أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يونس الخشاب - العراق: منطق فك الارتباط - 2















المزيد.....

العراق: منطق فك الارتباط - 2


يونس الخشاب

الحوار المتمدن-العدد: 1124 - 2005 / 3 / 1 - 12:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العراق : منطق فك الارتباط Iraq : The Logic of Disengagement
ادوارد .ن . لتواك Edward .N. Littwak
ترجمة : يونس الخشاب
الجزء الثاني
منذ غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003 ، دأب رجال الدين من السنة والشيعة على التكرار مرة بعد اخرى بان الامريكان ومعظم حلفائهم من ( النصارى ) موجودون في العراق ليدمروا الاسلام و بغداد عاصمة التراث الاسلامي ، اضافة الى سرقتهم لثروات البلد النفطية .ويرفض رجال الدين أي حديث عن الديمقراطية وحقوق الانسان من قبل الغازي على انها محض نفاق ، ما عدا حقوق المرأة ، والذي يُروج له جدياً ، كما يقول رجال الدين ،لاقناع البنات والزوجات العراقيات لالحاق العار بعوائلهم عن طريق التقليد الاعمى لتمرد المرأة الغربية الذي لا يعرف الحياء .
ان الغالبية العظمى من العراقيين هم من المواظبين في التردد على الجوامع ، وهم في أحسن الاحوال من أنصاف المتعلمين ، وبطبيعة الحال يؤمن هؤلاء بقادتهم الدينيين . والبديل كان ان يصدَق هؤلاء ما كان عصياً عليهم فهمه كليةً ، وهو ان هؤلاء الاجانب يضحون بدمائهم وينفقون اموالهم بكل نكران ذات من اجل مساعدتهم . وكما تظهر العديد من استطلاعات الراي والحوادث التي لا حصر لها فان الامريكان وحلفائهم هم مكروهين الى ابعد الحدود في العراق كأسوأ اصناف الغزاة ، قد جاءوا الى مسلمي العراق ليس فقط لانتزاع اراضيهم ونفطهم منهم ، بل ايضاً لتجريدهم من دينهم وشرفهم العائلي كذلك .
ان من اكثر المظاهر المباشرة لهذه العواطف والتي يمكن رؤيتها هي الهجمات القاتلة ضد المحتل والمتعاونين معه من العراقيين ،التحريض على هذه الهجمات وتقديم المساعدة لمنفذيها ، مشاعر الفرح لحشود المشاهدين الذين تصادف وجودهم مكان الهجوم .
وعندما يكون الضحايا من افراد الشرطة العراقية او افراد الحرس الوطني ، كما هي الحال هذه الايام ، فان المشاهدين وافراد العوائل وعابروا السبيل وأئمة الدين ، يتهمون الامريكان روتينياً انهم وراء الهجوم ـ عادة عن طريق الضربات الصاروخية التي تم تقليدها بذكاء لتشبه السيارات المفخخة ـ ، اما لماذا يود الامريكان قتل العراقيين الذين يقومون هم انفسهم بتدريبهم ودفع الرواتب لهم ، فان اي تفسير لا يقدم حول ذلك ، لانه ليس هناك من شعور بالالتزام لحل عقد الحبكة الثانوية للمؤامرة المسيحية المظلمة ضد العراق والعالم العربي والاسلام .
على ان التأثيرات الغير مباشرة للتمرد هو الذي انهى كل الآمال مهما كانت ضئيلة بان الديمقراطية الحقيقية ربما كانت لا تزال بطيئة في خطواتها . ان التنوير الجماعي للالمان واليابانيين حول معايير وانماط الحكومة الديمقراطية ، كان قد سبق وان مُهدَ الطريق له بمؤسسات ديمقراطية غير مكتملة كانت موجودة سلفاً قبل الاحتلال ، وجرى تطويرها بكل وسائل الاعلام اضافة الى جهود تربوية غير محدودة . لقد انجز هذا العمل المعلمون المحليون ، رجال الدين ، الصحفيون ، والشخصيات العامة ، فجميع هؤلاء تبنوا القيم الديمقراطية للمحتل الغازي على انها قيمهم . لكن هؤلاء السكان المحليين كانوا قد جُندوا وعُبأوا ووجهوا من قبل المسؤولين السياسيين للاحتلال الذين تعزز فهمهم الثقافي لهذه الاقوام عن طريق تبادل المحادثات الودية والحميمية مع المواطنين الالمان واليابانيين الاعتياديين . اما في العراق ، فعلى العكس ، لم يحدث مثل هذا الشئ. فالمهمة التي هي في الاصل مهمة شاقة ، اصبحت كلها مستحيلة برفض المعلمون العراقيون والصحفيون والوجوه العامة ـ دع عنك أئمة الجوامع ـ ان يتعلموا التنوير الديمقراطي ويلقنونه للآخرين بالطرق الديمقراطية.
وعلى اية حال ،فعلى عكس ما حدث في المانيا واليابان بعد عام 1945 ، لم يصبح العراق عام 2003 آمناً بما فيه الكفاية لافراد الاحتلال ابداً لكي يعملوا بفعالية وكفاءة ، دع عنك قيامهم باجراء عمليات تثقيف سياسي جماعية في كل حاضرة ومدينة عراقية كما حدث في المانيا واليابان .

