أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان (8): يهود ضد الختان















المزيد.....


مسلسل جريمة الختان (8): يهود ضد الختان


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 3774 - 2012 / 6 / 30 - 11:35
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


رأينا في المقالات السابقة كيف ان التوراة تلعب دورا هاما في تأسيس جريمة الختان التي لا يفلت منها إلا القليل من اليهود. حتى غير المتدينين منهم يقومون بهذه العملية. ولكن علينا أيضا ان نعترف ان هناك تيار يهودي يناهض جريمة الختان، رغم انه يمثل الأقلية. وتجدون على الانترنيت مواقع لهذا التيار أخص منها
http://jewishcircumcision.org/
http://www.jewsagainstcircumcision.org/
https://www.facebook.com/JewsAgainstCircumcision
ويشترك كثير من اليهود في مجموعات اخذت على عاتقها الغاء جريمة الختان. ودور اليهود في ذلك، رغم نسبتهم القليلة، مهم لأن التصدي للختان من قِبل غير اليهود يوصف نوعا من معاداة السامية. فوجود اليهود في ساحة المعركة يخفف من هذا الاتهام الخطير الذي تعاقب عليه قوانين كثيرة. وسوف أبين هنا كيف نشأ هذا التيار وما هو الاساس الذي يعتمد عليه في مناهضة جريمة الختان.

لم يمارس اليهود دائماً الختان
--------------------------------
توحي لنا نصوص التوراة أن الختان قد بدأ بإبراهيم الذي يُظن أنه عاش في القرن التاسع عشر قَبل المسيح وأن نسله مارس الختان منذ ذاك العهد. ولكن هناك شواهد تبيّن أن يهود مصر لم يكونوا يمارسون الختان بصورة شاملة. فسفر الخروج يخبرنا أن موسى هرب من مصر واتجه إلى مدين حيث تزوّج بصفورة ابنة كاهنها فأنجب منها ولدين، هما جرشوم واليعاز (خروج 15:2-22 و3:18). ثم رجع مع زوجته وابنيه إلى مصر. وفي طريقه إلى مصر ظهر له الله فطلب قتله. فأخذت صفورة صوّانة وقطعت غلفة ابنها ومسّت به رجلي موسى وقالت: «إنك لي عريس دم. فانصرف عنه (خروج 19:4-26). وهذا النص يبيّن أن موسى لم يكن مختوناً، وأن ولديه لم يكونا مختونين في الوقت الذي حدّدته التوراة (اليوم الثامن)، وأن صفورة ذات الأصل غير اليهودي ختنت فقط واحداً من ولديها بصوّانة، وقد يكون الابن البكر. فالنص يتكلم عن رجوع موسى مع ابنيه بصيغة المثنى (خروج 20:4)، بينما يتكلم عن ختان صفورة لابنها بصورة المفرد (خروج 25:4).
ويروي لنا سفر يشوع أن اليهود الذين ولدوا في البرّية بعد خروجهم من مصر لم يختنوا في صغرهم. وقد جاء أمر الله ليشوع بختانهم في البرّية (يشوع 2:5-9).
وتذكر التوراة أن الختان قد منع من قِبَل ملك إسرائيل آحاب (875-853 ق.م) وزوجته إيزابيل. وفي هذا الإطار نقرأ قول إيليّا في سفر الملوك الأوّل: «إني غرت غيرة للرب، إله القوات، لأن بني إسرائيل قد تركوا عهدك وحطموا مذابحك وقتلوا أنبياءك بالسيف، وبقيت أنا وحدي، وقد طلبوا نفسي ليأخذوها» (1 ملوك 9:19-10). وإشارة إلى هذا القول، يقوم اليهود بوضع كرسي لإيليّا كشاهد للختان.
ويروي لنا سفر المكابيين الأوّل أنه «خرج من إسرائيل أبناء لا خير فيهم فأغروا كثيرين بقولهم: هلمّوا نعقد عهداً مع الأمم التي حولنا، فإنّنا منذ انفصلنا عنهم لحقتنا شرور كثيرة» (1 المكابيين 11:1). وبناء على طلبهم، تم منع الختان من قِبَل الملك أنطيوخس (توفى عام 164 ق.م). فترك اليهود الختان ومنهم من ألغى علامة الختان بمد جلد الذكر لاسترجاع الغلفة (1 المكابيين 15:1 و48). وقد قاد رجال الدين ثورة على القوانين التي تمنع الختان وختنوا «بالقوّة كل من وجدوه في بلاد إسرائيل من الأولاد الغلف» (1 المكابيين 46:2). ونجد تيّاراً مماثلاً في القرنين اللاحقين للميلاد ممّا جعل رجال الدين اليهود يتشدّدون في الختان حوالي عام 140 ميلادي ويتمادون في القطع حتى يمنعوا استرجاع الغلفة وإخفاء الختان.
ونحن نجد في بعض نصوص التوراة استعمالاً مجازياً للختان. ففي سفر التكوين يرتبط وعد أرض الميعاد لإبراهيم ونسله بختان الذكر، بينما في سفر تثنية الإشتراع يرتبط هذا العهد بختان القلب (تثنية 5:30-6). وفي فصل آخر نقرأ: «والآن يا إسرائيل، ما الذي يطلبه منك الرب إلهك إلاّ أن تتقي الرب إلهك سائراً في جميع طرقه ومحباً إيّاه، وعابداً الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك [...]. فاختنوا غلف قلوبكم، ولا تقسّوا رقابكم بعد اليوم» (تثنية 12:10 و16). وفي سفر الأحبار يتوعّد بإهلاك وإذلال قلوب اليهود الغلف بسبب إثمهم (الأحبار 38:26-41). وسفر أرميا يقول إن الله يعاقب على السواء غير المختونين في الجسد من الأمم واليهود المختونين في الجسد ذوي القلوب الغلف (أرميا 24:9-25). وقد استعملت التوراة كلمة «غرلة» متصلة مع كلمة الشفاه. فموسى يقول عن نفسه إنه «عرل شفتيم»، وقد تُرجمت بثقيل اللسان، أي يتعثر بكلامه (الخروج 12:6 و30). وأرميا يستعمل كلمة «غرلة» متصلة بكلمة الآذان: «من ذا أكلم ومن أشهد عليه فيسمعوا. ها إن آذانهم غلف فلا يستطيعون الإصغاء» (أرميا 10:6).
هناك إذاً بجانب ختان غلفة الذكر ختان الشفتين وختان القلب وختان الآذان. وهو تعبير عن تطهير النفس وعدم اقتراف الإثم بتلك الأعضاء. وقد يكون هذا تطوّراً لاحقاً للختان الجسدي، أو سابقاً له، أو تيّاراً فكريّاً موازياً له يرفض النظر إلى المظاهر الخارجيّة.

