادية التى هدمت الجانب الدينى والروحى للفرد ونزعت منه ممتلكاته الخاصة لا لشىء إلا لعجز الإنسان عن التطبيق الصحيح لدينه ولضعف إمكانية استفادته من الروحيات فى تطوير حياته.



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -العالم الآخر الممكن- لم يعد ممكنا!
- المنتدى الاجتماعي العالمي في مهد الثورات العربية... بين اليس ...
- المرأة بين حضارات الشرق والغرب
- الإسلام... بين النقيضين!
- شموئيل عجنون... القلم الكاذب
- الترجمة لفظا وتاريخا وعِلْما
- أصناف العقل الإنساني (3)
- البطل
- رجال في الشمس... عندما يصبح الظل طريقا للاحتراق...!
- أصناف العقل الإنساني (2 )
- أصناف العقل الإنساني (1)
- المسألة القومية لدى التيارات الفكرية المختلفة... نظرة رصدية
- نوبل للآداب.. أم لأشياء أخرى؟؟!
- ‎25 يناير... هل هو ثورة؟!!
- صفية مختار في «وسال على فمها الشيكولاتة» عندما تسيل الأفكار ...


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين محمود التلاوي - رؤى حول بعض نظريات تفسير نشأة المجتمع وتطوره