أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمال الهنداوي - لا تظلموا السيد البطاط















المزيد.....

لا تظلموا السيد البطاط


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 3759 - 2012 / 6 / 15 - 16:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المواقف والتوجهات السياسية,خصوصا تلك التي تتعلق بشكل وطبيعة الحكم,لا تكون من بنات لحظتها ولا تتشكل هكذا بقدرة قادر،بل تكون عادة نتيجة لتراكم وتكتل التجارب واعتراكات الايام والاستقراءات المعمقة والالتزام الطويل بالثوابت،وهذا ما قد يجعلنا نلاحظ تعتق المواقف وتقادمها ورسوخها عندما يتعلق الامر برؤية العديد من الجماعات لما يجب ان يكون عليه الامر في مسألة الحكم الرشيد..وان الظروف,والظروف فقط,هي ما قد تدفع طرفا ما الى المواراة والتمويه على معتنقاته حتى حين,ان كان مداهنة او مداراة,او اتقاءً لغضب حكم ما او طمعا لما في يده..والاهم هنا هو الصبر, ففي هذه المساحة بالذات ليست نهاية العالم أن تفشل،ولكن العالم كله قد يكون لك مع النجاح..
وهنا قد نجد الكثير من المبالغة في ردود الافعال التي تنتحل الصدمة من تصريحات السيد واثق البطاط التي تتحدث عن انه"يقبل بالديمقراطية الحالية من اجل التمهيد لفرض نظام حكم ديني"و"مضطرون أن نتماشى مع الواقع وان نقبل الديمقراطية ومن خلال الديمقراطية نمهد للحكم الثيروقراطي".
فقد يكون هناك الكثير من التجني في بيانات الرفض او الانكار -او حتى تصنع الذهول- تجاه هذه التصريحات من قبل بعض الاحزاب الاسلامية في العراق والمشفوعة بالتأكيد على احترام الآليات الدستورية في التداول الديمقراطي للسلطة.. فالسيد البطاط لم يأت بجديد في كلامه هذا ان لم يكن يستحق الاحترام والتقدير لصراحته ووضوحه في تبيان المقاصد الحقيقية وراء انخراط احزاب الاسلام السياسي في العملية السياسية ومركزية ووثوقية وثبات هدف امتطاء واستغلال الآليات الديمقراطية كطريق افضل واسهل واقل خطرا للوثوب الى السلطة,وللاستيلاء على مسارات المشروع الديمقراطي الوطني الذي دفعت من اجله الجماهير الكثير من الدم والدموع والآلام لتحقيق وبناء الدولة المدنية التعددية الحرة.
بل قد يكون هذا التوجه هو من النوادر التي حظيت باجماع علماء المسلمين على اختلاف مللهم ونحلهم ومذاهبهم,ومن فلتات الدهر التي اتفق عليها فقهاء السنة والشيعة وتحقق من خلالها تقاربهم الذي استعصى على القرون,فليس من المستغرب ان نجد ان خطبة عصماء لمن يعد مرشداً روحياً لحركة الإخوان المسلمين يقول فيها "لا تشهدوا لعلماني ولا للاديني"تجد صداها لدى فتوى احد كبار مراجع قم التي يحرم فيها" التصويت في أي مرفق من مرافق الحكم العراقي إلى جانب إنسان علماني"وبما يمكن ترجمته بقليل من التصرف بأن التصويت مقبول فقط اذا كان وسيلة لايصال الاحزاب الاسلامية الى الحكم,واذا لم يتمكنوا من الامساك بتلايب الحكم فمن الممكن استلال الاحاديث المقرعة للمشاركة الشعبية من تحت جبة الفقيه لدمغ العملية السياسية بالكفر والبهتان ..
ان ادبيات وممارسات احزاب الاسلام السياسي تتعارض مع قدس اقداس الديمقراطية الا وهي حرية التعبير والاعتقاد,وحق تكوين الاحزاب المعارضة للسلطة القائمة، وحق الاقتراع العام، وتداول السلطة بين أفراد الشعب، واعتماد مبدأ الأغلبية في اتخاذ ‏القرارات وسن القوانين.
كما ان الممارسة السياسية الديمقراطية تستدعي المشاركة في اتخاذ القرارات التي تستهدف الصالح العام وهو ما يستدعي احترام الاختلاف والقدرة علي تقديم تنازلات وقبول تسويات مع فاعلين آخرين بهدف صناعة التوافق العام.وهو ما يتعارض مع فكر الحركات الدينية التي تتعامل مع وثوقية الخير والشر المطلقة,والنظرة الاحادية المتقاطعة مع قواعد اللعبة الديمقراطية المبنية على التعددية والانفتاح على الآخر..والاهم,مع نظرية السيادة الشعبية المرفوضة إسلاميا لكونها وكما يقول الدكتور لطف الله خوجه:"نقيض لحكم الله سبحانه وتعالى ففي الإسلام الحكم لله وحده و الديمقراطية تعنى حكم الشعب".