الجدل ضد الختان عند المجدّدين اليهود الألمان
--------------------------------------------------
بعد الثورة الفرنسيّة عام 1789، كان في أوروبا توجه عام يهدف إلى خلق مجتمع مدني تُلغى فيه الحواجز الطائفيّة وتجعل من الأفراد مواطنين متساوين في الحقوق. فقد أبدت الحكومات استعداداً لدمج الطوائف الدينيّة كاليهود. وكان مطلوباً من تلك الطوائف الدينيّة الخروج من تقوقعها لكي يستفيد أفرادها من الحقوق التي تهبها الحكومات. وكان نابليون شخصياً معادياً لهذا التقوقع الطائفي إذ فرض على اليهود كسر الغيتو اليهودي للانفتاح على الخارج في المناطق التي وقعت تحت سيطرته.
وضمن هذا الاتجاه كان ميلاد التيّار المجدّد اليهودي الذي كان يدعو إلى القبول المتبادل بين اليهود وغير اليهود. ففي خطاب افتتاح أوّل «هيكل يهودي مجدّد» في عام 1810 في مدينة «سيسين» الألمانيّة التي كانت تحت سيطرة الجيش النابليوني، اعتبر «إسرائيل جاكوبسون» أن الطقوس والعادات الدينيّة اليهوديّة معادية للعقل وهي إهانة للإنسان العاقل. وطالب طائفته بالتجديد الديني وبث مبادئ أكثر سلامة. وطالب في نفس الوقت من المسيحيّين أن يتقبّلوا اليهود في مجتمعهم وفي أعمالهم المهنيّة.
وقد قاد هذا الفكر التجديدي عند اليهود إلى التصدّي لتقاليد طائفتهم الدينيّة معتبرين أن كل تقليد لا يتفق مع العقل والتقدّم العلمي يجب إبعاده. ومن بين تلك التقاليد الختان. وكانت هذه العادة ممارسة بصورة عامّة بين اليهود لسببين: الأوّل هو اعتقادهم أن الختان أمر إلهي موحى ومُلزِم، والثاني خضوعهم لنظام الطوائف الذي يسيطر عليه رجال الدين. وكان هؤلاء يفرضون الختان فرضاً، وكل من تساوره نفسه بعدم ختان ابنه كان يستبعد من الطائفة. ومع تزعزع سلطة رجال الدين اليهود، أتيحت الفرصة لبعض اليهود طرح تساؤلات حول معنى الوحي ولزوم تطبيقه، بما في ذلك الأمر الإلهي بالختان. وقد فُتح النقاش حول الختان فعلاً عام 1842 في مدينة فرانكفورت الألمانيّة من قِبَل مجموعة يهوديّة علمانيّة أطلقت على نفسها «أصدقاء التجديد»، وهو تعبير يوازي تعبير «أصدقاء النور» الذي كان يأخذ به مناصرو التيّار الحر البروتستانتي ذو الصبغة العالميّة. وكان من بين مطالب «أصدقاء التجديد» حذف الختان كعلامة تمييز بين الناس. فوضعوا في برنامجهم اعتبار الختان أمر غير مُلزِم لليهودي. إلاّ أنهم حذفوا هذه النقطة لاحقاً تحت ضغط رجال الدين اليهود. وقد اقترح هؤلاء المجدّدون في منشور دون ذكر اسم المؤلف بأن يُستَبدَل الختان الدموي بطقس ديني للذكر والأنثى أطلق عليه تقديس اليوم الثامن، الهدف منه إدخال كل من الذكر والأنثى في العهد وإعطاؤه اسماً يهوديّاً. وكان بعض المجدّدين لا يخفون بأن قصدهم كان إلغاء الاعتقاد بديانة ذات وحي وإلغاء الفروق بين الأديان.
