أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - فيروس الإله [2]















المزيد.....



فيروس الإله [2]


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 3762 - 2012 / 6 / 18 - 09:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الفصل الثاني
كيف يحافظ الدين على بقاءه واستمراره؟
وكيف يفرض سيادته وسيطرته؟

((إنّ كلمة "الرب" ليست أكثر من مجرّد تعبير وهي من نتاج الضعف البشري، الإنجيل مجرّد مجموعة من الأساطير الخيالية والبدائية والتي لا يمكن اعتبارها أكثر من مجرّد أساطير طفولية. ولا يوجد هناك أي تفسير أو تأويل مهما كان دقيقاً أو مهذّباً يمكن أن يغيّر ذلك _برأيي. بالنسبة إلي، الديانة اليهودية كغيرها من الديانات الأخرى ما هي إلا تجسيد للخرافات والأساطير الطفولية))
[ألبرت إنشتاين: رسالة إلى غوتكايند، 3 يناير 1954]

في هذا الفصل سنحاول بناء تأسيس تاريخي لفهم الدين في السياق الاجتماعي. وسنفحص الاستراتيجيات التي تستخدمها الأديان لتروّج لذاتها وتنشر نفسها وتحافظ على استمرارها. كما أننا سننظر أيضاً إلى أساليب الترويج الطفيلية والتعايشية ومقارنة بعض المذاهب غير الدينية بأخرى تقليدية أكثر.

استراتيجيات البقاء
الهدف الأساسي والدائم للدين هو ضمان بقاءه واستمراره. في الوقت الذي يعرض فيه العديد من الأفكار المتنوعة عن الأخوّة، المحبّة والمجتمع، فهذه مجرّد أمور ثانوية بالنسبة للدين وبقاءه. ولا يوجد أي دين يبطل أو يلغي نفسه فجأةً لأنّ هناك دين آخر حقيقي وصحيح أكثر منه. فالمعمدانيون لا يغلقون أبوابهم لأنهم أدركوا حقيقة أنّ الكنيسة المورمونية هي الصحيحة. والمسلمون لا يحوّلون المساجد إلى كاتدرائيات ليعترفوا بأنّ يسوع هو رسول الله الحقيقي. الأديان لا تستسلم ببساطة. بل تتعدّل وتتطفّر. إنها تفعل كلّ ما يلزم لإبقاء الفيروس حياً يرزق وقابلاً للتطبيق والممارسة في بيئة متغيّرة.
في بعض الحالات، يتمّ التضحية بالأفراد في سبيل بقاء الدين واستمراره. ويتمثّل ذلك بالحالات القصوى في حقيقة أنّ أغلب منفّذي الهجمات الانتحارية هم أفراد من الشرق الأوسط. إذ أنّ الانتحار في سبيل خدمة الفيروس يمكن ملاحظته أيضاً عند نمور التاميل في سريلانكا وطيارو الكاميكازي اليابانيون خلال الحرب العالمية الثانية. فالمضيف يكون متعرّضاً لدرجة متقدّمة جداً من التلقين المكثّف ليؤمن بأنه ستكون بانتظاره جائزة شخصية خاصة به في الحياة التالية بسبب تضحيته العظيمة على الأرض، فيستجيب للنداء.
سلوك التضحية بالنفس يتمثّل أيضاً في حياة العزوبية التي يختارها الرهبان والراهبات الذين يرتكبون بفعلهم هذا انتحاراً جينياً بمعنى الكلمة ليكونوا نواقل أكثر فعالية لفيروس "الكاثوليكية". في حين أنّ هذه مقاربة أقل عنفاً، إلا أنها تخدم نفس الغرض للفيروس. فالمجتمعات الموبوءة تدعم كلا النوعين من النواقل. فنلاحظ أنّ عائلات منفّذي العمليات الانتحارية غالباً ما يتلقّون الدعّم المالي والمساعدات، وبنفس الشكل نرى أنّ الرهبان والراهبات غير المنتجين يتلقّون الدعم من الكنيسة كنتيجة لانغماسهم في عملهم المتمثّل بنقل العدوى إلى مضيفين آخرين.
في كلا الحالتين، نلاحظ أنّ سلوك الأفراد يسيطر عليه الفيروس في سبيل بقاءه واستمراره. طبعاً كما هو الحال في مثال طفيلي Toxiplasma gondii الذي يسيطر على دماغ الفأر، فإنّ فيروس "الإله" يسيطر على أدمغة الانتحاريين، القساوسة، الوعّاظ أو الراهبات ويوّجه سلوكهم لضمان بقاء الدين وانتشاره لأكبر عدد ممكن المضيفين.

القضاء على الهرطقة
يجب على الدين حماية نفسه من الطفرات والتغيرات الداخلية والأخطار والتهديدات الخارجية. ولتحقيق ذلك، يخلق أجساماً مضادّة تحميه من الفيروسات الإلهية الدينية الأخرى في الخارج وكافة التغيّرات أو الطفرات المحتملة من الداخل. الهرطقة أو البدعة Heresy هي طفرة داخلية تهدّد بإضعاف الدين من الداخل عن طريق تقسيم الديانة إلى مجموعات منقسمة. المذاهب الغنوصية، كالهرطقات المسيحية الأريوسية والنسطورية التي ظهرت خلال القرنين الثاني والثالث الميلاديين، حيث أنهما كانتا تشكّلان تحدّياً رئيسياً للكاثوليكية [1]. أمّا ردّة الفعل الكاثوليكية فكانت بابتكار مذهب مدوّن أو مكتوب _مذهب الحواريين_ ضدّ الغنوصية (خلال باكورة القرن الثاني الميلادي) وبعدها تمّ تأسيس المجمّع المسكوني مقابل الأريوسية وغيرها من الهرطقات والبدع الأخرى (325 ب.م). هذه المذاهب كانت مصمّمة كأجسام مضادّة للتخلّص من تلك المذاهب الهرطوقية، لنبذها، و _لو توفرت السلطة السياسية_ إعدامها واستئصالها.
في عام 381 للميلاد قام الإمبراطور تيودوسيوس بإصدار مرسوم يقتضي بأنّ جميع أبناء الإمبراطورية عليهم الاعتراف بديانة مطران روما والإسكندرية (أي اعتناق المذهب المسكوني) أي سيتم إعدام جمع المتخلّفين كعقاب. وبالرغم من أنّ أعداداً ضخمة من أعضاء كثيرين من المطرانية رفضوا المذهب المسكوني في ذلك الوقت، إلا أنّ الكاثوليكية كان بإمكانها اللجوء لاستخدام البنية السياسية لفرض السيطرة على هذه المذاهب الهرطوقية الجديدة والمتنامية. أعداد هائلة من البشر تمّ نبذها ومقاطعتها _أو حتى إعدامها_ خلال السعي لتنقية
العامّة وفرض السيطرة عليهم.
أغلب ما ورد في الأدب الديني ما هو إلا عبارة عن ردّة فعل تجاه الهرطقة والبدع. فغالبية الأديان تدّعي أنّ آدابها منزّلة إليها من عند الله، لكن يبدو أنّ الله مهتمّاً جداً بكافة البدع والهرطقات باليوم والزمن المخصّصين لتدوين وكتابة الكتاب المقدّس. إنّ قراءة الأدب الديني الخاص بأي فترة من الفترات في التاريخ هو دراسة في استراتيجيات الحماية الدينية لتلك الفترة. أغلب ما جاء في ذلك التراب والأدب، بعد أن تأسّست تلك الاستراتيجيات التشريعية أو الشرائع لصيانة المعتقد [2]، يتمحور حول الهرطقات التي ظهرت في تلك الفترة. القديس بول وغيره أظهروا اهتماماً عظيماً بالبدعة التي تظهر كيف أنّ البدعة الشائعة والعامّة كانت تعتبر شاذّة وغريبة في عهد الكنيسة السابقة.

((إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هكَذَا سَرِيعًا عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيل آخَرَ! 7لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ.))
[غلاطية 6:1-7]
((2بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ، وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: لِتُكْثَرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ.))
[بطرس 2:1]

خلال عام 1800 للميلاد، كان إريانوس من مدينة ليون قد كتب خمس كتب ضدّ العديد من الهرطقات والبدع المختلفة. العديد من الكتب الأخرى تمّ وضعها خلال القرون الثلاثة التالية. ومن هنا نرى أنّ فيروس "الإله" الكاثوليكي يعاني من الكثير من الطفرات التي يجب معالجتها وكبحها.

مخاطر وتهديدات فيروسية من الخارج
أي فيروس إلهي غالباً ما يكون حسّاساً تجاه الفيروسات الأخرى الجديدة والراديكالية. الديانتين الزرادشتية في بلاد فارس والهندوسية لم تكونا مستعدّتين ومتحضّرتين لمواجهة فيروس الإسلام الذي يحمل خصائص وقدرات طفيلية عالية عندما اجتاح الصحراء العربية خلال القرنين الثامن والتاسع الميلاديين. والنتيجة كانت غزوات إسلامية سريعة واستسلام المجتمعات ثمّ أسلمتها. الحكّام أمثل كسرى والإسكندر الكبير سبق لهم وأن غزوا نفس المجتمعات خلال القرون الماضية، لكنهم حافظوا على الديانات المحلية سليمة. أمّا الفيروس الإسلامي الجديد كان قوياً جداً لدرجة أنه أطاح بسرعة بكافة الآلهة المحلية وحتى الديانات القديمة والعريقة كالزرادشتية والهندوسية وأزاحها جانباً.

