أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - التدليس في الخطاب الإعلامي الديني ... محمد العوضي كنموذج















المزيد.....

التدليس في الخطاب الإعلامي الديني ... محمد العوضي كنموذج


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 3763 - 2012 / 6 / 19 - 13:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يكون الخطاب الإعلامي، الديني والسياسي العربي، الدعائي الموجه عادة ذو نبرة عالية وذو توجه أحادي. فالنبرة العالية ضمن هذا الخطاب الدعائي يُراد له أن يوحي لمستمعيه بأن الحق هو في جانب المتكلم لا محالة. أما الصفة الأحادية، سواء في انفراد المتكلم ضمن محيطه أو ضمان الحضور والمتكلمين بأنهم ينتمون إلى نفس النسق الفكري والعقائدي أو الاستشهاد بالمصادر والنصوص بطريقة انتقائية تخدم الغرض الدعائي ولا تتحداه، هذه الأُحادية سوف تضمن الإيحاء للمشاهد أو المستمع بموضوعية محتوى الرسالة الدعائية المراد إيصالها. وفي الغالب فإن أكثر الأفكار والأيديولوجيات والأديان تتبنى الإعلام الموجه بطريقة أو بأخرى لخدمة أغراضها. فحسب علمي المتواضع لم تسلم أية فكرة أو أية فلسفة أو أي دين من الانخراط في مثل هذه الممارسات لصالح القضية التي يراد لها أن تهيمن الوعي الإنساني. ولذلك فإن الاعتراضات على مثل هذه الأساليب تكون عادة قليلة لأن الكل، على الحقيقة، يمارسها بطريقة أو أخرى. ولكن عندما يجنح هذا الفكر أو ذاك الدين إلى تبني الأساليب الإعلامية الدعائية الموجهة لمهاجمة فكر آخر أو منهج آخر أو دين آخر، فإن المسألة سوف تتبدل تماماً من محاولة للـ “تسويق” إلى محاولة للـ “خديعة“، لأن رجل الدين أو صاحب العقيدة الإيمانية، على الأخص، لا يستطيع أن يبدي وجهة نظر موضوعية أو محايدة عن المخالف له في الفكر أو المنهج أو العقيدة أو الدين إلا، ربما، في حضور ونقاش وتحدي ذلك الآخر المخالف له، وهذا غير متاح في أي خطاب إعلامي موجه ذو طابع دعائي يتبناه هؤلاء.

اطلعت من خلال الشبكة العنكبوتية على حلقة من أربع أجزاء بعنوان (قذائف) تحت موضوع (الحجاب العلماني) من تقديم محمد العوضي جرى بثها في سنة 2008 (الرابط في نهاية المقال). وفي الحقيقة، أول ما قرأت عنوان (الحجاب العلماني) اعتقدت للوهلة الأولى أن الموضوع فكري سياسي بالدرجة الأولى، ولكن هذا الاعتقاد هو أبعد ما يكون عن حقيقة محتوى هذه الحلقات. فالحلقات الأربع لا تتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى فكرة “العلمانية” ولكنها تتكلم عن حجاب المرأة في مقابل التعري (!!!).

ابتدأ محمد العوضي حلقته بهذه السلسلة من العبارات:

“الحجاب العلماني، وقصدنا بذلك هذه المظهرية الكاذبة الخادعة لتمثل الحكم الشرعي وهو الحجاب، أي الخلل في تطبيق الحكم الشرعي. أما علمنة الحجاب والحجاب العلماني فهي صورتان مكتملتان، ليست العبارات مترادفة، شطر منها يؤسس فكرياً لقضية علمنة الحجاب، أما الحجاب العلماني فهو الواقع الذي تأسس على هذا التنظير الفكري“.