وبعد هذا بقليل، وعلى أثر حوادث موت أطفال يهود نتيجة للختان، قامت إدارة الصحّة في مدينة فرانكفورت بنشر تعليمات بأنه على «اليهود المحليين الذين يريدون ختان أطفالهم» اللجوء إلى أشخاص مؤهّلين طبّياً وإدارياً. وقد كان القصد من هذه التعليمات ظاهرياً تفادي المشاكل الصحّية للختان، ولكن في حقيقتها أخِذَت تحت تأثير التيّار المجدّد المعادي للختان بقصد إضعاف سلطة رجال الدين. وقد فُسِّرَت فعلاً من قِبَل هذا التيّار بأن الختان أمر متروك لإرادة أهل الأطفال وليس لإرادة السلطة الدينيّة اليهوديّة، ممّا أدّى إلى ترك بعض اليهود أولادهم دون ختان. وقد حاول الحاخام «سلمون ابراهام ترير» الحصول من حكومة مدينة فرانكفورت على تعديل للتعليمات المذكورة بحيث لا تُفسَّر بالمعني الذي يريده المجدّدون. إلاّ أن الحكومة أجابت بأن القصد من تلك التعليمات لم يكن إلغاء أمر إلهي، رافضة التدخّل في موضوع يخص الحرّية الفرديّة. وبعد أن رفض بعض اليهود ختان أبنائهم، رجع الحاخام للحكومة طالباً الحق في فصلهم من الطائفة اليهوديّة، مبيّناً أن اليهودي الذي يرفض ختان ابنه يعاقب حسب القوانين اليهوديّة بالموت. ولكن الحكومة أجابت بأنها تأسف أن يقوم بعض الأفراد اليهود في الإساءة للطائفة اليهوديّة، ولكنّها في الوقت نفسه تأسف لعدم إمكانيّة أخذ الإجراء الذي يطلبه الحاخام. عندها، أرسل الحاخام المذكور رسالة إلى 80 حاخاماً يهوديّاً أوروبياً طالباً أخذ موقف ضد حركة المجدّدين. وقد جاءت أكثر الأجوبة مؤيّدة لموقف هذا الحاخام، معتبرة اليهود الذين يرفضون الختان مرتدّين يجب إقصائهم عن الطائفة اليهوديّة وقطع كل علاقة معهم ورفض زواجهم أو دفنهم في المقابر اليهوديّة. وهكذا بقي الختان شرطاً أساسياً للانتماء للطائفة اليهوديّة. ولكن ذلك أدّى إلى انشقاق الطائفة اليهوديّة.
وقد امتد نقد الختان من ألمانيا إلى فينا حيث قام ما لا يقل عن 66 طبيباً يهوديّاً في عام 1866 برفع عريضة لمجمع الطائفة اليهوديّة هناك يعارضون فيها ممارسة الختان. ولكن رجال الدين اليهود اختلفوا فيما بينهم بسبب عواقب إلغاء الختان إذ منهم من يعارض تزويج امرأة يهوديّة لرجل غير مختون. وفي عام 1871 جاء القرار الآتي من المجمع اليهودي المنعقد في مدينة «اوجسبورج»: «إذ يقر المجمع أنه لا شك في المعنى السامي والهام للختان في اليهوديّة، إلاّ أنه يقر أيضاً بأن الطفل الذي يولد من أم يهوديّة ولم يختن لأي سبب كان هو طفل يهودي ويجب أن يعامل كذلك في كل المواضيع المتعلقة بالطقوس الدينيّة». وقد جاء هذا الموقف رداً على تزايد عدد الأطفال اليهود غير المختونين في ألمانيا والنمسا.

