أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحنفي - التكفير والتلحيد صفتان لا تصدران إلا عن المتنبئين الجدد....!!!.....1















المزيد.....

التكفير والتلحيد صفتان لا تصدران إلا عن المتنبئين الجدد....!!!.....1


محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 3846 - 2012 / 9 / 10 - 13:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لعل ما يلفت الانتباه، وفي ظل ما صار يعرف بالربيع العربي، الذي أتى على أنظمة بعينها، وينتظر أن يأتي على أنظمة أخرى، ووقف وراء وصول مؤدلجي الدين الإسلامي إلى السلطة، في العديد من البلاد العربية، كما هو الشأن بالنسبة لتونس، ومصر، نجد أنه، عندنا هنا في المغرب، لا زال من يراهن على اللجوء إلى وصف المخالفين بالكفر، والإلحاد، من أجل احتلال مكانة بارزة في المجتمع، لا لأن الموصوف كافر، أو ملحد فعلا، بإنكاره لوجود الله، بل لأنه انقد ظاهرة أريد لها، وعن قصد، أن تصير جزءا لا يتجزأ من الدين الإسلامي، الذي يعتبر بريئا منها، براءة الذئب من دم يوسف، كما يقولون، وهذه الظاهرة، التي أريد لها أن تلتصق بالدين الإسلامي، هي ظاهرة اعتماد مكبرت الصوت، على صوامع مختلف المساجد، وفي مختلف المدن، والقرى، وعلى مدى التراب الوطني، والعربي، والإسلامي، لا للآذان فقط، من أجل الإعلان عن أوقات الصلوات الخمس، باعتبار ذلك يشكل غاية من وراء الآذان؛ بل لنقل الصلوات الخمس، ونافلة التراويح، وصلاة، وخطبة الجمعة، فكأن الناس يصلون وراء الإمام من بيوتهم، مع أننا نعرف أن صلاة الجماعة، لا تصح إلا بالحضور إلى المسجد، وعندما كان المسجد يلعب دورا اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، ومعرفيا، وعلميا، وسياسيا معينا، باعتباره مقرا للمذاكرة الأمور التي تهم الجماعة، بعد أداء الصلاة، ولخمس مرات في اليوم.

وانتقاد ظاهرة مكبرات الصوت، المبالغ فيها، صار ضرورة اجتماعية، نظرا للأضرار التي تلحق السكان بسبب ذلك الاستعمال، الذي يتخذ طابع الهمجية، وواجبا دينيا، لأنه يدخل في إطار النهي عن المنكر، والعمل على تغييره، انطلاقا من قول الرسول ص: (من رأى منكم منكرا فليغيره: بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه. وذلك أضعف الإيمان).

ذلك، أن مكبرات الصوت، توهم القيمين عليها، أنهم وحدهم الذين يملكون الحقيقة الدينية، مع العلم: أن الحقيقة الدينية، لا يعلمها إلا الله، وتوهمهم بجعلهم يعتقدون:

أولا: أن الله فضلهم على العالمين، وأكسبهم شرف الإشراف على استعمال مكبرات الصوت، لإسماع الآذان، وتكبيرات الصلوات الخمس، ونافلة التراويح، وقراءة القرآن، وخطبة الجمعة إلى الناس جميعا، ورغما عنهم، ودون أن تكون لهم رغبة بذلك، سواء كانوا أطفالا، أو مرضى، أو عجزة، أو أن هؤلاء القيمين: يعتقدون أن الله لا يسمعهم، فيستعملون مكبرات الصوت، لأجل ذلك، أو لأنهم يعتقدون أنهم من المتنبئين الجدد، فيتوهمون أنهم يتلقون الوحي من الله، باستعمال مكبرات الصوت، ذلك الاستعمال الهمجي، أو أن استعمالهم لتلك المكبرات، وبتلك الطريقة الهمجية، يعد بمثابة احتجاج منهم، على أولائك الذين يقضون أوقاتهم في متاجرهم، أو في بيوتهم، أو في المقاهي، ولا يأتون إلى المساجد لأداء الصلاة مع الجماعة، وينسون أن جميع الناس الذين يفهمون الدين الإسلامي فهما صحيحا، يعرفون المساجد القريبة من سكناهم، أو من الأماكن التي يجلسون فيها، ويدركون، كذلك، أن الله جعل الأرض جميعا، مسجدا للمسلمين، وأن المسلمين مخيرين بين حضور صلاة الجماعة، وبين عدم الحضور، وبين أداء الصلاة في المسجد، أو في البيت، أو في مكان العمل، الذي يخصص فيه مكان لأداء الصلوات الخمس، وبين أن يؤدي الصلاة، أو يقضيها، إذا كانت ظروفه لا تسمح له بأدائها... إلخ، ولا يحتاجون، في كل ذلك، إلى مكبرات الصوت، لأن المرضى بالتدين، وحدهم من يسعى إلى استعمال مكبرات الصوت، الذين يعتقدون أن الله بعثهم لأجل ذلك، حتى يقوموا بدورهم في التبشير بالدين الإسلامي، لا كما هو؛ بل كما يريدونه هم، عن طريق مكبرات الصوت؛ لأننا لم نعد أمام إسلام واحد، بل أمام مجموعة من الإسلامات. فلكل مسجد إسلامه، ولكل إمام إسلامه، ولكل مستعمل لمكبرات الصوت إسلامه، ولكل دولة إسلامها. وكل إسلام يحاول أن يفرض نفسه بما توفر لديه من قوة، والقيمون على المساجد، لا يملكون إلا مكبرات الصوت، كقوة مادية، لفرض إسلاماتهم على الناس، الذين ضاع إسلامهم بين الإسلامات، التي لا حدود لها.