مواجهة المدّ بالتعصّب والانغلاق
مع انتشار الفيروس، يتباطأ معّدل سرعته مع تنامي انتشاره واتساع رقعته، وذلك يمنح الوقت للفيروسات الإلهية الأخرى لخلق أجسام مضادّة ضدّ الفيروس الإلهي المنتشر. على سبيل المثال، تمّت مجابهة المدّ الإسلامي أخيراً في الهند بأجسام مضادّة هندوسية أفسحت المجال لظهور ما يطلق عليه اليوم تسمية الأصولية الهندوسية. طبعاً، الأصولية بجميع أشكالها هي العملية التخليقية النشطة للأجسام المضادّة في وجه بعض الفيروسات الشرسة التي تهدّد بقاء الفيروس الأصلي. طالما أنّ الديانات أو الطفرات التي تهدّد بقاء الفيروس الديني موجودة، ستظلّ الأصولية تنتج أجساماً مضادّة للحفاظ على المجتمع تحت السيطرة ومنع الطفرات الأخرى من الخروج عن السيطرة وللحؤول دون تحوّلها إلى مارد خرج لتوّه من القمقم.

تعريف الأصولية
الأصولية هي مجموعة من التصرّفات والأنماط الفكرية المحدّدة تقوم على تأويلات صارمة وشرعية للنصوص المقدّسة. بالمعنى الفيروسي، تعني أنّ البشر بدرجة متقدّمة من الإصابة بالفيروس لدرجة أنهم منيعين ومحصّنين أو حتى أنهم يتجاهلون عن قصد أي دليل أو إثبات يتعارض مع معتقداتهم. الأصولية هي ظاهرة استثنائية في الطبيعة، فالأفراد والجماعات يرون أنفسهم بأنهم المؤمنين الحقيقيين الوحيدين أو على الأقل بأنهم أكثر استقامةً وصواباً من غيرهم بسلوكهم ومعتقداتهم. غالباً ما تتمتّع الأصولية بصفات طفيلية خلال سعيها لفرض معتقداتها عبر استخدام وسائل القوّة، الإكراه، الترهيب، النبذ، أو القوّة السياسية، حتى على حساب حياة الأفراد المهدورة أو المدمّرة.
في بعض الحالات، يصاب الدين بطفرة أصولية دائمة. كـان اليسوعيون يشكّلون مثـل هذه التكيّـف للكاثوليكيين. عـندما واجه اليسوعيون هرطقات وبدع مارتـن لــوثر وآخـرون غيـره، تعـلّم النظـام الـيسوعي _جماعـة يسـوع تأسّسـت عام 1540_ بسرعة كيفية تخليق أجسام مضادّة من خلال ثقافتها الدينية المعقّدة وبدأوا بتلقينها للنشء [3]. كان يطلق على أفرادها تسمية جنود المسيح و مشاة البابا منذ تأسيسهم. ومن خلال جهودهم، توقّف المدّ البروتستانتي في بولندا وألمانيا الجنوبية.
التفتيش أو التقصّي كان مؤسّسة أخرى كسابقتها، وكان يطلق عليها أيضاً التجمّع المقدّس الأعلى للتفتيش والرقابة الروميين العالميين [4]. ولعدّة قرون، كان هدفها استئصال الهرطقة من جذورها، والقضاء عليها نهائياً.

كيف تحافظ الأديان الثانوية أو الصغيرة على بقاءها؟
عندما تكون أي ديانة من الأديان في موقع متخلّف ومتأخّر، فإنها غالباً ما تتطفّر لتتحوّل إلى شكل مسالم ولا يهدّد الدين المهيمن أو المسيطر. وكما تسبّب الفيروسات الغريبة درّة فعل مناعية قوية تجاهها، فالأديان الغريبة قد تثير استجابة أصولية قوية تجاهها من قبل الدين المسيطر، وقد تكون هذه الاستجابة قاتلة وفتّاكة للديانات الأضعف. وعن طريق التطفّر إلى كيان حميد أو إلى شيء يعتبر بأنه لا يشكّل أي تهديد، فالأديان الأضعف قد تكون قادرة على النجاة والحفاظ على استمرارها. فالديانة اليهودية نجت واستمرت في أوروبا لعدّة قرون باتباعها مثل هذه التقنيات التكيّفية. وبما أنّ الكنيسة الكاثوليكية منعت الربا _أو جمع الفائدة_ وحرّمته، فقد قدّم المجتمع اليهودي هذه الخدمة للمسيحيين. المورمونية خلعت شكلها القاسي والفتّاك في أغلب بقاع الولايات المتحدة بعد أن واجهت سلسلة من ردود الفعل القاسية وحتى العنيفة من الأديان الأخرى في نيويورك، إيلينوي، وميسوري. وبعد أن تراجعت أغلب الجماعات المورمونية إلى يوتاه، تحوّلت فلول تلك الجماعات التي تخلّفت إلى جماعات أقل عنفاً وصخباً.
لا يهمّ مدى تسامح الدين الرئيسي وتساهله، فاحتمال تصاعد العنف ضدّ الدين الأضعف موجود دائماً. المجازر التي يتمّ ارتكابها في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، التفتيش والترحيل الذين مورسا ضدّ اليهود في إسبانيا خلال عام 1492، وصولاً للهولوكوست، هي أمثلة متتابعة لهذه الظاهرة. هناك مثال آخر على التطهير العرقي للهوغونتس الفرنسيين، ومن ضمنها مجزرة عيد القديس بارثولوميو عام 1572 حيث تمّ قتل 110000 عضو من تلك الطائفة. ظلّت عملية الإعدام متواصلة من قبل الملك والكنيسة الكاثوليكية لأكثر من 30 عاماً بالرغم من المراسيم المتسامحة وطلبات السلام والعيش المشترك من كلا الجانبين.