الجدل الحالي حول الختان في الولايات المتحدة
------------------------------------------------
انتقل هذا التيّار المجدّد من ألمانيا مع المهاجرين اليهود إلى الولايات المتحدة حيث اختلف رجال الدين اليهود المجدّدين في فيليديلفيا عام 1869 فيما إذا كان ضرورياً ختان من يتحول لليهودية. فبينما رأي البعض عدم ضرورة الختان، إلاّ أن القرار كان بضرورة ختانه لأنه «يُدخل في اليهوديّة أموراً كثيرة غير طاهرة» ولأن الختان «يحمي اليهوديّة من تلك النجاسات». وقد انقلب الوضع عام 1892 حيث قرّر رجال الدين اليهود المجدّدين عدم فرض الختان على من يتحوّل إلى اليهوديّة.
إلا أن الختان سرعان ما انتشر في الولايات المتحدة بين المسيحيين الأمريكيّين وأصبح يمارس بصورة روتينيّة على الأطفال حديثي الولادة قَبل خروج الأم من قسم الولادة في المستشفيات. وقد خُتن اليهود بين من ختن هنالك. وتدريجيّاً لم يعد سبب للجدل الذي أوجده المجدّدون الألمان ضد الختان ضمن خطتهم في الاندماج مع محيطهم. فقد اختلف الأمر في الولايات المتحدة إذ أصبح الختان هو العادة وعدم الختان هو الشذوذ. وحاول رجال الدين اليهود الاستفادة من تمكن عادة الختان الطبّي لإدخال الختان الديني. فقاموا بتأهيل خاتنين دينيين في مدارس خاصّة لإعطاء الختان الطابع الديني ممّا يساعد على استعادة مركزهم ودورهم الذي فقدوه في القرن الماضي. وقد ساعد على ذلك كون أن الولايات المتحدة تعترف بالزواج الديني. فجعل رجال الدين اليهود عقد زواج أعضائهم مرتبطاً بالختان.
وقد أدّت الأحداث المفجعة التي ألمّت باليهود في الحرب العالميّة الثانية في ألمانيا وخلق دولة إسرائيل على انتعاش الختان. فهناك من يرى فيه رباط مع اليهوديّة. وقد قرّرت الجمعيّة العموميّة لحاخامات أمريكا عام 1979 بأن الختان هو وصيّة واجبة لإدخال الطفل في العهد، وأن الختان وحده لا يكفي لدخول العهد بل يجب أن يصاحبه الصلوات الطقسيّة وأن تجرى على قدر الإمكان من قِبَل شخص متخصّص عنده معرفة دينيّة وطبّية، أي الخاتن.
غير أن الوضع بدأ يتحول إذ أخذ المسيحيّون يعارضون الختان بسبب مضارّه الطبّية والنفسيّة، ولحق بهم بعض اليهود. ورغم عدم تعرّض المسيحيّين للفكر الديني إلاّ قليلاً، فإن توجيه النقد للختان على أساس مضاره يؤثر أيضاً على ممارسة الختان الديني بين اليهود ذاتهم. فإذا ما فقد الختان أهمّيته كعادة اجتماعيّة، ولم يعد له سبب طبّي يبرّره، ولم تعد شركات التأمين تغطي تكاليف العمليّة الطبّية، فإن عدد غير المختونين بين غير اليهود سينقص. وهذا يؤدّي إلى انخفاض المحيط المشجّع للختان بين اليهود إذ لن يعود هناك ختان لأسباب طبّية بل فقط ختان لأسباب دينيّة. وهذا يعني أن اليهود الذين كانوا يختنون أطفالهم لأسباب طبّية أو اجتماعيّة أكثر ممّا لأسباب دينيّة سوف يفقدون السبب الذي من أجله سيختنون أطفالهم. وإذا ما أغلقت نافذة الختان الطبّي في الولايات المتحدة، فإن ذلك يعني أن رجال الدين سوف يفقدون القاعدة التي كانوا يراهنون عليها كما أنه يعني تجدّد الجدل حول الختان بين اليهود كما كان عليه في بداية عصر المجدّدين اليهود الألمان. وهذا فعلاً ما بدأ يحصل في الولايات المتحدة. فهناك عدد غير قليل من اليهود الذين يشاركون في هذا الجدل. وقد زاد هذا النقد ضد الختان حدّة دخول النساء ساحة المعركة ومطالبتهن بالمساواة مع الرجال. ثم جاء تقدّم علم النفس ليدعم موقف التيّار المعادي. وقد أجمل «هوفمان» في ثلاث نقاط الجدل حول الختان بين اليهود في الولايات المتحدة:
- على المستوى الطقسي، يُعتبر الختان مخالفاً لمبدأ المساواة بين الذكر والأنثى. فالختان هو أحد الطقوس التي تؤهل الطفل الذكر في دخول حلقة الرجال المسيطرين على المجتمع. وفي عصرنا الذي يطالب بالمساواة، أصبحت النظرة إلى ختان الذكور نظرة سلبيّة. ممّا جعل البعض يحاول إيجاد مخرج لهذه المشكلة بخلق نظام ختان رمزي للبنت.
- على المستوى الطبّي، لم يَعد للختان تلك الأهمّية الطبّية التي كانت تظن سابقاً. وبما أنه لا فائدة صحّية له فإنه لا حاجة له.
- على المستوى الأخلاقي، يُنظر حاليّاً للختان كعمليّة تشويه جسديه تجرى على الأعضاء الجنسيّة لطفل لا يستطيع الدفاع عن نفسه. ممّا يعني أن الختان أصبح عملاً منافياً للأخلاق.