ثانيا: أن الله أعدهم لما صار يعرف بتجديد الإسلام، ولكن بطريقة لا علاقة لها لا بحقيقة الإيمان، ولا بحقيقة الإسلام. فإذا كان الإيمان هو ما وقر في القلب، كما جاء في الحديث، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، كما جاء في الحديث أيضا، فإن ما يقوم به القيمون على مكبرات الصوت، يفرض شكلا آخر من الإيمان، المرادف للخضوع المطلق للمستبد غير العادل. ومشغل مكبرات الصوت، مستبد، وعلى المسلمين أن يخضعوا له خضوعا مطلقا، وأن لا يناقشوا ممارسته؛ لأنه بمثابة نبي مرسل إلى المسلمين، ليبلغهم الدين الإسلامي، بواسطة مكبرات الصوت، التي لم تكن موجودة في عهد الرسول. ومهمة هؤلاء المتنبئين الجدد، هو التبليغ بواسطة مكبرات الصوت، وكما جاء في القرءان الكريم: (ما على الرسول إلا البلاغ).

والإشكالية المطروحة أمامنا الآن، وفي هذا العصر الذي نعيشه، تتمثل في السؤال:

هل نحن في حاجة إلى من يبشرنا بالدين الإسلامي؟

إننا نولد مسلمين، وننشأ على الدين الإسلامي، ونعيش على الدين الإسلامي، ونموت مسلمين، ولا حاجة لنا بالمبشرين، إلا إذا كانت رغبة هؤلاء المبشرين :تكريس شكل من أشكال السيطرة على المسلمين. واللجوء إلى استعمال مكبرات الصوت، والمبالغة في استعمالها، ما هو إلا شكل من أشكال التبشير، الذي يقوم المتنبئون الجدد، الذين لا يدركون أن المسلمين ليسوا في حاجة إلى من يبشرهم بالدين الإسلامي، الذي يولدون عليه، ويموتون عليه؛ بل هم في حاجة إلى من يضمن لهم التمتع بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمدنية، وأن يضمن لهم شيوع الممارسة الديمقراطية، بمضامينها المختلفة، وأن يضع حدا للاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، وأن يعمل على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية.

واستعمال مكبرات الصوت، إذا سلمنا بأننا لسنا في حاجة، كمسلمين، إلى تبشير بالإسلام، ليس إلا من أجل إرهاب المسلمين، من أجل الخضوع المطلق إلى المؤسسة المخزنية، المتحكمة في الحقل الديني، والساعية إلى جعل المسلمين مثالا للخضوع المطلق: ركوعا، وسجودا، ذهابا، وإيابا، من المساجد، وإليها، طاعة للحكام، ولمن ينوب عنهم، في تدبير الشأن الديني، لا طاعة لله، التي تعني أشياء أخرى، من بينها أن يصير الدين لله، لا لمدبري الشأن الديني، ولا للحكام، ولا لمن يدعي النيابة عن الله في الأرض، ممن نسميهم بالمتنبئين الجدد؛ لأن النيابة عن الله في الأرض، انتهت بموت محمد ص، لتصير بعد ذلك إلى جميع الناس، بقطع النظر عن لغتهم، أو لونهم، أو جنسهم، أو معتقدهم، أو الطبقة التي ينتمون إليها. فكل الناس سواء أمام الله، يخلفونه في الأرض، بما يخدم مصالحهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وكل من ادعى غير ذلك، إنما يحرف الدين الإسلامي، ليخدم شيئا آخر، لا علاقة له لا بالإيمان بالدين الإسلامي، ولا بالإسلام نفسه، الذي لا وجود فيه لنبي، أو رسول، بعد موت الرسول محمد ص.

ثالثا: أن الله مكنهم من إدراك الوسائل، التي يمكن اعتمادها، كوسائل ناجعة لتجديد الدين الإسلامي، فتبين لهم: أن التجديد لا يتم إلا باعتماد مكبرات الصوت. ولا عبرة بعد ذلك لا للفكر، ولا للممارسة، ولا لتجنب ما يسيء إلى مجتمعات المسلمين، في مشارق الأرض، ومغاربها، ولا داعي لأن يتذكر المسلمون كيف كانوا، حتى لا يقارنوا حاضرهم بماضيهم، ومن أجل أن لا يسعوا إلى تغيير أوضاعهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، انطلاقا من قيم الدين الإسلامي، المبثوثة في النص الديني، وفي مقدمتها: قيم الحرية، والديمقراطية، والكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية، كما فهمها المسلمون الأوائل، وكما يجب أن يفهمها المسلمون في عصرنا هذا.



#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....17
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....16
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....15
- هل العمل النقابي وسيلة لتحقيق تطلعات المسؤولين النقابيين الط ...
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....14
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....13
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....12
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....11
- هل من الدين الإسلامي إزعاج الأطفال، والمرضى، والعجزة، بالمبا ...
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....10
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....9
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....8
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....7
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....6
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....5
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....4
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....3
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟.....2
- الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟
- هل يمسك المسلمون المغاربة عن عقد آمالهم على الحزب المؤدلج لل ...


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحنفي - التكفير والتلحيد صفتان لا تصدران إلا عن المتنبئين الجدد....!!!.....1