التوازن الفيروسي: الدين والسلطة
في الأنظمة البيولوجية، تتعلّم العضويات الموجودة طرقاً وأساليب تعايشية ومفيدة لمضيفها بالإضافة إلى التعاون مع باقي العضويات الأخرى التي تعيش معها في نفس الوسط لكنها تتحوّل إلى ما يشبه الوباء عندما يختلّ توازنها أو ينفلت من عقالها. عند الكبار أو البالغين، الأجسام المضادّة المسيطرة قد تخلّ وبشكل كبير التوازن البيولوجي أو العضوي داخل الأمعاء، مفسحةً المجال أمام الفطريات والبكتيريا الناقلة للأمراض للسيطرة على الوسط. نفس الشيء يقال عن الفرج عند المرأة حيث أنّ التوازن الحيوي يكبح جماح الكثير من الجراثيم والبكتيريا الممرضة. عن هذا التوازن، يكتب أدريانوس نيكولاس من جامعة غرونينغين بهولندا، ليقول:
((المنطقة المعويّة تأوي نظاماً بيئياً جرثومياً معقداً وديناميكياً. فمن المعروف أنّ وجود وتركيب الفلورا المعوية لها أهمية عظيمة لمقاومة الميكروبات الممرضة _بمعنى خلال منافستها على المكان والمواد المغذية_ فتركيبة الفلورا المعوية تؤثر على تطوّر النظام المناعي المخاطي...)) [5]
بمعنى آخر، فالأمعاء المتوازنة حيوياً ووظيفياً مردّها إلى النظام المناعي القوي. فإذا خرجت أحد الميكروبات أو أكثر من السيطرة، فسيؤدّي ذلك للمرض والعاهة.
الأديان يمكنها أيضاً المحافظة على بعضها البعض تحت السيطرة. ففي مجتمع تعدّدي، ستواجه الأديان صعوبة بالغة في اغتصاب القوة السياسية واحتكارها واستغلالها لنشر معتقداتها. ففي الولايات المتحدة، كان لفيروس "المورمون" سيطرة كاملة على الجهاز السياسي في يوتاه حتى حوالي 1890، لدرجة أنّ غير المورمون كانوا يقتلون وتخرج جثثهم خارج هذه الولاية المورمونية. مجزرة ماونتين ميدو عام 1857 من أحد أشهر الأمثلة على ذلك، لكن ليس من أندرها في تاريخ حركة المورمون [6]. المرحلة الحالية للسيطرة المورمونية يمكن ملاحظتها ببساطة عن طريق التنزّه بالسيارة في أرجاء الولاية. بالإضافة إلى أنّ كافة الكنائس المورمونية تعتبر مدارس عامّة, فالمدارس المحلية يسيطر عليها المورمون أيضاً، حيث أنهم يحاولون أن يجعلوا المدارس قريبةً من الكنائس إذ بإمكان الطلاب مغادرة المدرسة كل يوم لمدّة ساعة لتلقّي التعاليم المورمونية. من الواضح أنّ الولاية تعمل من أجل خدمة الفيروس فيما يتعلّق بالتعليم.
في المجتمعات ذات التعددية القليلة أو المعدومة، قد يتمكّن دين من الأديان في فرض السيطرة على كافة نواح ذلك المجتمع. في بعض الدول الإسلامية، على سبيل المثال، نلاحظ أن للدين سلطة قوية نافذة على الأنظمة السياسية. كان الإسلام فيروساً شديد العدوى لأنه في طليعة الأديان التي نجحت في الجمع بين السلطتين الدينية والسياسية. طبعاً، الإسلام عاجز تماماً من الناحية المؤسساتية الفصل بين الدين والسياسية. إذ أننا نلاحظ من فتوحات محمد الأولية، أنه كان ديناً سياسياً. إنّ فكرة فصل الكنيسة عن الدولة فكرة مستحيلة. فالفيروس الإسلامي تمّ صقله ببراعة على يد مصمّميه ليدافع عن نفسه ضدّ الفيروسات الإلهية الأخرى. قد يكون الإسلام الفيروس الإلهي الأكثر حصانة وصونًا بين الديانات الرئيسية الأخرى.
هذه الدفاعات الخارقة والفعّالة جاءت من حقيقة أنّ محمداً كان قد تعرّض لجرعات متنوعة من الفيروسات الإلهية خلال فترة حياته التكوينية. في الوقت الذي كان فيه الإسلام الوليد معزولاً في شبه الجزيرة العربية، كان مركزه قريباً من نقطة الاتقاء التجارية والفكرية بين الغرب والشرق. أغلب الأجسام المضادة الإسلامية تمّ تصميمها قبل الإسلام نفسه بمئات السنوات. وقد كانت فعالة جداً ضدّ كل ديانة تصادمت معها. تمّ تدوين دفاعات الإسلام الفعّالة في كتاب أطلق عليه اسم القرآن وأضيف المزيد فيمنا بعد في الكتابات اللاحقة، وتمّ الاعتماد على ما تعلّمه المسلمون من اليهود، المسيحيين والوثنيين في شبه الجزيرة العربية، وفيما بعد من الزرادشتيين في بلاد فارس.
لكنّ كل من الديانتين اليهودية والإسلام كانت بداياتهما كحركات سياسية-عسكرية. جذورهما من موسى وحتى محمد كانت عسكرية وسياسية. أمّا المسيحية فلم تلد كحركة سياسية في ظلّ الإمبراطورية الرومانية. فلاحقاً أخذت شكلها العسكري. ورثت الديانة المسيحية أجساماً مضادّة فعّالة وقوية عن الديانة اليهودية. أمّا القديس بولس فكان له دور كبير وحيوي في اختراع بعضها الآخر، لكنها كانت مصمّمة للبقاء كدين للأقلية ضمن إمبراطورية واسعة وقوية. أجسامها المضادّة كانت مركّزة أكثر على القدرة على النجاة والبقاء ضمن بيئة عدائية سياسية-دينية. طبعاً، تشكّل كتابات بولس أحد أقوى وأفضل الدفاعات التي تمّ تطويرها من أجل الديانة المسيحية على الإطلاق، فهي مصمّمة للتركيز على مصارعة الفيروسات الإلهية الأخرى والحفاظ على البقاء والاستمرار في بيئة قاسية أكثر من كونها مجرّد فيروسات تعمل لنقل العدوى إلى جملة العصبية السياسية فقط.
منذ بداياتها الأولى وحتى الآن، خلق الكتّاب والمفكّرون المسيحيون تبريرات وتفسيرات عديدة لتبرير سيطرة الديانة المسيحية على البنية السياسية لكن تمّ كبحها أو عرقلتها لمدّة ثلاث قرون عن طريق التنافس الديني والأنظمة السياسية. وفي النهاية، نجحوا، لكنّ الضعف المبدئي للديانة المسيحية كان سبباً في قلّة البراعة وضعف الحنكة السياسية في المجال السياسي _على عكس الإسلام_ وأقل خبرة أو قدرة على تبرير الأساليب العسكرية في العدوى. كنتيجة لذلك، نلاحظ أنّ كتاباتها أكثر افتقاراً في الإرشادات التي تعلّم كيفية نقل العدوى لأجهزة الدولة. من ناحية أخرى، ومنذ البداية، كانت كتابات الإسلام مليئة بالإرشادات والتعليمات المصمّمة بشكل جيّد. بولس، يسوع، وموسى قدّموا لمحمد خامات ضخمة ليبني صرحه عليها.
يعتمد فيروس "المسيحية" بشدّة على فيروس "اليهودية" لإرشاده. فالوعّاظ المسيحيين يشيرون باستمرار إلى السمات السياسية للعهد القديم لأنّ العهد الجيد يفتقر إليها. فالأنبياء والبطاركة والحكّام الذين كانوا يحكمون إسرائيل القديمة كسليمان وإرميا وداؤود وموسى _بافتراض أنهم كانوا موجودين فعلاً_ كانوا يرون أنّ لا انفصال بين الدين والسياسة. وحتى هذا اليوم، هذا هو الصراع الجوهري داخل إسرائيل العلمانية، حيث أنّ الديانة اليهودية تمارس ضغوطاً شديدة وبشكل مستمرّ على الدولة لنقل عدواها إلى النظام العصبي المركزي السياسي للدولة. ولأنّ وجود دولة إسرائيل يعتمد على عاملي الدعم والحماية ضدّ هجمات العالم العربي المتعدّد، فليس هناك أي مجال للسماح للأصولية اليهودية بأن تفرض سيطرتها على الدولة. وعلى الرغم من ذلك، هناك العديد من الجماعات اليهودية في البرلمان الإسرائيلي تحاول تنفيذ تلك الأجندة ووضعها حيّز التطبيق.

الفيروسات الإلهية المتطورة
يمتلك الإسلام إحدى أفضل الدفاعات ضدّ الفيروسات العقلية الأخرى كما أنه يمتلك الإمكانية ليكون أكثر خبثاً وعدوانية من الناحية الطفيلية عندما يندمج ويدعم السلطة السياسية في إحدى المجتمعات. الأديان الأكثر حداثة واجهت حظاً عاثراً لمجيئها إلى بيئة دينية مزدحمة مسبقاً ومتوازنة إلى حدٍ ما. على سبيل المثال، بدأت العقيدة المورمونية في بيئة فيروسية مزدحمة مسبقاً، وفي حين أنها حديثة العهد ودفاعاتها الجديدة تمكّنت من خلق فرصة مذهلة لنموّها واستمرارها، إلا أنها لا يمكن مقارنتها بالإسلام. ومع ذلك، تمّ تصميم المورمونية في جوهرها لنقل عدواها إلى النظام العصبي السياسي _جوزيف سميث رشّح نفسه للرئاسة عام 1844. في كل مرحلة من مراحل المورمونية حاول أتباعها فرض السيطرة على البنية السياسية المحلية منذ نشأتها في نيويورك، ثمّ الانتقال إلى ناوفو، إيلينوي، ثمّ إلى شمال غربي المسيسيبي. على أية حال، ولأنّه كانت هناك عدّة أديان ومذاهب قوية موجودة على الساحة، لم يتمكّن المورمون من النجاح حتى هاجروا إلى منطقة تمتاز بالخواء الديني في يوتاه.
نشأ الإسلام وتطوّر في مجتمع منقسم حيث كانت الفيروسات الوثنيـة ضعيفـة وغير قادرة على مواجهة الموجـة الفيروسية الجديدة، الديانة اليهودية لم تكن تتّسم بأنها طفيليـة، والمسيحية كانت تعانـي من انقسامـات داخلية خطيرة. الفيروس الإسلامي كان مصمّماً بشكل جيد ومحكم لدرجة أنّه تفادى المواجهة المباشرة مع "أهل الكتاب" الآخرين [7] وكنتيجة لذلك، المجتمعات اليهودية وعدّة مجتمعات مسيحية تمّ تجاهلها وإهمالها طالما أنها لا تقاوم الدين الإسلامي الجديد لا سياسياً ولا عسكرياً. ممّا سمح للإسلام بالانتشار من دون بذل أي جهد أو طاقة في قتال ومقارعة الأديان التوحيدية الأقدم والمصمّمة بشكل جيّد، أو الأديان شبه التوحيدية الأخرى.
كان مأخذ الإسلام على المسيحية بأنها ديانة توحيدية خاطئة. مع ثالوثها المقدّس _والذي جعلها تبدو باشتباه كديانة بثلاثة آلهة_ زعم محمد أنّ المسيحية كانت تحريفاً لكلمة الله ولم تكن توحيدية حقيقية. أمّا النزعة التوحيدية الواضحة للإسلام منحه تقدّماً هائلاً تمثّل في تحوّل الكثير من المسيحيين إلى الإسلام. فالشعار الإسلامي "لا إله إلا الله، محمداً رسول الله" هو حجّة قوية جداً أمام النظريات والفرضيات المربكة والمتناقضة حول الثالوث المقدّس.
لذا ولكي لا نبالغ في التبسيط، علينا الاعتراف بأنّ الإسلام له طفراته الخاصّة التي هدّدته على مرّ تاريخه من الداخل _الشيعة والسنة كلاهما يمثّلان الانقسامات الأبرز في تاريخ الإسلام. وبالرغم من ذلك، حصّل الإسلام قوة كافية للتغلّب على الديانات الأخرى ودحرها خلال عملية توسيع سلطته وهيمنته بفعالية كبيرة.
العلمولوجيا أو العلموية Scientology هي شكل آخر من أشكال فيروسات "الإله" المتقدّمة، لكنه واجه حظاً عاثراً في بيئة مزدحمة مسبقاً بالفيروسات الدينية القوية والمتنافسة فيما بينها. لو أنّ المورمونية والعلموية ولدتا في بيئة أقلّ ازدحاما بالفيروسات الإلهية الشرسة، هل من الممكن أن تكونا قادرتين على اجتياح العالم؟