انتقال نقد الختان إلى إسرائيل
-------------------------------
بالإضافة إلى عدد من اليهود غير المختونين القادمين من الاتحاد السوفييتي، هناك في إسرائيل عشرات من أهالي الأطفال اليهود الذين يرفضون ختانهم. فهم يعتقدون بأنه ليس من الضروري بتر غلفة الطفل حتى يصبح يهوديّاً إذ إن اليهودي هو كل من يولد من أم يهوديّة. وقد أسّس بعض نشطاء حقوق الإنسان في إسرائيل جمعيّة تدعى «جمعيّة مكافحة الختان في إسرائيل وفي العالم».
هذه الجمعيّة تعتبر الختان عمليّة بدائيّة وهمجيّة. وقد رد عليهم طبيب ولادة إسرائيلي في مستشفى «شآري تصيديق» في القدس بأن الختان يحمي من الأمراض ومفيد للنظافة. وتجيب الجمعيّة بأن عدد الأطفال الذين يموتون بسبب الختان أكبر من عدد الأطفال الذين قد ينجون من الموت بسبب الأمراض التي قد يحمي منها الختان. والختان ليس ضروريّاً للمحافظة على النظافة، فيكفي غسل الجسم للوصول إلى هذه الغاية. وتضيف بأن موسى ابن ميمون يرى في الختان وسيلة لإضعاف اللذّة الجنسيّة. كما أن الختان عمليّة مؤلمة للأطفال تجرى عليهم دون موافقتهم وتسبّب لهم اضطرابات عقليّة. والذين يقومون بالختان يحتفلون ويفرحون من حول الطفل المختون دون أن يعيروا أي اهتمام لألمه.
ومعارضة الختان في إسرائيل ليس بالأمر البسيط إذ إن غير المختون لا يُدفن في المقابر اليهوديّة. والأهالي الذين يرفضون ختان أطفالهم يلقون عنتاً كبيراً من قِبَل أقاربهم وأصدقائهم الذين يقطعون العلاقات معهم. وهؤلاء الأهالي يلتقون مرّة كل أسبوعين لدراسة كيفيّة تكثيف كفاحهم ضد الختان. هذا وقد انضم لهذه الحملة المغني والناقد الأدبي الإسرائيلي «مناحيم بن» الذي يقول بأنه ختن ابنه على طريقته وذلك من خلال ختان القلب كما جاء في التوراة.
وقد تصدّى لهذه الحملة رئيس الحاخامات الإسرائيلي «الياهو باكشي دورون» الذي قال بأنه كان يعلم أن هذا سوف يحدث في آخر الأمر. فقد استولى بغض الذات على الشعب. وفكرة أن كل ما هو يهودي هو شيء بغيض امتد حتى إلى الختان علامة العهد. ويضيف أن الأضرار التي يدّعيها معارضو الختان لا تسمح بالشك في عادة قديمة. ويتساءل: «من هو الذي يقرّر بأن أمراً ما بدائي وقديم ومؤلم؟ فالحمد لله أن الشعب اليهودي قد عاش على هذه الوتيرة منذ أجيال. وحتى أن كان صحيحاً أن الختان ينقص اللذّة الجنسيّة، فهذا ليس مصيبة كبرى».
وقد حاولت في يناير 1998 جمعيّة يهوديّة معارضة للختان في إسرائيل اسمها «الجمعيّة المعارضة لبتر الأعضاء الجنسيّة للأطفال» الحصول على قرار من المحكمة الإسرائيليّة العليا يجعل من ختان الذكور مخالفاً للقانون الخاص بكرامة الإنسان وحرّيته، ويفرض إجراءه في المستشفيات مثله مثل العمليّات الجراحيّة الأخرى بعد الحصول على موافقة خطية من الأهل. وتطلب الجمعيّة من المحكمة أن تفرض مناقشة هذا الأمر على وزارتي الصحّة والشؤون الدينيّة، والمدّعي العام والهيئة الخاصّة بمراقبة الخاتنين. وقد قَبلت المحكمة دعوى الجمعيّة، ممّا أزعج المدّعي العام الذي اعتبر بأنه من غير المعقول أن تكون إسرائيل هي الدولة والوحيدة في العالم التي تمنع ختان الذكور. غير أن المحكمة عادت ورفضت القضيّة في مايو 1999 دون تقديم أسباب لذلك الرفض، مكتفية برد الحكومة.

