أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - السؤال الحاسم في الأزمة السورية 1 / 2















المزيد.....

السؤال الحاسم في الأزمة السورية 1 / 2


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 3842 - 2012 / 9 / 6 - 14:41
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


في أواخر آذار 1980 ، حضر إلى منزلي أحد قيادي " التجمع الوطني الديمقراطي " المعارض ، وتداولنا حينها الإضراب ، الذي تنادت إليه نقابات المحامين في سوريا ، مطالبة برفع حالة الطواريء والأحكام العرفية . وقد تساءل ضيفي أثناءها .. هل يستبق الرئيس الأسد الحدث بتحقيق مطالب المحامين لإجهاض إضرابهم المزمع القيام به بعد يومين ، وذكر أن مرسوماً رئاسياً جاهزاً في مكتب الرئيس يقضي بإجراء ذلك . قلت له .. وهل يمكن أن يقدم الرئيس على ذلك ، رغم أن دماء قتلى مجزرة مدرسة المدفعية مازلت بعد ساخنة . اللافت حينها ، أن أسلوب طرح السؤال من قبل ضيفي ، كان يعبر عن القلق من أن يفعلها الرئيس ، ويعوق بذلك استمرار الحراك السياسي المعارض المستبطن بأهداف هي أبعد من غايات المحامين المعلنة من الإضراب .

لم يفعلها الرئيس .. كما رغب ضيفي العزيز .. وحدث الإضراب . وكانت أولى تداعياته ، أن ذهب ضيفي مع كوكبة من زملائه المحامين إلى السجن . وتصاعد التوتر السياسي في البلاد . وانتقل الحراك السياسي المعارض بتلاوينه المتعددة .. الإسلامي المسلح ، والمدني ، والسياسي ، إلى المواجهات المفتوحة . وامتلأت السجون بالمعتقلين من مختلف أطياف المعارضة . وتساقط آلاف القتلى في المواجهات الدامية وفي التفجيرات المدمرة ، إلى أن ’استنزف الحراك المعارض . وسد العنف والقمع دروب تدحرج كرة الدم . و’فرض الاستقرار الأمني ..

لم يقارب أحد تلك المرحلة السياسية من تاريخ سوريا المعاصر بما تستحقه من النقد المبدئي ، حتى لاتتكرر أخطاؤها وجرائمها في المستقبل ، بل إن ما حدث ، هو أن معظم القوى المعارضة التي لعبت أدواراً أساسية في الأحداث ، وخاصة جماعة " الأخوان المسلمين " وحلفاؤهم المقربون ، ا ستخدموا ما تبقى من الشحن المتوتر إبان سنوات الصدام ، لمتابعة المواجهات مع السلطة لاحقاً . لم ينوه أي طرف معارض عن مكامن الخطأ هنا أو هناك .. لم يشر أحد إلى الانزلاقات التي أدت إلى حفر الضعف القاتلة ، التي تخللت الحراك المعارض إن على المستوى الخاص بهذا الفريق أو ذاك ، أو على المستوى العام ، بالنسبة للمنخرطين في خندق المعارضة . وموه الجميع على خطأ الحراك المعارض فيما يتعلق بالبعد الوطني في الحالة السورية ، إذ ’وضع هدف إسقاط النظام قبل اي اعتبار وطني ، وتم تجاوز المخاطر المحيقة بالوطن فعلاً وعلى الأخص من جانب إسرائيل ومطامعها التوسعية . كما جرى غض النظر عن التطرف الطائفي الدموي " للطليعة الإسلامية المقاتلة " التي احتوت معظم القوى الإسلامية المناهضة للنظام وفي مقدمتها " الأخوان المسلمين " ..
ولم يعترض أحد على تدخل الخارج في الأحداث الجارية لجر الدولة السورية إلى معسكر الموقعين على معاهدات " سلام " مع إسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية .

وقد أدى كل ذلك إلى حصر الصراع بين النخب السياسية التي فجرت الحراك المعارض في الصراع على السلطة ، تحت سقف الديمقراطي شكلاً والطائفية مضموناً ، وبين النظام . ثم ما لبث أن أدى ذلك إلى انقسام الحراك المعارض ، حيث نأى " التجمع الوطني الديمقراطي " بنفسه عن هذا المسار - باستثناء الحزب الشيوعي المكتب السياسي - ، وبقي " التجمع " يعمل تحت سقف التغيير الوطني الديمقراطي . كما أدى ذلك إلى ابتعاد الطبقات الشعبية وخاصة الطبقة العاملة عن الإنخراط في هذا الصراع الملتبس على السلطة .