الأصولية... الشكل الأخبث لفيروس "الإله"
الفيروسات البيولوجية تقف على الحد الفاصل بين كونها فتّاكة للغاية وبين كونها ضعيفة للغاية. حيث أنّ الفيروسات الفتّاكة جداً كفيروس الإيبولا قد يقتل ضحيته بسرعة خارقة لدرجة أنه قد لا يجد الوقت الكافي للانتقال إلى ضحية أخرى. بالمقابل، الفيروسات المضعّفة، كلقاح الجدري، قد يكون محلولاً جداً لدرجة أنه لا يستطيع التكاثر.
فيروسات "الإله" تعاني من نفس المشكلة. الأصولية هي الوجه الأكثر خبثاً للدين. وبشكل عام يجب السيطرة عليه بشكل دائم للتقليل من أضراره، عوائقه، انقساماته، أو حتى مخاطر قتله للمجتمع المضيف. من الشائع أكثر أن تنفلت الأصولية من عقالها عندما يكون فيروس الإله معرّضاً للخطر أو للهجوم أو أنه في حالة توسّع وانتشار. وبالتالي، قد تكون الأصولية تدافع عن الدين من الأعداد الخطيرين، أو يمكن لها أن تخلق القدرة والإمكانية للتوسّع ودحر الأديان الأخرى. بإمكان الأصولية أيضاً إطلاق ديانتها الخاصة بها والتسبّب بدمار هائل. الثورة الإيرانية التي قامت عام 1978 أدّت لانتصار الشيعة في إيران والإطاحة بحكم الشاه. ما أن تمّ تحقيق ذلك، استهلكت هذه الثورة المجتمع وكافة إمكانياته إضافةً إلى حياة أولئك الذين عارضوها.
عندما تتمكّن الأصولية من السيطرة وفرض هيمنتها، يتمّ فرض السلوك الصارم، والانحراف تتمّ معالجته بالعقوبات السريعة. أخيراً تمكّنت غيران من إرجاع المارد الأصولي إلى القمقم في أوائل التسعينيات، لكنها تفقد السيطرة من حين لآخر على ذلك المارد.
يمكن ملاحظة الأصولية كالتهاب أو إنتان. فالجهاز المنعي عند البشر يستخدم للالتهابات كأداة لمكافحة العدوى. لسوء الحظ، قد تستمرّ الالتهابات في بعض الحالات لفترات طويلة بعد زوال الخطر. الالتهابات التي لا تتمّ مراقبتها قد تسبّب حمّى القشّ، تصلّب الشرايين، والتهاب المفاصل الروماتيزمي داخل الجسم البشري. الأصولية الدينية قد تحمي الديانة الأم لبعض الوقت، لكنها قد تستمرّ حتى بعد انتهاء صلاحيتها، مسبّبةً ضرراً مباشراً للمؤسّسات، العائلات والنسيج الاجتماعي.
لا يستطيع أي مجتمع النجاة والمحافظة على استمراره بوجود أصولية متفشيّة ومنفلتة من عقالها. يجب السيطرة عليها مجدّداً ما أن يزول الخطر أو أن تصل عملية الانتشار والتوسّـع إلى نهايتها. فإذا استفحلت الأصولية وانتشرت فإنـها تستهلك المجتمـع وطاقاته. ويمكن رؤية أمثلة كثيرة على ذلك خلال فترة حكم طالبان القاسية والمنهكة في أفغانستان بعد خروج الاتحاد السوفياتي منها. بنفس الشكـل، التجربة الصينية مع الأصولية الشيوعية فيما يسمّى بالثورة الثقافية ربما أدت إلى مقتل أكثر من 30 مليون مزارع أو أكثر. فقد تمّ اتهام العديد وسوقهم إلى معسكرات إعادة التأهيل أو أعدِموا لعدم تبنّيهم معتقدات الحزب الحاكم الأصولية ومنطلقاته.
المملكة العربية السعودية كانت الوعاء الآمن الذي آوى أعنف الفيروسات الأصولية في المنطقة منذ عام 1744 عندما أقامت سلالة آل سعود تحالفاً قوياً مع الشيخ عبد الوهّاب لإنشاء مملكة الصحراء. بدأت الوهّابية كحركة إصلاحية محافظة جداً ومتشدّدة كردّة فعل على مجموعة من أشكال الفساد والبدع التي كانت تجتاح الإسلام السني خلال القرن الثامن عشر. وقد تمّ تأسيسها لتطهير الإسلام السني والتخلّص من مجموعة من التصرّفات المعيّنة كتقديس وتبجيل القديسين وأصحاب المقامات، زيارة قبور الأولياء، والزنا. لاحظ عبد الوهاب وجود حالة الانحدار الأخلاقية في المجتمعات الإسلامية وفكّر بتأسيس مقاييس أو معايير صارمة وحازمة يتقيّد بها المؤمنون. وقد تمّ اتباع الوهابية وإبقاءها تحت السيطرة من قبل العائلة الحاكمة لأكثر من قرنين من الزمن.
تمّـ تسوية الخلافات منذ عقود من الزمن لتسنح لهذا الفيروس الفرصة لتوجيه وتركيز طاقاته إلى خارج المملكة العربية السعودية، طالما أنها لا تشكّل أي تهديد للنخبة الحاكمة في الداخل. لذلك، كانت السلطات السعودية متردّدة جداً لمواجهة الفيروس بشكلٍ مباشر لأنّ النظام العصبي المركزي السياسي موبوء بدرجة عالية. على سبيل المثال، كان أسامة بن لادن من الأتباع المخلصين للفكر الوهابي ومن عائلة سعودية بارزة.
تنظيم القاعدة أكثر أصوليةً من الوهابية لكنه طفرة مباشرة عن الوهابية. طالما أنّ الفكر والوهابي والقاعدة يركّزان جلّ اهتمامهما على أفغانستان أو مناطق أخرى من العالم، فبالإمكان احتمالهما. لكنّ تنظيم القاعدة قد أصبح تهديداً مباشراً للطبعة السعودية الحاكمة، والتي تواجه الآن اختباراً صعباً يتمثّل في استئصال تنظيم القاعدة والتخلّص منه من دون تأجيج نار الوهابية.
من خلال دعم الفكر الوهّابي وجهوده التبشيرية في البلدان الأخرى، الفيروس الأصولي الذي نقل عدواه إلى المجتمعات الضعيفة في كلٍ من أفغانستان وباكستان ما بعد العهد الشيوعي. لقد تحوّل الآن إلى مرض ووباء مستوطن في تلك الأقاليم.
خزّانات الفيروسات الحيوية
في الطبيعة، يوجد أماكن كثيرة حيث بإمكان الفيروس الاختباء فيها أو اللجوء إليها للبقاء فترات طويلة ثمّ الخروج فيما بعد على شكل أمراض خطيرة وأوبئة. الخفافيش تعتبر كخزّانات، إذ يمكن لفيروس الكَلَب الانتقال إلى الحيوانات الأخرى. البكتيريا المرتبطة بالأوبئة التي انتشرت خلال فترة العصور الوسطى، Y pestis، يعتقد أنها انطلقت من الجرذان التي كانت خزّانات تحمل الوباء في شرق أفريقيا الوسطى. ومن حينٍ لآخر بدا أنّ الفيروس يخرج من تلك المنطقة ويشقّ طريقه شمالاً نحو الشرق الأوسط والقارّة الأوروبية [8] في مكان ما في غرب إفريقيا، بقي فيروس الإيبولا متخفياً ثمّ خرج أخيراً، بشكلٍ عام عن طريق القردة وانتقل إلى المجتمعات الإنسانية.
في عالم البيولوجيا، غالباً ما يكون مبهماً السبب الذي يدفع جسيمات ممرضة معيّنة لاجتياح مجتمعات كاملة. لماذا نصاب بأحد أنواع الإنفلونزا هذا العام وبنوع آخر غيره في العام التالي؟ يبدو أنّ الأمر متعلّقً بالعدد الهائل لفيروسات الإنفلونزا في عدّة خزّانات مختلفة. كل فيروس مسيطر عليه بفضل العزلة الطبيعية، الافتقار للنواقل الفعّالة أو المناعة العامّة ضدّ سلالة محدّدة.
يمكن للفيروس أن يظلّ خامداً لأعوام طويلة، وخلال هذه الفترة فإنه قد يتطفّر ويتغيّر عدّة مرّات حتى تجد إحدى هذه التغيّرات طريق الخروج. لذلك، فتفشّي الأوبئة خلال القرون الوسطى قد يكون سلسة أو تواصل للجراثيم الطافرة عن الخزّانات الأفريقية الشرقية. كل واحد منها كان مختلفاً بشكلٍ كبير وكافٍ لاجتياح دفاعات أولئك الذين يقفون في طريقه.