موضوع مقالي القادم
---------------------
سوف استمر في مقالي القادم عرض الختان عند اليهود

يمكنكم تحميل كتابي: ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين
الجدل الديني والطبّي والإجتماعي والقانوني
من الرابط التالي
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلسل جريمة الختان (7): عواقب عدم الختان في اليهودية
- الشيخ احمد القبانجي يؤكد أن القرآن ليس كلام الله
- مسلسل جريمة الختان (6): النصوص التوراتية الاخرى
- مسلسل جريمة الختان (5): الختان واليهود ومصيبة النبي ابراهيم
- مسلسل جريمة الختان (4): الختان عند قدامى المصريين
- مسلسل جريمة الختان (3): انواع ختان الذكور والاناث
- مسلسل جريمة الختان (2): لماذا هذا الاهتمام؟
- مسلسل جريمة الختان (1)
- دعوة القادة العرب والمسلمين للتزلج على الثلج
- كيف يمكنك ان تصبح نبيا ناجحا؟
- اعتراف رسمي بفشل الدين االاسلامي
- لماذا لا اصبح مسلما؟
- القرآن يطلب تغطية الفرج وليس الرأس
- تجديد الفكر الديني أم خلق دين جديد؟
- الحلول التي يقترحها المفكرون المسلمون لحل النزاع ما بين القا ...
- حرية الاعتقاد في العالم العربي
- الحركات الإسلامية ومصير التماثيل والصور في مصر وخارجها
- أهمية المجانين في المجتمع العربي
- كيف يمكن حماية البشرية من مضار الكتب المكدسة (المقدسة)؟
- الفيلسوف زكي نجيب محمود ينتقد اسلام وفكر روجي جارودي


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان (8): يهود ضد الختان