هذا، باختصار، كلام فارغ جملة وتفصيلاً ولا معنى له. وأنا في الحقيقة لا أتحدى فقط محمد العوضي، ولكن أتحدى كل واحد يرى رأيه أيضاً أن يشرح، منطقياً وفكرياً، هذا الكلام وخصوصاً العبارات الأخيرة منه. مثل هذا الحشو الذي لا معنى له من الكلمات المتراصة بجانب بعضها على نسق غير منطقي وغير مفهوم، الهدف منه بالتأكيد هو الإيحاء متعدد الأغراض. إذ أنه يعتقد بإنه إن جنح للكلام المغلق غير المفهوم للأغلبية فإن هذا سوف يعطي انطباعاً للمشاهد العادي بالعلمية والثقافة، ولكنه أيضاً من جهة أخرى يريد أن يرسخ مفهوماً سيئاً بدرجة ما لكلمة (العلمانية) بواسطة ربطها مباشرة في ذهن المُشاهد أو المُستمع كنقيض مباشر للحجاب الإسلامي حتى وإن كان محتوى الكلام غير منطقي وغير سوي فكرياً. إذ أن مقدم البرنامج يعلم يقيناً أنه لن يعترض عليه أي أحد، على الأقل مباشرة وأمام متابعي حلقات برنامجه، من أن الفكرة العلمانية لا شأن لها بممارسات طقسية لأي دين. فالفكرة العلمانية هي إما وسيلة سياسية لإدارة دولة وتشريع أو وسيلة منهجية لمعرفة الحقيقة. ففي الأولى، فإن الهند مثلاً من يشرع للدولة هو المسلم على المذهب الحنفي والذي لن يصلي حتى يغطي رأسه بغطاء للرأس وبجانبه الهندوسي ذو العلامة الحمراء على جبهته وبجانبه السيخي ذو العمامة والإسوارة الحديدية وبجانبه الجيني ذو الإزار وربما يدخل البرلمان حافياً وبجانبه البوذي الآتي من الشمال والذي لا يعترف بخالق أو رب أصلاً. أما على المفهوم الثاني، على أنها وسيلة منهجية لمعرفة الحقيقة، فإن العلمانية تصر على أن البحث العلمي يجب أن يكون بمعزل عن التدخلات النصية التقريرية، سواء كانت غيبية أو غيرها، وأن لا يخضع البحث لغير التجربة والبرهان والدليل. وبسبب هذا المنهج الثاني فإن الإستديو الذي سجل فيه محمد العوضي برنامجه، بكل ما فيه من معدات وتكنولوجيا، إضافة إلى الملابس التي يلبسها وحتى مواد تصنيع عقاله الذي فوق رأسه قد دخلت فيه التكنولوجيا الحديثة التي هي نتيجة للمناهج العلمية العلماني. ولكن هذا “الوضوح” يبدو غائباً تماماً عن مقدم البرنامج في سبيل قضية هو يريد أن يرسخها في عقول مشاهديه.

عندما يشاهد القارئ الكريم الحلقات المشار إليها أعلاه سوف يلاحظ ملاحظة مهمة. محمد العوضي لا يقارن (الحجاب) بقضية (السفور) كما هو متعارف عليه ضمن المجتمعات الإسلامية للسيدات اللاتي لا يغطين شعورهن، ولكنه يقارن الحجاب بـ (التعري). هذه المقارنة تبدو فجة بعض الشيء. إذ أن السؤال الذي يجب أن يُطرح عليه مباشرة هو: هل التي لا تغطي شعرها بالحجاب تُعتبر (متعرية)؟ والإجابة هنا لا تحتمل أكثر من “نعم" أو "لا”. وأنا أجزم بأن الإجابة من محمد العوضي سوف تكون ملتوية بعض الشيء، إذ لو كانت الإجابة بـ “لا”، فإن السؤال التالي له هو: وما المناسبة إذن في ربط الحجاب بالتعري وليس السفور؟ وأجزم أيضاً بأن إجابته لن تكون بـ “نعم”، لأن الوسيلة الدعائية التي يتبناها لتسويق نفسه شخصياً قبل أفكاره سوف تكون مهددة وخصوصاً في مجتمع، مثل المجتمع الكويتي، به نسبة كبيرة من غير المحجبات ولكنهن حتماً غير “عاريات“. ولكن الغرض الحقيقي من ربط الحجاب مع التعري هو محاولة ساذجة، ربما تنطلي على بعض مشاهديه، لربط مفهوم العلمانية بالتعري والتفسخ الأخلاقي، وهذا بالذات ما لا يستطيع محمد العوضي، ولا مئة ألف مثله وعلى منهجه وفكره، إثباته بطريقة منهجية هادئة عقلانية ومنطقية. هو يعلم ذلك مقدماً، ولهذا السبب انخرط في الكلام عن فاتن حمامة(!!) والتأكيد على إن الإنسان (حيوان لابس) وليس (حيوان ناطق)(!!!) والقراءة الانتقائية لمشاهديه، والتأكيد ضمناً مرة بعد أخرى على مرادفة الحجاب بالعري.

بدلاً من أنخرط في رد مثل هذا التهافت في الحقيقة، فإنني سوف ألجأ إلى التاريخ “الإسلامي” لأضرب له أمثلة “صارخة” حتى يخصص لنا بعدها محمد العوضي حلقات مقبلة يخبر فيها مشاهديه كيف أنتهى هؤلاء المسلمون، وبمعزل تام عن الفكرة العلمانية، إلى ممارسات أصبح يلصقها هو جهاراً نهاراً بالعلمانية. إذ أن الاحتمالات هي اثنين لا غير، إما أن التفسخ الأخلاقي لا علاقة له بالدين أو المذهب أو الفكر وإنما هي قناعات شخصية وشهوات ذاتية يسقطها من يريد على نفسه أو مَن حوله، أو، هي ناتجة عن فكر وعقيدة ودين وبالتالي فليفسر لنا محمد العوضي كيف انتهى المسلمون إلى هذه الممارسات أدناه وذلك قبل أي ولادة حقيقية لمصطلح العلمانية في أي مكان في العالم.