الخزّانات الفيروسية الدينية
فيروسات "الإله" أيضاً لديها حافظات أو خزّانات. أفغانستان كانت الخزّان المثالي لاثنين من الطفرات الأصولية الدينية، حركة طالبان والقاعدة. حركة طالبان كانت طفرة محلية تتبنّى فكرة الإسلام المتشدّد بدأت كردّة فعل للفساد الواضح داخل المجتمع الأفغاني. القاعدة، كما لاحظنا من قبل، كانت أحد فروع الوهّابية في المملكة العربية السعودية. كلا الحركتين تنشدان تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية على المجتمع، والتي تحدّ من حرية المرأة وحقوقها بشكل كبير والقضاء على التأثير الغربي من خلال تحريم مشاهدة التلفزيون، التصوير، الطباعة، الشطرنج وأمور أخرى.
في حين أنّ كلا الحركتين لهما أصلاً مختلفاً، إلا أنّهما جاءتا كاستجابة أصولية متشدّدة على الفساد والانحدار المستشري وهما تمثّلان محاولتين لتنقية المجتمع وتطهير المؤمنين. وبعد مرحلة التطوّر والازدهار داخل خزّان أفغانستان، هذه الفيروسات الطفيلية والعدوانية انفلتت من عقالها وانطلقت لتنقل عدواها إلى مساحة جغرافية واسعة. ما أن خرجت من الخزّان أو الحافظة، حتى امتلكت القوة والسلطة لتضع لها قدماً في بلدان أخرى عن طريق نقل عدواها إلى الشباب الغرّ وحتى المثقفين المسلمين. تنظيم القاعدة فعّال بشكل خاص في إصابة الشبّان والأغرار. على سبيل المثال، من النادر أن تجد أحد منفّذي العمليات الانتحارية التابعين للقاعدة فوق سنّ الثلاثين.
في القرون الماضية، كانت فيروسات "الإله" تنتشر بشكل مشابه للفيروسات البيولوجية، عن طريق طرق التجارة والجيوش. اليوم، بإمكان الدين الانتشار عن طريق الشبكة العنكبوتية وأشكال أخرى من أساليب الاتصال العالمية السريعة. وبوجود هذا النظام العصبي الإلكتروني الجديد، يمكن للأصولية أن تظهر في أيّ مكان وبمعدّلات خطيرة. لم تعد هناك حاجة لطرق التجارة التقليدية أو الجيوش الجرّارة. حالات العدوى العالمية يمكن أن تحصل من أماكن أو خزّانات قصيّة لا يمكن للجيوش الغربية أو أيّة جيوش أخرى المساس بها.
كافة أشكال الأصولية الإسلامية انتشرت على نطاقٍ واسع من إنكلترا وحتى إندونيسيا. والنظام المناعي لهذه الأنواع من العدوى لم يتمّ تطويرها بعد، وكنتيجة لذلك، نرى صراع الحكومات والجماعات الدينية الأخرى وكفاحها من أجل احتواء العدوى. الرّدّ العسكري قد لا ينفع، وعلى الأرجح أنه قوّى وعزّز الأصوليين الإسلاميين. الأمر الملفت للنظر هو أنّ عملية تطوّر الأصولية الإسلامية قد استثارت واستفزّت الأصولية المسيحية، والتي مكن رؤيتها يمعايير شديدة من خلال القوّات المسلحة الأمريكية وستتم مناقشة هذه المسألة في الفصل التالي. فعندما أشار الرئيس بوش إلى الحملة "الصليبية" crusade لمجابهة الإرهاب الإسلامي، فقد اتفق بشكل إيجابي مع العديد من المسيحيين الأصوليين وبشكل سلبي مع العديد من الإسلاميين الأصوليين. وكلا الفيروسين قد –وهما يفعلان ذلك فعلاً_ يتغذّيان على بعضهما البعض.
في الولايات المتحدة، خزّانات الفيروسات الدينية تكمن داخل أمكنة معيّنة كمكتبة جيري فالويل الجامعية أو مكتب بارت روبرتسون الجامعي. خلال الخمسين سنة الأخيرة، بدا أنّ المعمدانيون الغربيون هم الخزّانات الأضخم للأصولية الدينية على الإطلاق، بالرغم من أنها موجودة بين الطوائف اليهودية والمسيحية.
في حين يبدو أنّ هذه الحزّانات واضحة للعيان، فمن الصعب توقّع أيّ منها هو الذي سينتج الفيروس الإلهي الأكثر فاعليةً. من كان ليظنّ أنه في عام 1820 جوزيف سميث مؤلّف الروايات والقصص الموهوب والبارز، أن يبتكر فيروس "المورمون" المعدي؟ من كان ليتوقّع أن حركة صغيرة بدأت في ويتينبرغ بألمانيا عام 1517 على يد مارتن لوثر ستقلب الاحتكار الكنسي الكاثوليكي الذي استمرّ مئة وعشرين عاماً في أوروبا؟
عندما يكون الدين السائد ضعيفاً، كما كانت الكاثوليكية عام 1517، قد تسنح الفرصة أمام الديانات الجديدة للظهور والبروز. العديد من الطفرات الجديدة حاولت الانفلات والظهور خلال القرن الذي سبق ظهور مارتن لوثر لكنها لم تكن على قدرٍ من القوة أو أنها كانت تفتقر للقادة السياسيين المحنّكين لنجاحها. على سبيل المثال، ابتكر جون هس فيروساً منافساً عام 1400 وأسّس الحركة المورافية. ماتت هذه الحركة ببطء وبشكل تدريجي على مدى مئات السنوات وكان لها التأثير البالغ على مارتن لوثر، لكنها لم تخرج عن السيطرة لتتحوّل إلى مذهب أو دين رئيسي [9]. وللتوضيح أكثر، عندما زار مارتن لوثر أبرشيات ساكسوني ليفصل في حالة التعليم الديني كتب في مقدّمة كتابه "المرشد الصغير في الدين": ((الرحمة! إلهي، ما هذا البؤس الشنيع الذي رأيته! العامة، وخصوصاً سكّان القرى، ليست لديهم أيّة معرفة حول الديانة المسيحية، واأسفاه! أغلب القساوسة عاجزون بالجملة ويفتقرون إلى الكفاءة اللازمة والمطلوبة للتعليم)) [10].
معظم المناطق الريفية كانت قد نضجت وحان قطافها. لذا تمكّن فيروسه الجديد وبسهولة من اجتياح معظم مناطق شمالي ألمانيا.
الماركسية هي شكلّ آخر من أشكال فيروس "الإله" القوية التي كانت قابعة لسنوات عديدة في بعض الجيوب الصغيرة في أوروبا ثمّ انفلتت من عقالها فجأةً في روسيا عام 1917، بسبب ضعف البنية السياسية لروسيا والكنيسة الأرثوذوكسية. إذ أنّ ميولها واتجاهاتها قائمة على خلفية أيديولوجية بنفس الشكل والميول التي صرّح عنها كل من يسوع وجيري فالويل. ليس للنظرية الماركسية أية براهين أو دلائل تجريبية إثبات صحتها أكثر من المورمونية. فالواجب التاريخي الماركسي كان أقرب للتصريحات الأيديولوجية الدينية. وقد حصلت الماركسية على ناقل فعّال وممتاز أدّى عمله بجدارة رائعة متمثلاً بفلاديمير لينين. كما في العديد من الحالات، عندما كان الفيروس في طريقه إلى فرض الهيمنة، كان ناقله الأساسي بعد وفاته _لينين_ أكثر قيمة ممّا كان خلال حياته. ستالين، الذي ألِف أساليب التلاعب الديني التي كان قد تعلّمها من خلال الكلية، أنشأ الطائفة اللينينية بعد موت لينين. فثقافة المزارعين أو الفلاحين، المحرومة من منفذها الديني التقليدي في المسيحية الأورثوذوكسية، انهالت لمشاهدة ضريح لينين. تحوّل لينين إلى إله ماركسي وتمّ عرضه أمام الجميع ليشاهدوه. إذ لم يتمّ تمجيد لا فرعون ولا قيصر بعد موتهم كما مُجّدَ لينين.

أصولية ضدّ أصولية
الأصوليـة دائماً لديها خزّان كامـن بشكلٍ هادئ وقابل للانفجار بأيّة لحظة. فإذا لم تتمّ السيطرة عليه من قبل الفيروس المسيطر أو الفيروسات الأخرى، فبإمكانه اجتياح المجتمع وفرض السيطرة عليه، مخلّفاً أسوأ العواقب.
من موقعنا كمراقبين للأصولية، فبإمكاننا رؤية هذه التطوّرات ومساعدة الناس وتثقيفهم لرؤية العواقب المترتبة عن الأصولية. ويمكننا الإشارة إلى أنه في حال تصادم فيروسين أصوليين مع بعضهما، عندها تكون نهاية ملكة التفكير العقلاني والمنطقي. فالأصولية عاجزة عن المساومة. الحركات الأصولية لا تؤمن إلا بالطريقة الوحيدة وأنّ بقية الطرق فاسدة وفاشلة وتنتهي إلى الهلاك. وبوجود هذه العدوى المستعصية، يصبح من الصعب إقامة حوار بنّاء. إضافةً إلى ذلك، فحضور الأصولية أو الفكر الأصولي يحفّز ردود الفعل الأصولية المتشدّدة من الآخرين. فالمورمونية المتشدّدة حفّزت أو استفزّت ردود الأفعال المتشدّدة الأخرى في كل من إيلينوي وميسوري بين عامي 1830-1850. ردود أفعال واستجابات أخرى مشابهة حدثت خلال الحملة الصليبية خلال الفترة ما بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر, حيث استفزّت الأصولية الكاثوليكية المتطرّفة للغاية الأصولية الإسلامية ممّا قاد إلى الإغارة واحتلال الأراضي المقدّسة من قبل كلا الطرفين. وظلّ الأمر على هذه الحال حتى أنهك الطرف الكاثوليكي نفسه وانسحب من فلسطين.
اليوم نحن نشاهد النزعات الأصولية الإسلامية والمسيحية وهي تحطّ من قدر بعضها البعض من على المنابر الخاصّة لكل منهما. على الأرجح ليس من قبيل الصدفة أنّه حدث تزايد ملحوظ للنشاط الأصولي بين أفراد جيش الولايات المتحدة مقابل ما يحدث في العالم الإسلامي لمواجهة الأصوليين الإسلاميين. الجماعات الأصولية كالسفارة المسيحية قد اخترقت القيادات العليا في جيش الولايات المتحدة واستحوذت على المناصب العليا في البنتاغون. فمن فضيحة التعبئة الإنجيلية التي حدثت في أكاديمية سلاح الجو الأمريكي، إلى حرم يسوع الصليبي الذي يسعى لإرسال آلاف رزم الهداية إلى الجنود في العراق. لقد بذل الإنجيليون قصارى جهودهم لاستخدام الجيش لتحقيق أغراض دينية. يقول سكوت بلوم من حرم يسوع الصليبي في مقطع فيديو ترويجي: ((إنّ غرضنا في هذا الحرم من أكاديمية القوى الجوية الأمريكية هو أن نجعل من يسوع المسيح هو الموضوع الأساسي في الأكاديمية ونشر هذه الرسالة في كافة أرجاء العالم. فهُم سيكونون مبشرين برواتب حكومية عالية عندما يتخرّجون من الأكاديمية)) [11].
تسعى الأصولية غالباً لنقل عـدواها إلـى المؤسسات التي تجعل من عملية انتشارها وتوزّعها أسهل. سواءٌ جيش الـولايات المتحدة أو الإسـلاميين في الجيش الباكستانـي، فالهدف دائماً هو ضمان فعالية الترويج عن طريق استخدام المؤسّسات القائمة مسبقاً واستغلالها.