لا ديمقراطيون لا ديمقراطية

ينكر العراقيون ، بطبيعة الحال ، الحاجة الى مثل هذه الدروس في الديمقراطية ، حيث يستعرضون الديمقراطية على انها عملية سهلة يمكن لاي طفل ان يستوعبها . هذا هو رأي الناطق الرسمي باسم آية الله العظمى السيستاني على سبيل المثال . فقد أيدوا وأصروا على اجراء انتخابات مبكرة في العراق ،غير مبالين بالحاجة الى اجراءات تمهيدية وجوهرية كأساس لعملية الانتخاب مثل عمل كشوفات الناخبين، كما انهم رأوا عدم الحاجة للانتظار بعض الوقت لحصول اجماع عام في بناء كافة الاحزاب السياسية .
ومهما كان السيستاني معتدلاً فان الاعلان الذي نُسِبَ اليه يكشف الحيرة بين الديمقراطية والحكم الديكتاتوري للاغلبية الذي يشير ضمناً ان كل من يحرز 50,01 بالمائة من الاصوات يتوجب عليه الاستحواذ على كل سلطة الحكومة . هذا القدر فقط من المعلومات ما اصبح واضحا عندما رفض ممثل السيستاني بشدة مطالب الاكراد بضمانات دستورية لحقوق الاقلية . وهكذا يمكن لحكم الاغلبية الشيعية ان ينتهي الى حكم غير ديمقراطي كما كان الحكم التقليدي للسنة العرب .
ان الحقيقة الواضحة انه ليس في العراق ما يكفي من الديمقراطيين المُلهمين لكي يدعموا المؤسسات الديمقراطية . فالاغلبية الشيعية تضم بين صفوفها شخصيات كوزموبوليتية ( عالمية ـ غير محلية /المترجم ) غير ان الاغلبية الساحقة منها قد عبّرت ،بكل طريقة ممكنة عن
تفضيلهم القوي لقيادة دينية . وبدورهم ، يرفض رجال الدين اي جمعية منتخبة تكون حرة في التشريع دون اشرافهم ـ وهكذا يكون بامكانها ان تجعل شرب الخموراو حرية تبديل الدين على سبيل المثال أمراً مشروعاً . من جانبها فان الاقلية السنية العربية قد هيمنت على العراق منذ ان تم بشكيله في دولة . وقد رفض قادته بثبات الديمقراطية من ناحية المبدأ لانهم يرفضون قبول حالة التبعية . اما فيما يتعلق بالاكراد فانهم قد اداروا حكمهم الذاتي الذي هو انفصال في واقع الامر بنجاح معتبر، غير انه من المهم ان نذكر انهم لم يحاولوا اجراء انتخابات لانفسهم مفضلين الولاء القبلي والعشيري على الفردية في الديمقراطية التمثيلية .
وطبقاً لذلك ، ورغم ان انتخابات من نوع ما لا يزال بالامكان اجراؤها وفق جدول زمني ، إلا انه من غير المحتمل ان يليها انبثاق جمعية تمثيلية فعالة ، ناهيك عن تشكيل حكومة متماسكة كفوءة ذات صبغة ديمقراطية . ينتج من ذلك ان الولايات المتحدة كانت تبدد قوتها العسكرية ونفوذها السياسي وتبدد اموال خزانتها لتحقيق هدف جدير بذلك لكنه غير واقعي .
ومع ذلك فانه لا يمكن إخلاء العراق هكذا ببساطة ، فحكومته الجديدة قليلة التجربة ستترك لوحدها لتواجه موالي البعث المتشجعين والمنتقمين من السنة العرب بالعديد من جماعاتهم المسلحة والاسلاميون ، المحليون منهم والاجانب بمهاراتهم الارهابية وكذلك من بقايا الميليشيات الشيعية التي تًركت خارج الحكومة .وفي صراع كهذا ، فانه من غير المحتمل ان تنتصر حكومة بقواتها الامنية المُشكلة حديثاً والمشكوك في امر ولائها . او انه من المحتمل ان يقوم المنتصرين بتقسيم البلاد بينهم بسلام ؛ اذ سوف يعقب ذلك على اكثر ترجيح حرب اهلية من نوع او من آخر . وعراق غارق في الفوضى سيهدد استقرار البلدان المجاورة له ويوفر فرصة لتدخلاتهم والتي يمكن ان تتصاعد الى نقطة الاحتلال التام من قبل ايران او تركيا او كليهما لتبتدأ موجات جديدة من المقاومة والانتقام والعنف .