وقد الغى التدخل الخارجي المتعدد الخلفيات والمستويات ، وتلاقي الحراك الإسلامي المعارض المسلح مع المخطط الخارجي ، الذي يستغل ضعف الموقف السوري ، بعد أن سحب " أنور السادات " مصر من جبهة الصراع العربي الإسرائيلي ، لإجبار الدولة السورية على التوقيع معاهدة " سلام " مع إسرائيل تخسر سوريا بموجبها الجولان المحتل وتخسر سيادتها الوطنية ، وكذلك غياب برنامج سياسي وطني اجتماعي ديمقراطي بديل للنظام القائم آنذاك ، ألغى اعتماد ما حدث في تلك الأيام على أنه " ثورة " . وعلى ذلك ، خلال الثلاثين عاماً الماضية ، وحتى الآن ، يطلق على ما حدث في تلك المرحلة تسميات عديدة إلاّ اسم " الثورة " ..

بعد أكثر من عشر سنوات ، جاء في كتاب " حوار حول سوريا " أصدرته دارعكاظ في لندن عام 1993 ألفه " محمود صادق " وهو اسم مستعار لكاتب سوري معارض ، يتقافز الآن على حبال المعارضات تعبيراً عن معارضته المستقلة ، جاء فيه في الصفحة ( 172 ) " قدمت المملكة العربية السعودية ، مابين 1972 - 1979 ( 25 ) مليار ليرة سورية للتيارات الدينية في سوريا باسم بناء مساجد في مختلف أنحاء سوريا " وبطبيعة الحال ، الأخوان المسلمون هم القوة الأساس في هذا التيار - حينها كان سعر الدولار نحو أربع ليرات سورية - . وقد تضمن هذا الكتاب تقييماً لأسباب تعرض الوضع السوري للضعف ما بعد توقيع السادات لمعاهدة " كمب ديفيد " مع إسرائيل ، واستغلال التيارات الدينية المتطرفة هذا الضعف لانتزاع السلطة .
وجاء بعد خمسة عشر سنة ، في تقرير قدمه ، قيادي يساري معارض ، لقيادة حزبه عن فترة سجنه التي امتدت أكثر من 15 سنة " عندما سئلت عما يفعله الأخوان المسلمون في سوريا ، قلت لهم أنهم يخدمون مخططاً استعمارياً لجر سوريا إلى معاهدة مع إسرائيل شبيهة بمعاهدة " كمب ديفيد " بين مصر وإسرائيل ، وفي تصريح صحفي له عن احتمال تحالفه مع الأخوان المسلمين من أجل التغيير في البلاد قال .. لن اقبل بالتحاف معهم إلاّ بعد أن يعتذروا عن الآلام التي ألحقوها بالشعب السوري في الثمانينات .. لكن عدم الاعتذار لم يحل دون التحالف المذكور الذي حدث أمام الملأ .
وقد أكدت معطيات تلك الأحداث ، أن مسلحي " الطليعة المقاتلة " وغيرهم من المسلحين ، الذين خاضوا المواجهات النارية الدموية في مختلف المدن السورية مع آليات الدولة العسكرية والأمنية ، قد تم تدريبهم من قبل الأردن والعراق والمملكة العربية السعودية .

في ذلك الحين " في الثمانينات من القرن الماضي " لم تكن قنوات الجزيرة والعربية وأورينت وزميلاتها موجودة بعد ، ولم يكن الإعلام التلفزيوني قد بلغ هذا المستوى من التكنولوجيا والانتشار كما هو الان ، ولم يكن الإعلام عموماً قد اكتشف واستخدم كسلاح تعبوي وتحريضي واسفزازي وموجه فعال ، يكاد أن يوازي ، بل يتجاوز ، الأسلحة الجوية التدميرية الشاملة كما يستخدم الآن . ولم تكن " دول " الخليج " باستثناء المملكة السعودية ، التي حظيت عائلاتها القبلية الرئيسية على ترخيص غربي لإقامة دول بأسمائها وتقاليدها المفوتة .. هي على ما هي الآن ، من قدرات مالية وعلاقات دولية مستقرة كجزء إقليمي تابع في المنظومة الإمبريالية العالمية . ولم تكن الدول الغربية ، بوجود الاتحاد السوفييتي ومعسكره الاشتراكي ، تستطيع أن تتمادى في سيطرتها ونفوذها كما تشاء على مستوى العالم وفي الشرق الأوسط ، كما فعلت في أوائل القرن الواحد والعشرين ، وتحاول أن تفعل الآن في عدد من الدول العربية " الجمهورية " متغيرات تنسجم مع مصالحها الاستعمارية . ولذلك انحصرت أصداء وتداعيات المواجهات السورية ، في الثمانينات الغابرة ، السياسية والعسكرية والعنفية ، إلى حد كبير ، ضمن الجغرافيا السورية كقضية داخلية بحتة . ولم يظهر منها سوى قمة جبل الجليد ، التي أطلت من مدينة حماة الضحية الأكبر للحرب بين من اختار السلاح من المعارضة الإسلامية لانتزاع السلطة ، وبين من اختار التمسك بالسلطة والدولة بأي ثمن .