كبح جماح الفيروس الأصولي
مع مجيء طرق وأساليب البحث العلمي الحديث، تمّ فضح واكتشاف العديد من أساليب فيروس "الإله" في التلاعب والمراوغة. فلم يعد يدّعي البابا أنّ الأرض هي مركز الكون. وفي حين أنّ هناك الملايين من الناس الذين يؤمنون بالصلاة وقوّة الصلوات، إلا أنهم يفضّلون زيارة الأطباء البشريين الذين يستخدمون الطرق العلمية الحديثة في العلاج لمداواة أمراضهم والتخفيف من آلامهم. قد يزعم أتباع العلموية أنّ مقياسهم الذي يطلقون عليه اسم E-meter يخبرنا كل ما نحتاجه عن الشخص، لكنهم لا يجرؤون ولو للحظة فتح الباب أمام البحث العلمي الصارم ليلقي الضوء على مقياسهم المزعوم هذا [12]. قد لا يؤمن المعمدانيون بفكرة أنّ الكائنات البشرية تطوّرت عن حيوانات أدنى حتى وصلت في تطوّرها إلى شكلها الحالي، لكنّ نظرياتهم الخلقية لا تقارن إلا بأفكار شعب النافاهو أو الهندوس عن عملية الخلق. هذه المعاقل الإيمانية الأخيرة يمكن تقويض أسوارها عن طريق البحث العلمي.
لم تعاني أوروبا من أية كوارث أصولية منذ وفاة هتلر، كما أنّ روسيا تمكّنت من تفادي كارثة أصولية رئيسية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. فهذه المجتمعات تتمتّع بنظام تعليمي تربوي قائم على العلم والبحث العلمي، وحتى الآن، استطاعت أن تتفادى شرّ الإصابة بعدوى الكثير من الفيروسات الإلهية الشرسة.
في حين أننا قد لا نسلم كلياً من شرّ الموجات الأصولية، إلا أنّ الواقي والمانع الوحيد هو التربية العلمية المتينة وتدريس كافة العلوم. في الوقت الحالي، تجري هناك تجربة ملفتة للانتباه في كل من آسيا وروسيا. ففي حين أنّ الديانة الماركسية/الشيوعية قد تمّ استعبادها والتخلي عنها بشكل كبير، لم تستطع الأديان الأخرى اختراق الساحة والسيطرة على الجماهير لتملأ الفراغ الذي خلّفته الشيوعية. وهذا ليس من قبيل المصادفة، إذ أنّ الحكومات الروسية والصينية تسعى وتدأب لخلق جماهير مثقفة علمياًٍ والحفاظ عليها. كما أنّ حكومات تلك الدول تعمل لمراقبة ومقاطعة أي محاولات خارجية لنشر العدوى الدينية بين شعوبها. في البلدان الغربية حيث التربية العلمية القوية، كألمانيا، السويد، إيرلندا، هنغاريا، هولندا، نلاحظ تراجعاً ملحوظاً لآثار وعواقب الفيروسات الإلهية مهما كان نوعها [13].
التعليم هو السبب الأساسي وراء ديمومة الفيروسات الإلهية عند طالبان، المعمدانية، والكاثوليكية. فإذا لم يتمكّن الفيروس من السيطرة على التعليم العام، فإنه سيحاول توجيه المصادر من المؤسسات والمساعي الشعبية العامّة وتحويلها إلى مصادر ورؤوس أموال لتمويل المدارس والمؤسسات الأصولية. من المدارس الدينية في الباكستان إلى الإيصالات والأرصدة المالية للمدارس المسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية، والحلقات الدراسية الدينية المنزلية، تسعى الأديان للسيطرة على التعليم أو فرض السيطرة على المصادر الداعمة للتعليم.

الأديان غير الإلهية: الإلحاد بصفته ديانة
يزعم البعض أنّ الإلحاد مجرّد ديانة أخرى. لكنّ ذلك يضعنا أمام إشكالية تتمثّل فيما نطلق على هؤلاء الأشخاص الذين لا يؤمنون بزيوس، ثور، الله أو حتى وحوش السباغيتي الطائرة! [14] فالإلحاد ببساطة يرى أنّه ليس هناك أي دليل على وجود الله.
كل ديانة مرّت معنا حتى الآن لديها طقوس، شعائر، كتابات ونصوص مقدّسة أو تقاليد وأعراف وتابوهات معيّنة، إلخ. إلا أنه لم يبر أي شيء من ذلك عن الإلحـاد. فليس هناك رجـال دين، أيام أعطال دينية، أو كتابات مقدّسة، ولا يوجد بين الملحدين اتفاق أو إجماع عام بشأن قواعد وتشريعات الإيمان. في الواقع، الشيء الوحيد الذي يجمعون عليه هو أنّ الله غير موجود.

الشيوعية وديانات غير إلهية أخرى
في حين أنّ الإلحاد قد لا يكون ديانة، إلا أنّ بعض الديانات غير الإلهية قد يكون لديها كتباً مقدّسة وشخصيات مؤلّهة. وكما خلق مارتن لوثر فيروس البروتستانتية، قام كارل ماركس بخلق فيروس الماركسية مستنداً على الإيمان بالحتمية التاريخية. لم يكن ماركس يمتلك أدنى دليل أو برهان على حتميته التاريخية بل كانت فكرته أشبه بإيمان المسيحيين بالقدوم الثاني للمسيح. انتقلت عدوى المسيحية إلى العديد من الأشخاص، وأصيبت بطفرات ساعدتها على البقاء والانقسام للانتقال إلى عقول الآلاف، ومن ثم الملايين. لقد تطوّرت في النهاية إلى عدة أشكال مختلفة من الماركسية انتهت جميعها في النهاية إلى نوع من الطوائف أو الشيع الشخصية كالستالينية على سبيل المثال، أو الماوية، وأشكال أخرى في كوريا، كولومبيا، كوبا، ورومانيا.
وفي حين أنّ هذه الطوائف ليست إلهية أو دينية من الناحية التقنية، إلا أنّ قاداتها وزعمائها قد جرى تأليههم بنفس الشكل الذي كان يجري فيه تأليه الفراعنة أو القياصرة. حتى أنّ الشيع والطوائف الشيوعية تعبد قاداتها بعد موتهم! فلينين مدفون في قبر متقن الصنع أشبه ما يكون بالمزار يحجّ إليه آلاف البشر كل عام. كيم إيل سونغ _دكتاتور كوريا الشمالية السابق_ مات عام 1994، لكنه يعدّ "الرئيس الأبدي الرسمي لكوريا الشمالية" حتى هذا اليوم! فهو أشبه بالإله بالنسبة للكوريين الشماليين كما كان يمثل الفرعون الميت بالنسبة للمصريين القدماء. قد يبدو الأمر مستغرباً بالنسبة للعقل الغربي تبجيل الدكتاتور الميت، لكن هل يختلف الأمر عن عبادة المسيحيين ليسوع الميت أو تبجيل الشيعة لمقام فاطمة بنت محمد أملاً في نيل رضاها وشفاعتها؟ يبدو هذين التصرفين متشابهين بشكلٍ كبير سواء أكان التبجيل للفرعون، أو الدكتاتور، أو المسيح.
يحافظ الفيروس على قوته وطاقته أو يعيد إحياء نفسه طالما أنّ الزعيم أو القائد المؤلّه مازال حياً أو تمّ تخليده بطريقة ما. فعندما يكون الزعيم المؤلّه، يتشتّت فيروس "الإله"، وقد تستغل ديانات أخرى الوضع وتحاول فرض سيطرتها ونشر فيروساتها. الكنائس البروتستانتية تسعى بجهود مالية الحصول على حصّة أو أسهم في السوق داخل أراضي ما كان يسمى بالاتحاد السوفييتي سابقاً لتحلّ محلّ الشيوعية وكنيسة الروس الأرثوذوكس. على سبيل المثال، أحرز شهود يهوه نجاحاً كبيراً لدرجة أنهم تمّت إحالتهم إلى المحكمة ثمّ منعهم من العمل وتحريم حركتهم في موسكو [15]. الطوائف اليهودية الحصادية Pentecostals باتت تنمو وتنتشر بشكل كبير لدرجة أنها أثارت حنق وغيظ الكنيسة الأرثوذوكسية والحكومة الروسية أيضاً. فيروس "الأرثوذوكسية" هو فيروس ضعيف، لذا نراه يستجدي مساعدات وعون السلطات السياسية لوقف الفيروسات المتطفلة الأخرى.