كيفية تجنب الهزيمة

ان النتائج المحتملة لاخلاء العراق هي من الكآبة بحيث ان القلائل فقط يريدون التأمل فيها . وان ذلك هو عين الخطأ . والسبب في ذلك هو بالضبط لان الفوضى المتقلبة هي جد متوقعة بحيث ان الولايات المتحدة قد تكون قادرة على فك ارتباطها من العراق بكلفة قليلة جداً او ربما حتى بفوائد لصالحها.
لرؤية كيف ان فك الارتباط من العراق يمكن ان ينجز ببعض التأثيرات الضارة والتي حتى يمكن تحويلها الى شئ ما ناجح ، فانه من المفيد الاقتراب من تعقيدات الوضع العراقي الغير مشكوك فيها وننظر الى المشكلة بابسط اشكالها كتراجع عسكري محض . ان التراجع ، وهو مصطلح سئ الصيت ، من اكثر العمليات العسكرية صعوبةً في جر القوات خارجاً بشكل ناجح . ويمكن في أسوأ الظروف ان ينحدر الى مستوى الاندحار الكارثي . غير ان التراجع المدروس بعناية لاينقذ القوة العسكرية من وضع صعب فحسب بل انه يمكن ان يغير من اتجاه المعركة باغراء العدو ما وراء حدود قدرته ويمتد اكثر من طاقته ، فاقداً التوازن وناضجاً للهزيمة. وفي العراق لا تواجه الولايات
المتحدة جيشاً لعدو منفرد يمكن لها انهاكه بهذه الطريقة ولكنها تواجه بالاحرى بعدد من الاعداء المختلفين والذين تكمن عداواتهم خاملة الآن لكنه يمكن ان تحفز بفك ارتباط مصمم تصميماً جيداً .
لأن العراق واقع تحت الاحتلال الاجنبي فان المشاعر القومية والاسلامية والعربية هي التي تنتصر على الهوية الطائفية , تحث السنة والشيعة العرب لكي يتحدوا ضد الغزاة . وطالما اعتقد العراقيون من كافة المشارب انه ليس في نية الولايات المتحدة الانسحاب فانهم يستطيعون مهاجمة القوات الامريكية للتعبير عن مشاعرهم القومية والاسلامية دون حساب نتائج ذلك على انفسهم في عراق ما بعد الامريكان . ولهذا السبب شعرت ميليشيات مقتدى الصدرالشيعية بالحرية في مهاجمة القوات الامريكية والتي في مكان آخر كانت تحارب السنة المصممين على استعادة سيادتهم السلالية ، ولماذا استقبلت تلك الاعمال بالتهليل والتصفيق من قبل أئمة رجال الدين وجماهير عظيمة من الشيعة. ومع ذلك فانه اذا ما جوبه أئمة الشيعة ومؤيديهم بانسحاب امريكي وشيك فسيترتب عليهم مواجهة التهديد الوشيك هو الآخر من قبل الموالين للبعث ومقاتلي السنة ـ العراقيون الوحيدون الذين لديهم تجربة قتالية حديثة واقل الناس الذين يحتمل انهم يقبلون حكم رجال الدين الشيعة.
لهذا السبب تستطيع الولايات المتحدة بانتقالها للانسحاب تأمين ما لم يستطع الاحتلال تحقيقه مطلقاً. وهو الدعم الفعال لاعظم المستفيدين منه : الشيعة . وما تحتاجه واشنطن منهم هو الايقاف الكامل لكل العنف ضد قوات التحالف ، التعاون الكامل مع الحكومة الانتقالية في الانتخابات التي أُجريت والكف عن كافة اشكال الدعم للمقاومين ،واذا ما علمنا ان هناك هدوءاً في مناطق الشيعة بل وحتى تعاوناُ فلا يتطلب لهذا انعكاس كامل في مواقف الشيعة .
يتبع .....



#يونس_الخشاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق :منطق فك الارتباط
- العراق : منطق فك الارتباط
- انه الخيار السلفادوري
- ادانة الاعلام الغربي بالتضليل
- قصص من الفلوجة
- النفط والنخب
- مستقبل العراق والاحتلال الامريكي ما بعد الانتخابات
- نفط العراق مقابل السلطة السياسية
- النخب العميلة
- اشحذوا سكاكينكم ..فالانتخابات قادمة
- الاستفتاء بدل الانتخابات
- انهم يخفون معالم جريمتهم ، أليس كذلك ؟
- روبرت فيسك.. عن العراق
- بصمات نغروبونتي
- هل ستصبح الموصل فلوجة ثانية ؟
- - تسونامي- يضرب العراق
- نعومي كلاين عن العراق
- من المستحيل ارجاع المارد الى القمقم
- الفلوجة -رواية شاهد عيان
- في رسالة الكترونية لمكتب التحقيق الفدرالي،الرئيس هو الذي سمح ...


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يونس الخشاب - العراق: منطق فك الارتباط - 2