يشير الدكتور سعد بن مطر العتيبي-ذاهلا على مايبدو عن انتم اعلم بشؤون دنياكم- الى:"أن مبدأ تحديد السلطات بثلاثة سلطات وفقا للرؤية التي تطرحها فلسفة الديمقراطية،يناقض الإسلام، لأن الديمقراطية ترى وجوب الفصل بين "السلطة التشريعية، والتنفيذية، و القضائية" بينما الإسلام لا يقر بوجود سلطة تشريعية على الأرض سوى سلطة الله عز وجل، لأن الله عز وجل هو المشرع وليس البشر،وأن هذا مبدأ علماني ولا يجب التعاطي معه.
اي اننا امام خطاب اسلامي ينتحل الالتزام بالتقاليد الديمقراطية دون مطابقة اطارها النظري لمنطلقاته الفكرية والمعتقدية ان لم تكن تتعارض معها..اي كما يقول السيد محمد بن شاكر الشريف:"لا يمكن في الحقيقة تصور أن يقوم نظام له أصول وقواعد تُتبع ويُحتكم إليها عند ‏الاختلاف، ولا تكون لهذا النظام جذور فكرية يرجع إليها هي التي حتمته وأوجبته، فهذا ‏أمر مخالف لطبيعة الأشياء، وما مثله إلا كمثل من يزعم وجود شجرة لها ثمار وهي مع ‏ذلك معلقة في الهواء من غير جذور ترتبط بها".
ان قوى واحزاب الاسلام السياسي لا ترى في الديمقراطية الا وسيلة لشرعنة العمل الإسلامي وتقديمه كنظام حكم مقبول للدول الكبرى كما في تجربة الاخوان المسلمين اوفرصة للتأثير على العملية السياسية في الدولة وعرقلة نمو الحياة المدنية كما في تجربة القوى السلفية في الكويت او كعامل فعال للاستيلاء على مفاصل الدولة والمشهد السياسي العام من خلال المقبولية العالية للخطاب الإسلامي في المجتمعات المحافظة كما في الديمقراطيات الناشئة في المنطقة.
ان الوضع السياسي السائد في الدول الإسلامية وخصوصاً العربية منها يؤكد حاجة المنظومة الفقهية الملحة للإصلاح الجذري والحقيقي من خلال القراءة الواعية لحركة التاريخ والتعاطي المسؤول مع الحقوق المدنية والحريات العامة للمواطن بطريقة منفتحة والانصياع للوعي الجمعي المتسيد في مجتمعاتنا بان الحكم الثيوقراطي لم يعد النظام المثالي أو الوحيد الذي يحقق رضا الله ورضا الرسول،بل هو مجرد وجهة نظر وقرار غير ملزم اتخذ في وقته لاعتبارات قد تحتمل الصواب او الخطأ ومحض اجتهاد لا يمثل الإيمان به أو محاولة مناقشته تناقضاً مع انتماء الفرد العقائدي.
كما ان هذا الانقضاض على المنجزات الوطنية للربيع العربي يجعل من الاهمية بمكان الوعي بمسارات الصراع في المنطقة التي تبشر بتحولها من مستوى التدافع السياسي المقبول الى درك النزاع المجتمعي الذي يستحضر التقاطعات الايديولوجية والمعتقدية كأدوات للتموضع على سدة الحكم المتمترسة خلف النصوص والتفاسير والملائكة كميليشيا لحماية السلطة الحاكمة من تذمر الشعب ومعارضته.وهو ما يستدعي التحرك من قبل القوى المؤمنة بالحرية وحقوق الانسان الى الانخراط الميداني المباشر بين صفوف الجماهير لقطع الطريق امام احزاب التقية السياسية في دأبها الحثيث لاجهاض المشروع الوطني التحرري الحداثوي الذي بشرت به ساحات التغيير العربية..وكما يجب ان لا نفترض ان حديث السيد حمادي الجبالي عن الخلافة السادسة كهفوة لسان..علينا ان لا نخدع بربطات عنق بعض قوى الاسلام السياسي ولا وجوههم الحليقة..
اعتقد باننا مطالبون باعتذار علني للسيد البطاط..بل وابداء كل التقدير لتوخيه الدقة والحرص في تصريحاته,فان كان بعض قوى الاسلام السياسي استغلوا طروحاته للتمويه على مقاصدهم الفعلية,فانه يبقى بينهم الانزه والاصدق لهجة والتزاما بمبادئه ومتبنياته.



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقلام..واقلام
- الاخوة العربية الكوردية تستحق وقفة للمراجعة
- التوافقية التي لا بد منها
- ثقافة التدجين
- النائب والنائبة
- القانون..تشريع وتنفيذ ورقابة
- الثقافة..كتخريب
- اتحاد السعودية والبحرين..أزمة قرار
- صناعة الاصنام
- ليس هذا من الديمقراطية في شئ..
- البحرين..العزف النشاز على هدير المحركات
- لا بديل عن التعايش.. لا بديل عن الحوار
- الجهاد ضد كوفي عنان
- عصر الحرية المفتوح
- وثيقة ابو سفيان
- تساؤلات على هامش القمة
- هدم الكنائس..وما الجديد؟؟
- بلاغة القرضاوي لا تكفي
- حلبجة الشهيدة
- مقاربة متأخرة لاعلام دولة فاعل..


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمال الهنداوي - لا تظلموا السيد البطاط