الديانات الطفيلية
في عالم البيولوجيا، بعض العضويات المضيفة تكون أكثر تأثراً تجاه فيروسات معينة أكثر من الفيروسات الأخرى، أمّا الطفرات المتنوّعة فلها تأثيرات مختلفة ومتفاوتة على التركيبة السكانية ككل. لهذا السبب قد تلتقط أنت فيروس البرد وزوجتك لا.
هذا الأمر شبيه تماماً فيروس "الإله". ففي حين أنه من المستبعد جداً أنه يتمكّن شهود يهوه من الوصول إلى مرحلة الدين السائد في روسيا، إلا أنّ فيروسهم بالأخص يملك القدرة لنقل العدوى لشريحة محدّدة من المجتمع، كما فعل ذلك العلمويون، الحصاديون، والمعمدانيون. هذه الفيروسات عدوانية وخبيثة جداً تقوم بنشر ذاتها والترويج لنفسها عن طريق تغيير معتقدات الضحايا والترويج للاهتداء إلى ديانات لديها أساليب أكثر طفيلية. هذه الأساليب والطرق الطفيلية تعتمد استراتيجية أفقية حيث تنتقل العدوى إلى المزيد من البشر عن طريق القفز عبر الخطوط الاجتماعية والعائلية. أمّا الطرق أو الأساليب التعايشية، من جهةٍ أخرى، فتتصف بأنها عمودية، أي أنها تنقل الفيروس من جيل لآخر. أغلب الديانات تلجاً لاستخدام كلا الأسلوبين في الترويج إلى حدٍ ما إلا أنها تركّز إلى أحد الأسلوبين أكثر من الآخر.
تميل الفيروسات الطفيلية الخبيثة إلى اختيار الأجسام المضيفة الأكثر تأثراً وحساسيةً ثمّ تتحكّم بها بطريقة دراماتيكية. لذا، من المرجح أنّ تقوم الفيروسات الطفيلية بتمزيق العائلات السليمة وتشتتها من أجل فصل الشخص المتحوّل أو المهتدي وإبعاده عن كافة الإمكانيات التي قد تقلّل من تأثير العدوى. وأفضل مثال على ذلك كنيسة التوحيد Unification Church أو الاتحاد العائلي للسلام والتوحيد العالميين Family Federation for World Peace and Unification الذي أسّسه سن ميونغ مون Sun Myung Moon، ويعرف هذا التجمّع أو الاتحاد أيضاً باسم Moonies. تطالب كنيسة التوحيد بالعفّة والامتناع عن ممارسة الجنس قبل الزواج وتصرّ على أنّ كافة الزيجات يجب الموافقة عليها _إذا لم يتمّّ ترتيبها_ من قبل الكنيسة. لذلك اختار سن ميونغ مون للزواج مئات إن لم يكن الآلاف من البشر من ثقافات مختلفة سعياً للترويج لفيروسه ونشره عبر الحدود الثقافية الحضارية.
لذا ليس من المستغرب أنّ أهمّ أسباب التبرّم والتذمّر الذي تبديه الحكومة من نشاطات شهود يهوه في روسيا هو أثرها على العائلات والمجتمع. فحسب مقالة نشرتها منظمة التسامح الديني في 25 مايو عام 2004 تقول فيها:
((وجدت المحكمة الروسية أنّ الحركة مذنبة لأنها تجبر العائلات على الانحلال، تهبط بالفرد، تنتهك حقوق وحريات المواطن، تشجّع على الانتحار أو رفض المساعدات والمعونات الطبية من خلفية دينية للحالات الصحية المتأزّمة، وتحرّض المواطنين على الامتناع عن تأدية واجباتهم والتزاماتهم المدنية التي نصّها القانون. تحت البند 14 لقانون عام 1997: أي منظمة دينية تفقد صفتها الشرعية القانونية وتمنه نشاطاتها على هذه الخلفيات)) [16].
الديانات الطفيلية تطالب أعضائها بالكثير وتفرض عليهم قيود سلوكية صارمة ومعايير ضيقة وحازمة في العلاقات مع بعضهم من جهة ومن الآخرين من جهة أخرى. وبما أنها تجذب أعضاء جدد باستمرار، يجب أن تكون عملية التلقين والإشراف مكثّفة وصارمة. فالتركيب الهيراركي للفيروس الطفيلي يتطلّب تقديم تضحيات كبيرة بالمال والوقت من قبل المصابين بعدوى ذلك الفيروس. العلموية، شهود يهوه، هار كريشنا، وكنيسة التوحيد كلها تتصرّف على هذا النحو.
الأديان التعايشية
هناك العديد من الأديان التي تتميّز بأنها أقل درجة في طفيليتها وأكثر ميلاً للتعايش. على سبيل المثال، الديانة الدرزية في لبنان وسوريا وإسرائيل هي ديانة مغلقة على نفسها أمام التأثيرات الخارجية. فهي لم تقبل أي وافدين جدد إليها أو مهتدين لأكثر من ثمانمئة سنة. فنحن هنا أمام استراتيجية عمودية، إذ يتم تناقل أفكارها من جيل لآخر وبشكل كبير ضمن العائلة أو ضمن الحدود الثقافية. هناك ديانات أخرى لها نفس القيود، كاليزيدية في العراق أو شعب الأميش في الولايات المتحدة. فإذا لم تكن مولوداً في الأصل داخل ذلك المجتمع، لا يمكنك أن تكون عضواً فيه. فإذا سمح بالاهتداء واعتناق تلك الديانة من قبل وافد خارجي، فالمطالب أو الشروط ستكون إمّا مستحيلة أو في غاية الصعوبة.
قد تحقق هذه الاستراتيجية نجاحاً كبيراً. إذ أنّ الجماعة من خلالها تستطيع الحفاظ على قوة الفيروس، وعندئذٍ، يربط الفيروس أجزاء وأفراد الجماعة ببعضهم البعض ويقرّبهم من بعضهم. الديانات التعايشية كالدرزية واليزيدية والأميش أصبت أعضائها بشكل كامل لدرجة أصبحت معها قيود الدين متجذّرة في الحياة اليومية لأعضائها. العديد من الطوائف والشيع الهندوسية يمكن اعتبارها على أنها أديان تعايشية أيضاً.

يعتمد ذلك على....
العديد من الديانات تعلب كلا الورقتين _الطفيلية والتعايشية_ معتمدة بذلك على الظروف التي تواجهها. يميل الفيروس الكاثوليكي لأن يكون تعايشيا في أنه وفي نفس الوقت يمارس تأثيرات طفيلية. فيروس "الكاثوليكية" كان يحمل سمات طفيلية قدر ما أمكنه ذلك خلال فترة احتلال أمريكا الوسطى والجنوبية في القرن السادس عشر. إذ ارتبط موت الملايين من السكان المحليين بشكل مباشر بممارسات الكهنة والمبشرين الكاثوليك في تسهيل عملية الغزو. بغضّ النظر عن الجهود البطولية التي قام بها قلّة قليلة من الكهنة كبارتولومي دي لاس كاساس [17]، فإنّ الكهنة والمبشرون الذين رافقوا الغزاة والمستعمرين المتأخّرين قاموا بتبرير عمليات التصفية والاستعباد التي ارتكبوها بحق السكان الأصليين في أمريكا. وتلك من أكثر السمات طفيلية يمكن أن يتميّز بها دين من الأديان.
طبعاً، الفيروسات والبكتيريا البيولوجية قتلت بشراً أكثر ممّا قام به الجنود أو الرهبان الكاثوليك, لكن كلاهما تصرّف بشكلٍ مزدوج ومتبادل إذ أنّ أحدهما سهّل مهمّة الآخر. فقد أظهر الباب بنديكيت بشكلٍ مفاجئ عدم إدراكه لحقيقة الدمار الذي خلّفته كنيسته في خطابه الذي وجّهه لأساقفة البرازيل في سبتمبر عام 2007:
(( ...ما الذي عناه قبول الدين المسيحي لأمم أمريكا اللاتينية والكاريبي؟ بالنسبة لهم، كان ذلك يعني معرفة المسيح والترحيب به، الرب المجهول الذي كان يبحث عنه آبائهم، من دون أن يدركوه، في عاداتهم وتقاليدهم الدينية الغنية. فالمسيح هو المخلّص الذي كانوا يتوقون إليه بصمت. في الواقع، إنّ الاعتراف بيسوع وبإنجيله لا يتضمّن في أي نقطة تغريباً للثقافات ما قبل الكولومبية، ولم يكن فرضاً لأيّ ثقافة أجنبية بديلة)) [18]
لا حاجة للقول هنا أنّ هذه الكلمات استفزّت الناس وأثارت ردود فعل عنيفة بين الجماعات المحلية وحتى بين الكهنة المحليين. كيف يمكن لأحد أن يتعامى لهذه الدرجة إلا إذا كان مصاباً بفيروس الإله على مستو عالٍ؟ حيث كان الناس يقولون أنّ اليهود كانوا ينتظرون هتلر ليريهم نجوم الظهر، وعندها يمكن أن يقال عنهم بأنهم يعيشون في الجهالة، لكن يبدو أنّ البابا قد حصل على دخول مجاني بفضل هذه التصريحات القاسية والفظّة.
اليوم وصل فيروس الكاثوليكية في أفريقيا إلى مرحلة الطفيلية. من خلال إعلانه الحرب ضدّ الواقيات الذكرية وحبوب منع الحمل، لذا نلاحظ أن فيروس "الإله" يسهّل عمل فيروس الإيدز HIV. والنتيجة هي اتباع الطرق الكاثوليكية في الزواج أو الموت جرّاء الإصابة بفيروس الإيدز. من سخرية القدر، أصبحت الكاثوليكية ضعيفة للغاية وهي في عقر دارها _إيطاليا_ حيث أنّ معدّلات الولادة فيها من بين أقل المعدّلات في العالم. إذ ينبغي على أحدهم استخدام الواقيات الذكرية أو حبوب منع الحمل في إيطاليا، أو أصبح الإيطاليون عُزّباً أجمعين.

خلاصة
يمتلك فيروس "الإله" على استراتيجيات تساعده على البقاء والانتشار. الفيروسات المتطوّرة تمتلك دفاعات أكثر فعالية من الفيروسات الأخرى، وكنتيجة لذلك، فقد صعدت لتفرض سيطرتها على غيرها من الفيروسات الأقل تطوراً. فيروسات "الإله" تتطفّر باستمرار، وقد تنفلت إحداها من عقالها وتخترق الحافظات الفيروسية في أي وقت. أفضل واقٍ يحمينا من فيروسات "الإله"، وخصوصاً التغيرات الأصولية والمتطرّفة، هو التربية العلمية. فكلّما كان التعليم مرتكزاً على الأسس والأصول العلمية، كلّما قلّت الأدوات والأساليب التي يلجأ إليها فيروس "الإله" لنشر عدواه في المجتمع.