لقد مارس المعارضون المسلحون أقصى ما في طاقتهم من العنف ، ودفعوا الثمن تصفيات سياسية وعقائدية وجسدية ، شلت قدراتهم على مدى ثلاثة عقود ، انعكست على المعارضات السياسية الأخرى اعتقالات وتهميش وانعدام وزن ، بل انعكست على المناخ السياسي العام ، حيث صودرت السياسة وتبعتها مصادرات الفكر والعقل المستقل والمبدع , ومارس اهل الحكم أقوى ما عندهم من آليات عسكرية وقمعية لسحق خصومهم ، وفرضوا نوعاً من الاستقرار المرتكز على الخوف والإخضاع ، ما حرم البلاد على امتداد ثلاثة عقود من النمو البشري والسياسي والاجتماعي الطبيعي . الأمر الذي نجم عنه دولة لاتملك قدرات مواجهة استحقاقات متغيرات الحاضر والمستقبل ، وخاصة المتغيرات الدولية البالغة القوة والخطورة على وجود الوطن كله ، وأنتج الكثير من النواقص والأخطاء والفساد ، حيث وصل الأمر إلى حد الاعتراف الرسمي بأهمية إحداث إصلاح جذري سياسي واقتصادي واجتماعي ودستوري في البلاد .

ما يعني بإيجاز ، أن الأوضاع في البلاد لايمكن أن تستمر بشكل عام ونوعي ، ولابد من إحداث تغيير يؤدي فعلاً إلى إعادة بناء سوريا ديمقراطية عادلة جديدة . وقد اصبحت جميع القوى السياسية والاجتماعية داخل الحكم وخارجه محكومة بأداء هذا الاستحقاق . وظهر في الشكل في المشهد السوري ، أن الجميع أخذ ينحو .. كل حسب خلفياته وأهدافه وقيمه .. وحسب ولاءاته الداخلية وامتداداته الخارجية ، نحو الزعم ، أنه سيحقق هذا التغيير .. وهو أهل لذلك . لكن في المضمون .. ما جرى واقعياً منذ وبعيد 15 آذار 2011 .. أخذ مناح أخر في معالجة مسائل التغيير .. والإصلاح ..

وكان إطلاق النار على متظاهرين في درعا في آذار 2011 ، هو الشرارة ألتي اطلقت أمنية معارض عبر قناة الجزيرة حول ما حدث في درعا ، إذ قال .. بأسلوب يعيد إلى الذاكرة أمنية ضيفي قبل ثلاثين عاماً في اقتحام المواجهات إلى أقصى الاحتمالات ، وينم على الرهان على الدم لإسقاط النظام " لقد وقع بشار الأسد في الفخ " . وتوالت الأحداث الدامية منذ وبعد 15 آذار 2011 ، على خلفية ، تكاد تطابق خلفية أحداث الثمانينات البائسة ، إنما بتلاوين وآليات داخلية وخارجية جديدة ، سياسية ، وطائفية ، ومالية ، وعسكرية ، وإعلامية ، حاملة عنوانين متناقضين .. الأول .. " الصراع بين الثورة والاستبداد " .. والثاني .. " الصراع بين الدولة والمؤامرة " ، وحاملة شبح المخططات الخارجية الاستعمارية " السناريو الليبي " لإسقاط النظام ..

الوقائع على الأرض ومعاييرها المطابقة ، للوطنية والديمقراطية والكرامة الإنسانية .. هي التي تحدد مصداقية الإجابة على السؤال الحاسم الآن في الأزمة السورية : هل الصراع في سوريا هو .. بين الثورة والاستبداد ؟ .. أم .. بين الدولة والمؤامرة؟ ..



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى تتوقف كرة الدم
- أول أيار وسؤال البؤس والثورة
- الهروب إلى الحرية
- لماذا السلاح .. وضد من ؟ ..
- بين غربتين
- حتى لاتكون سوريا سورستان
- من الحزب القائد إلى الدين القائد
- ضريبة السلاح ولعنة الدم
- دفاعاً عن الرايات الوطنية
- إعادة الاعتبار - للثورة - .. واليسار .. والاشتراكية
- إنتهاء زمن الحزب القائد
- من سيحدد خواتم الأزمة السورية
- الباحثون عن الشرعية والدعم خارج القاعدة والوطن
- العناوين الغائبة في الحوارات والمؤتمرات
- الثورات السلمية المغدورة
- سوريا بين عهدين
- في الحوار واللاحوار
- إيقاعات رقصة الحوار المر
- بين حوار الدم وحوار العقل
- الخطوة الأولى لأي إصلاح أو حوار


المزيد.....




- أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة أمستر ...
- على وقع حرب غزة.. مشاهد لاقتحام متظاهرين في اليونان فندقًا ي ...
- هل تقود الولايات المتحدة العالم نحو حرب كونية جديدة؟
- م.م.ن.ص// -جريمة الإبادة الجماعية- على الأرض -الحرية والديمق ...
- تمخض الحوار الاجتماعي فولد ضرب الحقوق المكتسبة
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 554
- الفصائل الفلسطينية ترفض احتمال فرض أي جهة خارجية وصايتها على ...
- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- حزب يساري بألمانيا يتبنى مقترحا بالبرلمان لدعم سعر وجبة -الش ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - السؤال الحاسم في الأزمة السورية 1 / 2