"قال القاضي التنوخي، حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق، قال: اجتزت بداره [أي دار ابن حراصة] من الشط [يقصد اجتاز بداره وهو راكب في النهر]، فرأيت في صحنها ظاهراً بغير استتار نفسين يتجامعان. فقلت لمن كان معي في السمارية [نوع من القوارب] اعدلوا بنا ننكر هذا (…) فقال بعض من معنا: لعنكما الله، ما كان في الدار بيت تدخلون فيه؟
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، القاضي المحسن التنوخي (توفي سنة 384 هـ)، دار صادر، الطبعة الثانية، بيروت 1995، المجلد 1، ص 350


"لقِيَتهُ [أي القاضي] يوماً بنت ابن العلاف، زوجة أبي منصور بن المُزرع، وكانت عاهـــ(..) إلى الحد الذي تلبس الجبة المضربة، وتتعمم بالقياد [يقصد الحبل]، وتأخذ السيف والدرقة، وتخرج ليلاً فتمشي مع العيارين وتشرب إلى أن تسكر وتعود سَحَراً إلى بيتها. وربما انتهى بها السكر إلى الحد الذي لا تملك معه أمر نفسها، فيحملها العيارون إلى دار زوجها على تلك الحال".
معجم الأدباء، ياقوت الحموي (توفي سنة 626 هـ)، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، بيروت 1991، المجلد 4، ص 219


"[حوادث سنة إحدى وتسعين وسبعمائة] وزالت دولة الملك الظاهر كأن لم تكن (…) ومن حين تسلطن إلى أن اختفى ست سنين وثمانية اشهر وسبعة عشر يوماً (…) كان حازماً مُهاباً مُحباً لأهل الخير والعلم، إذا أتاه أحد منهم قام إليه، ولم يُعرف قبله أحد من ملوك الترك يقوم لفقيه (…) وقلَّ ما كان يُـمَـكّن أحد من تقبيل يديه، إلا أنه كان مُحباً لجمع المال. وحدث في أيامه تَجاهُر الناس بالبراطيل [الرشاوي، وما يُدفع في مقابل تولي وظيفة]، فلا يكاد أن يلي أحد وظيفة ولا عملاً إلا بمال. فترقى للأعمال الجليلة والرتب السنية الأراذل، وفسد بذلك كثير من الأحوال. وكان مولعاً بتقديم الأسافل. واشتهر في في أيامه ثلاثة أشياء قبيحة: إتيان الذكران، حتى تشبَّهَ البغايا لبوارهن بالغلمان، لينفُق سوق فسوقهن، وذلك لإشتهاره بتقريب المماليك الحسان، وتهمتهُ وتهمة أمرائه بعمل الفاحشة فيهم. والتظاهر بالبراطيل [الرشاوى] (…) وكساد الأسواق وقلة المكاسب لشحه وقلة عطائه".
السلوك لمعرفة دول الملوك، تقي الدين أبي العباس المقريزي، المجلد 5، ص 230-232


هذا قطرة من بحر مع الرأفة والرحمة، وحبة رمل من كثيب لم أشأ معه الدفن. وكل ما نتمناه على أصحاب الدعوة الدينية، وعلى أي دين كانوا، أن يعوا أن الزمان التدليس والخديعة في طريقه للأفول، ولا مناص إلا للانحناء للحقيقة.



http://www.youtube.com/watch?v=myrH1B-vAwQ



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية النص المسيحي وشخصية يسوع
- مَنْ كتب الإنجيل؟
- في نقد الطب الإعجازي المسيحي والإسلامي
- حوادث أكل لحوم البشر في التاريخ الإسلامي
- شذوذ مفهوم الوطنية في الذهنية العربية
- في إشكالات السيرة النبوية
- في إشكالية العصمة النبوية
- من إشكالات المجتمع الكويتي
- هل لا تزالون أمة ً أمّية؟
- رسالة يهوذا، الذي خان المسيح، إلى الحُكام العرب
- إشكالية اغتصاب المرأة في الفقه الإسلامي
- مقالة في أن العلمانية تحمي الدين من احتمال الاستبداد
- إلغاء ملتقى النهضة وزيف شعارات الحرية
- مقالة في أن لا كهنوت في الإسلام مقولة خاطئة
- خطورة التسويق للنموذج السعودي للحداثة … الاستقواء بالسلطة ضد ...
- السذاجة الإسلامية كما تتجلى في قضية حمزة الكاشغري
- أفضل هدية في عيدها أن نتصارح مع الكويت
- في العلمانية ومفهوم الليبرالية والهدف منهما
- ديموقراطية الشذوذ القَبَلي
- أرى خلل الرماد وميض نار - الحالة الكويتية


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - التدليس في الخطاب الإعلامي الديني ... محمد العوضي كنموذج