***



الهوامش:
[1] الأريوسية Aryanism كانت تستخدم بشكل شائع للدلالة على المناصب الثيولوجية التي اشتهرت على يد رجل الدين أريوس (250-336 ب.م) الذي عاش في مدينة الإسكندرية بمصر وعلّم فيها، في بداية القرن الرابع الميلادي. تعاليم أريوس المثيرة للجدل تمحورت حول العلاقة بين الرب الأب وشخص يسوع وتعارضت مع الأقانيم الثالوثية المسيحانية. لفترة من الوقت، نافست الأريوسية كافة المذاهب المسيحية الأخرى بالشعبية، وخصوصاً في الشرق. أمّا النسطورية فهي المذهب الذي يقول أنّ يسوع موجود كشخصين أو كيانين، يسوع الإنسان وابن الرب القدّوس، أو اللوغوس، وليس كشخص موحّد. يعود المذهب في أساسه إلى نسطوريوس أو نسطور (386-451 ب.م)، بطريرك القسطنطينية. هذه النظرة إلى المسيح تمّت إدانتها بمجمّع أفسس عام 431، أمّا النزاع القائم حول هذه النظرة قاد إلى انقسام في المذهب النسطوري، فاصلاً الكنيسة المشرقية السورية عن الكنيسة البيزنطية.
[2] الشريعة هي الأدب الرسمي المخوّل والمقبول لأي دين من الأديان. فالقانون المسيحي تمّ تأسيسه عام 393 بمجمّع الفرس تحت إمرة القدّيس أوغسطين لكن لأغراض عملية تمّ تأسيسها على الأرجح بشكل محكم قبل مئات السنوات. الشريعة المورمونية اكتملت لحظة وفاة جوزيف سميث. الشريعة اليهودية تمّ تأسيسها على الأرجح عام 200 قبل الميلاد. والشريعة الإسلامية تأسّست خلال 100 سنة بعد وفاة محمد.
* قد يكون هذا هو سبب نمو النزعات الأصولية الإسلامية في عالمنا المعاصر، كردّة فعل مناعية تجاه النزعات والمذاهب الغربية، كالفلسفة الوجودية، والنزعة الإلحادية أو العدمية وغيرها من المذاهب الحداثية وما بعد الحداثة [المترجم]
[3] كما ورد في الاقتباس الشهير لليسوعي فرانسيس زافيير "أعطني أطفالاً حتى السابعة فأمنحك رجالاً يسوعيين".
[4] في عام 1908 تغيّر الاسم إلى "التجمّع المقدّس للمكتب الإلهي The Sacred Congregation of the Holy Office" ثمّ تغيّر مرةً أخرى عام 1965 إلى "تجمّع من أجل العقيدة" وقد ترأس مكتب هذا التجمّع في وقت من الأوقات البابا الفاسد بنديكيت XVI أو السادس عشر.
[5] المنظمة العالمية للملكية الفكرية، تعديل التوازن بين النظام المناعي المخاطي المعوي والميكروفلور المعوية. 2002.
[6] في عام 1857، كان هناك مئة وعشرون شخصاً من غير المورمون يحاولون عبور منطقة مورمونية في طريقهم إلى كاليفورنيا. خمسون عضواً من المورمون تلقّوا أوامرهم من قادة كنسيين وذهبوا في حافلة تحمل العلم الأبيض ليخدعوا أولئك المسافرون الغرباء لتسليم أسلحتهم. ثمّ قاموا بقتلهم جميعاً فيما عدا 17 من الأولاد الذين لم يتجاوزوا سنّ السادسة. بيرغهام يونغ صرّح بنفسه منذ بضعة أشهر قبل وقوع الحادثة ((إذا تجرأ أي أحد من الأنذال الأشقياء بالقدوم إلى هنا، اقطعوا أعناقهم)) لم يتقبّل بيرغهام تحمّل أيّة مسؤولية عن هذه المجزرة لكنه لعب دوراً كبيراً في محاولة منه للتغطية وإلقاء اللوم على السكان الأمريكان المحليين. ولم تقبل الكنيسة المورمونية تحمّل مسؤولية ما حدث إلا في عام 1998 عندما أقامت نصباً تذكارياً مكان الحادثة المفجعة. ريتشارد أبانيس، أمّة واحدة تحت عدّة آلهة: تاريخ الكنيسة المورمونية.
Richard Abanes, One Nation Under Gods: A History of the Mormon Church (New York: Four walls Eight Windows Press,2003) 245-251.
انظر أيضاً
ReligiousTolerence.org The 1857 Mountain Meadows Massacre 20 Nov 2008. On line Article.
[7] وضع محمد الديانتين اليهودية والمسيحية فوق الأديان الأخرى لأنهما كانتا تتبعان الإنجيل أو الكتاب المقدّس. وبينما كان يشعر في داخله أنّ أتباع تلك الديانتين كانوا يعتقدون أنّ كلتا الديانتين تمّ إفسادهما والتحريف فيهما، إلا أنه حافظ على احترامه لهما وأظهر تسامحاً شديداً منقطع النظير لم يكن ليظهر لأتباع الديانات الأخرى.
[8] روبرت غوتفريد: الموت الأسود: الكارثة الطبيعية والإنسانية في أوروبا خلال العصور الوسطى.
Robert S. Gottfried, The Black Death: Natural & Human Disaster in Medieval Europe (The Free Press 1983)
[9] جون هس John Huss (1369-1415) نادى بالتخلّص من الانغماس، واستخدام اللغة المحلية، والاستقلال عن روما والسلام. تمّ الإعلان عن تصريحاته بأنها هرطقية عام 1411، وتمّ إحراقه على الوتد عام 1415. ظلّ أتباعه غير معروفين كونهم اختاروا التكتم والسرية، لكنهم حافظوا على الحركة وحيويتها حتى تمّ الإعلان عن تشكيلها رسمياً عام 1457.
[10] مارتن لوثر، المرشد الصغير.
Martin Luther, The Small Catechism. Book preface on line 20 Nov 2008
http://www.bookofconcord.com/smallcatechism.html#preface
[11] الحرم الصليبي من أجل يسوع Campus Crusade For Christ, USAFA في الفيديو الترويجي المتوفر على الموقع:
http://www.militaryreligiousfreedom.org/pressreleases/ccc_usafa.html
[12] مقياس الـ E-meter هو جهاز يستخدمه زعماء أو قساوسة العلموية أو الساينتولوجي لفحص الشخص واتخاذ القرارات والأحكام المناسبة من أجله.
[13] المركز الوطني إحصاءات التعليم، الرياضيات والإنجازات العلمية لطلاب المرحلة الثامنة بين عامي 1995 و 2003 (20 نوفمبر 2008)
http://nces.ed.gov/timss/results03_eighth95.asp
[14] إذا لم تسمع من قبل بوحوش السباغيتي الطائرة Flying Spaghetti Monster، أدخل موقع كنيسة وحوش السباغيتي الطائرة على الإنترنت http://www.venganza.org/ أظنّ بأنك ستستمتع كثيراً.
[15] religioustolerance.org/witness9.html قمع حركة شهود يهوه Jehovah s Witnesses في موسكو، روسيا. 17 يونيو 2004.
[16] المصدر السابق.
[17] بارتولومي دي لاس كاساس Bartolome De Las Casas (1484-1564) كان كاهناً دومينيكانياً انخرط في صفوف الحملات المبكرة الأولى للغزو وإقامة المستعمرات. وكان المسؤول الأول عن إثارة النقاشات والاحتجاجات في إسبانيا رفضاً للمعاملة التي يتعامل بها المستعمرون مع السكان الأصليين. كان بارتولومي يسعى لأن يكون ضمير الملك، الملكة، البابا لكنه خسر المعركة في النهاية عندما انضمّ القساوسة ورجال الدين إلى الجنود وانطلقوا في بحثهم عن الذهب والعبيد.
[18] حياة كاثوليكية، كلمة الباب بنديكيت عن السكان المحليين الأمريكيين. 15 مايو 2007
يمكن الرجوع للكلمة في صحيفة لوس أنجلوس تايمز 14 مايو 2007
A Catholic Life, Pope Benedict XVI s Words on Native Americans to CLEAM. The LA Times, 14 May 2007.
http:/acatholiclife.blogspot.com/2007/05/pope-benedict-xvis-words-on-native.html.



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيروس الإله: مقدمة
- فيروس الإله [1]
- القرآن في الإسلام (بحث في معصومية القرآن وموثوقيته)
- لماذا يتحوّل الدين إلى عنف؟ 3 ترجمة: إبراهيم جركس
- لماذا يتحوّل الدين إلى عنف؟ 2
- لماذا يتحوّل الدين إلى عنف؟ 12 ترجمة: إبراهيم جركس
- المأزق الأخلاقي للحروب
- القرآن المنحول [1]
- التاريخ النصي للقرآن (أرثر جيفري)
- الله: فيروس عقلي مميت [2]
- الله: فيروس عقلي مميت [1]
- قفشات -أمّ المؤمنين-: هنيئاً لكم
- الفكر الحر في العالم الإسلامي ونظرية صراع الحضارات
- قصة جين الحرية: أميل إيماني
- الدين السياسي: بديل عن الدين، أم أنه دين جديد؟
- من هم مؤلفو القرآن (4)
- من هم مؤلفو القرآن (3)
- من هم مؤلفو القرآن (2)
- من هم مؤلّفو القرآن (1)
- فيروس العقل: الفيروسات العقلية الدينية


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - فيروس الإله [2]