أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - لغة الإسلام السياسى














المزيد.....

لغة الإسلام السياسى


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 3769 - 2012 / 6 / 25 - 15:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لغة الإسلام السياسى

اللغة والفكر جانبان من كل عضوىّ واحد، اللغة تشكـّل الفكر بمثل ما يشكـّل الفكر اللغة. ويمكننا القول بأن التقدم الثقافى للجنس الإنسانى عامة وللجماعات البشرية المختلفة يتحقـّق فى مفاهيم تأتى متجسّدة فى لغة محدّدة.
وليسمح لى القارئ بأن أستشهد هنا بتجربتى الخاصة. لأسباب ليس هذا مجال شرحها كتبت كتبى كلها أولا بالإنجليزية قبل أن يتاح لى مؤخرا ترجمتها إلى العربية، وقد توليت بنفسى ترجمة كتبى، باستثناء كتاب واحد ترجمَتـْه الكاتبة الروائية سحر توفيق. وعند ترجمة كتبى وجدتنى مضطرّا لخلق لغة جديدة لتجسيد المفاهيم الجديدة فى كتاباتى الإنجليزية. ومن بعد ذلك حين أخذت أكتب هذه المقالات لموقع الحوار المتمدّن لاحظت أن أسلوبى حين أكتب بالعربية رأسا يختلف عنه حين أترجم ما كتبتـُه أصلا بالإنجليزية، فاللغة تتحكـّم فى مسار فكر الكاتب. أعتذر عن هذا الاستطراد الهامشى ولأنتقل الآن للبّ الموضوع.
حفزنى إلى تناول هذا الموضوع الآن ما لاحظته من استشراء لغة الفكر الإسلامى فى الخطاب السياسى منذ أن تصاعد مدّ الإسلام السياسى فى بلادنا فى أعقاب التحرّك الثورى فى يناير 2011، وإن كان تسلل لغة الفكر الإسلامى إلى المجال السياسى قد بدأه، فى ظنى، أنور السادات فى تشجيعه لاستخدام مفهوم المبايعة، وفى تعديل المادة الثانية من الدستور، وفيما كان يبتدعه من عبارات مثل مصطلح ‘الرأى والرأى الآخر’ الذى كان فى حقيقته هروبا مراوغا من الحديث عن حرية الفكر والتعبير، وما أظن اختياره للفظ ‘الشورى’ اسما للمجلس النيابى الثانى إلا تملـّقا لفكر الإسلام السياسى.
فى أول جلسة عقدها مجلس الشعب المصرى الذى جاءت فيه أغلبية من تيار الإسلام السياسى تتكون من أكثرية من الإخوان المسلمين وفئة من السلفيين وغيرهم من التيارات الإسلامية، رأينا فى جلسة أداء اليمين الدستورية كيف حاول عديد من الأعضاء الإسلاميين إلحاق عبارة "بما لا يخالف شرع الله" بالصيغة القانونية للقسم. ومن الجلى أن هذه الإضافة ليست أمرا شكليا بلا مضمون، فهى تعنى أن العضو يقيّد التزامه بالدستور والقانون بما يراه هو أو ما تراه مرجعيته الدينية موافقا لشرع الله. ومن بعد الجلسة الأولى رأينا كيف كان الفكر الأصولى يتحكـّم فى أداء المجلس.
من بعد ذلك جاءت الانتخابات الرئاسية، وفى الحملة الانتخابية للمرشح الإخوانى محمد مرسى كم سمعنا من مبايعات، ناهيك عن حديث الفتح الإسلامى الثانى لمصر، وحديث تطبيق الشريعة، وحديث الخلافة الإسلامية. ومن قبل أن تعلن النتيجة رسميا رأينا من بعض الإسلاميين من يطلب أن يبايع المجلسُ الأعلى للقوات المسلحة الرئيسَ الإخوانى. وأخيرا أعلن رسميا فوز محمد مرسى رئيسا منتخبا، وألقى الرئيس خطابه الأول فسمعناه يقول: "أطيعونى ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لى عليكم." كلام حسن فى ظاهره، لكن لغة الخطاب الإسلامى فيه لا يمكن فصلها عن فكر المرجعية الدينية. إن رئيسنا المنتخب لا يلزم نفسه بإطاعة الدستور والقانون بل بطاعة الله، وطاعة الله شأن شخصى بين الفرد وربه، وحتى إذا ما استقرّ رأينا على أن الرئيس لم يطع الله فينا، فإننا نكون فى حِل من طاعته، ثم ماذا؟ إننا نريد رئيسا مدنيا ديمقراطيا يخضع للدستور الوضعى وللقانون الوضعى، فإن خالف الدستور والقانون حاسبناه.
ومرة أخرى تطالعنا فكرة المبايعة، فنقرأ أن مرشد الإخوان المسلمين يبايع مرسى رئيسا. علينا أن نفهم فى وضوح أن مفهوم المبايعة يناقض مفهوم الانتخاب الديمقراطى. ليس الأمر أمرا شكليا ولا هو مجرد وضع لفظ مكان لفظ آخر. اللفظ يجسّد مفهوما ومفهوم البيعة يتناقض مع مفهوم الدولة المدنية الديمقراطية.
وينطبق هذا على كل لغة الإسلام السياسى التى تنطوى على مفاهيم لا يمكن التوفيق بينها ومفاهيم الدولة المدنية الديمقراطية. وإذا كنا لا نستغرب استخدام دعاة الدولة الدينية الثيوقراطية (وإن تستـّروا وراء دعوى دولة مدنية بمرجعية إسلامية، وهى دعوى تقوم على مغالطة صارخة وخداع خبيث) — إذا كنا لا نستغرب استخدام دعاة الدولة الدينية للغة الإسلام السياسى، فعلى الداعين للعلمانية والديمقراطية أن يتنبهوا لخطر هذه اللغة. — اللغة فكر. ولغة الإسلام السياسى تجسّد فكر المرجعية الدينية والدولة الثيوقراطية وتهدم مفهوم الدولة المدنية الديمقراطية من الأساس.
اللغة فكر، وإذا كنا ننادى بدولة مدنية علمانية ديمقراطية تقوم على احترام القانون الوضعى وترعى حرية الفكر والتعبير والإبداع وتصون حقوق الإنسان التى هى للإنسان من حيث كونه إنسانا بدون اعتبار للنوع أو الجنس أو اللون أو العقيدة — إذا كنا ننادى بهذا فعلينا أن نتنبّه إلى أن لغة الإسلام السياسى بمثابة حصان طروادة الذى إن تسلل إلى ثقافتنا فإنه كفيل بأن يهدم كل ما نحلم بأن نبنى.

القاهرة، 25 يونية 2012



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيلسوف والسياسة
- من هو المثقف؟
- هل الإخوان شركاء الثورة؟
- بكائية للثورة
- ضرورة نقد الدين
- المفهوم الفلسفى للدين
- مسيرة الفكر الإنسانانى
- دعوة للعقلانية
- ظاهرة زغلول النجار
- همس الحيّة
- مصر فى التوراة
- رسالة إلى فضيلة الشيخ يوسف القرضاوى
- دعوة للعقلانية


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - لغة الإسلام السياسى